تمهيد
تُعدّ سورية تاريخياً منطقة نفوذٍ لروسيا في الشرق الأوسط، حيث امتلكت قاعدة بحرية هناك منذ بداية السبعينيات، وأقامت علاقات وثيقة مع نظام الأسد الأب، واستمرَّت هذه العلاقات مع نظام الأسد الابن.
ومع انطلاق الاحتجاجات الشعبية في سورية عام 2011، وقفت روسيا بشكل واضح ضدَّ مساعي إسقاط النظام السوري، واستخدمت القوَّة العسكريَّة والدعم الاقتصادي المشروط والنفوذ الدبلوماسي، ولم تتوانَ عن استخدام حقِّ النقض في مجلس الأمن 16 مرة للحيلولة دون إدانة النظام(1).
وجاء تدخُّل روسيا العسكري في نهاية أيلول/سبتمبر 2015 ليكون أحد العوامل الخارجيَّة الرئيسيَّة التي منعت سقوط النظام السوري، والذي كان يمكن أن يحدث خلال أسابيع، وفقاً لما قاله وزير الخارجيَّة الروسي في وقت لاحق(2).
وعملت روسيا منذ قدومها إلى سورية على تقوية بنية النظام، من خلال تعزيز المركزيَّة فيه، ومحاولة إنهاء الأشكال الميليشاويَّة.. إلخ، وعملت على إحداث تغييرات في بنية الجيش، باستحداث فرق جديدة؛ كالفيلق الخامس. لكنَّ هذه الجهود لم تُحقِّق الكثير من التغيير في بنية النظام، خاصَّة مع وجود التأثير الإيراني المعاكس.
وبالمقابل، تغاضت روسيا عن كلِّ الضربات التي نفَّذتها القوى الدوليَّة والإقليميَّة ضدَّ مصالح النظام السوري، طالما أنَّها لم تُشكِّل تهديداً لبنية النظام، وهذا ينطبق على معظم الضربات التي نفَّذتها إسرائيل منذ عام 2013، وإن كانت قد استخدمت أدواتها الدبلوماسيَّة لوقف بعض تلك الضربات والعمليات، مثلما فعلت في آب/ أغسطس 2013، عندما قدَّمت لإدارة أوباما عرضَ تسليمِ الأسلحة الكيميائيَّة مقابل وقف الضربة الأمريكيَّة.
وقد تمكَّنت روسيا من خلال تدخُّلها في سورية من تحقيق جملة من الأهداف على المستوى الداخلي والخارجي، لكنَّها فشلت بالمقابل في تحقيق أهدافٍ أخرى.
اعتمدت الاستراتيجيَّة العسكريَّة الروسيَّة في سورية بشكلٍ أساسي على التفوّق الجوي، مع تدخُّلٍ محدودٍ على المستوى البري، والذي استندت فيه أساساً إلى المرتزقة الذين تنفي وجودهم في سورية حتَّى اليوم، مع تمركز معظم القوَّات الروسيَّة البريَّة النظاميَّة بعيداً عن ساحات القتال المباشرة.
وساعدت هذه الاستراتيجيَّة في تخفيض الكلفة السياسيَّة للتدخل على المستوى المحليِّ الروسي(3)، لكنَّها عظَّمت بالمقابل من الميزة النسبيَّة للدور الإيراني في سورية، والذي بقي محوريَّاً فيما يتعلَّق بالمعارك البريَّة.
وجاء تحقيق الأهداف الروسيَّة بتكلفة إنسانيَّة عالية، حيث اعتمدت روسيا منذ بداية تدخُّلها سياسة الأرض المحروقة، واستخدمت الغارات الجويَّة لاستهداف المواقع الحيويَّة، وخاصَّة المشافي ومراكز الدفاع المدني، وارتكبت مئات المجازرِ بحقِّ المدنيين.
وتعدُّ القوَّات الروسيَّة مسؤولةً بشكل مباشر عن مقتل حوالي 8400 مدني منذ أيلول/سبتمبر 2015 وحتَّى نهاية آب/أغسطس 2020(4).
