المنظومة القضائية في مناطق الحكومة السورية المؤقتة
مقدمة
تَشكلت في المناطق التي خرجت عن سيطرة النظام السوري تجارب إدارية ما دون الدولة، في محاولة لبناء سلطة خاصة بها تُعرّف مشروعها للحكم، وباتت لكل إدارة منظومتها القضائية الخاصة بها، واعتمدت على بِنْية قانونية وتنظيمية تتوافق مع أهدافها ومصالحها وتجاربها الممتدة خلال سنوات النزاع. مع ذلك، اعْتَرَتِ النُّظُمَ القضائيةَ في كل منطقة مجموعةٌ من الفجوات العامة التي انعكست على إدارتها وحَوْكَمتها واستقرارها.
مع تغيُّر خرائط النفوذ توزّعت السيطرة خارج مناطق النظام على 3 قُوى رئيسية، لكل منها إدارتها الخاصة لمناطقها؛ حيث تُدار منطقة إدلب -تضمّ أجزاء من محافظة إدلب ومن ريف حلب الغربي وريف اللاذقية الشمالي وريف حماة الغربي- من حكومة الإنقاذ التابعة لهيئة تحرير الشام، بينما تُدار مناطق عفرين وأعزاز وأخترين والراعي والباب وجرابلس شمال حلب وتل أبيض شمال الرقة ورأس العين شمال الحسكة من قِبل الحكومة المؤقتة التابعة للائتلاف الوطني السوري والمدعومة من السلطات التركية، وتُدار مناطق واسعة في الرقة والحسكة ودير الزور من قِبل الإدارة الذاتية التابعة لحزب الاتحاد الديمقراطي -الفرع السوري لحزب العمال الكردستاني- والمدعومة من التحالف الدولي لمحاربة تنظيم داعش.
إنّ تناوُل مرفق القضاء في تلك الإدارات أو واحدة منها يأتي من رمزيته المعبِّرة عن أهم وظائف الدولة أو السلطة الحاكمة المتمثلة بحفظ الأمن وفرض العدل في المجتمع وخلق بيئة مستقرة يُمكن أن تُحقّق تنمية مستدامة، ويتناسب تطوُّر مرفق القضاء مع تطوُّر الدولة ونجاح مشروع الحكم وتحقيق تطلّعات أفراد المجتمع.
لذلك، يستقرئ البحث واقع المنظومة القضائية وبِنْيتها ومرجعيتها الوظيفية والقانونية واستقلالها وانتشارها وكفاءتها في مناطق نفوذ الحكومة السورية المؤقتة، خاصةً بعد عام 2017، بوصف هذه المنظومة وتحليلها والاطلاع على ثغراتها، وتقديم التوصيات لتصحيح مسارها وتطويرها. وتكمن أهمية البحث أيضاً في مَنْحه مؤشرات حول منظومة القضاء، التي يرتبط تطوُّر حَوْكَمتها بأهليّة المنطقة العاملة ضِمنها للاستقرار وللتجاوب مع الاستحقاقات السياسية كالانتخابات وعمليات الاستفتاء الشعبي الرسمية أو قابليتها لاستيعاب تدفُّقات سكانية جديدة. يعتمد البحث على المنهج الوصفي والتحليلي، ويستمدّ مصادره من المقابلات الخاصة لعينات قصدية غير عشوائية من المختصين، وجلسة نقاش معمّق عُقدت مع عدد من القضاة والمحامين العاملين في مناطق الحكومة المؤقتة، وتمّ البحث في نطاق زمني يغطي الفترة بين عامَيْ 2017 و2024، كما رُصدت الإحصاءات المتضمّنة بالجداول المرفقة خلال شهرَيْ حزيران/ يونيو وتموز/ يوليو 2024.
أولاً: نشأة منظومة القضاء وتطوُّرها في مناطق الحكومة المؤقتة
بعد انحسار قوات النظام ومؤسساته نحو العاصمة والمدن الكبرى سعت فصائل المعارضة المسلّحة لسدّ الفراغ الذي تركه وبسط نفوذها؛ لحفظ الأمن وتسيير شؤون الحياة والتعامل مع المشاكل من خلال تشكيل محاكم مؤقتة تحمل صفات مناطقية وثورية، تشبّعت في مرحلة نشأتها بمحاولة تطبيق الشريعة الإسلامية؛ حيث اتفقت جميع الفصائل ومرجعياتها رغم الاختلاف فيما بينها على تطبيق الشريعة الإسلامية، باستثناء الاختلاف على آلية التطبيق من ناحية إيجاد محكمة مشتركة أو محاكم منفصلة، وعلى مَن يقوم بتطبيق المهام شيخ أم مُفْتٍ أم محامٍ قانوني، وعلى مرجعية التطبيق من ناحية اعتماده على النص المكتوب المقنن أم على اجتهاد القاضي [1] .
في البداية تشكلت المحاكم الفصائلية؛ حيث كان نطاق اختصاص كل واحدة منها هي المنطقة التي يُسيطر عليها الفصيل، الذي كان يُعيّن القضاة ويُموّل المحكمة، ويُعتبر القوة التنفيذية لتنفيذ أحكامها. نظرت تلك المحاكم بالقضايا المستعجلة مثل محكمة التوحيد في حلب وريفها ومحكمة أحرار الشام في إدلب وحلب. في عام 2013 تشكلت محاكم ناتجة عن اتفاق بين عدة فصائل لتصبح صاحبة الولاية في المدن ومناطق انتشارها الأوسع، مثل المحكمة الرباعية في حلب التي تشمل باختصاصها جميع مناطق حلب المحررة، لكن بقي تمويل الأحكام وتعيينها وتنفيذها خاضعاً لسلطة تلك الفصائل المكونة لها مع ظهور قدر بسيط من الاستقلالية لتلك المحاكم [2] .
في غضون ذلك، كانت هناك تجربة قانونية سعت نحو استقلال المحاكم، بدفعٍ من كوادر حقوقية وشرعية، وبدأت تتشكل في كل مدينة أو محافظة منظومة حقوقية أو هيئة شرعية واحدة، تعمل على تنظيم العمل القضائي وتتبنى المنظومة التشريعية المعبرة عن رؤيتها، فكانت تجربة القضاء الموحَّد بحلب والهيئة الشرعية الموحَّدة للقضاء في الريف الحلبي ودار العدل في حوران والهيئة الشرعية في حمص وكذلك شرعية ريف دمشق [3] ؛ حيث ذهب القضاء الموحد بحلب لاعتماد القانون العربي الموحد المدني والجزائي ليكون النص الواجب التطبيق لديها [4] ، وكذلك تبنّت مبدأ التقاضي على درجتين، والقضاء الفردي في الصلح والبداية أو الثلاثي في الجنايات والاستئناف والنقض، وعلى أن يكون في التشكيل محامٍ وشيخ شرعي وثالث من أحدهما؛ نظراً لحالة التنازع بين القانونيين والشرعيين الممثلين للفصائل ذات الخلفية الإسلامية، وفي محاولة من المحامين لجذب العاملين بالشأن القضائي وقتها باتجاه النصوص المقنَّنة وتنظيم القضاء بهيكلية معاصرة.
كان لذلك أثر واضح في تراجع دور الفصائل في منظومة القضاء الناشئة وتشكّل هيئات قضائية تتمتع بنوع من الاستقلالية والتنظيم وحتى التمويل الذاتي أو المستقل [5] ، وعملت تحت مبدأ "ما لا يُدرَك كله لا يُترَك جُلّه". ليتمايز العمل القضائي والكوادر حوله من نقابات المحامين الأحرار وروابط العلماء بتجربة قانونية وإدارية شكلت علامة فارقة خلال سنوات النزاع من ناحية تنظيم وإدارة شؤون المجتمع [6] .
