وزير الخارجية الصيني في دمشق: تعقيد إضافي في مشهد لا ينقصه التعقيد
تحت المجهر | وزير الخارجية الصيني في دمشق: تعقيد إضافي في مشهد لا ينقصه التعقيد
وصل وزير الخارجية الصيني منتصف تموز/يوليو إلى دمشق، في زيارة هي الأولى من نوعها لمسؤول صيني منذ ما قبل عام 2011.
ويلاحظ بداية أن الصين التي دعمت النظام دبلوماسيًا، وخاصة في مجلس الأمن، اختارت عمليًا النَّأْي بالنفس عن التدخل المباشر في الأزمة، وهو ما يظهر على نحو خاص في غياب المسؤولين الصينيين عن دمشق والمحافل الدولية ذات الصلة بالقضية السورية كل هذه السنوات.
ورغم الاحتفاء الكبير للنظام بالزيارة، باعتبارها المخرج المثالي لأزمة إعادة الإعمار، نظراً لأن الصين تملك نظريًا القدرة على تمويل هذه العملية، إلا أن من المستبعَد أن تُقدم الصين على مثل هذه الخطوة بشكل كامل، نتيجة لغياب الجدوى الاقتصادية والسياسية منها.
وعلى ما يبدو، فإن الخطوة الصينية جاءت بترتيب مع الحليف الإيراني، حيث وقّع الطرفان في آذار/مارس الماضي اتفاقية شراكة إستراتيجية على المستويين السياسي والاقتصادي. وقدّمت إيران على ما يبدو حوافز للطرف الصيني للاستفادة من نفوذها في العراق وسورية، بما يزيد من أوراقها التفاوضية أمام بكين.
ووفقًا لمصادر مطلعة، فإنّ الحوافز الإيرانية تتعلق بشكل أساسي بربط ميناء "شلمجة" في إيران بميناء "البصرة" في العراق ثم بميناء "اللاذقية" في سورية. وقد شكّلت الصين وإيران لجانًا فنية خلال الأشهر الماضية من أجل دراسة المشروع.
ويُلاحَظ أن كل الترتيبات الصينية المتعلقة بهذا المشروع تمّت خلال الأشهر السابقة بعيدًا عن أي تنسيق مع حكومة النظام، والتي تم تأجيل الحديث معها إلى حين زيارة وزير الخارجية الصيني إلى دمشق.
ويُعتقَد بناءً على المعطيات المتوفِّرة، وتحليل السياسة الصينية عمومًا، أن بكين سوف تسعى إلى حَصْر أنشطتها في سورية في إطار المشاريع الفرعية لمشروع الحزام والطريق، بحيث تتولى مع الطرف الإيراني حماية الطريق الواصل بين ميناءَيْ البصرة واللاذقية، دون تحمُّل الكلف الاقتصادية والسياسية لإعادة الإعمار في بقية المناطق السورية.
ومن جهتها، تعمل حكومة النظام على تعظيم المردود الاقتصادي والسياسي للنشاط الصيني المحتمَل إلى أقصى درجة، رغم أن التوجه الصيني الحالي يُخالف رغبة النظام في أن يكون التعاون بين بكين ودمشق مباشرًا، وهو ما لا يبدو أن بكين مقتنعة بإمكانيته وجَدْواه، نظرًا لحالة الضعف والترهُّل التي يعيشها النظام تحت وطأة ضغط حلفائه وهيمنتهم على الموارد والسلطات كافة.
إن دخول الصين إلى سورية، ولو بمشروع محدَّد، يُساهم بكل تأكيد في تعقيد المشهد بصورة أكبر مما هو عليه الآن، فمناطق النظام سوف تشهد تزاحمًا لثلاثة فاعلين كبار، متفقين على الاستفادة من حالة الفشل التي وصلت إليها الدولة السورية، ومختلفين في كل ما عدا ذلك. وعلى المستوى الخارجي سوف تدخل سورية ضِمن مشهد الصراع "الصيني-الأمريكي"، بالتوازي مع تشابُك المصالح الصينية مع تركيا ودول الخليج وحتى الاتحاد الأوروبي.
وحدة التحليل والتفكير - مركز جسور للدراسات
للإشتراك في قناتنا على التيليغرام اضغط هنا