قسد وتنظيم الشبيبة الثورية طبيعة العلاقة وآثارها
تحت المجهر | قسد وتنظيم الشبيبة الثورية طبيعة العلاقة وآثارها
اضطرت قيادة قوات سورية الديمقراطية "قسد" إلى كشف علاقتها بتنظيم "حركة الشبيبة الثورية"، حيث غرد مظلوم عبدي القائد المشترك لـ"قسد" مُتعاطِفاً مع خمسة قتلى وأربعة جرحى يتبعون للحركة استهدفتهم مسيَّرة تركية على الأرجح، في موقع بمدينة "عين العرب" في 25 كانون الأوّل/ ديسمبر 2021.
"حركة الشبيبة الثورية" و"اتِّحاد المرأة الشابة" تنظيمان مرتبطان بشكل مباشر مع حزب العمال الكردستاني، ومتّهمان بشكل رئيسي في التورّط في عمليات تجنيد الأطفال في صفوف الحزب وأذرعه العسكريّة من خلال معسكرات وفعّاليّات تدريبيّة عسكريّة وأيديولوجيّة، كما أنّ هذين التنظيمين متّهمان بانتهاكات عدّة لحقوق الإنسان متمثّلة في قمع ومواجهة المظاهرات والناشطين المناهضين للإدارة الذاتيّة، والاعتداء المتكرّر على مكاتب وأعضاء "المجلس الوطني الكردي" والفعّاليّات التي ينظّمها داخل مناطق سيطرة "قسد".
لم يسبق لـ"قسد" أن أدانت انتهاكات الحركة؛ باستثناء إدانة وجَّهها عبدي لمن قام بهجوم تعرّض له مكتب المجلس الوطني في "الدرباسيّة" بتاريخ 17 كانون الأوّل/ ديسمبر، حيث وصف عبدي مَن قام بالفعل بأنهم "مجموعة من المخرّبين المخالفين للقانون" لكن دون أن يذكر اسم التنظيم الذي يتبعون له. ويعكس ذلك طبيعة المشهد في مناطق الإدارة الذاتية، حيث تقوم الحركة بتنفيذ الانتهاكات التي تصبّ في مصلحة "قسد" دون أن تتحمل الأخيرة مسؤوليتها.
عبدي في تعاطُفه مع الحركة باسمها الصريح -وهي التنظيم التابع مباشرة لحزب العمال- يُحدث تغييراً في المشهد النمطي للعلاقة بين "قسد" وبين أذرع الحزب التي تنفذ سياساته بشكل مباشر، وينقل إلى العلن العلاقة التكاملية بين "قسد" والحركة وغيرها من أذرع الحزب، بما قد ينتج عنه تَبِعات على "قسد" وذراعها السياسي المتمثّل بمجلس سورية الديمقراطيّة "مسد" وكذلك إدارتها الذاتية.
ومن أبرز هذه التَّبِعَات:
1- من الناحية السياسيّة: زيادة حالة التوتّر وانعدام الثقة بين "مسد" والمجلس الوطني الكردي الذي يتعرّض ناشطوه ومكاتبه وفعالياته داخل مناطق سيطرة "قسد" لاعتداءات متكرّرة من قِبل عناصر هذه التنظيمات الشبيبيّة، والتي كان آخِرها اعتداء "يوم العَلَم الكردي" في "الدرباسية".
2- من الناحية القانونيّة: ستكون "قسد" في موقع المسؤول الأوّل عن جميع الانتهاكات والتجاوزات التي تقوم بها هذه التنظيمات غير المنضبطة، سواء بحق سكّان مناطق سيطرة "قسد" أو الدول المحيطة بها، فعلاقة "قسد" مع التنظيمات التابعة للحزب تؤكّد -على الأقّل- معرفة ومراقبة "قسد" لهذه التنظيمات ونشاطاتها.
3- من الناحية الاجتماعيّة: ستضع هذه العلاقة "قسد" والإدارة الذاتيّة في موقف سلبي أمام سُكّان مناطق سيطرتهما الذين يعانون في كل مناحي حياتهم وبشكل متكرّر من هذه التنظيمات وتجاوُزاتها، والتي أدّى آخِرها لإغلاق معبرَيْ "سيمالكا" و"الوليد" الحدوديّيْنِ مع إقليم كردستان العراق، وكان المعبرانِ الشريانَ الرئيسي لدخول الموادّ الغذائيّة والطبيّة والصناعيّة وموادّ البناء إلى مناطق سيطرة "قسد"، وقام العشرات من منتسبي الحركة و"اتحاد المرأة الشابة" باقتحام معبر "سيمالكا" والاشتباك مع عناصر إدارة وحماية المعبر في إقليم كردستان العراق؛ الأمر الذي دفع حكومة الإقليم إلى إغلاق المعبرين منذ 16 كانون الأوّل/ ديسمبر الجاري.
4- من الناحية التنظيميّة: إنّ إدانة "قسد" للضربة الجويّة التي استهدفت التنظيمات الشبيبيّة التابعة بشكل مباشر للحزب يضعها في صفّ واحد مع هذه التنظيمات، ويؤكّد ما تنفيه "قسد" دوماً حول علاقتها بحزب العمّال وأذرعه المتغلغلة داخل مناطق سيطرتها.
والخلاصة: أنَّ "قسد" ستحاول الحفاظ على حالة الغموض وعدم وضوح العلاقة وحدود المسؤوليّة بين "قسد" والتنظيمات الشبيبيّة المرتبطة بشكل مباشر مع حزب العمّال، وخاصة مع النشاط الكبير لهذه التنظيمات في مناطق سيطرتها، وستُتابِع "قسد" الاستثمار في المهامّ الأمنية التي تنفذها هذه التنظيمات وتصبّ في مصلحة "قسد" دون أن تتحمل هذه الأخيرة مسؤوليتها. لكن مع استمرار الاستهداف لكوادر هذه التنظيمات وكوادر حزب العمال التابعة له فإنَّ قيادة "قسد" وبدافع تنظيمي وأيديولوجي ستكشف أكثر فأكثر عن العلاقة الحقيقية التي تربطها وهذه التنظيمات بحزب العمال، وعندها سيكون على "قسد" تحمُّل مسؤولية ذلك أمام الأطراف المحلية داخل مناطقها والخارجية الإقليمية والدولية منها.