نظام المصالحات في سورية سلام مجتمعي أم استراتيجية حرب؟
أكتوبر 05, 2018 4432

نظام المصالحات في سورية سلام مجتمعي أم استراتيجية حرب؟

حجم الخط
تمهيد 
شغل ملف المصالحات في سورية حيزاً كبيراً في تعاطي النظام الحاكم وحلفائه الدوليين مع المناطق الخارجة عن سيطرته، وبرز ذلك بشكل واضح مع بدء العمل المسلح في البلاد، وتم استخدام هذا الملف كمسار موازٍ للتحرك في الميدان المتمثل بالمسار العسكري لقوات النظام. 
استطاع النظام من خلال المصالحات العودة إلى أغلب المناطق التي خرجت عن سلطته السياسية والعسكرية وحتى الإدارية. ولم يفوّت الفرصة للحديث عن أهمية المصالحة في وقف إطلاق النار وفرض الاستقرار في البلاد وصولاً إلى التسوية الشاملة التي لا تؤدي إلى تغيير بنية المؤسسات الحاكمة. 
ظهر نظام المصالحات مع إطلاق وزارة المصالحة الوطنية منتصف عام 2012. وشكّلت منذ ذلك الحين استراتيجية حرب على هيئة استراتيجية إصلاح سياسي، تعكس رغبة في منح صلاحيات واسعة أو امتيازات خاصة للمناطق الإدارية التي خرجت عن السلطة المركزية.
حمل نظامُ المصالحات في المناطق التي تم تطبيقه فيها آليات عمل متشابهة لبعضها إلى حد كبير؛ حيث عمد النظام إلى تطبيق نموذج مشترك أفضى في النهاية إلى استعادة سيطرته على المدن والبلدات والمناطق، مع وجود اختلاف في الجدول الزمني للتطبيق. 
وتأتي أهمية دراسة مسار المصالحات في أنه يعكس واحداً من أكثر الجوانب تعقيداً في مكونات الأزمة السورية، إذ أنه يمثّل نقطة التقاطع ما بين السياسات والتوازنات العسكرية الدولية والإقليمية والمحلية من جهة، والبُنى الاجتماعية للمناطق التي كانت خارجة عن سيطرة النظام. 
تناقش هذه الدراسة الكيفية التي تبلورت فيها استراتيجية نظام المصالحات في سورية وتوضيح مساره ومصيره وأثره على الفاعلين المحليين والدوليين. 
وعملت الدراسة على تقديم محتوى توثيقي لمضمون الاتفاقات التي عرفها مسار المصالحات منذ انطلاقه، كي تكون هذه الدراسة مرجعية في بابها، وكي يسهل على الباحثين من بعد قراءة هذه الاتفاقات بصورة مقارنة. 
 
أولاً: المقدمة 
في نيسان/ أبريل 2011، أي بعد شهر من اندلاع الاحتجاجات الشعبية في سورية، سارع النظام إلى استدعاء وفود من مختلف المناطق لمحاولة التفاوض حول وضع حدّ للمظاهرات في كل حالة على حدة، لكنه حصر تلك الاجتماعات مع الوسطاء المحليين الذين كانوا يعملون بالأصل تحت مظلته، وأجرى بشار الأسد لقاءات عديدة مع هؤلاء الوسطاء الموالين له، إلا أن النتائج لم تكن لتصب في السياق الذي أراده، وربما يكون أحد الأسباب الرئيسية لهذا الإخفاق هو أن المناطق المحلية التي خرجت عن سلطة النظام قد أصبحت تنظر إلى التنسيقيات على أنها نواة للجان محلية يُمكن أن تمثّلها مستقبلاً أو أنها بحاجة للجان جديدة حقيقية لا تمارس عليها السلطة الأمنية التي كانت تؤديها اللجان الموالية للنظام. 
يُمكن الاعتقاد أن تلك الدعوات التي وجهها النظام هي البداية الرئيسية لمشروع المصالحات، الذي عمل خلاله على استدعاء اللجان الموالية له فقط، في الوقت الذي لم يتم فيه استقبال وسطاء بالنيابة عن المحتجين ضده، بل أصرّ على جعل لقاءاته منحصرة مع الوسطاء الموالين له، واستمر في انتهاج المواجهة الأمنية الصارمة بحق المتظاهرين. 
وربما وجد النظام خلال الأشهر اللاحقة من العام 2011 أن الحدّ من موجة الاحتجاجات ضده لن تكون بالاعتماد على اللجان السابقة وأنه لا بدّ من تشكيل قوى محلية جديدة والالتفاف على معارضيه، وبناءً عليه جاء استحداث وزارة جديدة باسم "المصالحة الوطنية" وهي الأولى من نوعها في البلاد ضمن مرسوم تشريعي يحمل رقم 210 لعام 2012، وتم إسناد شؤونها إلى "علي حيدر" رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي.
وبعد أيام من تشكيلها وضعت وزارة المصالحة الوطنية رؤية لعملها قدمتها لمجلس الشعب السوري(1)، والتي يُمكن تلخيصها بجانبين: 
الأول: يتضمن تحقيق الأمن بناء على سياسة فرض الاستقرار العسكري التي تعتمد إما على السيطرة التامة أو على حصار المناطق الخارجة عن سيطرة النظام.
الثاني: العمل على إشراك القوى المتفرقة للمعارضة العسكرية والمدنية المحلية في مؤسسات الدولة والسلطة ضمن نطاق معين، وبما يضمن عدم تمرّدهم ويساهم في الاستفادة من جهودهم. 
كانت وزارة المصالحة الوطنية تريد أن تؤطر جهودها بمؤتمر وطني جامع، لكن يبدو أن ما قامت به لم يعطِ النتائج المطلوبة من حيث النجاح، وجاء ذلك على لسان علي حيدر نفسه في عام 2015(2)، حتى جاء التدخل الروسي في سورية وحمل معه إعلان تأسيس مركز حميميم للمصالحة في 23 شباط/ فبراير 2016، الذي بدا وكأنه قد بلور رؤية وزارة المصالحة، واستطاع الاستفادة منها في صياغة استراتيجية حرب شاملة، عكستها مناطق خفض التصعيد التي صار نشاط لجان المصالحة فيها على أوسع نطاق. 
ويُمكن إرجاع ضعف النتائج المرجّوة من عمل وزارة المصالحة الوطنية قبل التدخل العسكري الروسي في سورية إلى عدّة أسباب منها: 
1. غياب التفويض الحقيقي للوزارة في إدارة المصالحات، حيث أن هذا الملف أمني-عسكري بحت، ولا تتدخل الوزارة إلا بجانبه الشكلي فقط. 
2. عدم وجود آلية محددة وواضحة للتنسيق والتعاون بين وزارة المصالحة ولجنة المصالحة في مجلس الشعب.
3. عدم وجود لجنة مركزية واحدة في كل محافظة. 
4. تعدد مرجعيات لجان المصالحة في المحافظة ما ساهم بتحويل بعضها إلى نشاط اقتصادي واستثماري.
5. الضعف الكبير في التنسيق بين وزارة المصالحة ووزارة العدل. 
6. عدم قدرة قوات النظام على الحسم الميداني، في سنوات ما قبل التدخل الروسي، وبالتالي فلم يكن لدى النظام القوة الكافية لفرض المصالحات. 
وعليه تُشكّل جملة الأسباب السابقة عاملاً مهماً في عرقلة وضعف جهود وزارة المصالحة الوطنية.  
وصحيح أن مركز المصالحة في حميميم لم يستطع تجاوز جميع العقبات التي وقعت فيها وزارة المصالحة الوطنية، لكن نجاح تحركاته كان نابعاً من الإنجاز الميداني على الأرض والقدرة على تحييد المناطق، وما ترافق مع من الضعف البنيوي لفصائل المعارضة في مناطق المصالحات على المستوى العسكري والمدني المحلي، وامتلاك القوات الروسية لكل الصلاحيات السيادية التي تُمكّنها من عقد الاتفاقات وتنفيذها وفرضها على كل الأطراف، إضافة إلى وجود خطة روسية متبلورة لعمل المصالحة وفق سياق سياسي وعسكري. 
ولا بد من الإشارة إلى أن مركز المصالحة في حميميم بدأ عمله تحت اسم "مركز مراقبة وقف العمليات القتالية" وكانت مهامه مرتبطة باستقدام قادة من فصائل المعارضة، بغية أخذ تواقيعهم على تعهدات بالالتزام الكامل بوقف إطلاق النار، لكن لاحقاً مع دخول وقف إطلاق النار بدأت وزارة الدفاع الروسية بالنظر إلى الآلية التي يجب أن يعمل عليها المركز في ظل ضرورة حتمية لترتيب الأولويات العسكرية، وبناءً عليه دخل المركز في إطار المصالحات، وأصبح هناك تنسيق مشترك مع وزارة المصالحة الوطنية، حيث افتتح كل منهما مكتب لدى الآخر، وتولت وزارة المصالحة ترتيب زيارات وفود روسية من مركز حميميم إلى العديد من المناطق السورية، وكان ممثل عن الوزارة يحضر الاجتماعات الخاصة بعمليات المصالحة. 
وقد أدى التنسيق المشترك بين مركز حميميم للمصالحة وبين وزارة المصالحة الوطنية التابعة للنظام السوري، إلى إجراء تعديلات جذرية على عمل هذه الأخيرة، ففي 8 آذار/ مارس 2017، ألغت الوزارة كل لجان المصالحة على مستوى جميع المحافظات وأصبح عمل اللجان مرتبطاً بدراسات مسبقةـ بما في ذلك طبيعة اختيار الأشخاص المخولين بالعمل فيها. 
 
ثانياً: مسار المصالحات في سورية 
شهدت سورية خلال السنوات الخمسة الماضية نماذج مختلفة لعمليات المصالحة، حيث اختلفت هذه النماذج في شروطها ومضامينها، كما اختلفت في الجهات المتفاوضة والجهات الضامنة، فتضمّن بعضها أطرافاً دولية كروسيا وإيران ومصر، فيما كان بعضها الآخر محلياً أو شبه محلي. 
ويستعرض هذا الجزء أبرز نماذج المصالحات، والشروط التي تضمنها الاتفاق أو الاتفاقات الخاصة بهذه المنطقة، والمآل الذي انتهى إليه الاتفاق. 
1) القلمون الشرقي
في 17 كانون الأول/ ديسمبر 2013، دخلت مدينة الضمير في القلمون الشرقي نظام المصالحات، بعد أن قامت لجنة المصالحة بالضغط على الفصائل العسكرية من أجل توقيع اتفاق مع النظام يقضي بإعادة دبابة اغتنمتها فصائل المعارضة من مستودعات التسليح، بالإضافة إلى رشاش من عيار 23، مع جثث القتلى الذين قضوا في معارك مستودعات التسليح. وفي منتصف شهر تشرين الثاني/ نوفمبر 2015، وقّعت الفصائل على اتفاق هدنة جديد مع النظام يتضمّن: 
1. إخراج المعتقلين لدى النظام. 
2. تخفيف القيود التي تفرضها الحواجز المحيطة بالضمير. 
3. ضمان فصائل المعارضة لأمن الجزء المحاذي للمدينة من أوتوستراد دمشق بغداد من الأعمال التخريبية. 
في 21 أيلول/ سبتمبر 2015، دخلت مدينةُ الرحيبة في القلمون الشرقي نظامَ المصالحات بعد قبول الفصائل العاملة فيها توقيع اتفاق هدنة مع النظام، بعد أن أقنعت لجنة المصالحة في المدينة الفصائل المسلحة بجدواه. 
ويتضمن الاتفاقُ (13) بنداً أهمها: 
1. إخراج الموقوفين من أهالي المدينة لدى الأجهزة الأمنية والذين يزيد عددهم عن 100 موقوف، بدءاً من الأقدم، وممن زادت مدة توقيفهم عن السنتين. 
2. معالجة أوضاع الموقوفين من أبناء مدينة الرحيبة بالتعاون مع قيادة الفرقة الثالثة وفي قطاع عملها، على أن تتم تسوية أوضاعهم لاحقاً عبر لجان التسوية وتقوم لجنة المصالحة بالتعهد بإحضارهم عند إجراءات التسوية. 
3. إدخال المواد الإغاثية والمساعدات من المنظمات المدنية، كمنظمة الهلال الأحمر وغيرها، وإنشاء نقطة طبية للهلال الأحمر في المدينة، ويكون كوادرها من أبناء المدينة. 
4. إدخال مخصصات الوقود المازوت والبنزين للمحطات وتوزيعها داخل المدينة. 
5. عودة عمل المراكز الحكومية داخل المدينة. 
6. توقف النظام عن استهداف كافة الطرق المؤدية إلى الكسارات والمقالع. 