نهاية عام 2017، وبعد تغيُّر خرائط النفوذ وتدخُّل تركيا العسكري شمال سورية وانتشار قواتها ومسؤوليها على الأرض، ومع توافد المهجّرين من جميع المحافظات السورية إلى شمال حلب مع تجاربهم وخبراتهم، ظهرت محاولات جديدة لتنظيم وإدارة شؤون المجتمع. في تلك الأثناء تصدّرت الحكومة المؤقتة المشهد [7] ، بدفع مباشر من تركيا [8] ، ولاحقاً تبنّت الحكومة المؤقتة القانون السوري المطبق في الدولة السورية، مع تقديم توضيحات بجعل المرجعية الدستورية هي دستور 1950 وليس دستور 2012، والامتناع عن تنفيذ بعض القوانين التي تخص حزب البعث الحاكم والقوانين القمعية والقوانين الصادرة بعد عام 2011 [9] .
لاحقاً بحلول عام 2020، انتهت المحاكم الفصائلية والمستقلّة شمال حلب تماماً، لصالح مشروع المحاكم التابعة للحكومة المؤقتة بالإشراف المباشر من تركيا، التي دعمت الوصول إلى هيكلية قضائية شبيهة بتلك التي كانت قائمة في الدولة السورية قبل عام 2011 [10] .
ثانياً: البِنْية الهيكلية لمنظومة القضاء في مناطق الحكومة المؤقتة
تتكوّن البِنْية الهيكلية لمنظومة القضاء في مناطق الحكومة المؤقتة من وزارة العدل الممثَّلة بالوزير ومساعديه ومكاتب ولجان الوزارة، إضافة لهيكلية المحاكم المكوَّنة من: محكمة النقض في الراعي ممثلة بغرفة متعددة الاختصاصات مدنية وعسكرية وجزائية وشرعية وأحداث، و3 محاكم استئناف مدنية وجزائية في كل من عفرين والراعي ورأس العين، ومحاكم بداية جزائية ومدنية ومحكمة شرعية للأحوال الشخصية في عفرين وشران وراجو وجنديرس وأعزاز وصوران وأخترين ومارع وجرابلس والباب والراعي وقباسين وبزاعة وتل أبيض ورأس العين، وأخيراً محاكم صلح في المدن والبلدات.
كما اعتمدت وزارة العدل تنظيم القضاء العادي والتقاضي عبر درجتين قضائيتين، وغرف متخصصة مدنية وجزائية وشرعية وأحداث متدرجة. بينما تم اعتماد قضاء استثنائي خاص للدعوى الجزائية التي يكون أحد أطرافها عسكرياً؛ حيث شُكّلت لهذا الغرض إدارة القضاء العسكري التابعة لوزارة الدفاع في الحكومة المؤقتة.
لا تضم تلك الهيكلية مجلساً للدولة أو قضاء إدارياً متخصصاً للفصل في الدعاوى الإدارية. لكن لا يوجد ما يمنع من ناحية قانونية أن تضع محكمة البداية المدنية بغرفتها الأولى يدها على مثل هذه الدعاوى لاختصاصها الأصلي ضِمناً بحسب القانون المطبق. كما تبقى لذات السبب غرفة الصلح المدنية الأولى مختصة بدعاوى الإيجارات، وغرفة البداية المدنية الأولى مختصة بالدعاوى التجارية وغرفة بداية الجزاء الأولى مختصة بالدعاوى الجمركية وهكذا.
اعتمدت وزارة العدل والمحاكم التابعة لها في الشكل والإجراءات قانون أصول المحاكمات المدنية والجزائية السوري، وفي الموضوع تم تطبيق القوانين المدنية والجزائية والتجارية والإدارية والأحوال الشخصية وكافة القوانين السورية بمرجعية دستور سورية لعام 1950. وتم الإبقاء على نظام التقاضي على درجتين قضائيتين أولى واستئناف ثم نقض، ونظام القاضي الفرد في الصلح والبداية والشرعي، والقضاء الثلاثي في الاستئناف والجنايات والنقض، إضافة إلى توزيع اختصاصي للمحاكم على غرف مختصة مدنية وجزائية وشرعية وأحداث، ولتنظيم المرفق تم اعتمدت الوزارة قانون السلطة القضائية السوري الناظم لعمل القضاة [11] وتشكيل المحاكم.
عملياً تم تقسيم مناطق الحكومة المؤقتة من الناحية القضائية بشكل موازٍ لتسمية العمليات العسكرية للقوات التركية بالاشتراك مع الجيش الوطني السوري، أي إلى 3 مناطق رئيسية هي: منطقة درع الفرات وتشمل أعزاز والراعي ومارع وأخترين وصوران والباب وجرابلس، ومنطقة غصن الزيتون وتشمل عفرين ونواحيها، ومنطقة نبع السلام وتشمل تل أبيض ورأس العين.
توجد في مناطق الحكومة المؤقتة دائرة لمحكمة النقض وهي رئيسية وواحدة مقرها في بلدة الراعي، تتكون من 6 قضاة، وتتوزّع المهامّ بينها في 5 غرف مداورةً وبالتناوب ويرأسها القاضي خير الله غنوم. ويُلاحَظ أن عدد القضاة في القضاء العادي 93 قاضياً، يضم القضاء العادي 20 قاضياً منشقاً و72 محامياً أستاذاً وشرعياً واحداً، بينهم 3 قضاة من أصول كردية و4 من أصول تركمانية و6 نساء، في تمثيل يُعبّر عن الفئات المقيمة بالمنطقة وغير منحاز لفئة عِرْقية معيَّنة. يعمل القضاء العادي عَبْر 131 دائرة قضائية، ومن خلال 175 مساعد قضائي. بينما عدد القضاة العسكريين 28 قاضياً. منهم 10 قضاة منشقين سواء من القضاء المدني أو ضباط قضاة عسكريين، ويدير عمله ضِمن 19 دائرة قضائية، ومن خلال 67 مساعداً قضائياً.
ثمّة عدم التوازن في توزيع عدد القضاة قياساً إلى عدد السكان المقيمين، وقد يعلل ذلك كون المناطق القضائية أُلحقت بالتقسيمات العسكرية الإدارية الجديدة، ويُقدّر عدد السكان في منطقة غصن الزيتون بـ800 ألف نسمة تقريباً وسكان درع الفرات مليونان تقريباً وسكان نبع السلام 300 ألف نسمة تقريباً. إنّ أكبر المحاكم من حيث عدد القضاة هي محكمة عفرين بواقع 17 قاضياً؛ بسبب إقامة عدد كبير من الكوادر البشرية المؤهلة بها كونها كانت محطاً لمهجري سورية من جميع المحافظات. من جانب آخر، في شمال حلب تم نقل محاكم الجنايات والاستئناف من أعزاز إلى الراعي رغم أن أعزاز هي أكبر المدن وأكثرها كثافة (700 ألف نسمة)، وقد يُعلّل ذلك بسبب تقسيم المناطق القضائية إلى 3 مناطق فقط واعتبار بلدة الراعي الحدودية أكثر منطقة مستقرة في درع الفرات لتركّز الاهتمام التركي بها، ولذات العلة تمركزت أيضاً محكمة النقض في بلدة الراعي بعيداً عن أكبر المدن، أي أعزاز والباب وعفرين.
