مساعي النظام السوري لتأمين مبالغ من العملات بالقطع الأجنبي.. الأسباب والخيارات
مساعي النظام السوري لتأمين مبالغ من العملات بالقطع الأجنبي.. الأسباب والخيارات
في منتصف نيسان/ إبريل 2022 قام مصرف سورية المركزي برفع سعر صرف الدولار الأمريكي من 2500 إلى 2800 ليرة للدولار الواحد. كانت شركات الحوالات قد قامت برفع سعر دولار التحويل منذ مطلع شهر نيسان/ إبريل 2022 في سبيل الاستفادة من زيادة التحويلات على خلفية دخول شهر رمضان وعيد الفطر استجابة لأوامر المصرف المركزي السوري وبالتنسيق معه. من المتوقع أنّ شركات الصرافة جمعت مبالغ لا تزيد كثيراً عن 50 مليون دولار خلال شهر رمضان وفترة عيد الفطر، وهي مبالغ قليلة للغاية لا توازي توقُّعات مصرف سورية المركزي المستندة إلى أرقام الحوالات في سنوات سابقة.
ويُمكن القول: إن المبالغ المجموعة بالعملات الأجنبية كانت مخيِّبة للآمال بالنسبة لمصرف سورية المركزي مما جعله يعيد مطالبة مكاتب الحوالات بجمع مبالغ أكبر عَبْر علاقاتها وأدواتها، ممّا دفع شركات الحوالات والصرافة للاستمرار بعرض صرف الدولار بسعر مرتفع للحوالات. كما قامت وزارة الداخلية في حكومة النظام السوري بتسهيل الحصول على جوازات السفر للقادرين على دفع مبالغ أكبر بالدولار الأمريكي بعد أن تراجعت قدرتها على تقديم هذه الخدمة على خلفية مشكلات فنية.
ومع ارتفاع أسعار السلع الرئيسية عالمياً تواجه حكومة النظام تحدِّيَات الحصول على الكميات اللازمة، حيث يُلاحَظ أنّ الجهة المسؤولة عن تأمين المستلزمات لقوى الجيش والأمن قامت بتأجيل عدد من المناقصات التي أعلنت عنها خلال الأشهر الثلاثة الماضية لتأمين موادّ غذائية ومعدّات صيانة وقطع تبديل، فيما يسعى النظام لتأمين المبالغ المالية بالقطع الأجنبي لإعادة فتح هذه المناقصات وتأمين عمليات إطعام الجيش والأمن.
ويبدو أنّ حكومة النظام باتت تنظر إلى شركائها الرئيسيّين في روسيا وإيران كخيار غير مضمون في عمليّات الاستدانة، حيث تواجه روسيا نفقات ضخمة على خلفيّة هجومها على أوكرانيا منذ أكثر من ثلاثة أشهر وفي ظل عقوبات غربية تُقوّض قدراتها الماليّة. كما تواجه إيران عقوبات كانت تُعوّل على رفعها مع وصول إدارة بايدن إلى الرئاسة الأمريكية. أيضاً ساهمت العقوبات الغربية المفروضة على رجال الأعمال والكيانات المقرَّبة من النظام بتقليل قدرة هؤلاء على تأمين الأموال بنفس الكفاءة السابقة.
يعتمد النظام في تأمين القطع الأجنبي على جوازات السفر، وبدلات الخدمة العسكرية، ورسوم الخدمات العامة للسوريين في الخارج، وكذلك الحوالات الخارجية، والصادرات من السلع، إضافة لما تؤمِّنه له شبكة رجال الأعمال العاملين معه وأيضاً الديون والتبرعات من بعض الشركاء.
ومع بَدْء أزمة الغذاء العالمية قام النظام بإيقاف تصدير السلع الرئيسية، إلّا أنّه عاد وسمح بتصدير بعض هذه السلع منذ مطلع أيار/ مايو. كما منح دعماً بمقدار 10% للقطاعات الصناعية القادرة على التصدير ممّا يتوقع أن يُؤمّن له بعض المبالغ المالية. كذلك إنّ قدرته على إصدار الجوازات والأوراق الرسمية ما تزال تسمح له بتأمين القطع الأجنبي، إضافة إلى ذلك، يُتوقع أن يُوسِّع النظام من أنشطته الاقتصادية عَبْر شبكة رجال الأعمال خاصة في الإمارات ومصر.