وتم تحديد أربعة أشهر كفترة زمنية لهذا الاتفاق ويُجدد باتفاق الطرفين، لكن لم يحصل التزام بالاتفاق من طرف النظام، وفي 22 أيلول/ سبتمبر 2016، أعلن مركز المصالحة في حميميم عن إبرام اتفاق جديد في الرحيبة يقضي بوقف إطلاق النار وإدخال المساعدات الإنسانية وتسوية أوضاع المقاتلين الراغبين. 
في 5 تموز/ يوليو 2016، أجبر النظامُ فصائلَ المعارضة على قبول اتفاق يقضي بإخراج مقراتهم العسكرية من مدينة جيرود في القلمون الشرقي، حيث قام بقصف المدينة بشكل عنيف ودفع ذلك الأهالي للضغط على الفصائل من أجل الاستجابة لشروط النظام والخروج نحو أطراف المدينة، لكن الفصائل لم تلتزم بشكل تام بمطلب النظام حيث استطاعت التنصل منه؛ بسبب امتلاكها ورقة ضغط متمثلة في قيامها بتأمين خط الغاز وعدم التعرض له، والسماح لورشات الصيانة بدخول المنطقة لإجراء الصيانة الدورية للخط الأهم في المنطقة الجنوبية. 
وفي شهر تموز/ يوليو 2017، اجتمع وفد من مدينة جيرود مع وفد عن وزارة المصالحة الوطنية وبحضور ممثل عن مركز حميميم للمصالحة، وتوصل الطرفان إلى اتفاق أولي يقضي بــ: 
1. تفعيل الدوائر الحكومية. 
2. إلغاء المظاهر المسلحة وحصرها في الجرود والجبل. 
3. موافقة أولية من فصائل المعارضة على شروط النظام من حيث خروج مقاتليهم نحو الشمال وتسوية أوضاع المطلوبين. 
4. فتح ملف الموقوفين بعد تشكيل لجنة خاصة لمتابعة أمورهم. 
5. عودة موظفي الدولة المفصولين إلى عملهم من جديد. 
وفي 25 كانون الأول/ ديسمبر 2017، اجتمع وفد من فصائل المعارضة في جيرود مع وفد عسكري روسي من مركز المصالحة في حميميم من أجل متابعة الاتفاق وحل القضايا الخلافية حوله. 
ولا بد من لفت الانتباه إلى أن مدن وبلدات القلمون الشرقي قد دخلت نظام خفض التصعيد في 9 تموز/ يوليو 2017؛ حيث قبلت فصائل المعارضة في المنطقة - بناءً على وثيقة الاتفاق- بأن تكون روسيا هي الضامن الوحيد لتنفيذ الاتفاق. 
وفي 16 نيسان/ أبريل 2018، وقعت فصائل المعارضة في مدينة الضمير اتفاقاً منفرداً مع مركز المصالحة في حميميم يقضي بفتح ممر آمن لخروج الراغبين نحو الشمال السوري، وتسوية أوضاع الراغبين بالبقاء بما فيهم المتخلفون عن الخدمة الإلزامية والاحتياطية والمنشقون.
وفي 20 نيسان/ أبريل 2018، وقّعت فصائل المعارضة العاملة في مدن وبلدات القلمون الشرقي اتفاقاً نهائياً مع مركز المصالحة في حميميم ينصّ على: 
1. تشكيل لجنة مدنية مشتركة ثلاثية مهمتها تسيير أمور المنطقة وحل قضايا المعتقلين والموقوفين. 
2. إعطاء مهلة مدتها ستة أشهر قابلة للتمديد لسنة للمتخلفين عن الخدمة العسكرية والاحتياط، أما المنشقون فإن من المفترض أن يصدر عفو خاص بهم شرط أن يلتحقوا خلال 15 يوماً أو يغادروا القلمون بشكل كامل.
3. تُفتش القوافل داخل الحافلة لمرة واحدة قبل المغادرة، وبوجود شرطي روسي في كل حافلة. 
4. الحفاظ على أملاك المدنيين المهجرين وحقهم بعدم مسها أو مصادرتها. 
5. يحقّ للمهجرين حمل أمتعتهم الشخصية التي يُمكن حملها في الحافلة مع السلاح الفردي والجعبة.
6. تكون عملية نقل القوافل على عاتق الشرطة الروسية، وتضمن أمنها وسلامتها حتى وصولها للجهة المطلوبة. 
2) المعضمية
دخلت مدينة المعضمية بريف العاصمة دمشق نظام المصالحات بعد أن وقّعت اتفاقاً تم تنفيذه على مرحلتين منقطعتين، كانت الأولى بتاريخ 25 كانون الأول/ ديسمبر 2013، حيث اضطرت المدينة إلى توقيع اتفاق هدنة برعاية وزارة المصالحة الوطنية نتيجة الحصار الخانق الذي فرضته عليها قوات النظام، لكن في 26 كانون الأول/ ديسمبر 2015، عادت هذه الأخيرة لتفرض حصاراً خانقاً على المدينة حتى تم دفع أبنائها لتوقيع اتفاق جديد، والذي كان بمثابة المرحلة الثانية من الدخول باتفاقيات المصالحة وذلك بتاريخ 31 آب/ أغسطس 2016. 
في المرحلة الأولى كانت بنود الاتفاق تنصّ على: 
1. وقف إطلاق النار.
2. تسليم مقاتلي المعارضة لأسلحتهم المتوسطة والثقيلة التي بحوزتهم إلى قوات النظام، وعدم المساس بسلاح المقاتلين الخفيف.
3. تسوية أوضاع المقاتلين وفق القوانين النافذة لدى النظام.
4. رفع علم الدولة فوق مبنى البلدية وسط المعضمية وعلى بعض الأبنية في المنطقة.
5. انسحاب قوات النظام خارج حدود المعضمية، ورفع كافة الحواجز عن مداخل وأراضي المعضمية.
6. إقامة حواجز مشتركة بين مقاتلي المعارضة والنظام.
7. إطلاق سراح المعتقلين والمعتقلات والأطفال فوراً كبادرة حسن نية.
8. إدخال المواد الإغاثية والغذائية قبل تنفيذ أي بند وعلى رأسها سيارات الأمم المتحدة ولا مانع من رفع علم الدولة فوقها.
9. علاج الجرحى والمصابين على نفقة الحكومة السورية.
10. تسوية أوضاع الموظفين، والطلاب، والمتخلفين عن الخدمة الإلزامية داخل سورية.
11. فتح المدارس والمستوصف والبلدية والمخفر وصالة الخضار.
12. إخراج المقاتلين غير السوريين من المعضمية.
13. تشكيل لجنة من أبناء المعضمية لإكمال المفاوضات، على أن تتألف من (25) شخصاً.
14. تعيين ضابط ارتباط عسكري من أبناء المعضمية لاستلام سلطة البلد إدارياً وعسكرياً. 
أما المرحلة الثانية من الاتفاق فقد تضمنت البنود التالية: 
1. إعداد قوائم بأسماء أهالي المدينة ومقاتليها من غير الراغبين بتسوية أوضاعهم ليتم ترحيلهم إلى الشمال السوري. 
2. تسليم السلاح بشكل كامل على مراحل. 
3. تشكيل كتيبة مشتركة باسم الشرطة الداخلية تضم عناصر من قوات النظام وأهالي المدينة. 
4. دخول مؤسسات الدولة للمدينة لتباشر أعمالها. 
3) قدسيا والهامة
بدأت خطوات النظام لإدخال بلدتي قدسيا والهامة بريف العاصمة دمشق إلى نظام المصالحات منذ شهر تشرين الثاني/ نوفمبر 2013، حيث قام النظام بالتواصل مع وجهاء من داخل البلدتين والذين أصبحوا لاحقاً ممثلين عن لجان المصالحة، من أجل إقناعهم بضرورة دخول بلدتي قدسيا والهامة في نظام المصالحات وتوقيع الفصائل العاملة فيهما على اتفاق للهدنة. وهو ما حصل فعلاً، حيث تضمّن الاتفاق البنود التالية:
1. تشكيل لجان حماية عن قدسيا من الأهالي. 
2. تسليم السلاح الثقيل والمتوسط.
3. تسوية أوضاع من يرغب من المقاتلين.
4. رفع علم الدولة على المؤسسات الحكومية والمدارس وعلى مداخل البلدة.
5. عودة المنشقين عن الجيش الى ثكناتهم العسكرية. 
6. التعهد بعدم التعرض لأحد بالخطف أو القتل.
7. التعهد بعدم فتح البيوت التي غادرها أصحابها.
8. طرد المسلحين الرافضين لبنود المصالحة خارج المنطقة.
9. فتح الطرقات المغلقة وتسهيل مرور سيارات المواد الغذائية.
10. وقف إطلاق النار من الطرفين. 
لم يلتزم النظام ببنود الهدنة المتعلقة بوقف إطلاق النار وفتح كامل للطرقات المغلقة، وأدى ذلك إلى عودة التصعيد للبلدتين، إلى أن تم التوصل إلى هدنة جديدة في 23 أيلول/ سبتمبر 2014، نصّت على:
1. تسلم عناصر الجيش الحر مسؤولية حماية مداخل ومخارج البلدة والمدنيين داخلها.
2. ضمان أمن البلدة واستقرار حياة الأهالي والسكان وعمل المؤسسات الحكومية.
3. منع أي مظاهر مسلحة داخل البلدة ومنع إدخال السلاح إليها.
4. التزام كتائب الجيش الحر وفق الاتفاق بمحاسبة أي عنصر تابع لها يقوم بخرق الهدنة أو بأي عمليات لا أخلاقية، مثل الخطف والاتجار بالمخدرات. 
لكن النظام عاد لخرق الهدنة مجدداً بعد فترة وجيزة واستمر بفرض تكتيكات الحصار، ما أدى إلى توقيع اتفاق هدنة جديدة في بلدتي قدسيا والهامة بين لجان المصالحة ومفتي دمشق وريفها محمد عدنان الأفيوني، في تشرين الثاني/ نوفمبر 2015، تقضي بخروج (135) مقاتلًا من أبناء بلدة قدسيا مع عائلاتهم، نحو محافظة إدلب شمال سورية كشرط رئيسي وضعه النظام لإعادة فتح الطريق وفك الحصار الكامل المفروض عليها آنذاك. ونصت الهدنة على توكيل مهمة حفظ الأمن داخل البلدة إلى لجان من أهالي قدسيا، وهم الوحيدون المخولون بحمل السلاح ونصب الحواجز داخل المدينة.
ومع حلول شهر أيلول/ سبتمبر 2016، خرق النظام الهدنة من جديد، واستمر في ضغطه العسكري حتى توقيع اتفاق نهائي في 2 تشرين الأول/ أكتوبر 2016 أدّى إلى إخراج (525) مقاتلاً مع عائلاتهم من قدسيا و(114) مقاتلاً مع عائلاتهم من الهامة نحو إدلب. وكان نص الاتفاق يقضي بـ:
1. خروج من لا يريد تسوية وضعه وتسليم سلاحه. 
2. التأكيد على وجود مرافقة أممية لحماية الراغبين بالخروج، من قبل أي هيئة دولية وأممية.
3. إعطاء مهلة زمنية لتنظيم قوائم التسجيل والاستعداد للخروج.
4. خروج المسلحين بسلاحهم الفردي.
5. تحديد المنطقة التي سيتم الخروج إليها. 
4) برزة
دخل حي برزة في العاصمة دمشق نظام المصالحات في 15 كانون الثاني/ يناير 2014، وهو تاريخ للمرحلة الأولى من عملية المصالحة؛ حيث اضطر أهالي الحي للدخول في مرحلة ثانية بتاريخ 8 أيار/ مايو 2017، تم فيه تعديل بنود الاتفاق الذي وقع قبل ثلاثة أعوام، والتي كانت تنص على:
1. وقف إطلاق النار بين الطرفين.
2. انسحاب قوات النظام من كل أراضي برزة.
3. تنظيف الطرقات تمهيداً لفتحها أمام المدنيين.
4. إطلاق سراح معتقلي الحي من سجون النظام.
5. جعل المراكز التي تم تحويلها الى ثكن عسكرية مراكزَ مدنية لا وجود للجيش فيها.
6. إعادة الخدمات الى الحي وإصلاح البنى التحتية تمهيداً لعودة المدنيين.
7. فتح الطرقات الرئيسية في الحي مع وضع حواجز على الشارع العام.
8. السماح بعودة الأهالي بعد إصلاح الخدمات.
9. قيام مقاتلي الجيش الحر بتسيير أمور المنطقة بشكل كامل.
10. لا ينص الاتفاق على تسليم أي عنصر أو أي سلاح في المنطقة. 
أما نص الاتفاق في المرحلة الثانية فقد تضمّن: 
1. خروج المقاتلين وعائلاتهم على ثماني دفعات تتضمن الدفعة الأولى خروج العناصر ذوي الأصول الكردية نحو مدينة جرابلس شمال حلب، وخروج العناصر الذين تعود أصولهم لمحافظة إدلب باتجاه هذه الأخيرة.