لا تتضمن هيكلية المنظومة القضائية في مناطق الحكومة المؤقتة أي وجود لدوائر قضائية مستقلة للتنفيذ وإنْ كانت المهمة منوطة بقاضي الصلح الأول وديوان الاستئناف، فضلاً عن غياب غرفة خاصة لمخاصمة القضاة في محكمة النقض، ومحكمة النقض مكونة من 6 قضاة فقط جميعهم قضاة منشقون لكن يقومون بمهام 5 دوائر نقض تمييزية. أيضاً هناك غياب لتشكيلات القضاء الإداري.
تواجه منظومة القضاء ضعفاً بحوكمة القضاء مع غياب لتنظيم موحد للمساعدين القضائيين؛ فلا تمارس مهام المحامي العام الذي هو رأس التنظيم إدارياً، وليس هناك تشكيل متوازن من الكتاب ورؤساء الدواوين ومساعدي الديوان والمُحضرين وأمناء المستودعات والخزينة، مع غياب للإدارة المالية، وقيام رئيس أحد الدواوين بإشراف مباشر من المنسّق التركي على صندوق المحكمة. ويُلاحظ الضعف بالكادر المساعد للقضاة؛ حيث تُعطي المعايير الدولية الحقوقية بحسب نوع وعدد القضايا 5- 6 مساعدين على الأقل لكل قاضٍ [12] ، وهو معدل أقل من النصف حالياً في القضاء العادي الذي لا تتوفر فيه تلك المعايير.
بالمقابل يقترب تحقيق هذا المعيار لدى القضاء العسكري الذي اتخذ معياراً له بوجود 4 مساعدين قضائيين لكل قاضٍ. وقد يعود ذلك لوجود إمكانات وصلاحيات أكبر لدى إدارة القضاء العسكري مكّنها من تنظيم دوائرها؛ حيث تتميز هذه الجهة بوجود ديوان وصندوق مالي خاص بها تُغطّي منه نفقاتها، خاصة بعدما مُنحت صلاحيات استثنائية بإجراء المصالحات المالية على قضايا التهريب الداخلة باختصاصها، والذي حقّق لها عائداً مالياً كبيراً، استثمرته لصالح تعزيز حوكمتها واستقطاب الخبرات، ومستفيدة من تبعيتها لوزارة الدفاع فحافظت على مركزيتها ولم تُلحق أعمالها بالمنسق التركي، واستفادت من تبعية الشرطة العسكرية لها؛ حيث اُعتبرت الشرطة العسكرية هي الضابطة العدلية وذراع القضاء العسكري التنفيذي، وهي جهاز توسّعت صلاحياته خلال السنوات الأخيرة وزاد تعداده ليصل إلى قُرابة 5 آلاف عنصر، وتدير جميع الحواجز والمعابر الداخلية في الشمال.
مع غياب الأرقام الرسمية يقدر بعض المحامين عدد الدعاوى المنظورة أمام القضاء العادي بكامل المنطقة منذ عام 2020 بنحو 20 ألف دعوى سنوياً. بينما يُقدر عدد الدعاوى أمام القضاء العسكري بحوالَيْ 2000 دعوى سنوياً [13] ، أي يتحمّل عبء عشر حجم الأعمال التي يمارسها القضاء العادي، ويقترب هيكله التنظيمي من حجم يزيد عن ثلث حجم الهيكل التنظيمي للقضاء العادي.
أما القضاء العسكري الاستثنائي في منطقة درع الفرات فيتكون من 22 قاضياً عسكرياً منهم 5 قضاة منشقين سواء كانوا بالسابق قضاة مدنيين أم عسكريين يعملون ضمن تشكيل إدارة القضاء العسكري الذي يرأسها العميد القاضي عرفات حمود، إضافة لغرفة النقض العسكرية في محكمة النقض، وهناك محكمتان للجنايات العسكرية، و4 دوائر لقضاة الفرد العسكري ويشتمل على الدوائر القضائية التالية:
ثالثاً: فجوات المنظومة القضائية للمؤقتة وثغراتها [14]
1. الاختلال بالمرجعية القانونية:
إنّ القاعدة الأصلية تفترض وجود مرجعية دستورية وقانونية مُحكمة ومحدّدة وواضحة تُحقق استقراراً وانضباطاً بالأحكام وتُحقّق الغاية من الطعون بالوصول لحالة استقرار قانوني وقضائي يُسهم بتحقيق العدالة وبالتالي استقرار المنطقة.
بينما اعتبرت وزارة العدل في الحكومة المؤقتة أنّ القانون الواجب التطبيق هو القانون السوري، لكن بمرجعية دستور 1950، وتعليق المواد المتعلقة بالقوانين بممارسة السلطة وحزب البعث القمعية والقوانين الصادرة بعد عام 2011. فصحيح أنّ معظم القوانين -كالقانون المدني وقانون العقوبات السوري- صادرة عام 1949، لكن تم تعديلها وصدرت مئات القوانين المتممة لها؛ مثل قانون مكافحة المخدرات، وجميعها صادرة بظل دستور لاحق. وهذا خلل لا ينسجم مع فكرة وحدة القوانين وقواعد التفضيل القانوني، ويتعزّز هذا الخلل مع غياب مجلس قضاء أعلى ومحكمة دستورية وهيئة عامة للنقض وغياب إدارة للتفتيش القضائي وإدارة التشريع. وقد لا يكفي تبرير هذا النهج بسياسة المعارضة للسلطة فالقوانين بمجملها وبتعديلاتها تُعتبر كتلة متكاملة لا يمكن تجزئتها واستنسابها مع غياب القواعد الواضحة لحل التنازع في النص الواجب التطبيق إن وقع.
للتخلص من هذا الخلل لا بدّ من إصدار وثيقة قانونية تُعتبر مرجعاً أصولياً للقضاة؛ يُحدّد بشكل مُحكَم وواضح قواعد حلّ التنازع والقوانين والمراسيم المعتمَدة والمستبعَدة، وقواعد التفاضل بينها، كما لا بدّ من تشكيل مجلس أعلى للقضاء ومجلس لإدارة التشريع، ليكونا مرجعاً للبتّ في الخلافات وتحقيق العدالة واستقرارها.
2. الاختلال بالمرجعية الإدارية:
استقرّ الفقه القانوني والحقوقي على ضرورة أن يكون القضاء متمتِّعاً بالاستقلالية، وهذا ما نصّت عليه معظم دساتير العالم، التي ضمنت أن يتم تنظيم عمل القضاء عبر مجلس أعلى للقضاء مستقل وصاحب صلاحيات واختصاصات كاملة، بينما تقوم وزارة العدل بتوفير هذه الشروط وتساعد في توفير الموارد البشرية والمادية وتنظم العمليات الإدارية داخل دور المحاكم وتنسق حسن سير العمل والتعاون بين العدليات.
نظرياً تتبع جميع الدوائر القانونية وزارة العدل في الحكومة المؤقتة ضمن هيكلية مناطقية عملياتية، لكن عملياً تم تقسيم العدليات تبعاً للمناطق العسكرية، ودور وزارة العدل شِبه غائب وقاصر والارتباط بين الدوائر العدلية ضعيف جداً، ويقوم بتنظيم العدليات منسّق تركي، وجوده مرتبط بدعوى الضرورات الأمنية، حيث يوجد بكل عدلية مشرف على العدلية، ويكون تركي الجنسية بمرتبة قاضي نيابة يرتبط بوزارة العدل التركية من خلال مكتب معاون وزير العدل التركي المشرف على القطاع السوري، ويُعتبر مرجع العدلية الأعلى في الداخل، فيما لا تُعرف درجة التنسيق بين منسقي العدليات الأتراك مع بعضهم البعض، ولا تنسيقهم مع إدارة القضاء ووزارة العدل في الحكومة المؤقتة. وتُعلّل هذه الفجوة بعدم الاستقرار في المنطقة وضعف الموارد البشرية والمادية وبضرورات الأمن القومي التركي وأمن المنطقة؛ خوفاً من تفلّت الأمن.
