هل تنجح إيران بإنشاء قاعدة بحرية على الساحل السوري؟
أغسطس 16, 2024 2168

هل تنجح إيران بإنشاء قاعدة بحرية على الساحل السوري؟

حجم الخط


تسعى إيران لتوسعة النقطة العسكرية البحرية التي أسستها في طرطوس على الساحل السوري مطلع عام 2024، وذلك ضمن إطار إستراتيجيتها لتعزيز قدراتها العسكرية في سورية بمختلف أنواع القوات البرية والجوية والبحرية. لكن يبدو أنّ إيران تواجه صعوبة في بناء قدرتها البحرية في سورية، وهو ما كشف عنه مقتل قيادي عسكري بارز في الحرس الثوري يدعى رضا زارعي في هجوم جوي إسرائيلي بتاريخ 1 آذار/ مارس الماضي.     

يعود تدخل إيران في القوات البحرية السورية إلى عام 2007، وبعد تدخلها العسكري المباشر في سورية بعد عام 2011، بدأت العمل على توسيع وتعزيز قدرتها البحرية؛ حيث أعلنت عام 2017 عن حصولها على امتياز إنشاء مرفأ وإدارته وتشغيله في طرطوس في منطقة عين الزرقا شمال منطقة الحميدية المحاذية للحدود مع لبنان، لمدة زمنية تتراوح من 30 إلى 40 عاماً. ويتعدى إنشاء نفوذ عسكري على البحر المتوسط محاولات إيران لتحقيق مصالح اقتصادية؛ حيث تسعى لتعزيز قوتها العسكرية في سورية والمنطقة من خلال تمكين نفوذها على شواطئ البحر المتوسط، وتأمين مصالحها التي تسعى لتحقيقها مستقبلا، كإعادة العمل بخط أنابيب النفط العراقي – السوري "كركوك – بانياس"، ولتأمين بديل لها عن السواحل اللبنانية، خاصة بعد استهداف مرفأ بيروت، ولمراقبة وتنسيق حركة السفن الحربية الإيرانية داخل المتوسط والسفن التجارية التي تقوم بنشاطات عسكرية، كأن تحمل قطع الصواريخ في خزاناتها، وللقيام بأعمال الاستطلاع والتنصت الإلكتروني، فضلاً عن تأمين مصالحها الإستراتيجية في سورية بشكل منفرد عن روسيا.     

تقف أمام مساعي إيران الرامية إلى تعزيز نفوذها العسكري على السواحل السورية مجموعة من العقبات والصعوبات السياسية والطبيعية والتقنية، التي تحول دون قدرتها على توسيع نقطتها العسكرية وتحويلها إلى قاعدة، وأبرز هذه العراقيل:     

· وجود نقطة إمداد لوجستية روسية في طرطوس قبل عام 2011، عملت على توسعتها لاحقاً لتتحول إلى قاعدة عسكرية من خلال سيطرتها على جزء من الرصيف العسكري الموجود في طرطوس، وزادت عدد السفن فيه، كما سيطرت على جزء من ميناء طرطوس لتوضع مكاتب عناصرها ومستودعات معداتها فيه. بالتالي لن تسمح روسيا لإيران بوجود عسكري بحري منافس لها في محيط قاعدتها.     

· غياب الطبيعة الجغرافية المساعدة على توسعة النقطة العسكرية وتحويلها إلى قاعدة؛ حيث تتفاوت السواحل المطلة عليها بين أعماق كبيرة، وأخرى ضحلة، ومناطق رملية، فضلاً عن وجود مناطق صخرية عند الاقتراب من الشاطئ، مما يُشكّل خطورة تتسبب في جنوح المراكب البحرية، تصل إلى إحداث أضرار جسيمة فيها أو تدميرها بالكامل. إضافة إلى صعوبة إدخال بعض القطع العسكرية البحرية فيها، كما هو الحال في مينا البيضا في طرطوس (ثكنة الحارثي) التي كانت تدخل إليها زوارق صاروخية رباعية بصعوبة بالغة.     

· غياب الأسلحة البحرية التي تحتاجها القاعدة البحرية ويتحقق التكامل فيما بينها من طرادات ومدمرات وزوارق صاروخية وزوارق دورية وسفن حراسة وكاسحات ألغام بحرية وغواصات وطيران بحري، وبناء رصيف خاص ليس بمقدور إيران تحمل كلفته المالية المرتفعة جداً، وتأمين الوسائط العسكرية للقاعدة المذكورة.     

بالنتيجة، لا تُجري إيران أي تحرك لقواتها البحرية على الساحل السوري، بخلاف ما قامت به من تنفيذ العديد من المشاريع العسكرية البرية المشتركة بين ميليشياتها وقوات النظام السوري، كان آخرها عام 2023 بمشاركة قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني إسماعيل قآني، مما يدل على الحجم المتواضع للقوة البحرية التي تسعى لإنشائها، إضافة إلى أن منطقة عرب الملك -مكان القاعدة المعلن عنها لإيران- هي منطقة صالحة للإنزالات البحرية، بمعنى أنّ تموضع إيران فيها قد يكون فقط لمجرد تخوفها من إنزالات بحرية ضدها في سورية، وبالتالي فإن وجودها دفاعي أكثر منه لغايات هجومية.