كيف يمكن لحرب إسرائيل في غزة أن تمتدّ إلى سورية؟
نشر موقع (The Messenger) الإخباري الأمريكي مقالاً تحليلياً كتبه (جوشوا كيتنغ) تحت عنوان: "كيف يمكن لحرب إسرائيل في غزة أن تمتدّ إلى سورية؟"
تحدث التحليل عن انخراط الولايات المتحدة بحذر وبحزم في ردع تحرُّكات النظام السوري العسكرية التي تـأتي بالنيابة عن إيران وعن الغارات الإسرائيلية التي تردّ خلالها تل أبيب على تحرُّكات النظام الذي يمتلك جبهة مع إسرائيل جرى عليها العديد من الحروب بين الطرفين. من جانب آخر، تحدث الكاتب عن عودة الاهتمام بتحركات بشار الأسد خاصة على المستوى العربي خلال قمم الجامعة العربية وعن إمكانية اتساع رقعة المواجهة وحرص النظام على عدم الانجرار للدخول في المعركة.
منذ وقوع هجمات 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، أصبحت إحدى الأولويات الرئيسية للولايات المتحدة منع انتشار وتمدُّد الحرب بين إسرائيل وحماس في غزة إلى صراع إقليمي أوسع، وهو ما قد يُجبرها على اتخاذ دور عسكري مباشر، لكن رغم حرص أمريكا، إلا أن العنف ينتشر إلى دول أخرى، والقوات الأمريكية نفسها بدأت بالتورُّط بالفعل.
سورية هي إحدى الدول التي تقع تحت المراقبة الشديدة من قِبل كل من إسرائيل والولايات المتحدة، إذ إنه وخلال الأسبوعين الماضيين، نفّذت القوات الأمريكية 3 جولات من الغارات الجوية –كان آخِرها في 12 تشرين الثاني/ نوفمبر– ضد أهداف في سورية تقول إنها ضد الميليشيات الإيرانية، ورداً على أكثر من 40 هجوماً على القوات الأمريكية في كل من سورية والعراق منذ بداية حرب غزة، أسفرت عن إصابة 45 جندياً أمريكياً.
إنّ تلك الغارات تعني بشكل أو بآخر وجود نوايا أمريكية بتحديد بقعة الصراع في المنطقة من خلال المراقبة والتصدي المباشر لأيّ تحرُّك من قِبل النظام السوري. وقد قام وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن بالتحذير من إمكانية شنّ المزيد من الضربات الأمريكية حيث قال للصحافيين في كوريا الجنوبية: "يجب أن تتوقف هذه الهجمات، وإذا لم تتوقف، فلن نتردد في القيام بما هو ضروري مرة أخرى لحماية القوات".
في غضون ذلك، تقوم إسرائيل بتنفيذ عدة ضربات جوية خاصة ضد الأراضي السورية رداً على هجمات صاروخية من البلاد، وقد شنت غارات جوية على المطارين الرئيسيين في سورية، في دمشق العاصمة وحلب أكبر المدن السورية، مما أدى إلى خروجهما عن الخدمة مؤقتاً. أيضاً أعلنت إسرائيل أن طائرة بدون طيار ضربت مدينة إيلات الجنوبية الأسبوع الماضي تم إطلاقها من سورية، مما يعني أن تل أبيب متيقظة لردع أي نشاط قادم من جبهتها المتصلة بسورية.
ورغم أن معظم الاهتمام تركز على دور الميليشيات الإيرانية، إلا أنه كان للنظام السوري مشاركة متزايدة بتنفيذ ضربات، إذ قال تشارلز ليستر، مدير برنامج سورية في معهد الشرق الأوسط لصحيفةThe Messenger: "كان لقوات النظام السوري دور في عدة هجمات صاروخية على الجولان الذي تسيطر عليه إسرائيل في الأسابيع الأخيرة، وقامت إسرائيل بالردّ على تلك الهجمات بضرب 3 قواعد عسكرية سورية على الأقل في درعا بجنوب غرب سورية". وأضاف: "شبكة وكلاء إيران متجذِّرة بشكل كبير داخل أجهزة الأمن السورية جنوب سورية، هذه الشبكة المعقدة من الوكلاء والميليشيات المحلية والجماعات المسلحة قد جعلت سورية أقرب إلى الحرب التي بدأت في السابع من أكتوبر".