لتفادي هذا الخلل لا بدّ من إعادة الاعتبار لاستقلال القضاء ولوزارة العدل، وإبعاد كافة مظاهر التدخل الداخلي والخارجي بعمله، وتحقيق استقلاله عبر دعم هيكلة وحوكمة وزارة العدل وتعزيز سيادتها ودعم مواردها البشرية والمادية، وتشكيل مجلس أعلى للقضاء متمتع بكامل الصلاحيات والاختصاصات ومكون من قضاة ثقاة ومؤهلين ومتمتعين بالنزاهة والحياد والخبرة.
3. الاختلال بالالتزام بتطبيق جميع القوانين:
إنّ القاعدة الأصلية تفرض الالتزام بتطبيق القوانين كلها؛ فجميع القوانين واجبة التطبيق ولا يجوز اعتماد بعضها وإهمال الآخر، فالمجمل التشريعي وُضع بشكل متكامل لتحقيق العدالة ووضعت قواعد التفاضل الواضحة، ولم تَترُك القوانين الحديثة باب الاستنساب للقاضي مفتوحاً عند التنازع، كما لم تحرمه الاجتهاد ضمن قواعد مُحكمة وواضحة تحقق بمجملها العدالة المنشودة والاستقرار في الأحكام.
بينما في التطبيق لدى محاكم الحكومة المؤقتة لا يوجد تقيُّد بقانون أصول المحاكمات وقانون السلطة القضائية السوري؛ حيث لا يوجد ديوان عام ومستودعات لحفظ الأضابير والمضبوطات وإدارة مالية موحدة، ولا توجد إدارات مساعدة ومساندة للقضاء فعالة ومؤهلة مثل هيئة الطبابة الشرعية أو الشرطة المدنية التي تُعتبر من أعضاء الضابطة العدلية.
يتم نظرياً تعيين القضاة وعزلهم من قِبل وزارة العدل بالحكومة المؤقتة، وتصدر تنقلات القضاة باسم رئيس محكمة النقض خلافاً لنص قانون تنظيم السلطة القضائية. لكن يؤكد الواقع دور المنسقين من الجانب التركي المهم والفعال في هذه العملية وبدون وضوح للمعايير الحقوقية المتبعة؛ حيث صدرت عدة تنقلات بدايةً باللغة التركية، وفي قوالب كتب وزارة العدل التركية ودون مهر، ثم تبعها كتب تنقلات للقضاة باللغة العربية صادرة عن رئيس محكمة النقض وموقعة منه [15] . كما لا توجد مسابقات عامة للتعيين في القضاء ولا معايير واضحة ومعلنة ولجان مستقلة مختصة تُجري عملية الانتقاء، ومع غياب آلية لتأهيل الكوادر القضائية ورفع مستواها. كما أن التنظيم الإداري للمنظومة القضائية غير موجود فلا يوجد محامٍ عام يرأس البِنْية التنظيمية الإدارية للعدلية، ولا توجد إدارة تنظيمية للعدلية تضبط حوكمتها وتنسق أعمالها وتشرف على حسن سير مهامها.
كما لا يوجد مجلس قضاء أعلى، ولا هيئة عامة لمحكمة النقض، ولا إدارة تشريع، ولا إدارة للتفتيش القضائي مستقلة ومفعَّلة، ولا مجلس تأديب قضائي، وذلك كما يتطلب قانون تنظيم السلطة القضائية، وهذه المكونات هي الضمانة العملية لاستقلال القضاء وحسن تنظيم سير عمله ورفع مستواه. ويُعلّل هذا الخلل؛ بسبب ضعف الإمكانات وقلّة الموارد البشرية والمادية وعدم الاستقرار بالمنطقة.
من جانب آخر، إنّ الإخلال بحقوق وحصانة المحامين، وعدم تمكينهم من ممارسة نشاطهم بحرية وفاعلية يُعيق رفع مستوى أداء منظومة العدالة عند إهمال حقوق وضمانات جناح العدالة الثاني. ويُعلّل سبب ذلك بحالة توتُّر منشؤها نظرة القضاة والمنسق التركي للمحامين بأنهم مثيرون للمشاكل، ونظرة بعض المحامين للقضاة بعدم التأهيل والخبرة الكافية، وعدم اختصاص القاضي بغرفة معينة وبجانب واحد جزائي أو مدني، وكذلك لقلة المساعدين القضائيين وضعف خبراتهم.
لتفادي هذا الخلل لا بدّ من إعادة الاعتبار لجناح العدالة الثاني المتمثّل بالمحامين وتنظيمهم النقابي، والعمل بجد لإعادة هيكلة وحوكمة وزارة العدل ودور العدليات، وإحداث معهد قضائي متخصص لتأهيل القضاة والمساعدين القضائيين، وكذلك لا بدّ من رفع كفاءة الشرطة كضابطة عدلية، ورفع كفاءة الأجهزة المساندة للقضاء كالطبابة الشرعية وهيئة المسح العقاري، وتجهيز جداول بالخبراء المختصين والثقاة.
4. خلل في التخصّص والتفرّغ:
مع اعتماد قانون تنظيم السلطة القضائية السوري وجب اعتماد هيكلية وملاك عددي مكافئ له، لينتظم العمل وتتحقق أهداف القانون؛ فالقانون حدّد اختصاصات القضاة، وآلية عملهم وتنقّلهم، وآلية تشكيل الغرف القضائية، وآلية تنظيم العدليات.
بينما في التطبيق لا يوجد تفرّغ للقضاة لغرفة محكمة واحدة، بل يتقلّب القاضي بين الغرف، وتختلف اختصاصاته في اليوم الواحد من قاضٍ جزائي إلى شرعي إلى عقاري إلى مدني إلى جنائي، مما يجعل أحكامهم معرّضة للتشويش، في ظل ضعف التأهيل والخبرة، وإنْ كان سبب هذا الخلل يُعلّل بقلّة الموارد البشرية والمادية.
لتفادي هذا الخلل لا بدّ من الإعلان عن تعيين قضاة مؤهلين بعد حوكمة وزارة العدل، من خلال استقطاب القضاة المنشقين والمحامين الأساتذة، إضافة لإحداث معهد عالٍ للعلوم القضائية؛ لرفد القطاع القضائي بالموارد البشرية المؤهلة والمدربة والمُعَدّة بشكل علمي رفيع.
5. خلل باعتماد القضاء الاستثنائي العسكري:
كان من أهم مطالب الثورة السورية احترام استقلالية مرفق القضاء، وإلغاء القضاء الاستثنائي، والمساواة أمام قضاء موحد يُحقّق العدل. لكن احتفظت المنظومة القضائية الجديدة لدى الحكومة المؤقتة بالقضاء العسكري الاستثنائي، والذي يتبع وزارة الدفاع، وله قوانينه وإجراءاته الخاصة العسكرية؛ حيث يهدر بعض حقوق المدعى عليهم ويحكم عبر ضباط مختصين ويتصف بالاستعجال والحزم، فكان ذلك استمراراً في خرق مبدأ القضاء الواحد العادي والمتساوي.