2. تسليم قوائم بأسماء الراغبين في الخروج إلى الشمال السوري من مقاتلي حي برزة غير المغتربين مع ذويهم.
3. إطلاق سراح المعتقلين من أبناء الحي.
4. عودة مؤسسات الدولة للعمل. 
5. عدم التعرض والملاحقة الأمنية لمن يأخذ قرار البقاء في الحي.
5) حي تشرين
دخل حي تشرين في نظام المصالحات بتاريخ 15 كانون الثاني/ يناير 2014، وهو تاريخ المرحلة الأولى من عملية المصالحة والتي جرت بالتزامن مع توقيع اتفاق مماثل في حي برزة في العاصمة دمشق، وكانت البنود واحدة في الاتفاقين، يضاف إليها فتح النظام لمعبر من برزة إلى حي تشرين، بغرض إدخال المواد الغذائية وغيرها. 
أما بنود الاتفاق في المرحلة الثانية التي اضطرت المعارضة إلى الدخول فيها رسمياً بتاريخ 12 أيار/ مايو 2017، فهي أيضاً ذات البنود التي تم التوصل إليها في حي برزة. 
6) جنوب العاصمة
في 17 شباط/ فبراير 2014، دخلت مدن يلدا، ببيلا، وبيت سحم، جنوب العاصمة دمشق في نظام المصالحات وانتهت هذه المدن بإجراء عملية مصالحة شاملة على ثلاث مراحل كان آخرها في العام 2018.
بدأت المرحلة الأولى باتفاق هدنة ينص على:
1. تسليم مقاتلي المعارضة السلاح الثقيل واحتفاظهم بالسلاح الخفيف.
2. تخيير المقاتلين بتسوية أوضاعهم أو بقائهم في مناطقهم ليعاد انتشارهم تحت مسمى لجان الحماية المحلية.
3. وضع حواجز مشتركة على أطراف البلدات.
4. وقف إطلاق النار المتبادل بين الطرفين.
5. يلتزم النظام بفتح الطرق وإدخال المساعدات إلى هذه البلدات وانسحاب قواته من الأطراف. 
إلا أن الطرفان لم يلتزما ببنود الاتفاق ما أدى إلى عودة الحصار بشكل جزئي إلى مدن جنوب دمشق.
وفي مطلع العام 2017 عرض النظام مبادرة للمصالحة الوطنية على بلدات يلدا وببيلا وبيت سحم، وتم تخييرها بين قبول المبادرة وبين مغادرة المنطقة، وتضمنت المبادرة (46) بنداً، أهمها تسليم الأسلحة الثقيلة والمتوسطة والتعاون في إدارة هذه المناطق، وإجلاء الراغبين في الخروج إلى الوجهة التي يريدونها دون سلاح، بالإضافة إلى تشكيل غرفة عمليات عسكرية مشتركة وإزالة الحواجز الأمنية. إلا أن فصائل المعارضة رفضت المبادرة وبقيت الأمور على ما هي عليه حتى نهاية عام 2017. 
دخلت مدن جنوب دمشق في 12 تشرين الأول/ أكتوبر 2017 مرحلة جديدة من عملية المصالحة، وذلك بالانضمام إلى نظام خفض التصعيد، حيث وقّع ممثلون عن فصائل المعارضة بضمانة مصرية اتفاقاً مع الجانب الروسي في القاهرة، وتضمن الاتفاق (7) بنود تؤكّد جميعها على التزام الأطراف بوقف إطلاق النار وعدم التهجير القسري؛ دون التطرق إلى الجانب الإنساني. 
في نهاية شهر نيسان/ أبريل 2018، توصّلت فصائل المعارضة في جنوب العاصمة، وأبرزها جيش الإسلام، لاتفاقٍ نهائي حول مصير بلدات يلدا وببيلا وبيت سحم، وكان هذا الاتفاق بمثابة المرحلة الأخيرة من عملية المصالحة، ونص الاتفاق على: 
1. خروج من يرغب من المقاتلين مع عائلاتهم وسلاحهم الفردي. 
2. تسوية أوضاع الراغبين في البقاء بعد تسليم أسلحتهم. 
3. تتولى الشرطة العسكرية الروسية مسؤولية حماية البلدات. 
4. إعطاء مهلة للمتخلفين عن الخدمة الإلزامية والاحتياطية ستة أشهر للالتحاق بصفوف الجيش السوري. 
7) حمص القديمة
في 29 نيسان/ أبريل 2014، دخلت أحياء مدينة حمص القديمة باتفاق مصالحة مع النظام، وقد اضطر مقاتلو المعارضة للخضوع لبنوده بعد الحصار المطبق الذي كان مفروضاً عليهم وانقطاع طرق الإمداد العسكري عنهم. وكانت بنود الاتفاق تنصّ على: 
1. خروج (150) مقاتلاً من حمص القديمة بسلاحهم الخفيف وفق شروط.
2. يلتزم الأمن العسكري بتأمين باصات لمن يريد الخروج حتى الوصول إلى الدار الكبيرة، بضمانة لجنة الوجهاء. 
3. يُصادر أي مبلغ مالي يتجاوز مئة ألف ليرة سورية مع الشخص الواحد، وكل مصاغ ذهبي أو آثار أو جهاز إلكتروني، ما عدا الجهاز الخلوي. 
8) حي القابون
دخل حي القابون شمال شرق العاصمة دمشق نظام المصالحات بداية شهر تموز/ يوليو 2014، بعد محاولات بدأت منذ 15 كانون الأول/ ديسمبر 2013، سعت خلالها لجنة مؤلفة من 14 شخصاً من ووجهاء الحي، إلى فرض هدنة لإيقاف العملية العسكرية التي كان يشنها النظام، واستطاع من خلالها فرض حصار خانق على الحي. 
وكان نص الاتفاق على النحو الآتي: 
1. وقف كامل لإطلاق النار. 
2. تحديد نقاط مشتركة على مداخل حي القابون بالاتفاق بين الطرفين وتشمل المنطقة الصناعية. 
3. تحديد المداخل والمخارج اللازمة لدخول وخروج الأهالي من وإلى الحي. 
4. تحديد عدد العناصر المكلفة بحماية معابر الحي بعد الاتفاق بين الطرفين.
5. تسوية وضع السلاح.
6. إعداد لوائح المطلوب تسوية أوضاعهم من حمَلَة سلاح ومتخلفين عن السوق للخدمة الإلزامية والفارين.
7. متابعة ملف المطلوبين والمعتقلين والمخطوفين والعمل على تسوية أوضاعهم.
8. عدم التعرض لأهالي حي القابون على الحواجز خارج المنطقة.
9. إلغاء المظاهر المسلحة ضمن الحي.
10. عودة الإدارات المدنية (بلدية، مستوصف، هاتف، قسم شرطة).
11. تأهيل البنية التحتية بأسرع وقت ممكن.
12. معالجة الجرحى وتسوية أوضاعهم بمستشفيات الدولة.
13. تسهيل عودة الأهالي الموجودين خارج قطاع البلدة إلى منازلهم فور تطبيق هذا الاتفاق.
14. تنفيذ المخططات التنظيمية للحي وتعويض الأهالي.
15. إدخال المواد التموينية والطبية والإعانية للحي.
16. تأمين السكن اللازم للأهالي المتضررين جراء الأزمة إلى حين تأهيل منازلهم ضمن الحي. 
لم يلتزم النظام ببنود الاتفاق الذي وقعه مع لجنة حي القابون، واستمر باتباع تكتيكات الحصار، وأدى ذلك إلى تصعيد بين الفترة والأخرى لجبهات القتال، لحين توقيع اتفاق نهائي في 13 أيار/ مايو 2017، جاء بعد فشل المساعي العسكرية من قبل الفصائل المسلحة لفك الحصار عن الحي. 
وركّز الاتفاق الجديد على إخراج مقاتلي المعارضة وذويهم الراغبين نحو الشمال السوري على أن تتم تسوية أوضاع العناصر التي فضلت البقاء في الحي وكذلك الحال بالنسبة للضباط المنشقين والمتخلفين عن الخدمة الإلزامية. 
9) حي القدم
في 21 آب/ أغسطس 2014، دخل حي القدم نظام المصالحات ضمن مرحلة أولى كان الاتفاق فيها الذي وقع بين لجنة المصالحة في الحي والنظام ينص في أهم بنوده على: 
1. وقف إطلاق النار من كلا الطرفين: 
2. إخراج جميع المعتقلات من النساء والأطفال من سجون النظام.
3. إعادة بناء البنية التحتية. 
4. تعويض المتضررين خلال الحرب. 
5. إعادة جميع الخدمات الأساسية إلى الحي.
6. انسحاب جميع مقاتلي المعارضة إلى حدود حي القدم مع بقاء المقاتلين المحليين داخل الحي بعد تسوية أوضاعهم ليعاد انتشارهم تحت مسمى "لجان الحماية المحلية".
7. إدخال المساعدات الغذائية والطبية.
8. فتح الطرقات وإعادة تأهيل البنى التحتية.
9. تفعيل دور المخفر المشترك بين حي القدم وحي العسالي لتكون مهمته تسوية أوضاع الراغبين من الشبان من أبناء الحيين. 
لكن عدم الالتزام بالاتفاق دفع الطرفين لتوقيع اتفاق جديد في 23 أيلول/ سبتمبر 2017، والذي يُمكن اعتباره بمثابة مرحلة ثانية من دخول حي القدم في نظام المصالحات. 
وقد نصت بنود الاتفاق على: 
1. إفراغ مناطق المادنية وبورسعيد والمجمع الصناعي من الأهالي والفصائل.
2. تسوية أوضاع المقاتلين الراغبين في البقاء داخل الحي وإعادة انتشارهم ضمن مسمى لجان الحماية المحلية التي ستعمل على مواجهة تنظيم داعش على تخوم الحي. 
إلا أن تنفيذ الاتفاق تأجل بسبب خشية المقاتلين الراغبين بالخروج من الحي من اعتقالهم في ظل عدم وجود ضمانات حقيقية. 
وفي 13 آذار/ مارس 2018، تم توقيع اتفاق نهائي في حي القدم يقضي دخوله بشكل كامل في عملية التسوية. وقد عرض النظام على لجنة المفاوضات في الحي والتي شملت لجنة المصالحة إلى جانب ممثلين عسكريين ثلاثة خيارات، وهي: 
• الأول: توقيع اتفاقية مصالحة شبيهة باتفاقيات طُبّقت العام 2017 في مدن وبلدات دمشق وريفها، وإخراج من لا يرغب بالبقاء وتسوية وضعه إلى الشمال السوري. 
• الثاني: مصالحة شاملة وتسوية أوضاع جميع قاطني الحي من مدنيين وعسكريين على أن تتشكّل قوّة مسلّحة لحماية الحي تعمل تحت مظلّة النظام وتساهم في قتال تنظيم داعش في الأحياء المجاورة. 
• الثالث: حمل صيغة التهديد في حال رفض العرضين السابقين، ويتضمن معاملة حي القدم كمنطقة تابعة لسيطرة داعش، وإحالة ملفّها إلى روسيا. إلا أن لجنة مفاوضات الحي اختارت الخيار الأول. 
10) التل
في 26 آب/ أغسطس 2014، دخلت مدينة التل في ريف دمشق نظام المصالحات، بعد حصار خانق فرضه النظام على الأهالي والمقاتلين في المدينة إلى جانب حملات القصف العنيف بين الفترة والأخرى. وجاء الاتفاق بناءً على اجتماع عُقد في 25 آب/ أغسطس 2014، بين لجنة المصالحة في المدينة التي تضم شخصيات معروفة اجتماعياً ودينياً. ونصّ الاتفاق على: 
1. خروج مقاتلي جبهة النصرة من المدينة. 
2. فتح الطرقات المؤدية من وإلى المدينة. 
3. وقف إطلاق النار من الطرفين. 
4. رفع علم الدولة فوق المؤسسات الحكومية. 
لكن النظام لم يلتزم ببنود الهدنة لا سيما من ناحية وقف إطلاق النار ورفع الحصار؛ ما أدى إلى عدم التزام المعارضة أيضاً بالبنود من جانبها. 
وبقيت المدينة حتى نهاية العام 2016 تعيش ظروف الحرب والهدنة المؤقتة حتى تم توقيع اتفاق نهائي في الأول من شهر كانون الثاني/ ديسمبر من نفس العام والذي يقضي بـ: 
1. تسوية أوضاع من يرغب من المقاتلين ويشمل ذلك المطلوبين للخدمة الإلزامية. 
2. خروج المسلحين غير الراغبين بتسوية أوضاعهم والذين يصل عددهم إلى (500) مقاتل مع أسرهم نحو الشمال السوري بسلاحهم الفردي. 
