خريطة السيطرة العسكرية في سورية ريف حلب الغربي – ريف إدلب الشرقي
تشهد خريطة السيطرة العسكرية شمال غربي سورية تغيُّراً في خطوط السيطرة بعد أكثر من 4 سنوات على تجميد الجبهات بين النظام السوري والمعارضة؛ حيث أطلقت هيئة تحرير الشام بالاشتراك مع فصائل المعارضة المسلّحة صباح الأربعاء 27 تشرين الثاني/ نوفمبر 2024 معركة بعنوان "ردع العدوان".
جاءت المعركة بعد تحذيرات شديدة من روسيا للمعارضة والهيئة من شنّ أيّ هجوم عسكري نحو مناطق النظام، وسط تزايُد احتمالات القيام بعملية تستهدف مدينة حلب، وقد ترجمت روسيا تحذيراتها بتصعيد عنيف في تشرين الأول/ أكتوبر استهدف مواقع مدنية في إدلب، فضلاً عن مواقع عسكرية –يبدو أنها- كانت جزءاً من التحضير للهجوم.
بموجب الهجوم العسكري الجديد تقدّمت الهيئة والفصائل، وسيطروا على قُرابة 30 موقعاً للنظام في ريف حلب الغربي؛ و4 مواقع في ريف إدلب الشرقي، فضلاً عن استمرار الاشتباكات في العديد من المواقع بكِلتا الجبهتين.
من بين المواقع التي تمت السيطرة عليها غرب حلب قرى وبلدات عينجارة وعاجل وعويجل والهوتة وبسرطون وقبتان الجبل والشيخ عقيل وكفر بسين، إضافة إلى الفوج 46 وقرى وبلدات أورم الصغرى وأورم الكبرى وكفر ناها وخان العسل والشيخ علي وريف المهندسين الثاني والزربة والبرقوم. أما في ريف إدلب الشرقي فقد تم التقدُّم نحو بلدة داديخ وتَلّتها وتلّ بطيخ والصوامع في محيط مدينة سراقب.
بموجب التقدُّم الذي نفذته الهيئة والفصائل باتت مدينة سراقب مطوَّقة من 3 اتجاهات، وبدأت عملية تطويق مدينة حلب الإستراتيجية من جهة الشمال والغرب؛ حيث تتجه الفصائل للسيطرة على مدينة عندان وحريتان وحيان والليرمون لتصبح على مشارف حي الزهراء، وتتجه للسيطرة على خان طومان والوضيحي لتصبح على مشارف حي الراموسة.
في الأصل تقع المواقع التي تم التقدُّم نحوها ضِمن منطقة خفض التصعيد المحددة في مذكرة التفاهُم بين تركيا وروسيا عام 2017، قبل أن يخرقها النظام السوري بدعم من حلفائه روسيا وإيران ويسيطر على مساحات واسعة تُقدّر بـ 3200 كم 2 وطول يبلغ حوالَيْ 240 كم على امتداد خطوط التماسّ وعمق يصل إلى 20 كم، مما أدّى إلى تغيُّر كبير في خريطة السيطرة ونِسَبها. بمعنى أنّ التحرُّك العسكري للمعارضة والهيئة نحو تلك المناطق لا يُقوّض اتفاق خفض التصعيد، ما لم يستغل النظام بدعم حلفائه تآكُل التهدئة لشنّ هجوم واسع على المنطقة، ولا يتم التعامل مع التحرك على أنّه مجرّد استعادة لمواقع خسرتها المعارضة ولا يتعدى حدود مذكرة التفاهم بين تركيا وروسيا.
أخيراً، يُتوقّع أن تشهد خارطة السيطرة العسكرية تغيُّراً كبيراً مع استمرار تقدُّم المعركة، في حال لم يتخذ النظام وحلفاؤه خُطوات عسكرية لوقف انهيار الجبهات واستعادة ما تمت خسارته جزئياً أو كلياً، وهذا الاحتمال يعني توجُّه الهيئة والفصائل للسيطرة نحو مدينة سراقب الإستراتيجية ثم نحو معرّة النعمان ومنها إلى خان شيخون، وكذلك استعادة السيطرة على معظم مدن ريفَيْ حلب الشمالي والغربي وتطويق بلدتَيْ نبل والزهراء فيه، ثم محاولة فصل مدينة حلب عن ريفها الجنوبي لتطويقها وقطع طرق الإمداد عنها، ومن شأن هذا السيناريو أن يُغيّر نِسَب السيطرة كليّاً بين قوات النظام والمعارضة والتي بقيت ثابتة منذ عام 2020.