لوائح الاستثناءات من العقوبات الأمريكية في سورية 2020 – 2022
يونيو 02, 2022 4208

لوائح الاستثناءات من العقوبات الأمريكية في سورية 2020 – 2022

حجم الخط

لوائح الاستثناءات من العقوبات الأمريكية في سورية 2020 – 2022



تعتبر قضية العقوبات الأمريكية على النظام السوري ولوائح الاستثناءات من هذه العقوبات من أهم القضايا المرتبطة بالمشهد السياسي والميداني والاجتماعي في سورية وفي المنطقة، فضلاً عن أنها تؤثر بشكل مباشر على القضايا الاقتصادية في جميع المناطق داخل سورية والمرتبطة بها إقليمياً ودولياً.


ومنذ النصف الثاني من 2020 حتى منتصف 2022 أصدرت الولايات المتحدة الأمريكية عبر مكتب مراقبة الأصول الخارجية في وزارة الخزانة 3 لوائح تستثني فيها بعض القطاعات من العقوبات الأمريكية المفروضة على سورية، وقد أحدثت اللائحة الأخيرة التي صدرت في أيار/ مايو 2022 ضجة أكبر من بقية اللوائح، لعل سبب ذلك أنَّ اللائحة الأخيرة كانت هي الأهم والأكثر شمولاً من حيث الاستثناءات.


أولاً: لائحة الاستثناءات من العقوبات الأمريكية في سورية 2020


صدرت الاستثناءات في أيلول/ سبتمبر 2020 ولمدة زمنية محددة بـ 3 أشهر فقط، وتضمنت هذه اللائحة استثناء يسمح بإنهاء الأعمال المعلقة مع شركة إيما تل Emma Tel LLC والكيانات التي تملك فيها إيما تل 50% أو أكثر من أسهمها.


وإيما تل هي شركة اتصالات أسسها في كانون الأول/ ديسمبر 2018 رجل الأعمال السوري "خضر علي طاهر" المعروف بلقب "أبو علي خضر"، وهو شريك النظام السوري ويعمل لصالح "أسماء الأسد"، وتم وضعه على قائمة العقوبات بنفس شهر إصدار اللائحة، ثم في وقت لاحق أدرجت الإدارة الأمريكية شركة إيما تل رسمياً على قائمة العقوبات ككيان تجاري يُحظر التعامل معه.


وكانت الشركة تستورد أجهزة الهاتف الذكية والحواسب من عدة شركات بما فيها آبل الأمريكية، وذلك عبر تعاقدات تجارية ومعاملات مالية مع وكلاء أو فروع إقليمية لها؛ وهكذا أعطى مكتب مراقبة الأصول الخارجية رخصة مؤقتة لإنهاء هذه الأعمال دون فتح تعاملات جديدة.


وقد أكدت لائحة الاستثناء الأمريكية على أن الشركة ستبقى تحت الحظر، وأن الاستثناء لا يتعلق بأي أشخاص أو شركات أخرى مدرجة على قائمة العقوبات.


 

ثانياً: لائحة الاستثناءات من العقوبات الأمريكية في سورية 2021

صدرت اللائحة الثانية من استثناءات العقوبات الأمريكية في حزيران/ يونيو 2021، بالتزامن مع انتشار وباء كورنا ومتحوراته في العالم، وتحددت مدة الرخصة بعام ميلادي كامل، وكانت المنظمات المختصة وعلى رأسها منظمة الصحة العالمية والأمم المتحدة قد طالبت بإيصال معدات مكافحة الوباء لجميع المناطق استناداً إلى أن عالمية الوباء تقتضي التعامل معه بشكل شامل وليس في إطار إقليمي أو قطري.


وفي الوقت نفسه أصرَّت منظمات المجتمع المدني المقربة من النظام السوري على مطالب رفع العقوبات بشكل كامل عن النظام، وشاركها في هذه المطالب بعض المنظمات التي تتبنى فكرة مفادها أن العقوبات تقوِّض قدرة النظام على استيراد متطلبات العلاج، ولذلك يجب رفع العقوبات لأغراض إنسانية تتعلق بمكافحة الوباء.


أمام هذا المشهد أصدرت الإدارة الأمريكية اللائحة رقم 21 التي تنص على تسهيل إيصال أي مستلزمات خاصة بمكافحة وباء كورونا إلى مناطق النظام ومؤسساته، بما في ذلك شركة Polymedics LLC وشركة Letia Company أو أي كيان تمتلك فيه هاتان الشركتان 50% أو أكثر من أسهمها، والشركتان تملكهما "لينا محمد نذير الكناية" المقربة من "أسماء الأسد".


وقد شملت لائحة الاستثناء الأمريكي اللقاحات والأبحاث والخدمات اللازمة للعلاج، إضافة لمستلزمات الوقاية أياً كان مصدرها.