3. تسليم السلاح الثقيل والمتوسط. 
4. تشكيل لجنة من (200) مقاتل يُسلّحهم النظام لضبط الأمن في المدينة. 
5. لا تدخل قوات النظام المدينة إلا بعد تلقيها بلاغاً بوجود سلاح غير شرعي فيها، وذلك برفقة لجنة المفاوضات. 
11) وادي بردى
في أواخر تشرين الثاني/ نوفمبر 2014، وقّع ممثلون عن منطقة وادي بردى التي كانت تخضع لسيطرة فصائل المعارضة السورية اتفاق هدنة مع النظام، والذي كان بمثابة مرحلة أولى دخلت فيها المنطقة نظام المصالحات. وتنص البنود على: 
1. إطلاق سراح المعتقلات من نساء المنطقة من سجون النظام. 
2. تراجع قوات النظام إلى أشرفية الوادي. 
3. وقف قصف المنطقة ووقف كامل العمليات العسكرية من طرف النظام ومن طرف المعارضة. 
4. السماح بدخول المواد الإغاثية والمواد التموينية للمنطقة. 
وكغيرها من المناطق؛ لم يلتزم النظام ببنود الاتفاق واستمرت الخروقات من الجانبين، حتى تم توقيع اتفاق جديد بعد حملة عسكرية واسعة شنها النظام للسيطرة على منطقة وادي بردى، وذلك بتاريخ 29 كانون الثاني/ يناير 2017. وقد تضمن الاتفاق النقاط التالية: 
1. وقف لإطلاق النار بين الطرفين في كامل قرى الوادي. 
2. رفع قوات النظام علمها على منشأة نبع عين الفيجة تمهيداً لدخول ورشات الصيانة لإعادة ضخ المياه للعاصمة دمشق. 
3. وضع قائمة تضم (1200) من مقاتلي المعارضة المسلحة في منطقة الوادي سيتحتم عليهم تسويةُ أوضاعهم وذلك من خلال مراجعة السلطات الأمنية للنظام. 
4. خروج الرافضين لعملية التسوية باتجاه الشمال السوري. 
5. عودة عائلات المقاتلين الذين نزحوا خارج الوادي خلال الحملة العسكرية للخروج مع المقاتلين إلى إدلب بضمان الهلال الأحمر السوري. 
6. إجراء تسوية مع من يرغب بالبقاء من مقاتلين ومدنيين وجرحى داخل الوادي مع التعهد بعمل مصالحة مع النظام. 
12) اتفاق المدن الأربعة
في شهر أيلول/ سبتمبر 2015، دخلت مدن الزبداني، مضايا، بقين وسرغايا في ريف دمشق، إلى جانب الفوعة، كفريا، مدينة إدلب، بنش، تفتناز، طعوم، معرة مصرين، رام حمدان، زردنا وشلخ في ريف إدلب، باتفاق هدنة لمدة ستة أشهر تم تمديدها لاحقاً، وذلك بين ممثلين عن إيران وجيش الفتح والذي كان يُمثّل إحدى غرف العمليات التابعة للمعارضة السورية في الشمال. 
تنص بنود الاتفاق على: 
1. التزام الطرفين بوقف كامل العمليات العسكرية وإطلاق النار من داخل مناطق التهدئة إلى خارجها، ومن خارجها إليها، بما في ذلك وقف الطيران الحربي والمروحي. 
2. وقف إلقاء المساعدات من الطيران المروحي، والتعهد بعدم إغلاق الطريق الإنساني إلى الفوعة وكفريا، أو إغلاق منافذ مضايا وبقين وسرغايا. 
3. الوجهة الوحيدة لخروج مقاتلي مدينة الزبداني مع الجرحى هي إدلب حصراً وبالسلاح الفردي الخفيف مع الجعب وحقيبة كتف واحدة لا تحتوي سلاح او ذخائر. 
4. تدمير السلاح الثقيل في منطقة الزبداني. 
5. لا يشمل هذا الاتفاق خروج ثوار مضايا، ولكن يُسمح بإخراج الجرحى ذوي الحالات الصعبة الذين لا يمكن علاجهم داخل مضايا، ويُحدَّد ذلك من خلال الهلال الأحمر تحت إشراف الأمم المتحدة. 
6. تعمل إيران مع الحكومة اللبنانية على إخراج عائلات الزبداني التي خرجت بطريقة غير قانونية إلى لبنان واعادتهم إما الى سورية مباشرة أو إلى تركيا، شرط أن يكون العدد بين أربعين وخمسين عائلة فقط، وأن يتم ذلك خلال المرحلة الأولى. 
7. خروج الراغبين من النساء والأطفال دون الثامنة عشر والرجال فوق الخمسين من الفوعة وكفريا بحيث لا يزيد العدد عن عشرة آلاف شخص. 
8. خروج كامل الجرحى قيد العلاج في قريتي الفوعة وكفريا، على أن يَضمن كلُ طرفٍ الأمن والسلامة خلال سير العمل داخل مناطق سيطرته. 
9. التعهد والالتزام بإطلاق سراح (500) معتقل من سجون النظام بعد إنجاز المرحلة الأولى، على أن تكون تواريخ اعتقالهم سابقة لتاريخ 1/7/2015. 
إلا أن الحصار لم ُيرفع ولم تفتح طرق آمنة لخروج السكان، مع رفض أهالي الزبداني الانتقال إلى محافظة إدلب حسب الشروط. لكن تم تطبيق البند الثاني من الهدنة نهاية شهر كانون الأول/ ديسمبر 2015 بخروج (336) شخصاً من بلدتي كفريا والفوعة جلَّهم من النساء والأطفال إلى مدينة دمشق، مقابل خروج (123) من جرحى مقاتلي الزبداني، يرافقهم (18) امرأة و(4) أطفال من عائلاتهم إلى تركيا. وبناءً على ذلك، حاولت لجنة المصالحة في مدينة الزبداني نهاية عام 2015، إبرام اتفاق جديد تكون روسيا هي الضامن فيه ومن شأنه المحافظة على هوية مضايا ومنع التغيير الديموغرافي فيها، لكن المفاوضات لم تنجح ويعود ذلك غالباً إلى عرقلة إيران للتحركات الرامية إلى تحويل دفة الاتفاق منها نحو روسيا. 
وفي مطلع شهر آب/ أغسطس 2016، عادت لجنة المصالحة في الزبداني لتجتمع مجدداً مع روسيا لكي تتولى الإشراف على صياغة اتفاق جديد يمنع عملية التغيير الديمغرافي، إلا أن هذه الجهود لم تنفع، وذلك لأن القرار كان بيد القوى العسكرية المتنفذة على الأرض، والتي استطاعت في 13 نيسان/ أبريل 2017، توقيع صيغة جديدة للاتفاق في العاصمة الدوحة، حيث حضر ممثلون عن جيش الفتح وإيران، ونصّ الاتفاق على: 
1. خروج (3800) شخص بينهم مقاتلون من فصال المعارضة من منطقتي الزبداني ومضايا في ريف دمشق باتجاه محافظة إدلب مع بداية التنفيذ. 
2. خروج (8000) شخص بينهم مسلحون من المليشيات الموالية للنظام من بلدتي كفريا والفوعة في ريف إدلب التي يحاصرها جيش الفتح باتجاه مدينة حلب الخاضعة لسيطرة النظام. 
3. يُفرج النظام عن (1500) معظمهم من النساء. 
4. وقف إطلاق النار وإدخال المعونة إلى مناطق جنوب دمشق. 
5. إخراج المحاصرين من مخيم اليرموك. 
6. يُستكمل إخراج الراغبين من أهالي كفريا والفوعة إلى مناطق سيطرة النظام. 
7. يسمح للراغبين من مضايا والزبداني بالخروج نحو مناطق سيطرة المعارضة شمالي سورية. 
وقد استمر تعثر تطبيق بنود الاتفاق حتى استطاع أطرافه في 17 تموز/ يوليو 2018، استكمال ما جاء فيه. 
13) حي الوعر
في 5 كانون الأول/ ديسمبر 2015، وقع ممثلون عن النظام والمعارضة اتفاقاً يقضي بدخول حي الوعر في مدينة حمص نظام المصالحات، وقد حضر توقيع الاتفاق كلا من وزارة المصالحة الوطنية ورئيس شعبة المخابرات العامة لدى النظام اللواء ديب زيتون، ومحافظ حمص طلال البرازي، إضافة إلى سفير الأمم المتحدة في سورية يعقوب الحلو، وخولة مطر مديرة المكتب السياسي للمبعوث الأممي إلى سورية ستيفان دي مستورا. 
وقد نص الاتفاق على: 
1. خروج المقاتلين مع أسلحتهم وعائلاتهم مع من يريد الخروج. 
2. قبول من يريد تسوية وضعه وبقائه في الحي. 
3. فك الحصار المفروض على الحي وإدخال المواد والمساعدات الإنسانية. 
4. عودة الحي إلى سيطرة النظام بشكل كامل. 
إلا أن الاتفاق لم يطبق بشكل كامل وخرج من الحي (300) مقاتل فقط ممّن لا ينتمون لفصائل معينة بالحي ويرفضون الدخول بعملية المصالحة مع النظام. كما خرج في 9 كانون الأول/ ديسمبر 2015، ما يقارب (811) شخصاً برفقة الأمم المتحدة إلى الشمال السوري معظمهم من الأطفال والنساء والشيوخ وعدد من المصابين بإصابات حرجة، إضافة إلى عدد من المعاقين.
وفي 13 آذار/ مارس 2017 دخل حي الوعر مرحلة ثانية من عملية المصالحة، حيث وقع ممثلون عن الحي وممثلين عن اللجنة الأمنية في حمص وممثلين عن الجانب الروسي اتفاقاً جديداً ينص على: 
1. استمرار وقف إطلاق النار. 
2. إجراء عملية التسوية تشمل عددا من الشروط منها فتح مركز للتسوية في فرع الأمن الجنائي بالحي وتسوية أوضاع من يرغب من المقاتلين والمطلوبين، ويقوم كل مقاتل بتسليم سلاحه، وتلغى التسوية في حال ضبط سلاح بحيازته، وتتخذ بحقه إجراءات قانونية، على أن تكون مدة التسوية ثلاثة أشهر اعتباراً من تاريخ توقيع الاتفاق. 
3. منح كل شخص وثيقة تثبت قيامه بالتسوية. 
4. تتم تسوية أوضاع الموظفين والطلاب من قبل الجهات المختصة بشؤونهم. 
5. يتم منح المتخلفين عن الخدمة الإلزامية أو الاحتياطية مهلة ستة أشهر لتسوية أوضاعهم. 
6. إجراء عملية الخروج للمقاتلين ومن يرغب من حي الوعر على دفعات، وتشمل كل دفعة (1500) شخص بينهم من (400) إلى (500) مقاتل. 
7. تشكيل لجنة عامة مؤلفة من ممثلي لجنة حي الوعر واللجنة الأمنية في حمص والجانب الروسي تتولى الإشراف على تطبيق الاتفاق ومعالجة الخروقات. 
8. القيام بفتح المعابر. 
9. تقديم ضمانات أمن للمدنيين بمسؤولية فرع المخابرات العامة والشرطة المدنية بالتنسيق مع الشرطة الروسية. 
10. إعادة تفعيل المنشآت العامة والبدء بتجهيزها وفتح الطرقات المؤدية إليها وتأمينها من قبل محافظة حمص بالتنسيق مع لجنة حي الوعر. 
11. تشكيل لجنة للحفاظ على ممتلكات القصر العدلي ووثائقه وتسليمها لمحافظ حمص أو من ينوب عنه عند الدخول إلى حي الوعر. 
12. لا يتم اعتقال أي شخص بريء بسبب صلة القربى.
14) داريا
في 26 آب/ أغسطس 2016، وقّع ممثلون عن المجلس المحلي ولواء شهداء الإسلام في مدينة داريا بمحيط العاصمة دمشق اتفاقاً أدرجه النظام ضمن عملية المصالحة التي يعمل عليها. 
ونص الاتفاق على: 
1. خروج المدنيين لمراكز إيواء في بلدة حرجلة بغوطة دمشق الغربية من أجل تسوية أوضاعهم. 
2. خروج المسلحين الراغبين بتسوية أوضاعهم إلى بلدة الكسوة في ريف دمشق. 
3. خروج المسلحين غير الراغبين بتسوية أوضاعهم والذين يصل عددهم إلى ألف مقاتل نحو الشمال السوري بسلاحهم الفردي. 