مع ذلك لا تعترف القوانين السورية المطبقة والتي اعتمدتها الحكومة المؤقتة، ولا حتى القانون الدولي للمدنيين الحاملين للسلاح أو المنضوين ضمن فصائل المعارضة المسلحة بأنهم أصبحوا عسكريين ولهم الصفة العسكرية وينطبق عليهم قانون العقوبات العسكرية الأساسي، والذي يستدعي تفعيل القضاء العسكري تجاههم. فهذه القوانين لم تمنحهم صفة العسكري؛ حيث تبقى لهم الصفة المدنية مع معاملة خاصة تبعاً للقانون الإنساني والمعاهدات الدولية. وبالتالي إذا أردت السلطة الحاكمة الإبقاء على القضاء العسكري فعليها إسباغ صفة عسكرية على مقاتلي الفصائل بمراسيم وقرارات خاصة صادرة عن الجهات السياسية العليا والحكومة المؤقتة وإبرام عقود تطوع منسجمة مع القوانين العسكرية. وريثما يتحقق ذلك للمتخاصمين الدفعُ بعدم الاختصاص، وكذلك للقضاء ومحاكم النقض من تلقاء نفسها في أي مرحلة من مراحل الدعوى؛ لأن الاختصاص من النظام العام. مما يجعل أحكام المحكمة العسكرية عديمة الحجية ويُفقدها صلاحيتها. وبذلك يتداخل الخلل القانوني مع الإداري مع خلل تبني محاكم عسكرية استثنائية، رغم تعليل ذلك بالحالة الأمنية والفصائلية السائدة، وعدم التوصل لمرحلة من الاستقرار والانتقال السياسي.
لتفادي هذا الخلل قد يكون من الأنسب إصدار مراسيم وقرارات خاصة من الجهة السياسية الأعلى والحكومة تمنح الصفة العسكرية للعسكريين الفعليين والعاملين في مناطق نفوذها، وفق قواعد وضوابط محددة وواضحة، ووفق المعايير الدولية وبعد تأهيل أولئك، وكذلك ينبغي تقييد القضاء العسكري وتضييق نطاق اختصاصه، وتحديد القوانين الناظمة له وتطويرها واقتصار القضاء العسكري على العسكريين الذين يرتكبون جرائم تتصل بالعمل العسكري أو بسببه أو أثناءه، وليس هناك طرف مدني في الدعوى، وإلا رُدّ الاختصاص إلى القضاء العادي ليحاكموا أمامه فهو صاحب الولاية الأصلية. مع بقاء ولاية محكمة النقض على جميع المحاكم العسكرية، وهذا يُحقّق المطالب التي نادت بها الثورة السورية.
6. خلل في توزُّع الدوائر العدلية:
تفرض الكتل السكانية واقعها على العمل القضائي، فتنتشر المحاكم بتعدُّد درجاتها واختلاف غرفها بشكل يتناسب طرداً مع أعداد السكان المقيمين، ووفقاً لحاجة المجتمع لحل الخلافات الناشئة لتحقيق الاستقرار والعدالة.
في منظومة قضاء الحكومة المؤقتة يوجد قضاة التحقيق فقط في مراكز المدن الكبرى، ويوجد قاضيَا إحالة فقط في بلدة الراعي، ولا تُوجد دائرة تنفيذ وقاضي تنفيذ مختص متفرغين. ولا تُوجد غرفة مخاصمة القضاة لدى محكمة النقض، ويتبادل قضاة محكمة النقض 6 فقط المهام بينهم لتشكيل غرف نقض مدني ونقض جزائي ونقض أحداث ونقض عسكري وغرفة نقض شرعي. وهذا يشكل ضغطاً هائلاً وتراجعاً في مستوى الأحكام وتأخّراً في النظر بالدعاوى، إضافة لأن معظم هؤلاء القضاة مارسوا مهامَّ قضائية في الدرجة القضائية الأولى، خاصة التحقيق والإحالة، ما يتطلب من القضاة التنحي عن الدعاوى التي نظروا بها في الدرجة الأولى؛ كي يحققوا مبدأ الفصل بين وظيفة التحقيق والحكم ولينفذوا مبدأ التقاضي على درجتين، وهو أمر معقد ويُعطّل ويُؤخّر النظر بالدعاوى. ويُعلّل سبب هذا الخلل بضعف الإمكانات البشرية والمادية.
لتفادي هذا الخلل لا بدّ من تأمين عدد كافٍ من القضاة المختصين والثقاة والمؤهّلين والمتمتّعين بالخبرة والنزاهة والحياد من خلال استقطاب القضاة المنشقين وكذلك المحامون الأساتذة، ومن خلال المعهد القضائي العالي للعلوم القضائية.
7. خلل بالإعداد والتأهيل:
إنّ وظيفة القضاء مهمة وخطيرة وضرورية للمجتمع لذلك ينبغي لمن يتصدى لها أن يتّصف بالنزاهة والأخلاق والسمعة الطيبة والخبرة، وأن يكون مؤهّلاً ومعدّاً بشكل رفيع، وقد يتأتّى ذلك من خلال معهد عالٍ للعلوم القضائية.
لكن في الواقع لا يوجد معهد قضائي متخصص لإعداد وتدريب القضاة وكتاب العدل وكتاب الدواوين والمساعدين القضائيين، وإنْ كان هناك معهد قضائي في مناطق الحكومة المؤقتة تم إحداثه فهو غير مفعل ويتبع جامعة حلب كلية الحقوق، وهذا يخلط بين العمل الأكاديمي والعمل القضائي. وغياب المعهد القضائي ينعكس سلباً على مستوى القضاة والمساعدين القضائيين؛ فلا يوجد رؤساء دواوين وكُتّاب مختصون من أصحاب الخبرة. وبالتالي تغيب الحلول عن مشكلة نقص الكادر البشري. وكذلك يعلل هذا الخلل بضعف الإمكانات وغياب الاستقرار بالمنطقة وتراجع التخطيط الكلي.
لتفادي هذا الخلل لا بدّ من تأمين عدد كافٍ من القضاة المختصين والثقاة والمؤهلين والمتمتعين بالخبرة والنزاهة والحياد من خلال استقطاب القضاة المنشقين وكذلك المحامون الأساتذة ذَوُو الخبرة ومن خلال تفعيل المعهد القضائي العالي للعلوم القضائية، وجعل مرجعيته لوزارة العدل، واستقطاب محاضرين من أساتذة القانون والقضاة أصحاب الخبرة لتكوين أرضية علمية تأهيلية، لتأهيل وتدريب القضاة والمساعدين في المعهد أو عبر دورات مخططة ومستمرة تُقيمها وزارة العدل.
8. خلل في الحُجيّة:
إن قيمة الأحكام القضائية النهائية بحجيتها وقوّتها وقابليتها للتنفيذ فهي تصبح عنوان الحق والحقيقة، فكلما ارتقت الحجية ارتقت معها مكانة المنظومة القضائية القائمة وتعاضدت لتشكل دولة القانون. بينما لا تمتلك أحكام المحاكم المحسوبة على الحكومة المؤقتة حُجية وقوة القضية المقضية خارج مناطق نفوذها شمال حلب وتل أبيض ورأس العين؛ كونها لا تمتلك اعترافاً دولياً ولا تتمتع باستقلال ذاتي وصادرة عن محاكم مشكَّلة خارج نطاق قانون تنظيم السلطة القضائية المعتمد في الدولة السورية، ولا تصدر أحكامها باسم الشعب العربي السوري غالباً.