ومن الملاحظ أن الرخصة أعطت الصلاحية لجميع المنظمات والشركات التي ترغب باستيراد معدات مكافحة الوباء، ولكنها خصَّصت شركات مقربة من أسماء الأسد؛ كون أكثر المنظمات المدنية التي طالبت بالأمر كانت مقربة من أسماء الأسد، وأكدت اللائحة ألا تستفيد مؤسسات الجيش والأمن من أي تقنيات ممكن أن تدعم قدراتها الفنية.



ثالثاً: لائحة الاستثناءات من العقوبات الأمريكية في سورية 2022

صدرت اللائحة في 12 أيار/ مايو 2022 بعد يومين فقط من "مؤتمر دعم مستقبل سورية والمنطقة" المنعقد في بروكسل، حيث تبرعت الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوربي وبقية المانحين بمبلغ يزيد عن 6.4 مليار يورو، وبعد يوم واحد فقط من اجتماع الرباط الذي شارك فيه وزراء خارجية دول التحالف الدولي لهزيمة تنظيم داعش والذي أكد في بيانه الختامي على مواصلة دعم التحالف للتعافي والاستقرار المحليين بشكل شامل في المناطق المحررة من تنظيم داعش في العراق وسورية.

وقد شملت لائحة الاستثناء الأمريكي 12 قطاعاً اقتصادياً وخدمياً في مناطق شمال وشمال شرق سورية، دون أن تشمل مناطق سيطرة النظام السوري، ودون أن تشمل مناطق سيطرة هيئة تحرير الشام، وكذلك لم يذكر الاستثناء مناطق المعارضة السورية في منطقة عفرين والقرى التابعة لها، وكذلك لم يشمل الاستثناء منطقة تل رفعت التي تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية "قسد".

ويلاحظ أن هذه الرخصة شملت مجموعة من القطاعات الاقتصادية الرئيسية لبدء عملية تنمية في المناطق المذكورة، ولم تحدد اللائحة مدة زمنية للرخصة، ومن الملفت أن الرخصة سمحت للشركات أو المنظمات العاملة في القطاعات المذكورة بالاستفادة من مشتقات النفط السوري اللازمة لعملها، مع تأكيد اللائحة على أن مؤسسات النظام وشخصياته تبقى ضمن قائمة المحظورين، ويُمنع عليهم المشاركة أو الاستفادة من هذه الاستثناءات.



الخلاصة:


من خلال متابعة العقوبات الأمريكية ولوائح الاستثناءات تتضح الاستراتيجية الأمريكية في الضغط المستمر والطويل على النظام السوري وجميع الكيانات والشخصيات المرتبطة بالنظام، مع التقييم المستمر لآثار هذه العقوبات وفعاليتها والتأثيرات الجانبية التي تطال دوائر أوسع من النظام وبعضها غير مرتبطة به، لذلك كانت العقوبات الأمريكية تستثني بشكل مستمر القطاعات المدنية المرتبطة بالمدنيين.

وقد جاءت اللائحة الأولى من الاستثناءات عام 2020 لتتيح للشركات الأجنبية فرصة تخليص مصالحها في وقت زمني محدد بحيث لا تتضرر هذه الشركات بآثار تعاملاتها السابقة مع شركات مرتبطة بالنظام.

ثم جاءت اللائحة الثانية من الاستثناءات عام 2021 تجاوباً مع الظروف الاستثنائية التي شهدها العالم بانتشار وباء كورونا، وهذا الاستثناء وإن كان قد سمح للنظام بفرص استفادة في القطاع الصحي العام وما يتصل به من قطاعات المستلزمات الطبية إلا أنه جنّب الإدارة الأمريكية مسؤولية تفاقم الوضع الإنساني الذي كان يتعمده النظام بإهمال متعمد ليخلق ضغط الرأي العام عبر منظمات المجتمع المدني.

والأهم في استثناءات العقوبات الأمريكية هو اللائحة الثالثة التي تخدم الاستراتيجية الأمريكية العامة في عزل النظام ومناطقه فقط اقتصادياً وتحقيق أقصى درجات الضغط عليه، في حين تهدف الإدارة الأمريكية إلى خلق بيئة عمل مختلفة في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام، كما تهدف إلى إضعاف التبادلات التجارية نسبياً بين النظام والمناطق الخارجة عن سيطرته، وتوسيع إمكانية التبادلات التجارية بين هذه المناطق، وكذلك رفع الضغط عن الفاعلين الإقليميين والدوليين الداعمين للفاعلين المحلين في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام، وإتاحة المجال بشكل واسع للاستثمارات الدولية في هذه المناطق.


 

للاطلاع على الدراسة الكاملة للخريطة والرسوم البيانيّة (اضغط هنا)