تركيا تُصعِّد من ضرباتها الأمنية ضد تنظيم "قسد"
تحت المجهر| تركيا تُصعِّد من ضرباتها الأمنية ضد تنظيم "قسد"
منذ منتصف شهر آب/ أغسطس الجاري صعَّدت القوات التركية من ضرباتها ضد أهداف تتبع تنظيم "قسد" قرب المناطق الحدودية شمال شرق سورية، ففي الفترة الواقعة بين 15 و19 آب/ أغسطس شنَّت المدفعية التركية قصفاً مكثَّفاً على مواقع "قسد" في كل من: ريف تل تمر وبلدة أبو راسين شمال الحسكة، ولم تلبث أن تتوقف الحملة، حتى انطلقت الطائرات التركية المسيَّرة لتنفيذ سلسلة من عمليات الاغتيال ضدّ قيادات ميدانية مؤثرة تتبع حزب العمال الكردستاني تعمل ضِمن تنظيم "قسد".
في 19 آب/ أغسطس استهدف الطيران المسيّر التركي هدفين عسكريين بفارق ساعات بينهما، الأوّل عبارة عن سيارة عسكريّة كانت تسير على طريق "القامشلي-عامودا"، مما أدى لمقتل القيادي "ريناس روج" الإيراني الجنسيّة القيادي، الذي يعتبر من قيادات الصف الثاني في حزب العمال الكردستاني وعضو مجلس القيادة العسكريّة في وحدات حماية الشعب YPG التابعة لقسد، أما الهدف الثاني فهو اجتماع عسكريّ كان منعقداً في مبنى "مكتب العلاقات العامّة" في مجلس تل تمر العسكري التابع لقسد، وقُتل على إثر ذلك أربع قيادات عسكرية كانوا في الاجتماع أبرزهم "سوسن بيرهات" عضوة مجلسَيِ القيادة العسكريَّيْنِ في كل من "قسد" ووحدات حماية المرأة YPJ.
وبتاريخ 21 آب/ أغسطس استهدفت طائرة بدون طيار سيارة شحن عسكريّة جنوب شرق مدينة عين العرب بريف الرقة، بالقرب من قرية "مزرعة صوفان"، وفي اليوم التالي جرى أيضاً استهداف سيارة عسكرية من نوع جيب أثناء تواجُدها عند مبنى "دار الجرحى" التابع لقسد، مما أدّى إلى إصابة ثلاثة عسكريين كانوا داخلها؛ أبرزهم المدعو "ذيب الأسود" وهو من أبناء مدينة العرب وعضو في حزب العمال الكردستاني وقيادي حالياً في قوات الأمن الداخلي التابعة لقسد "الأسايش".
التصعيد التركي تَسارَع في وقت يعيش فيه العالم ارتدادات الانسحاب الأمريكي من أفغانستان، والجدل الحاصل حول توجُّهات إدارة "بايدن" لسحب القوات الأمريكية من المنطقة، ويبدو أن أنقرة تريد استغلال اللحظة بهدف زيادة شكوك تنظيم "قسد"، ودفعه ربما باتجاه العمل على فتح قنوات مع تركيا للتفاوض لتجنُّب مصير مُشابِه للجيش الأفغاني عقب الانسحاب الأمريكي.
ولا يمكن استبعاد احتمالية الرضا الأمريكي الضِّمْنيّ عن الهجمات التركية التي تستهدف قيادات في حزب العمال الكردستاني، بهدف دعم جهودها القديمة الهادفة لفكّ ارتباط التنظيم السوري في "قسد" عن حزب العمال الكردستاني، خاصة أن المعلومات تتحدث عن استغلال الحزب الفترة الانتقالية التي مرت بها الإدارات الأمريكية، وقيامه بتعزيز سلطته شمال شرق سورية.
ومن المحتمل أن يتبع هذه الهجماتِ عمليةٌ عسكريةٌ محدودةٌ، قد تستهدف إما منطقة "تل رفعت" شمال حلب، أو "تل تمر" بريف الحسكة، لكن تحقُّق مثل هذا السيناريو لا بدّ له من توافُقات بين الفاعلين الدوليين، وإلا فإن الاغتيالات التي تنفذها تركيا ستستمر في إطار استنزاف قيادات حزب العمال الكردستاني بشكل دائم، للعمل على إضعافه.
وحدة التحليل والتفكير - مركز جسور للدراسات
للإشتراك في قناتنا على التيليغرام اضغط هنا