وتقدم هذه الدراسة قراءة تحليليَّة لخمس سنواتٍ من التدخُّل الروسيِّ في سورية، وما حقَّقته روسيا في هذه السنوات، وما فشلت في تحقيقه، كما تحاول استقراء الدور الروسيِّ المستقبلي، ورؤيتها للحلِّ السياسي.
أولاً: دوافع التدخل الروسي
منذ بداية الأزمة في سورية، حشدت القيادة الروسيَّة كلَّ طاقاتها الدبلوماسيَّة والسياسيَّة لدعم نظام الأسد، وقد أخذ هذا الدعم في الفترة من 2011 وحتَّى الربع الثالث من 2015 شكل الدعم الدبلوماسي والسياسي، حيث قاد وزير الخارجيَّة الروسي سيرغي لافروف مباحثات ماراثونيَّة مع نظيره الأمريكي آنذاك جون كيري، والتي أفضت إلى عددٍ من التوافقات بين الطرفين، وأصبحت لاحقاً مرجعاً أساسيَّاً للحلِّ في سورية، مثل وثيقة جنيف 1، كما تمكَّنت توافقاتهما من اعتماد قراراتٍ دوليَّة مرجعية، مثل قرار مجلس الأمن 2254.
إلا أنَّ روسيا أدركت في عام 2015 أنَّ هذا الجهد الدبلوماسي والسياسي، مصحوباً بالدعم اللوجستي والعسكري، لم يعد كافياً لتحقيق مصالحها في سورية، الأمر الذي دفعها للتدخُّل المباشر، حيث بدأت أولى غاراتها هناك يوم 30 أيلول/سبتمبر 2015(5).
وقد أعلنت روسيا مراراً وتكراراً أنَّ تدخُّلها في سورية جاء لمواجهة تنظيم داعش وجبهة النصرة، ضمن الحرب الدوليَّة على الإرهاب، إلا أنَّ تتبُّع الغارات الروسيَّة يظهر استهدافاً محدوداً للغاية لهذين التنظيمين، مقابل تركيز شبه مطلق على الأهداف المدنية، والتي شكَّلت الغالبيَّة العظمى للغارات الروسية، إضافة إلى استهداف فصائل المعارضة المسلحة غير المصنفة على قوائم الإرهاب.
ويمكن حصر الدوافع الروسيَّة الفعليَّة للتدخُّل فيما يلي:
1. منع سقوط النظام السوري
يمثِّل نظام الأسد الحامل الرئيسي للمشروع الروسي في سورية، إذ ارتبط هذا النظام مع موسكو بحلف طويل الأمد منذ السبعينيات، وانعكس هذا الحلف في إقامة قاعدة بحريَّة عسكريَّة في طرطوس منذ عام 1971، وهي المنفذ الروسي الوحيد على حوض البحر المتوسط، بالإضافة إلى تدريب آلافٍ من الضباط السوريين في روسيا، واعتماد الجيش السوري على الأسلحة الروسيَّة، إلى غير ذلك من مظاهر النفوذ.
وقد أدركت روسيا في عام 2015 أنَّ معادلات الوضع الميداني لا تصبُّ في صالح النظام السوري، حيث كان قاب قوسين أو أدنى من السقوط(6)، رغم الدعم الإيراني المباشر، وهو ما يعني حكماً خسارة نفوذها التقليدي في سورية، بما في ذلك قاعدتها الاستراتيجيَّة في طرطوس(7).
2. الشرعيَّة الداخليَّة
استطاع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إعادة التماسك السياسي والاقتصادي للدولة الروسيَّة، فقد بنى جزءاً من شرعيَّته الداخليَّة عبر تقديم نفسه كرجل دولة قوي يحاول استعادة مكانة روسيا على الساحة الدوليَّة، ويواجه الهيمنة الأميركية على النظام الدولي، وأنَّه يعمل على استعادة الصورة الإمبراطوريَّة لروسيا، وهو أمر مهم لدى الكثير من الروس(8).
وقد نجح التدخُّل في سورية إلى حدٍ كبير في تحقيق هذا الهدف، وهو ما انعكس على شعبية بوتين، التي ارتفعت إلى مستويات غير مسبوقة بعد التدخُّل مباشرة(9).