كما لا يمكن تنفيذ أحكام المحاكم لدى الدوائر والسجلات الرسمية للدولة السورية. ولا تتمتع أحكام هذه المحاكم بالحجية أمام المحاكم التركية القَيمة عليها، فضلاً عن اعتراض مسائل تنفيذ حكم قضائي صادر عن دائرة قضائية تابعة للحكومة المؤقتة في دائرة أخرى تابعة أيضاً للمؤقتة صعوبات كثيرة، فالتنفيذ خارج منطقة المحكمة مُصدرة الحكم مسألة معقدة وصعبة؛ لضعف التنسيق بين الدوائر واختلال المرجعية الإشرافية والاختلال الإداري، ولوجود منسقين أتراك متعددين، ولغياب التنظيم القضائي المتكامل، وقلة الخبرة.
لمعالجة هذا الخلل لا بدّ من تكاتف سياسي وحقوقي، دولي ومحلي، وتعاون مع المنظمات الحقوقية الأممية والدولية، بالاستناد إلى قرارات الشرعية الدولية؛ ليعزز شرعية محاكم الحكومة المؤقتة، خاصةً بعد حوكمتها وإصلاحها على أُسُس قانونية سليمة ومتينة وقضاة مؤهلين ونزهاء وحياديين، مما يعزز الثقة بشرعية هذه المحاكم وعدالتها؛ لتستطيع تحويل واقعها من قضاء الضرورة إلى قضاء دولة القانون.
9. خلل بتنفيذ الأحكام:
الأصل أن للأحكام النهائية حُجيّة وهي واجبة التنفيذ فور توافر شروطها القانونية؛ فقوة الحكم بحجيته، التي يستدل عليها بالتنفيذ. لكن توجد مشاكل جوهرية في تنفيذ بعض الأحكام، خاصةً خارج نطاق المحكمة المُصدرة للحكم، وهناك بعض الأحكام لا يتم تنفيذها نهائياً كحكم الإعدام في الجرائم الجنائية.
بينما صدر وصدّق قرابة 200 حكم بإعدام المتهمين في جرائم جنائية ومصدّقة من محكمة النقض ومكتسبة للدرجة القطعية، لكن لم يتم تنفيذ هذه الأحكام. وكان آخر حكم إعدام مصدّق من محكمة النقض قد صدر بحق قتلة الناشط محمد عبد اللطيف (أبو غنوم) [16] ، والتي تحوّلت لقضية رأي عام، وكانت هناك مطالبات شعبية بتنفيذ حكم الإعدام لردع المجرمين وإيقاف الجرائم الكبرى من قتل وتفجير تطبيقاً لقوله تعالى "ولكم في القِصاص حياةٌ يا أولي الألباب"، لكن عُطل تنفيذ الحكم، وكان قد صرح وزير العدل السابق في ندوة قانونية بأنّ الوزارة تمتنع عن تنفيذ حكم الإعدام بحق المتهمين لعدة أسباب منها السياسي القائم على تخوف الوزارة من أن يتم نعتها بصفة الإرهاب من المجتمع الدولي حال تنفيذها لأحكام الإعدام [17] . وتعليل الوزارة هذا بحدّ ذاته أثار جدلاً واسعاً بين المختصين الذين اعتبروا ذلك مساساً بالحجية والثقة وبهيبة القضاء وبشرعيته، فكيف تُصدر حكماً لا تؤمن بحجيته وبلزوم تنفيذه.
بالمقابل، ثمّة مَن يذهب لرأي آخر بأن الامتناع عن تنفيذ الحكم بالإعدام يعود لأسباب قانونية؛ منها أنه وقبل تنفيذ الحكم لا بد -وحسب القانون السوري المعتمد- من عرضه على لجنة الاسترحام، ثم توقيع رئيس الجمهورية على قرار الإعدام، وهذا كله غير متوفر في الوقت الحالي. ويعتبر أصحاب هذا الرأي أن قانون العقوبات العام السوري بمادته تلك التي حددت صلاحيات لجنة الاسترحام للمحكومين بالإعدام قد منح طريقاً ثالثاً من طرق الطعن خاص بحكم الإعدام [18] . لكن يُمكن الرد على هذا الرأي بأنّ تلك المادة كانت أصلاً معيبة؛ ففيها تدخّلٌ فاضحٌ من السلطة التنفيذية بأحكام المحاكم، ومَسٌّ باستقلال القضاء، وبمبدأ فصل السلطات، وتعطيل للأحكام، باعتبارها غير دستورية، ولو وجدت محكمة دستورية مستقلة ذات صلاحية لأبطلتها وأنفذت حكم المحاكم القطعي.
بينما يذهب رأي ثالث إلى أن مَن يمنع تنفيذ حكم الإعدام هو السلطات التركيّة التي تُسيطر بقواتها على الأرض. وتركيا دولة ملتزمة باتفاقيات دولية بإلغاء تنفيذ عقوبة الإعدام ومنعها، ولا تريد من السلطات المحلية تنفيذ حكم الإعدام؛ كيلا تقع تحت المساءلة القانونية الدولية؛ كونها قوات مسيطرة بحكم الأمر الواقع. وهناك رأي أخير يذهب لمطالبة الحكومة المؤقتة بالإعلان عن وقف تنفيذ وتعليق حكم الإعدام بمرسوم خاص في المرحلة الحالية لرفع الحرج عن القضاة.
هناك استطلاعات تُظهر تأييد أكثر من 93% من المختصين و97% من الناشطين والنخب ضرورة تنفيذ حكم الإعدام في الشمال بشكل عام، وإن عواقب عدم التنفيذ تضر بحالة الأمن والاستقرار بالمنطقة، فضلاً عن وجود 80% من المختصين القانونيين و60% من النخب والناشطين يرون أن السبب الحقيقي لعدم تنفيذ عقوبة الإعدام هو منع السلطات التركية التي لا تريد تطبيق عقوبة الإعدام، إضافة لغياب الإرادة لتطبيقها لدى قيادة المعارضة السورية [19] .
10. خلل في غياب الجهات الحكومية المساعِدة والمتمِّمة لعمل القضاء:
أدّى تطوُّر تكنولوجيا المعلومات والاتصال إلى حتمية رفع كفاءة الأجهزة والمؤسسات المساعدة والمتممة لعمل مرفق القضاء في مختلف الدول والمجتمعات، كالطبابة الشرعية والسجل العقاري والسجل المدني وهيئة المسح العقاري والخبراء الفنيين والمصحات ودور رعاية الأحداث، وكذلك جهاز الشرطة المدنية.
لكن في حالة المنظومة القضائية للحكومة المؤقتة ما زال هناك غياب للسجل العدلي الموحد، ولا يوجد سجل عقاري شامل ومحدَّث بل سجلات لتسجيل الوقائع فقط لدى معظم المجالس المحلية، ولا يوجد إلا سجل عقاري واحد في مدينة أعزاز غير محدَّث وتُسجّل به الوقائع. ولا تُوجد هيئة للطب الشرعي مؤهلة ومتخصصة وذات إمكانيات متطورة، ولا تُوجد مخابر فنية متخصصة. ولا تُوجد إدارة مالية ومحاسبية كفؤة، ولا تُوجد إدارة لتنظيم وتسيير الدواوين والمستودعات والإشراف عليها. ولا يوجد سجل مدني موحد إنما سجل لتسجيل الواقعات لدى معظم المجالس المحلية.