جيران سيِّئُون
لقد كانت إسرائيل وسورية في حالة حرب رسمية منذ تأسيس إسرائيل في عام 1948، وقد خاض الطرفان بشكل مباشر 3 صراعات عسكرية كبرى، كما شارك كِلاهما بشكل كبير في الحرب الأهلية اللبنانية في السبعينيات والثمانينيات، حيث دعما الفصائل المتعارضة واحتلا أجزاء من البلاد لسنوات.
في حرب الأيام الستة عام 1967، استولت إسرائيل على المنطقة الحدودية المعروفة باسم مرتفعات الجولان، وما تزال معظم دول العالم تعترف رسمياً بالجولان كأرض سورية، لكن الرئيس دونالد ترامب اعترف رسمياً بالسيادة الإسرائيلية على المنطقة عام 2019، وهو الموقف الذي لم تُغيِّره إدارة جو بايدن.
بعد اندلاع الحرب في سورية عام 2011، شعرت إسرائيل بالقلق من وجود حزب الله المدعوم من إيران وقوات الحرس الثوري الإيراني على الأراضي السورية، والتي تم إرسالها لدعم النظام السوري ضد فصائل المعارضة المدعومة من الغرب والولايات المتحدة والحكومات العربية، وفضلاً عن تقديم الدعم المباشر لقوات النظام، عمل حزب الله والحرس الثوري الإيراني على إنشاء ميليشيات شيعية أصغر للقتال من أجل النظام، ويتألف بعض تلك الميليشيات من مقاتلين سوريين أو عراقيين أو لبنانيين؛ ويأتي البعض من أماكن بعيدة مثل أفغانستان وباكستان.
حتى مع تراجُع القتال في سورية، ما تزال هذه المجموعات المسلَّحة تتمتع بحضور كبير داخل سورية، فحَسَبَ بعض التقديرات هناك ما يصل إلى 65 ألف فرد في الميليشيات الإيرانية في المناطق التي يسيطر عليها النظام.
شنت إسرائيل لأول مرة غارات جوية ضد أهداف في سورية قالت إنها مرتبطة بإيران أو حزب الله عام 2013. منذ ذلك الحين، قامت تل أبيب بتنفيذ مئات من الضربات، وفي كثير من الأحيان، لم تكن الهجمات تستهدف حزب الله أو القوات الإيرانية، بل قوات النظام السوري.
روسيا التي تدعم النظام أيضاً والتي نشرت أنظمة دفاع جوي متطورة في البلاد، غضّت الطرف في الغالب عن الحملة الجوية الإسرائيلية، وهذا على الأرجح أحد الأسباب التي جعلت إسرائيل أكثر تردُّداً من العديد من شركائها الغربيين في تقديم الدعم العسكري المباشر لأوكرانيا.
عودة الأسد
منذ اندلاع الحرب بين إسرائيل وحماس مؤخراً، أفادت التقارير بأن إسماعيل قاآني، قائد فيلق القدس -وهو المسؤول عن تنسيق الميليشيات في الحرس الثوري- قام بعدة زيارات إلى سورية للتنسيق مع مجموعات محلية تعمل بالوكالة عن إيران مما أعطى زخماً للعلاقة مع النظام.
أما على الجبهة العربية، فقد قام بشار الأسد بحضور قمة في الرياض الأسبوع الماضي ناقش فيها الزعماء العرب والرئيس الإيراني الحرب على غزة، في خُطوة لم يكن من الممكن تصوُّرها قبل بضع سنوات فقط، عندما كان العديد من القادة الحاضرين، بما في ذلك حُكّام المملكة العربية السعودية، يعارضون بشدة إيران ويكرسون جهودهم للإطاحة بالنظام السوري، لكن العلاقات تحسّنت وتم قبول حضور الأسد قمة جامعة الدول العربية في وقت سابق من هذا العام. قام خلال القمة الأخيرة بانتقاد الدول الغربية لغضّ الطرف عن الضحايا المدنيين في غزة، وهو الموقف الذي أدانته المعارضة السورية ووصفته بالنفاق.
وكما هو الحال مع شركائه؛ إيران وحزب الله، يبدو أن الأسد ليس لديه رغبة كبيرة في الانجرار إلى حرب شاملة مع إسرائيل، خاصة في وقت لا تسيطر فيه قواته بشكل كامل على بلاده، ولكن كلما طال أَمَدُ الصراع، وكلما زاد عدد الجهات الفاعلة التي تختبر الخطوط الحمراء لبعضها البعض، كلما زاد خطر انتشار الصراع.
المصدر : The Messenger News
ترجمة : عبدالحميد فحام