ويعتبر اتفاق داريا هو أول عملية تهجير شاملة لكل السكان، ولم يقع مثل هذا التهجير إلا في بلدتي كفريا والفوعة، والذي تمّ في 18 تموز/يوليو 2018. كما اختلف اتفاق داريا عن بقية الاتفاقات بأنه لم يمرّ بمرحلة وقف إطلاق النار، رغم سعي وزارة المصالحة لتطبيق ذلك؛ حيث اجتمع وفد من هذه الأخيرة مع ممثلين عن أهالي ومقاتلي داريا في شهر أيلول/ سبتمبر 2014، لكن النتائج باءت بالفشل. ولاحقاً أصر النظام على استثناء داريا من اتفاق وقف إطلاق النار في عموم البلاد والذي أعلنت عنه موسكو وواشنطن نهاية شهر شباط/ فبراير 2016.  
15) منطقة جبل الشيخ
في كانون الأول/ ديسمبر 2016 قدّم النظام عرضاً لقرى كفر حور، سعسع، حسنو، بيت تيما، بيت سابر، وبيت جن، من أجل الدخول ضمن نظام المصالحات والموافقة على اتفاق تتضمن شروطه: 
1. تسليم الفصائل للسلاح الثقيل والمتوسط إلى جانب مقراتهم العسكرية. 
2. منع الغرباء من دخول المنطقة. 
3. تشكيل لجنة أمنية من أجل تسوية أوضاع المقاتلين والأهالي. 
4. كشف مصير الأسرى. 
5. خروج الرافضين إلى منطقة يتم الاتفاق عليها لاحقاً. 
وجاء هذا العرض من النظام على وقع الحصار الخانق الذي تعرضت له تلك القرى والبلدات في ريف دمشق الغربي من العام 2014، ومن ثم شنّ النظام لعملية عسكرية واسعة قبيل إرسال عرض المصالحة إليهم. 
وفي 25 كانون الأول/ ديسمبر 2016، وافقت جميع بلدات جبل الشيخ على العرض الذي قدم من وزارة المصالحة الوطنية، باستثناء بيت جن ومزرعتها، وتم تطبيق الاتفاق فعلياً في 5 كانون الثاني/ يناير 2017.
وفي 29 كانون الأول/ ديسمبر 2017، اضطرت فصائل المعارضة في بيت جن ومزرعتها وبلدة مغير المير على توقيع اتفاق المصالحة مع النظام، وذلك بعد أيام قليلة من بدء النظام عملية عسكرية من أجل السيطرة على المنطقة. بنفس شروط بقية بلدات الغوطة الغربية باستثناء تخيير الراغبين بالخروج بالذهاب إلى درعا أو إلى الشمال السوري. 
16) مدينة حلب
شكّلت وزارة المصالحة الوطنية في 11 نيسان/ أبريل 2014 لجنة لها في أحياء مدينة حلب التي كانت خاضعة لسيطرة فصائل المعارضة، وذكر النظام أن (120) شخصاً في محافظة حلب سلّموا أنفسهم لتسوية أوضاعهم منتصف أيلول/ سبتمبر 2014، ولم يعرف مدى صحة تلك المعلومات، لأن نشاط لجنة المصالحة في حلب كان سرياً ومحدوداً وغير معلن. 
في 13 كانون الأول/ ديسمبر 2016، تم توقيع اتفاق بين روسيا وتركيا وإيران يتضمن إخلاء الأحياء المحاصرة في شرق حلب من المدنيين والمسلحين الراغبين بذلك. ولدى تطبيق الاتفاق بقي العديد من المقاتلين وذويهم داخل المدينة. وفي العام 2017 برز من جديد دور لجنة المصالحة بهدف تسوية أوضاع المتخلفين عن الخدمة الإلزامية وتوسيع نطاق عملها في المناطق التي ما تزال خاضعة لسيطرة فصائل المعارضة، بالإضافة لوضع آلية من أجل إعادة أهالي المدينة إلى أحيائهم من المتواجدين خارجها. 
17) الغوطة الشرقية
في الفترة ما بين 7 و12 آذار/ مارس 2018، استطاعت لجان المصالحة في بلدات مسرابا، حمورية، كفر بطنا وسقبا الواقعة ضمن القطاع الأوسط في الغوطة الشرقية، حشْدَ عدد من الأهالي للخروج من أجل الاحتجاج ومطالبة فصائل المعارضة بالمغادرة من أجل سيطرة النظام عليها، وجاءت هذه التحركات على وقْع الهجوم العسكري الشامل الذي شنّه النظام بدعم من قبل روسيا مطلع شهر شباط/ فبراير من العام نفسه، وأدى إلى انهيار العديد من الجبهات واقتراب النظام من تلك البلدات.
ومع اقتراب قوات النظام من بلدة جسرين في 14 آذار/ مارس 2018، قام أحد القادة الشرعيين لدى فصيل فيلق الرحمن ويدعى "بسام الضفدع"، بإنشاء لجنة مصالحة من أجل مفاوضة النظام، ودعا ذلك قيادة الفيلق للمسارعة باعتقاله، لكنها لم تتمكّن من ذلك، لأنه شّكل مجموعة مسلحة كبيرة عملت على حمايته، ومن ثم ساهمت هذه المجموعة في تسهيل تقدّم قوات النظام نحو بلدة حزة، وبدأت بعدها كتائب داخل فيلق الرحمن بالانشقاق لصالح لجنة المصالحة والنظام. 
وقد أدى هذا التقدّم إلى تقسيم الغوطة الشرقية إلى ثلاثة جيوب: 
الأول: يُسيطر عليه فيلق الرحمن، ويضم حيي ترما والحجر الأسود. 
الثاني: يُسيطر عليه جيش الإسلام في دوما.
الثالث: تُسيطر عليه حركة أحرار الشام في حرستا. 
وبذلك اضطرت الجيوب الثلاثة هذه إلى توقيع اتفاقيات مصالحة مع النظام كل منها بشكل منفرد عن الآخر. 
في 21 آذار/ مارس 2018، توصلت حركة أحرار الشام لاتفاق مصالحة مع ممثلين عن مركز حميميم للمصالحة شملت بنوده: 
1. خروج العسكريين بسلاحهم ومن يرغب من المدنيين إلى الشمال بضمانات روسية. 
2. إعطاء ضمانات من قبل النظام و الروس للأهالي الذين يرغبون بالبقاء في المدينة و ذلك بعدم التعرض لأحد منهم والحفاظ على مكون المدينة دون تهجير أو تغيير ديموغرافي. 
3. تشكيل لجنة مشتركة من أهالي حرستا في الداخل والخارج من أجل متابعة أمور من بقي في المدينة ومتابعة أمور المعتقلين وتسيير شؤون المدينة.
في 24 آذار/ مارس 2018، توصل فيلق الرحمن لاتفاق مصالحة مع ممثلين عن مركز حميميم للمصالحة تنص بنوده على: 
1. الخروج الآمن بإشراف ومرافقة من قبل الشرطة العسكرية الروسية حصراً لمن يرغب من الفصائل مع عوائلهم بأسلحتهم الخفيفة، إضافة إلى من يرغب من المدنيين إلى الشمال السوري. 
2. يحق للخارجين أن يصطحبوا معهم أمتعتهم الخفيفة ووثائقهم الشخصية وأجهزتهم الشخصية إضافة إلى مدخراتهم المالية دون تعرضهم للتفتيش الشخصي. 
3. يحصل الراغبون بالبقاء في الغوطة الشرقية على ضمان بعدم ملاحقتهم من قبل النظام أو حلفائه. 
4. نشر نقاط شرطة عسكرية روسية في البلدات التي تقع تحت سيطرة فيلق الرحمن والتي يشملها الاتفاق، وهي عربين زملكا عين ترما وجوبر.
5. إجراء عملية تبادل أسرى بين فيلق الرحمن والنظام. 
في 1 نيسان/ أبريل 2018، توصّل جيش الإسلام لاتفاق مصالحة مع ممثلين عن مركز حميميم للمصالحة، وتتضمن بنوده: 
1. خروج مقاتلي جيش الإسلام باتجاه مدينة جرابلس في ريف حلب الشمالي الشرقي بسلاحهم الخفيف. 
2. تشكيل فريق عمل برئاسة روسية يضم ممثلين عن الجانب السوري والدول الضامنة لعملية أستانا لترتيب موضوع الأسرى و المختطفين من المدنيين والعسكريين الموجودين في سجون جيش الإسلام و تسليمهم إلى النظام السوري وكشف مصير الباقين. 
3. تسليم الأسلحة الثقيلة والمتوسطة الموجودة بحوزة جيش الإسلام إلى النظام السوري .  
4. يمنع وجود أي سلاح خفيف في مدينة دوما، وسيكون تنفيذ هذا البند بعد تشكيل مجلس محلي في دوما توافق عليه الدولة السورية. 
5. دخول الشرطة العسكرية الروسية كضامن لعدم دخول قوات النظام. 
6. عودة طلاب الجامعات لجامعاتهم بعد تسوية أوضاعهم. 
7. تسوية أوضاع من يرغب بالبقاء في دوما، مع ضمان عدم الملاحقة وعدم طلب أحد منهم للخدمة الإلزامية أو الاحتياطية لمدة ستة أشهر. 
ولا بد من لفت الانتباه إلى أن أجزاء من الغوطة الشرقية دخلت ضمن اتفاق خفض التصعيد منذ 23 تموز/ يوليو 2017، حينما وقعت قيادة جيش الإسلام مذكرة في هذا الصدد مع الجانب الروسي بوساطة مصرية في القاهرة. وتوسع نطاق خفض التصعيد حينما انضم فيلق الرحمن للاتفاق في 19 آب/ أغسطس 2017 بعد توقيعه لمذكرة مماثلة في جنيف مع الجانب الروسي. 
18) ريف حمص الشمالي
في مطلع شهر آب/ أغسطس 2017، دخل ريف حمص الشمالي في نظام خفض التصعيد بعد توقيع الاتفاق من قبل ممثلين عن المعارضة السورية والنظام برعاية مصرية – روسية.
لم تخضع مدن وبلدات ريف حمص الشمالي لاتفاقيات هدنة محلية باستثناء بلدة الدار الكبيرة التي حاول النظام في 9 حزيران/ يونيو 2014، ضمها لنظام المصالحات عبر مفاوضات مع لجنة المصالحة فيها ببنود تركز على وقف إطلاق النار وإدخال المساعدات الإنسانية وتشغيل المؤسسات الخدمية تحت سلطة النظام وإخراج الموقوفين وتسوية أوضاع المقاتلين، إلا أن القوى العاملة في الدار الكبيرة لم تتفق بشكل كامل مع النظام مما أدى إلى تعطيل العمل بالعديد من البنود والإبقاء على جانب وقف إطلاق النار كونه مصلحة مشتركة بين الطرفين. 
وفي الأول من شهر أيار/ مايو 2018، توصلت فصائل المعارضة السورية في ريفي حمص الشمالي وحماة الجنوبي من طرف ومركز المصالحة في حميميم من طرف آخر، لاتفاق نهائي بخصوص مصير مدن وبلدات المنطقة، ونص الاتفاق على: 
1. إخراج جميع المقاتلين وعوائلهم الرافضين للاتفاق نحو جرابلس شرق حلب ومحافظة إدلب. 
2. تسليم السلاح الثقيل وجزء من المتوسط والعتاد والذخائر خلال مدة ثلاثة أيام من توقيع الاتفاق. 
3. يتعهد الجانب الروسي بسحب السلاح الثقيل من القرى المجاورة لريف حمص الشمالي الخاضعة للنظام السوري. 
4. تسوية أوضاع المقاتلين الراغبين. 
5. إصدار عفو رئاسي عن المنشقين من عساكر وضباط. 
6. إعطاء فرص لمن هم في سن الخدمة الإلزامية، حيث تم التعهد بعدم سحب المتخلفين للخدمة في قوات النظام في المرحلة الحالية والتي لم تًحدد بشكل دقيق، حيث ذُكر أنها قد تتراوح بين ستة أشهر وثلاث سنوات. 
7. بقاء السلاح الفردي مع المقاتلين الراغبين بالبقاء ضمن مدة قد تتراوح بين ستة أشهر وثلاث سنوات. 
8. تتعهد الفصائل بتسليم جميع خرائط الأنفاق والألغام والدلالة على أماكن تموضع مستودعات الذخيرة والمواد المتفجرة. 
9. دخول النظام إلى المنطقة وعودة جميع المؤسسات والدوائر الحكومية إليها. 
10. تنظيم العملية التعليمية للمتأخرين دراسياً. 
11. فتح الطريق الدولي حمص حماة وتأمينه عسكرياً خلال مدة ثلاثة أيام اعتباراً من توقيع الاتفاق. 
12. دخول الشرطة العسكرية الروسية للمنطقة لضمان تنفيذ بنود الاتفاق. 
13. منع دخول قوات الأمن والنظام طيلة فترة وجود الشرطة العسكرية الروسية والمحددة بستة أشهر فما فوق. 