كما يخضع جهاز الشرطة لآلية إدارة وتنسيق مختلفة عن العدليات، ويشرف عليها ضباط شرطة تركية، ولا توجد آلية تنسيق فعّالة ومُحَوْكَمة، ولا تخضع إدارة السجون ودور تنفيذ العقوبة لسلطة القضاء كما يوجب القانون، بل تقع تحت آلية التنسيق التركية، وتحت نفوذ وزارة الداخلية للسجون المدنية وتابعة لوزارة الدفاع بالنسبة للسجون العسكرية مع غياب التنسيق الفعال. ولا تُوجد سجون خاصّة وإصلاحيّات لاحتجاز القاصرين والأحداث في كل المناطق، كذلك لا توجد مصحّات مختصّة للأمراض العقليّة والنفسيّة ولا تُوجد مصحّات مختصّة بمعالجة الإدمان.
إنّ معالجة هذا الخلل تكون ضمن خطة وطنية لحوكمة القطاعات الحكومية وإصلاحها وخلق آلية فعالة من التنسيق والتعاون بين عمل الأجهزة الحكومية المساعدة والمتممة لعمل مرفق القضاء.
11. خلل بإهدار القضاء الإداري:
تأتي أهمية القضاء الإداري في الدول التي تنهج الشكل الفرانكفوني في التشريع والقضاء من خلال جوهريته في فصل السلطات واستقلال القضاء، ومن كونه الجهة الرقابية القضائية على عمل أجهزة الدولة، عندما يكون أحد أطراف الدعوى شخصاً من أشخاص القانون العام في معرض إدارة أو تشغيل أو استثمار مرفق عام؛ بحيث تستخدم الإدارة سلطتها العامة عبر الوسائل والامتيازات المخولة لها بالقانون العام، فينعقد الاختصاص للقضاء الإداري.
لكن، في هيكلية وزارة عدل المؤقتة لا يوجد مجلس دولة أو قضاء إداري نهائياً، مع بقاء الاختصاص نظرياً معقوداً لمحكمة البداية المدنية، رغم الحاجة الملحّة له لمنع تغوّل الإدارة على باقي القطاعات. ويُعلّل سبب الخلل بضعف الإمكانات [20] .
لمعالجة هذا الخلل لا بدّ من حوكمة وزارة العدل وإعادة هيكلتها، وإنشاء معهد عالٍ للقضاء يُوفّر الموارد البشرية المؤهلة، بالاشتراك مع القضاة المنشقين والمحامين الأساتذة ومحامي الدولة المنشقين لبناء منظومة القضاء الإداري ودعمها، وسيكون ذلك فرصة كبيرة للحكومة بأن توازي معاً بين إنشاء الأجهزة الإدارية والقضاء الإداري مما يعزز الحوكمة والالتزام بالقانون وحسن الرقابة ويُحقق الاستقرار.
12. خلل بإهدار حقّ الحصانة للقضاة والمحامين وبإهدار التنظيمات النقابية المكمِّلة:
إن تطوُّر واستقرار المجتمعات بات مرتبطاً بإدراك أهمية ودور النقابات المهنية والشعبية؛ فقد أثبتت التجارب الدولية فاعلية ذلك الدور وأهميته في تطوير المجتمعات والوصول لحالة من التوازن والرضا. كذلك منح القضاة والمحامين وفقاً للقانون حقّ الحصانة لتعزيز استقلالهم وحيادهم وضمان فاعليتهم وإبعاد الضغوط عنهم ومنحهم استقراراً نفسياً ووظيفياً.
بينما في حالة المنظومة القضائية للحكومة المؤقتة لا يوجد تنظيم نقابي للقضاة أو للمساعدين القضائيين لترعى شؤونهم، وتدافع عن حقوقهم وعن حصانتهم، وتُعزز الروابط بينهم وتُساهم في رفع كفاءتهم. ولا تُوجد مراعاة لخاصية نقابة المحامين ولحقوقهم، فهم الجناح الثاني للعدالة، بل هناك تدخُّل من وزارة العدل والحكومة بالعمل النقابي، مما ينعكس سلباً على العدالة وتكاملية العمل للرقي بالمرفق القضائي [21] . يُعلل سبب هذا الخلل بعدم الاستقرار والمناطقية وغياب سياسات حكومية عامة، وتوترات قائمة على ضعف الحوار والثقة بين الأطراف.
يكون علاج هذا الخلل بإطلاق برنامج وطني لاحترام الحقوق والحصانات، وكذلك برنامج وطني لتعزيز الوعي بدور النقابات وأهميته وإصدار القرارات الدافعة والمساعدة على إنشاء وتطوير النقابات والجمعيات. ويمكن للقضاة تأسيس نادٍ للقضاة يكون نواة للعمل النقابي والمجتمعي ومجمعاً لتطوير مرفق القضاء.
13. الخلل المالي وغياب الميزانية المستقِلّة وضعف الرواتب:
تحتاج المشاريع المهمّة لميزانية مستقرّة ودائمة ومعقولة تغطّي الاحتياجات الأساسية وتلبّي حاجة التطوير، ويلزم أن تُحقّق رواتب العاملين في مرفق القضاء الكفاية، بينما لا تُوجد لدى الحكومة المؤقتة ميزانية مستقلة ومعلنة وثابتة لوزارة العدل وللدوائر العدلية، ولا يوجد محاسب مركزي وتفتيش لبيان مجموع النفقات وواردات صناديق المحاكم من مواردها المالية الذاتية. وهناك ضعف برواتب القضاة والمساعدين القضائيين، فراتب القاضي يتراوح بين 200 و300 دولار، حسب القِدم وعائدات الطابع القضائي الصادر عن محكمة النقض. بينما تقع رواتب المساعدين القضائيين تحت المئة دولار شهرياً. وهذا الضعف المالي يُعزّز من مخاطر الفساد الإداري والوظيفي القضائي، ويمنع من تطوير المرفق.
تكون معالجة هذا الخلل من خلال حَوْكَمة حكومية مالية شاملة، وبتعزيز الموارد الذاتية لمرفق القضاء عَبْر دعم مبادرة الطابع القضائي، ومَأْسَسَتها، وإنشاء إدارة مالية ومحاسبية تُنظّم عمل صناديق المحاكم وتضبطها.
14. خلل في استقلال القضاء:
لكي يُحقّق مرفق القضاء وظيفته بنشر الأمن والاستقرار والعدالة في المجتمع لا بدّ من أن يكون حرّاً مستقلاً، عن السلطتين التشريعية والتنفيذية، بعيداً عن التدخُّلات الداخلية والخارجية. لكن وجود تدخُّلات سياسية وحكومية وفصائلية وخارجية بعمل القضاة، كذلك وجود منسق مشرف على المرفق ومراقب يتبع دولة أجنبية لها وجود عسكري داخل الدوائر العدلية. كل ذلك يُعتبر خللاً خطيراً يُهدّد المرفق في جوهره؛ فينزع منه صفة الحياد والنزاهة والاستقلال، فتُفقد الثقة بالقضاء، ليتحول لمؤسسة مفروضة بالقوة وغير محققة للتطلعات ومعطلّة لمسيرة الاستقرار، مما يبعد المرفق عن دوره المطلوب بتعزيز أهلية المنطقة المنتشر ضمنها للحوكمة وللتجاوب مع الاستحقاقات السياسية كالانتخابات أو قابليتها للاستقرار ولاستيعاب تدفُّقات سكانية جديدة.
