مسرح العمليات العسكرية ضد الفلول في الساحل السوري
بدأ تمرُّد فلول النظام السابق في الساحل السوري بتاريخ 6 آذار/ مارس 2025 بهجوم متزامن انطلق من بيت عانا بريف جبلة في محافظة اللاذقية، عندما أطلق الفلول النار على دورية عسكرية تابعة للأمن العامّ، وعمليات في كل من الدالية والقرداحة وحميميم ومطار اسطامو وحي القصور في بانياس.
اعتمد الفلول على تنفيذ كمائن وهجمات مباغتة، مستهدِفة الحواجز العسكرية على الطرق الحيوية في الساحل، مما أدى إلى قطع الإمدادات بين المدن الرئيسية، وانطلقت جميع الهجمات من المناطق السكنية والجبلية، وكانت الهجمات والكمائن تهدف إلى:
• عرقلة طرق الإمداد، عَبْر القنص والقصف بالهاون، الذي استهدف الطرق الحيوية الواصلة بين اللاذقية وجبلة وطرطوس، مما أدى إلى تباطؤ الاستجابة العسكرية الحكومية وتأخير وصول الدعم وتشتيت القوات الحكومية عَبْر تعدُّد المحاور.
• عرقلة تحرُّك القوات الحكومية، عَبْر نشر القنّاصين في المناطق المرتفعة مثل المباني في حي القصور في بانياس ومدخل جبلة الجنوبي، مما أدى إلى شلل جزئي في بعض المحاور.
• تشتيت القوات الحكومية وإجبارها على توزيع قواتها بدلاً من التركيز على نقطة واحدة وإحداث فوضى وإرباك الحكومة.
في اليوم التالي للهجوم (7 آذار/ مارس 2025) توسعت هجمات الفلول وركزت أكثر على السيطرة وقطع الطرق، حيث تم قطع طريق طرطوس اللاذقية بالكمائن، وسيطر الفلول على أحياء من مدينة جبلة ودارت اشتباكات عنيفة في محيط الكلية الحربية في المدينة، مع السيطرة التامة على القرداحة وجسر القرداحة، بالتزامن مع انتقال الاشتباكات لمركز مدينة طرطوس ومركز مدينة اللاذقية مع سيطرة جزئية على بعض الأحياء فيها.
رغم تحقيق الفلول بعض المكتسبات الأولية إلا أن مؤازرات القوات الحكومية كانت تصل بشكل مستمر، وساهمت في استمرار المعارك والمواجهات لتنقلب الكفة في اليوم الثالث (8 آذار/ مارس 2025) بعد عجز الفلول عن الاستمرار في القتال وانسحابهم نحو المناطق الجبلية وهروب قسم منهم إلى لبنان.
خلال الفترة من 9 إلى 12 مارس تواصل القوات الحكومية جهودها لتأمين المناطق الساحلية، خاصة اللاذقية وطرطوس من خلال عمليات تمشيط وملاحقة الفلول، ورغم تحقيق تقدُّم ملحوظ في استعادة السيطرة على المدن الرئيسية استمرّت التوترات الأمنية والاشتباكات المتفرقة والكمائن.
وبالنظر بشكل عامّ لمجريات العمليات التي قام بها الفلول يمكن استنتاج النقاط التالية:
• كان التخطيط العسكري للفلول منسَّقاً ومنظَّماً ويستند للعِلْم العسكري؛ حيث التنفيذ الأولي كان بتوقيت واحد ومتعدد المحاور وكانت ضرباته مركزة وسريعة، مما أربك القوات الحكومية في الساعات الأولى، فضلاً عن إحداث اضطراب أمني في كامل الجغرافيا السورية.
• يبدو أن الفلول كانت تعول على قدرة في تنفيذ اضطرابات أمنية طويلة الأمد، بالاعتماد على الفجوات الاستخباراتية والأمنية للدولة السورية، لكن بمجرد سدّ هذه الثغرات من قِبَل الدولة أصبحت قدرتها على تنفيذ عمليات مستدامة محدودة للغاية.
• يكمن الحلّ الأمثل لمواجهة الفلول في تكثيف العمل الاستخباراتي وتنفيذ عمليات عسكرية استباقية دقيقة، فالمعركة مع الفلول ليست مجرد حسم سريع، بل استنزاف طويل يتطلب إستراتيجيات متعددة ومتجدّدة للقضاء عليها بشكل نهائي.