14. خروج جميع مقاتلي هيئة تحرير الشام الذين يتخذون من قطاع دير فول معقلاً لهم نحو الشمال السوري، ويبلغ عددهم نحو (250) عنصراً، مقابل كشفهم عن مصير (200) مفقود لديهم، وفي حال عدم تنفيذ ذلك لن يضمنوا سلامتهم. 
15. خروج من يرغب من الفصائل العاملة في قطاع الحولة مقابل الكشف عن مصير (120) مفقود لديهم، وفي حال عدم تنفيذ ذلك لن يضمنوا سلامتهم. 
19) درعا
بدأ دخول محافظة درعا بنظام المصالحات منذ كانون الأول/ يناير 2016، حينما أجبر النظام مدينة الصنمين شمال درعا على الدخول في عملية المصالحة بعد أن فرض عليها حصاراً خانقاً، وقد تم توقيع الاتفاق بين لجنة المصالحة في المدينة ووزارة المصالحة الوطنية رغم رفض العديد من فصائل المعارضة له، ونصّت بنوده على: 
1. تسليم العسكريين المنشقين للنظام السوري وإعادتهم للقطع العسكرية في الصنمين ومحيطها. 
2. يحصل الطلاب على تأجيل لمدة عام فقط، وبعدها يلتحقون بالخدمة الاحتياطية.
3. يحصل المتخلفون عن الخدمة على إجازة عسكرية مدة ستة أشهر ثم يلتحقون بقطع النظام العسكرية. 
4. يُسلِّم المدنيون أنفسهم للنظام ويوقعون على أوراق المصالحة حتى يسمح لهم بالعودة إلى منازلهم وأعمالهم.
5. وقف إطلاق النار بين الطرفين. 
6. فتح الطرقات المؤدية إلى المدينة لإدخال المساعدات الغذائية إليها. 
في 13 أيار/ مايو 2017، اضطرت بلدة محجة شمال مدينة درعا لتوقيع اتفاق مصالحة مع النظام، بعد أن فرض عليها حصاراً خانقاً نهاية العام 2016، وكانت البنود ذاتها التي طبقت في الصنمين. إلا أن اتفاق المصالحة في مدينة الصنمين وبلدة محجة لم يطبق فيه سوى وقف إطلاق النار بين الطرفين وفك الحصار بشكل جزئي عنهما. 
في 22 شباط/ فبراير 2018، فتحت روسيا ملف المصالحة في الجنوب السوري، وذلك عندما عقد مركز حميميم للمصالحة اجتماعاً في مدينة درعا حضره مندوب المركز عن المنطقة الجنوبية وهو الأدميرال الروسي كوليت فاديم، إلى جانب عضو لجنة المصالحة التابعة للنظام السوري عواد السويدان، وممثلين آخرين عن لجان المصالحة في قرى وبلدات داعل، ابطع، الحراك، ناحتة، المليحة الغربية والشرقية، طفس ودرعا البلد. 
في نيسان/ أبريل 2018، عقد مركز المصالحة في حميميم اجتماعاً في محافظة السويداء مع وفد من فعاليات مدينة الحارة شمال غرب درعا، لكن الوفد المدني خرج من الاجتماع دون التوصل لاتفاق نتيجة أسلوب الحوار الذي انتهجه الضابط الروسي، والذي اتسم بالتهديد المستمر. 
وفي 16 أيار/ مايو 2018، طالبت روسيا مجلس بلدة محجة المحلي شمال مدينة درعا بتشكيل وفد عسكري للتفاوض معها على مصير البلدة المحاصرة من قبل النظام. وقبل يومين تم إرسال نفس الطلب إلى المجلس المحلي لبلدة نجيج، لكن سرعان ما رفضت البلدة الدعوة الموجهة إليها. وفي 25 أيار/ مايو، وجهت روسيا رسالة تهديد جديدة إلى أهالي وفصائل بلدة ابطع ومدينة داعل في درعا، طالبتهم فيها بتسليم مناطقهم والخضوع لشروطها، لكن أيضاً تم رفض هذه الرسالة بشكل قاطع من قبل الفصائل والفعاليات المدنية. 
في 22 حزيران/ يونيو 2018، أعلنت وزارة الدفاع الروسي انتقال بلدات داما والشياح وجزء من قرية جدل إلى سيطرة النظام عقب انضمام قائد تجمع ألوية العمري إلى نظام المصالحة عقب مفاوضات جرت بين فصيله وممثلين عن مركز المصالحة الروسي والنظام. ولم تمر سوى عشرة أيام على بدء معركة درعا حتى انضمت العديد من البلدات لنظام المصالحة الروسي، وأغلب هذه البلدات كان مركز المصالحة الروسي قد اجتمع معها في مدينة درعا بشباط/ فبراير 2017. 
في 30 حزيران/ يونيو سيطرت قوات النظام بنفس الطريقة على عدد من القرى وهي "داعل في الريف الغربي، والصورة، علما، دير سلط، مليحة غربية، مليحة شرقية، زحم، الكرك، الغارية الغربية، الغارية الشرقية، كحيل، المسيفرة، الحراك، جبيب، السهوة، والمتاعية في الريف الشرقي"، قبل أن تتمكن غرفة العمليات المركزية في الجنوب من شن هجوم استعادت فيه السيطرة على بعض هذه القرى منها "المسيفرة، جبيب، السهوة والمتاعية". 
كانت معظم اتفاقيات المصالحات في المدن والبلدات السابقة في محافظة درعا تتضمن بنوداً مماثلة قدمها مركز المصالحة في حميميم وهي: 
1. تسليم السلاح الثقيل والخفيف الذي بحوزة فصائل المعارضة لقوات النظام. 
2. عودة المنشقين والمتخلفين عن الخدمة الإلزامية ليلتحقوا بالفيلق الخامس.
3. انضمام من يرغب من الفصائل المسلحة إلى الفيلق الخامس بعد أن يقوم جميع قادة الفصائل بتقديم جداول كاملة بأسماء جميع عناصرهم.
4. عودة مؤسسات الدولة للعمل وحل مؤسسات المعارضة لنفسها مع ضمانات بإصدار عفو يشمل أبناء المنطقة.
5. دخول قوات النظام وأجهزته الأمنية المرتبطة إلى جميع قرى وبلدات الجنوب السوري.
6. تسوية ملف معتقلي الجنوب. 
في 2 تموز/ يوليو 2018، قام فصيل شباب السنة الذي يقوده أحمد العودة بتوقيع اتفاق مصالحة منفرد مع روسيا يساهم في انتشار قوات حرس الحدود التابعة للنظام السوري بعمق (2) كم على امتداد الشريط الحدودي مع الأردن بما في ذلك الوصول إلى معبر نصيب، وفي 6 تموز/ يوليو تم تطبيق هذا البند، وتلاه موافقة وفد لجنة إدارة الأزمة الذي شكلته فصائل المعارضة السورية وبعض القوى المدنية في الجنوب لمفاوضة روسيا، على اتفاق مصالحة شامل مع روسيا يتضمن البنود التالية: 
1. وقف فوري وشامل للنار. 
2. البدء بتسليم السلاح الثقيل وتسليم السلاح المتوسط المشمول بوقف النار. 
3. تسوية أوضاع الأهالي وعودتهم إلى البلدات التي لا توجد فيها قوات النظام بصورة طبيعية وعودة الأهالي إلى القرى التي فيها قوات النظام برفقة الشرطة العسكرية الروسية والهلال الأحمر بضمانة الشرطة العسكرية الروسية.
4. توزيع نقاط التسوية جغرافيا بحسب الحاجة وفق آلية متفق عليها.
5. رفع علم الدولة بالتزامن مع دخول مؤسساتها.
6. المقاتلون الذي يسوون أوضاعهم ويرغبون بقتال تنظيم داعش ينتسبون إلى الفيلق الخامس. 
7. تسوية أوضاع المنشقين والمطلوبين للخدمة العسكرية الإلزامية وتأجيلهم لستة أشهر. 
8. تسوية أوضاع الراغبين في الخروج إلى الشمال. 
9. العمل على عودة جميع الموظفين إلى وظائفهم الحكومية.
10. حل مشكلة المعتقلين والمخطوفين وفق آلية أستانا وتبادل جثث القتلى. 
11. يشمل الاتفاق المنطقة من درعا غرباً إلى بلدة صماد شرقاً ومن بصر الحرير شمالاً إلى حدود الأردن. 
12. الضامن لهذا الاتفاق هو الجانب الروسي.
في 11 تموز/ يوليو 2018، انضمت بلدة طفس بريف درعا الغربي لاتفاق المصالحة بنفس الشروط التي تم توقيعها شرق درعا. 
في 11 تموز/ يوليو 2018، انضمت درعا البلد أيضاً إلى نظام المصالحات بعد توقيع اتفاق مع مركز حميميم للمصالحة بنفس الشروط التي تم تطبيقها شرق درعا. 
في 14 تموز/ يوليو 2018، انضمت مدن وبلدات ريف درعا الشمالي "الحارة، نمر، جاسم، برقة، زمرين وأم العوسج" إلى اتفاق المصالحة الذي أشرف عليه مركز حميميم للمصالحة وتم فيه تقريباً تطبيق نفس البنود التي جرت في مدن شرق درعا. 
وفي 18/ يوليو 2018، انضمت مدينة نوى في ريف درعا الغربي إلى اتفاق المصالحة بعد مفاوضات مع مركز حميميم للمصالحة، وبذات البنود التي تم تطبيقها شمال غرب درعا. 
20) القنيطرة
في 20 تموز/ يوليو 2018، توصل مركز حميميم للمصالحة ومعظم فصائل المعارضة في محافظة القنيطرة إلى اتفاق يقضي بتسليم الأخيرة مناطق سيطرتها جنوب سورية إلى قوات النظام، وفق بنود تماثل تلك التي تم توقيعها مع فصائل في درعا المجاورة. وأنهى هذا الاتفاق عملية عسكرية معقدة في منطقة تتسم بحساسية بالغة لقربها من إسرائيل. 
في 30 تموز/ يوليو 2018، توصّلت فصائل المعارضة في قطاع القنيطرة الأوسط والقطاع الشمالي منها لاتفاق نهائي مع مركز حميميم للمصالحة، وتنص بنود الاتفاق على: 
1. تسوية أوضاع عناصر الفصائل والأهالي. 
2. تسوية أوضاع المنشقين والمتخلفين عن الخدمة الإلزامية والاحتياطية. 
3. تسوية أوضاع الراغبين في الخروج نحو الشمال السوري. 
4. خروج مليشيا حزب الله اللبناني من بلدات "مثلث الموت" وتلال فاطمة، بما يسمح بعودة الأهالي إليها، وبالتالي عودة الأهالي إلى بريقة وبئر عجم. 
5. دخول قوات النظام إلى بريقة وبئر عجم. 
6. بقاء فصائل المعارضة في المنطقة على أن تكون قوات رديفة للنظام ضمن الفيلق الخامس بعد تسوية أوضاع العناصر.
 
ثالثاً: استراتيجية نظام المصالحة في سورية 
إن المسار الذي تم تطبيقه في نظام المصالحات بسورية سواءً قبل التدخل روسيا أو بعده، يعكس وجود ثلاثة نماذج على الأقل تم تطبيقها، في ظل مساعٍ مشتركة تحمل سياقاً سياسياً وعسكرياً ومحلياً تمت بلورتها بين وزارة المصالحة الوطنية ومركز حميميم للمصالحة، وجميعها تصبّ في هدف رئيسي وهو تمكين الحكومة المركزية في دمشق قبل أي إجراء حقيقي بمسار العملية السياسية. 
النموذج الأول: تجميد القتال / الهدن المحلية المؤقتة
قام النظام بتطبيق هذا النموذج على ما لا يقل عن (25) منطقة، تركّز معظمها في محيط العاصمة دمشق، وكان يُصرّ على تسمية هذا النوع من الاتفاقيات بـ "المصالحات المحلية"، في حين كانت فصائل المعارضة تصفها بأنها "اتفاق لوقف إطلاق النار".
وتتشابه معظم بنود تلك الاتفاقيات فيما بينها، مع اختلاف في بعض الشروط نتيجة الظروف التي تفرضها طبيعة المنطقة الجغرافية وأهميتها ضمن أولويات المسار العسكري بالنسبة للنظام وحلفائه الدوليين، ولطالما كان التركيز ينحصر على بند وقف إطلاق النار بين الطرفين مهما كانت الخروقات، ولم يكن النظام جادّاً بتنفيذ وعوده في بقية البنود التي توحي بمنح المناطق المهادنة مزيداً من الامتيازات الإدارية أو في تلك التي تتعلق بإنهاء تكتيكات الحصار. 