خلاصة
تتفق الرُّؤى الإصلاحية لمرفق القضاء على ضرورة إصلاح المرفق وتأهيله وحوكمته نظراً لأهميته، لكن هناك توجّهان الأول، وهو المرجوح، يقوم على أنّ التوسّع في الهيكلية وإنشاء جميع المحاكم ومحكمة النقض، يُعزّز في شكل المحاكم الموجودة لكنه يسبّب ضعفاً في مضمون أحكامها وأدائها، مما نتج عنه خلل متعدد. لذلك يقترح العودة لتشكيل قضائي مبسط من درجتين بداية واستئناف بما فيها استئناف قرارات الجنايات لتكون قطعية، وتطبيق قانون العقوبات والقانون المدني فقط، ومصادر التشريع، والإبقاء على هذه المرحلة كمرحلة حكم الضرورة؛ حيث تضع لجنة قضائية خاصة نظام حَوْكَمة المرفق، ريثما يتم توحيد القضاء ورفع كفاءته، وتهيئة الظروف لحَوْكَمة جذرية للمرفق، وتحقيق استقلاله الكامل.
التوجُّه الآخر، وهو الراجح، يقوم على ضرورة استنفار كافة الجهات لإصلاح النظام القضائي؛ بتشكيل لجنة عليا من ثقاة السياسيين والجهات الحكومية والقضاة ونقابات المحامين والأكاديميين القانونيين، لتُطلق برنامجاً وطنيّاً لعملية إصلاح حقيقي وحَوْكَمة لمرفق القضاء وتضمن استقلال القضاء الكامل، وإيجاد ميزانية مستقلة وثابتة، ورفع الرواتب واستقطاب الخبرات، وإنشاء معهد قضائي وتعيين عدد كافٍ من المحامين الأساتذة، الذين تزيد خبرتهم عن 10 سنوات لرفد مرفق القضاء بأصحاب الخبرة. وتشكيل نادٍ للقضاة يستقطب كافة القضاة المنشقين والعاملين من أجل تشكيل مجلس قضاء أعلى منتخب من قضاة درجة الاستئناف، مع ضمان تمثيل نسبي لقضاة الدرجتين الأولى والثانية دونما منحهم الحق برئاسة المجلس [22] ، ويتولى المجلس القضائي الأعلى صلاحياته كجهة ومرجعية عليا لمرفق القضاء ويخطط ويعمل لتطويره وحَوْكَمته، ويشرف على صياغة قانونية تحدد المرجعية القانونية بوضوح، ويشرف على تنفيذ أحكام القانون وتنظيم مرفق القضاء، وتأهيل القضاة، ومراقبتهم، وتعيينهم، وتنقُّلاتهم، وعزلهم، وتأديبهم، وقبول استقالاتهم [23] .
تبقى الجهود الحالية للقائمين على مرفق القضاء مقدَّرة من المجتمع في الشمال السوري؛ نظراً لضرورة المرفق وأهميته ضِمن الإمكانات المتاحة، وعملاً بمبدأ ما لا يُدرَك كله لا يُتْرَك جُلُّه، مع المطالبة بتعزيز التعاون بين وزارة العدل ونقابات المحامين الممثلين للجناح الثاني للعدالة، ومع لزوم تخصيص موازنة ثابتة لوزارة العدل، وتخصيص غرف متفرغة بمحكمة النقض وتشكيل هيئتها العامة أولويّة للمرحلة المقبلة. وسيبقى الحكم على أي تجربة إدارية مجتمعية يُقاس بنجاح وتكامل وكفاءة إدارة مرفق القضاء، الذي يُطبّق قوانين مُحكَمة وواضحة عَبْر جهاز مُحَوْكم من خلال قضاة يتصفون بالأخلاق والنزاهة والخبرة والحياد، ضِمن منظومة مستقلة ومحفوظة الحقوق ولها حصانتها، فتصحيح مسار مرفق القضاء يخلق الآليات المعزّزة لحَوْكَمة إدارة المنطقة، ونجاح مشروع حكمها ككل، ويُعزز الاستقرار، ويمنح المنطقة أهلية للتجاوب مع إمكانية زيادة عدد السكان فيها، وأهليتها للتعاطي مع الاستحقاقات السياسية القادمة، لذلك فالتصدي لتحقيق العدالة وحفظ الأمن والفصل في الخصومات يجب أن يتم بشكله المثالي الذي لا تشوبه شائبة، فعندما يُصلح القضاء تصلح الإدارة ويصلح المجتمع.
[1] تنظيم المحاكم وتعزيز ولايتها واستقلالها، مركز الحوار السوري، 13/03/2021، الرابط .
[2] ريان محمد، محاكم الشمال السوري، العربي الجديد، 24/1/2021
[3] حوار مع القاضي حسن الدغيم حول تجربة المحاكم الشرعية في سورية، جريدة البيان، 02/06/2021، الرابط .
[4] القانون العربي الموحّد: هو نص تشريعي أقرته اللجنة القانونية في الجامعة العربية كمقترح أولي لقانون موحد عربي مدني، الرابط . والجزائي، الرابط .
[5] قضاء سورية المحررة ثلاث مرجعيات تنذر بتقسيم البلد، عنب بلدي، 2015/12/20.
[6] جلسة نقاش معمّق عقدها مركز جسور للدراسات، غازي عينتاب، 26-07-2024.
[7] ثلاثة أنظمة قضائية في الشمال السوري ما مدى شرعيتها ونزاهتها؟ عنب بلدي، 22/11/2020، الرابط .
[8] جلسة نقاش معمّق عقدها مركز جسور للدراسات، غازي عينتاب، 26-07-2024.
[9] ندوة القضاء في المناطق المحررة: الواقع والطموح، لقاء مع وزير العدل في الحكومة المؤقتة ونقيب المحامين، مركز نما للأبحاث، 29-12-2021، الرابط .
[10] محاكم الشمال السوري، العربي الجديد، 24-01-2021، الرابط .
[11] قانون تنظيم السلطة القضائية الصادر بالمرسوم التشريعي رقم 98 لعام 1961. الرابط
[12]هايكة جرامكو، تقدير الاحتياجات من الموظفين في قطاع العدالة، البنك الدولي، 19-01-2012، الرابط .
[13] جلسة نقاش معمّق عقدها مركز جسور للدراسات، غازي عينتاب، 26-07-2024.
[14] جلسة نقاش معمّق عقدها مركز جسور للدراسات، غازي عينتاب، 26-07-2024.
[15] مقابلة خاصة أجراها الباحث مع قاضٍ سابق ومحامٍ، عبر الهاتف، 01-08-2024.
[16] ريف حلب.. إصدار حكم الإعدام في قضية مقتل أبو غنوم وزوجته، عنب بلدي، 22-05-2024، الرابط .
[17] ندوة القضاء في المناطق المحررة الواقع والطموح، مركز نما للأبحاث، 25-03-2021، الرابط .
[18] عبد الناصر حوشان، عقوبة الإعدام في التشريع السوري، نينار برس، 03-02-2024، الرابط .
[19] محمد سالم وعمر قاسم، موانع وعواقب عدم تنفيذ حكم الإعدام في الشمال السوري، 30-08-2024، الرابط .
[20] أحمد قربي، ضرورة تفعيل القضاء الإداري، مركز نما للأبحاث، 07-09-2021، الرابط .
[21] الحكومة السورية المؤقتة تكرِّس سيطرتها على النقابات المهنية وتفقدها استقلاليتها في مناطق شمال غربي سورية، الشبكة السورية لحقوق الإنسان، 31-05-2024، الرابط .
[22] جلسة نقاشية عقدتها وحدة دعم الاستقرار في غازي عينتاب بعنوان "القضاء حارس البيئة الآمنة"، 18-09-2024.
[23] عارف الشعّال، مجلس القضاء الأعلى والاتجاه الحديث في تشكيله، مركز حرمون للدراسات، 17-01-2022، الرابط .