كان تنفيذ هذا النموذج يعتمد على أركان رئيسية ضمن مراحل تبلورت تدريجياً نتيجة التعاون المشترك بين وزارة المصالحة الوطنية ومركز حميميم للمصالحة، وذلك على النحو الآتي: 
1) توفير البيئة العسكرية: عمد النظام من أجل الحفاظ على سلطته السياسية إلى تركيز العمليات العسكرية في محيط العاصمة ضمن سياق لا يؤدي إلى استنزاف قدرات الجيش بسبب عدم امتلاكه لخبرات قتالية عالية مسبقة ولا سيما في معارك المدن، بمعنى أن النظام لم يذهب لسياسة فرض السيطرة العسكرية على المناطق الخارجة عن سيطرته، بل قام بعزلها عن بعضها البعض وقطعَ طرق الإمداد العسكري عنها ومن ثم ضيّق الحصار عليها، وكان للحصار دور رئيسي في دفع الأطراف المحلية والعسكرية المعارضة للقبول بالهدن المؤقتة، بعد أن ضاقت الخيارات أو البدائل الأخرى أمامها. 
إن قدرة النظام على توفير البيئة العسكرية لتطبيق اتفاقيات الهدن المحلية، لم تكن لتحصل لولا طابع المحلية المناطقية الذي كان يسيطر على القوى المجتمعية والعسكرية للمعارضة في تلك المدن والقرى، حيث أن الانقسامات المحلية التي كانت سائدة قبل عام 2011، أدّت إلى إفراز عوائق عديدة حدّت من تحقيق تفاعل أكبر بين المناطق التي خرجت عن سلطة النظام ومنعت تشكيل حركة وطنية موحدة فيما بينها تقوم على تنسيق الجهد العسكري والإنساني والخدمي عند الحد الأدنى على الأقل؛ بغرض مواجهة القوة العسكرية الصارمة لدى النظام، ومن هنا يُمكن فهم نجاح النظام في تطبيق الهدن المحلية على المناطق واحدة تلوَ الأخرى دون قيام ردّة فعلٍ مشتركة على صعيد الدفاع والردع عن المصير الواحد فيما بينها.  
2) توفير البيئة المجتمعية: عملت وزارة المصالحة الوطنية منذ تأسيسها على تشكيل لجان محلية في القرى والبلدات التي شهدت احتجاجات شعبية ضد النظام، وكان لدخول العديد من المناطق صراعاً مسلحاً ضد هذا الأخير أثر سلبي على قدرة الوزارة في تشكيل لجان محلية تابعة لها. 
كان الهدف الرئيسي للنظام السوري من تشكيل اللجان المحلية هو اختراق البنية المجتمعية لقوى المعارضة قبل أن تنتظم حركتها وتُشكل قوى محلية تُمثّلها على الأرض وتؤدي إلى تفكك نهائي للسلطة الإدارية المحلية التي كان النظام قد أسسها وأحكم السيطرة عليها. كما أراد النظام من تشكيل لجان المصالحة المحلية التأكيد على استمرار سيطرة السلطة المركزية على بنية الدولة والمجتمع السوري. 
نجحت مساعي وزارة المصالحة المحلية في تشكيل لجان تابعة لها في العديد من المناطق وأخفقت في أخرى، لكن ذلك لم يثنِ النظام عن استمرار العمل بالهدن المحلية، حيث كان يزيد من استخدام تكتيكات الحصار ما يدفع مناطق المعارضة لتشكيل لجان تفاوض مستقلة من أجل التواصل مع النظام، وغالباً ما كان هذا الأخير يصل إلى النتيجة نفسها من عملية المصالحة. 
كانت لجان المصالحة عبارة عن جهة يحاول النظام الدفع نحو تشكيلها بما لا يتعارض مع عودة سلطته السياسة والعسكرية، وذلك عبر تقديم وعود لأعضاء هذه اللجان بامتيازات اجتماعية وإدارية في المنطقة التي يتواجدون فيها. وبذلك تصبح اللجان المحلية بمثابة أداة ضغط سياسي واجتماعي على القوى العسكرية والمجتمعية الأخرى مثل المجالس المحلية ومنظمات المجتمع المدني، وتساهم الظروف العسكرية في تعزيز قدرة لجان المصالحة على لعب دور الوسيط الفاعل وغير المحايد لصالح النظام. وفي حال كانت البيئة الاجتماعية لدى قوى المعارضة غير قابلة لبروز قوى محلية جديدة يستطيع النظام الوصول إليها ودفعها للعب دور الوسيط، يقوم بتطويق الخناق على مناطق سيطرتها بشتى الأساليب ما يدفع العديد من الحوامل المجتمعية لتشكيل لجنة تمثلها والضغط على القوى العسكرية من أجل التفاوض مع النظام وتوقيع اتفاق الهدنة. 
والمقصود بالحوامل المجتمعية هم الأشخاص أو الجهات التي تقوم بعمليات التفاعل داخل المجتمع مثل المنظمات أو الأعيان والوجهاء وشيوخ العشائر أو شبكة التجار أو المجالس المحلية والأفراد المؤثرين فيها وغيرهم. وقد عمل النظام على تشكيل لجان المصالحة من خلال هذه الحوامل المجتمعية. وكان إخفاقه في تشكيل لجان محلية ببعض المناطق ناتجاً عن سيطرة الفصائل العسكرية على معظم الحوامل المجتمعية فيها بسبب طبيعة المنطقة الاجتماعية والدينية والتي تكتسب طابع المناطقية المتماسكة، ومثال ذلك عدم قدرة النظام على تشكيل لجنة مصالحة في دوما التي كان يُسيطر جيش الإسلام على التفاعلات المحلية فيها. بالمقابل استطاع النظام استمالة العديد من الحوامل المجتمعية لتشكيل لجنة في القطاع الأوسط بالغوطة الشرقية الذي كان يسيطر عليه فيلق الرحمن، لأن هذا الأخير لم يكن مسيطراً بشكل فعلي على الحوامل المجتمعية فيها، وكان قد كسب ولائها مستفيداً من الهوة المناطقية بين مدن وقرى القطاع الأوسط ودوما، وبذلك خلق معادلة توازن مؤقتة استطاع النظام لاحقاً الإخلال بها وإعادة اختراق بنيتها وتشكيل لجنة مصالحة قادها الشيخ بسام ضفدع (والذي استخدم اسمه لاحقاً لوصف لجان المصالحات أو الفاعلين في عمليات المصالحة ممن كانوا من المعارضة بـ "الضفادع"). 
إن اتفاقيات الهدن المحلية أو عمليات تجميد القتال التي اتبعها النظام كانت تتضمن في أحد بنودها الرئيسية "عودة عمل مؤسسات الدولة في مناطق سيطرة المعارضة"، ويبدو أن النظام كان يُريد من خلال هذا الشرط توليد شعور عام لدى السكان المحليين خلال فترة وقف إطلاق النار المؤقت بأن هذه المؤسسات هي الأساس في عملية فرض الاستقرار واستمرار حركة الحياة المجتمعية، وأن عودة أجهزة الحكم التابعة للدولة هي المعادل الرئيسي لتحقيق سبل الأمان. وبالتالي يُمكن القول أن معادلة النظام مع السكان المحليين اعتمدت على سياسة "الأمن والاستقرار مقابل الحريات"، إلى جانب تكتيكات الحصار التي تعتمد على سياسة "الأمن مقابل الغذاء". 
إن اتباع النظام لهذه السياسات مع السكان المحليين كانت لتوفير أرضية اجتماعية أمام الحوامل المجتمعية التي ستنبثق عنها لجان المصالحة، ومن جانب آخر كانت الامتيازات التي استمال النظام بها الأفراد المنضمين لهذه الأخيرة مبنية على سياسة "السلطة مقابل الولاء"؛ بمعنى أن الوعود تقوم على منح هؤلاء سلطات محدودة لم يستطيعوا الحصول عليها في ظل سيطرة المعارضة، لكن بمقابل عودة ولائهم السياسي إليه. 
3) الانتقال من الهدنة المؤقتة إلى السيطرة التامة: بعد أن توفّرت البيئة العسكرية والاجتماعية الملائمة، سارع النظام إلى توقيع اتفاق نهائي مع جميع المدن والبلدات التي دخلت في هدن محلية مؤقتة أو عمليات تجميد القتال، بما يؤدي إلى استعادة سلطته العسكرية والسياسية والإدارية عليها ويحقق نوعاً من الاستقرار الحذر فيها.  
وقد اعتمد النظام للانتقال من الهدن المحلية المؤقتة إلى السيطرة التامة على عامل الزمن، حيث ساهمت طول المدة –في ظل وجود البيئة العسكرية والاجتماعية الملائمة– في إضعاف قدرة الفصائل المتواجدة على الصمود، والتخفيف من قيود سيطرتها على قرار السلم والحرب بشكل تدريجي في المدن والقرى التي تنتشر فيها، وهنا يظهر الضغط الشعبي وتصبح لجان التفاوض المحلية ولجان المصالحة فاعلاً رئيسياً في عملية تحديد قرار السلم والحرب، ما يوّفر للنظام السوري أرضية ملائمة لإعادة سلطته السياسية والعسكرية على المنطقة ومن ثم يعمل لاحقاً على إعادة سلطته الإدارية عليها؛ بعد اتخاذ خطوات تقوم على إعادة بناء شبكة الوكلاء المحليين سواءً بالاعتماد على الوسطاء المتمثلين بلجنة المصالحة أو الوسطاء السابقين أو دعم وسطاء جدد، بالإضافة إلى قيامه بحلّ المجالس والهياكل المحلية التي كانت تتبع للمعارضة السورية. 
ومن الملاحظ في بنود المرحلة النهائية من اتفاقيات الهدن المحلية، اشتراط النظام "إجراء تسوية للمقاتلين بما فيهم المنشقين والمتخلفين عن الخدمة الإلزامية والاحتياطية"، من أجل التأكيد على إعادة سلطة السلاح إلى المؤسسة العسكرية، والفصل بين المقاتلين الرافضين لعودة سلطة النظام والموافقين على ذلك، وبالتالي تتم عملية إخراج المقاتلين الرافضين وذويهم وكل من يرفض عودة سلطة النظام من المدنيين باتجاه منطقة أخرى وهي الشمال السوري، وبهذه العملية تصبح سيطرة النظام على المناطق تميل نحو الاستقرار الحذر بعد إنهاء أركان سيطرة المعارضة العسكرية والاجتماعية.  
النموذج الثاني: تخفيض التصعيد
كان إعلان روسيا عن اتفاق خفض التصعيد في سورية 4 أيار/ مايو 2017 وما تبعها من توقيع اتفاقيات موازية لخفض التصعيد في ريف حمص والغوطة الشرقية والجنوب السوري وجنوب العاصمة دمشق والشمال السوري، بمثابة تأكيد على أن نموذج الهدن المحلية المؤقتة أو عمليات تجميد القتال لا يُمكن أن ينجح بسبب تعقيد الظروف المحلية والدولية.  
وقد كان لافتاً احتياج روسيا للحصول على توافقات مع قوى إقليمية ودولية من أجل تطبيق اتفاقيات خفض التصعيد، لذلك يُمكن وصف هذا النوع من الاتفاقيات بالهدن الخارجية المؤقتة، رغم أنها تحمل طابعاً محلياً متمثلاً بكون فصائل المعارضة العسكرية هي أحد الأطراف الرئيسية فيها. 
وقد استطاعت روسيا من خلال هذه العملية رفع المظلة السياسية الدولية عن فصائل المعارضة العسكرية في الغوطة الشرقية وجنوب العاصمة وريف حمص الشمالي وحتى في الجنوب السوري. 
وحاولت روسيا من خلال اتفاقيات خفض التصعيد السيطرة على جيوب المعارضة التي كان يصعب فيها تطبيق نموذج الهدن المحلية، وكان التعويل الرئيسي منصباً على عامل الوقت بهدف توفير بيئة ملائمة تساهم في: 
- تفكيك القوة العسكرية للمعارضة المسلحة، وذلك عبر انصراف الفصائل نحو الاقتتال الداخلي، والعمل على تليين دفاعات الفصائل العسكرية من خلال عمليات الاستنزاف المستمرة على خطوط التماس. 
- الفصل بين الحواضن المجتمعية للفصائل وبين الحوامل المجتمعية الأخرى التي اضطرت لمنح المعارضة المشروعية بسبب عدم وجود بدائل واستلاب هذه الأخيرة لقرار السلم والحرب وتقاطع بعض المصالح فيما بينها، وبناءً عليه استطاعت روسيا تشكيل لجان مصالحة سرية مثلما جرى في القطاع الأوسط بالغوطة الشرقية وفي الشمال والجنوب السوري، كما تمكّنت من استمالة لجان التفاوض مثلما حصل في ريف حمص الشمالي. لكن بالمقابل لم تستطع في بعض المناطق الأخرى تحقيق هذا الفصل بين الحواضن والحوامل المجتمعية مثلما جرى في دوما. كما حاول مركز حميميم للمصالحة فتح قنوات اتصال مع المجالس المحلية في مناطق خفض التصعيد بغرض تطويعها أو تطويع أعضاء داخلها، لأن من شأن هذه الخطوة إعاقة جهود قوى المعارضة في تحقيق الأمن المجتمعي واختراق هذا الملف بما يعزز من فرص تأسيس لجان مصالحة ويحقق مزيداً من الفصل بين حواضن الفصائل والحوامل المجتمعية. 
- استمالة بعض فصائل المعارضة المسلحة بعد فتح قنوات اتصال مباشرة معها بغرض إقناعها للدخول ضمن نظام المصالحات على أن يتم تقديم امتيازات خاصة لهم ضمن المحلات والمناطق التي تنتشر فيها والاعتماد عليها في بناء الفيلق الخامس – اقتحام، وقد جرى هذا الأمر في ريف حمص الشمالي مع جيش التوحيد وفي محافظة درعا مع العديد من الفصائل وفي مقدمتهم لواء شباب السنة، في حين لم تنجح المفاوضات التي جرت مع جيش الإسلام في دوما. 
النموذج الثالث: تأجيل القتال/الهدن المعقدة
حاول مركز حميميم للمصالحة ووزارة المصالحة الوطنية عقد اتفاقيات مصالحة موازية في بعض المناطق التي كانت تخضع بالأصل لنظام خفض التصعيد، وقد نجحت في تطبيق ذلك بالعديد من قرى الجنوب السوري مثل داعل وابطع وكان ذلك سبيلاً في اختراق الخطوط الدفاعية لفصائل المعارضة وتفكيك الروابط العسكرية والإدارية لديها في محافظة درعا. 
لكن بالمقابل أخفقت جهود روسيا والنظام في تطبيق هذا النموذج في منطقة خفض التصعيد الرابعة، حيث لم تنجح المحاولات المتكررة لتطبيق اتفاق مصالحة موازٍ في منطقة قلعة المضيق وبعض قرى ريف حماة الشمالي على الرغم من حصول اجتماعات متعددة بين وجهاء تلك المناطق ومركز حميميم للمصالحة. كما لم تنجح المحاولات في تشكيل لجان مصالحة سرية بعد أن قوّضت فصائل المعارضة المسلحة بدعم لوجستي واستخباراتي من تركيا هذه الجهود عبر اعتقال المئات من هؤلاء الأفراد. 
إن إخفاق روسيا والنظام في تطبيق النموذج الأول والثاني من نظام المصالحات في منطقة خفض التصعيد الرابعة أي محافظة إدلب ومحيطها، دفع إلى تمديد العمل باتفاق خفض التصعيد بعد إجراء تعديلات جوهرية عليه متمثلة بالتأكيد على إقامة منطقة منزوعة السلاح. ويبدو أن هذا الاتفاق والإجراء بمثابة تأجيل للقتال وليس حلّاً نهائياً. 
وبالتالي إن الهدنة المعقدة التي توصّلت إليها روسيا في الشمال السوري بالتنسيق مع تركيا في قمة سوتشي بتاريخ 17 أيلول/ سبتمبر 2018، توحي بأن نظام المصالحات توقف عند حدّ معين في استيعاب وتفكيك بنية المعارضة السورية العسكرية والإدارية والسياسية، بسبب الصعوبة في رفع الغطاء السياسي التركي والغربي عنها، وبناءً عليه بات النظام وحلفاؤه الدوليون أمام واقع متمثل: 
- إما بإعادة صياغة شكل جديد للعلاقة مع هذه المنطقة، وبالتالي الاعتراف بعدم جدوى نظام المصالحات فيها، وعدم القدرة على استعادة السلطة المركزية الصارمة على كامل الأراضي السورية. 
- أو البحث عن أساليب ونماذج جديدة لنظام المصالحات تقضي بتليين مواقف قوى المعارضة، وتجد نمطاً مناسباً للتعامل معها في ظل وجود المظلة السياسية الإقليمية والدولية. 
 
رابعاً: سُلّم الأولويات في تطبيق نظام المصالحات  
يعود الاختلاف في نماذج تطبيق نظام المصالحات وفق المناطق الجغرافية التي كانت تسيطر عليها فصائل المعارضة إلى سلّم أمني/عسكري للأولويات. وقد تم اعتماد هذا السلم من قبل وزارة المصالحة الوطنية وبعدها مركز حميميم للمصالحة. ويمكن توضيح هذا السُلّم كما يلي: 
1. تأمين طرق الإمداد العسكري الرئيسية لقوات النظام والميليشيات الأجنبية معه. ويُمكن مشاهدة هذا الأمر من خلال تتبع التسلسل الزمني في تطبيق نموذج الهدن المحلية المؤقتة حيث تركز معظمها في محيط العاصمة دمشق وعلى أطراف الطريق الدولي. كما يُمكن ملاحظة هذا الجانب في اتفاقيات المصالحة التي عُقدت في بلدتي الصنمين ومحجة، حيث كان يريد النظام تأمين الطريق الدولي وطرق الإمداد العسكري نحو جبهات الجنوب، وحافظ على الاتفاق على الرغم من عدم الالتزام ببنوده؛ ويبدو أنه اكتفى بعملية وقف إطلاق النار وتوفير الأرضية لنشاط وزارة المصالحة داخل الحوامل المجتمعية. 
2. قطع طرق الإمداد العسكرية بين المناطق والمحلّات التي تنتشر فيها فصائل المعارضة، ولا سيما في محيط العاصمة دمشق. حيث ساهمت اتفاقيات المصالحات في إنهاء الاتصال العسكري والتنسيق بين مقاتلي المعارضة، وبالتالي استطاع النظام عزلها عن بعضها وتفكيكها عسكرياً وإدارياً وسياسياً واحدة تلو الأخرى. 
3. تأمين الموارد المائية للعاصمة دمشق؛ ويتمثل ذلك من خلال عقد اتفاقيات وقف إطلاق النار في منطقة وادي بردى، ويُلاحظ أن قوى المعارضة لم تستطع الاستفادة من هذه الورقة بجعلها أداة ضغط ضد النظام، بل حصل العكس حيث استطاع هذا الأخير تحويل هذه الورقة لعبء على الفصائل، وأداة ضغط لصالحه في المفاوضات، فكان بند وقف إطلاق النار غالباً ما يرتبط بعملية فتح قنوات مياه عين الفيجة، حتى استطاع النظام في النهاية استعادة السيطرة عليها بشكل كامل. 
4. تأمين موارد الطاقة والعمل استمرار سلطة النظام عليها، فلطالما دفع هذا النظام في المفاوضات مع الفصائل في قرى وبلدات القلمون الشرقي نحو دخول قواته لمراقبة وتأمين خطوط الغاز، وصحيح أنه لم يتمكن من تحقيق ذلك، لكنه قام بتطويع بنود الاتفاقيات لجعل هذه المهمة عائقاً على المعارضة دون الاستفادة منه. 
5. تعزيز القوة الداخلية للنظام السوري، حيث ساهمت جميع نماذج نظام المصالحات في قيام النظام بإشراف مباشر من حلفائه الدوليين بإجراء إعادة ترتيب لصفوفه الداخلية. 
6. توفير الجهد العسكري من أجل تركيز العمليات على جبهة تلو الأخرى بدلاً من فتح جبهات متعددة، حيث ساهم نظام المصالحات في تعزيز استراتيجية القضم البطيء العسكرية والعزل للمحلات والمناطق عن بعضها واستعادة سيطرة النظام على مساحات كبيرة في المنطقة الشرقية من البلاد. 
7. إعادة بناء قوة برية، وقد تنافس في ذلك كل من روسيا عبر إنشاء الفيلق الخامس عبر دمج مقاتلي المعارضة المسلحة ضمنه، وإيران من خلال تشكيل ميليشيات تابعة لها ومثال ذلك فوج القلمون وفوج الجولان وفوج الحرمون. 
 
خامساً: مصير نظام المصالحات  
ساهم تطبيق نماذج نظام المصالحات في استعادة النظام لسلطته السياسية والعسكرية على المناطق التي خرجت ضده، وكان التركيز منصباً على كيفية تطويع الوسطاء المحليين الجدد الذين برزوا في مناطق سيطرة قوى المعارضة؛ والآلية المناسبة للفصل بين الحوامل المجتمعية الناشئة والحواضن المجتمعية التي كانت تحيط بالفصائل المسلحة. 
وقد أظهر نظام المصالحات حاجة النظام لإعادة بناء شبكات اجتماعية أمنية في هذه المناطق، بعد أن تسببت الاحتجاجات الشعبية بتكوين ما يشبه حدّاً فاصلاً بين حقبة حكم وأخرى. 
وفي الواقع استفاد مركز حميميم للمصالحة ووزارة المصالحة الوطنية من التنافس والتزاحم بين الحوامل المجتمعية في مناطق سيطرة المعارضة والتي أخذت على عاتقها مهمة الوساطة والتمثيل المجتمعي عن المناطق التي نشأت فيها. 
ولا بدّ من الإشارة هنا إلى أن عامل التنافس السلبي كان من أحد أهم أسبابه تناقض أهداف وبرامج المانحين الدوليين الذين كانت بعض تلك الحوامل تعتمد عليهم في التمويل بغرض اكتساب قدرة التمثيل الحقيقي لها أمام السكان المحليين. 
وبعد استعادة النظام لسيطرته على العديد من المناطق التي طبق فيها نظام المصالحات، عاد ليظهر التوجه الأمني لدى النظام؛ حيث قام بين الفترة والأخرى بحملات اعتقال شملت العديد من الوسطاء المحليين الذين كانوا أعضاء في لجان المصالحة، والوسطاء الجديد الذين انخرطوا بعمليات المصالحة النهائية وكانوا أعضاء في لجان التفاوض، بالإضافة إلى العديد من القادة العسكريين المنضمين لعمليات التسوية. ولم تثنِ الإجراءات التي اتخذها مركز حميميم للمصالحة للحد من هذا التوجه لدى النظام، ومثال ذلك قيامه بإخراج بطاقات أمنية للجان المحلية والمجموعات العسكرية في ريف حمص الشمالي، إلّا أن حواجز النظام استمرت بعمليات الاعتقال والضغط الأمني. 
إن عدم توجيه مركز المصالحة في حميميم لتعليمات مشددة حيال توجه النظام الأمني في مناطق المصالحات، يعطي مؤشراً لعدم رفضه وتفضيله المراقبة مع التقليل من نطاق تلك العمليات. ويبدو أن النظام كان يريد إعادة بناء شبكة الوسطاء المحليين وتوسيعها في تلك المناطق لكن دون أن يتضح بعد إن كان يمتلك استراتيجية واضحة أم لا، خصوصاً وأن السياسة المتبعة بحق شريحة الوسطاء المحليين المنخرطة في عمليات المصالحة بدأت بوعود متعلقة بمنحهم امتيازات إدارية خاصة في مناطقهم، وتم التراجع عنها بعد استعادة السيطرة العسكرية، ومن ثم تدرجت هذه السياسة نحو شن حملات أمنية واعتقالات، ووصلت إلى إعادة تعيين بعض الوسطاء القدامى المعروفين بولائهم الشديد للسلطة في المراكز الإدارية بتلك المناطق.   
كما أظهر تطبيق نظام المصالحات على نطاق واسع في سورية الضعف البنيوي لفصائل المعارضة المسلحة، والتي لم تستطع، رغم كل الضغط الذي تعرّضت له خلال سنوات سيطرتها، تجاوز حالة الانقسام الداخلي بينها، ففضلت جميعاً الخروج من مناطقها مشرذمة متقاتلة، على أن تتحد لمواجهة التحديات التي تواجهها، والتي أدّت في النهاية إلى نهاية معظمها. 
كما أظهر تطبيق نظام المصالحات ضعف قدرات الفصائل على التخطيط الاستراتيجي، وضعف قدرتها على قراءة الواقع السياسي واستشراف المستقبل من خلاله. فقد كان بإمكان كل الفصائل تقريباً تجنّب مصيرها إن هي وافقت على شروط أقل قسوة في مراحل مبكرة، واستخدمت الأوراق التي تكون متاحة بين يديها. 
وعلى سبيل المثال، فإنّ الفصائل التي كانت محاصرة في أحياء حلب الشرقية رفضت عروضاً شاركت في صياغتها كل من تركيا والأمم المتحدة، وقضت آنذاك ببقاء الفصائل في أماكن تواجدها، مع خروج عدد محدود من المقاتلين، إلا أن غياب الرؤية، وتشتت الفصائل، ورغبتها بالمزاودة على بعضها البعض، دفع الجميع إلى رفض كل العروض، ثم الخروج بالباصات الخضراء بشكل كامل بعد عدّة أسابيع فقط على آخر عرض. ناهيك عن مقتل مئات الأشخاص خلال الفترة التي كانت الفصائل تمارس فيها دور الصمود الوهمي. 
 
المراجع: 
 

الباحثون