3. استغلال الانسحاب الأمريكي من المنطقة
جاء التدخل الروسي في سورية مدفوعاً بنوايا روسيَّة لملء الفراغ الناجم عن الانكفاء الأميركي الجزئي من المنطقة، بعد انسحاب القوات الأميركية من العراق خلال فترة رئاسة الرئيس باراك أوباما، وعدم رغبة واشنطن آنذاك في التدخُّل بشكل فاعل في المشهد السوري.
وقد شكَّلت سورية ساحة مناسبة بالنسبة الى موسكو لملء هذا الفراغ، باعتبار أنَّها ساحة نفوذ روسي تاريخيَّاً، ومن السهل على روسيا توسيع دورها فيه(10).
وتظهر قراءة المعطيات أنَّ الولايات المتحدة لم تُمانع على الأقل من حصول التدخُّل العسكري الروسي في سورية، بل وربَّما شجَّعوا عليه ضمنيَّاً، في مسعى لاستنزاف روسيا في المستنقع السوري(11)، وهو ما قد يفسره فشل روسيا خلال خمس سنوات من التدخُّل في الوصول إلى حلٍّ سياسيٍّ أو حالة استقرار نهائيَّة.
4. تقديم نموذج بديل للتدخل
فور تدخلها في سورية سارعت روسيا إلى تركيز جهودها على المؤسسة العسكرية التابعة للنظام، بهدف تقديم نموذج بديل ناجح عن النموذج الغربي تجاه النزاعات في المنطقة والذي كان يخلص إلى دولة هشة وجيش مفكّك بما يجعلها غير قادرة على فرض السيطرة على البيئة الأمنية. وعليه بذلت روسيا جهداً كبيراً -وما زالت- لإنجاح إصلاح عسكري في مؤسسة الجيش بإعادة تشكيله من جديد مع التركيز على تعليم وتدريب العسكريين ومراقبة عملية الانتقال مع ضمان الاستقرار(12).
ثانياً: ماذا حقَّقت روسيا من تدخُّلها؟
تمكَّنت روسيا خلال خمس سنوات من تدخُّلها من تغيير توازنات المشهد في سورية بشكل كامل، ويمكن حصر أهمِّ آثار هذا التدخُّل في النواحي التالية:
1. تثبيت النظام وتوسيع هامش سيطرته
نجحت موسكو في تدخُّلها السياسيِّ والعسكريِّ في سورية في منع السقوط الوشيك للنظام، كما تمكَّنت من زيادة مساحة سيطرته بشكل كبير.
وكان النظام عند بدء التدخُّل الروسي في نهاية أيلول/سبتمبر 2015 يُسيطر فقط على حوالي ربع الأراضي السورية(13)، فيما أصبح يُسيطر في نهاية أيلول/سبتمبر 2020 على حوالي 63.3% من الأرض(14).
ولم تتمكَّن فصائل المعارضة المسلحة من تحقيق أيِّ تقدُّم ميداني على الإطلاق منذ التدخُّل الروسي وحتَّى اليوم، كما أنَّ المعارضة خسرت أهمَّ معاقلها في ظلِّ التواجد الروسي، وخاصَّة الجنوب السوري بأكمله، بما في ذلك ريف دمشق، بالإضافة إلى مدينة حلب.
2. تعزيز المكانة الدوليَّة لروسيا في النظام الدولي
عزَّزت موسكو عبر تدخُّلها في سورية من مكانتها في النظام الدولي، ومن علاقتها بالأطراف الفاعلة فيه مثل الولايات المتحدة وأوروبَّا بالتحديد عبر جولاتٍ طويلة من المفاوضات والأخذ والرد، واستخدام الفيتو، وفتح المعابر الإنسانيَّة في مجلس الأمن، ثمَّ تشكيل اللجنة الدستورية برعاية أممية وتحت مظلة الأمم المتحدة، وغيرها الكثير من المحطَّات التي أثبتت فيها روسيا حضورها الدولي، وقدرتها على حلِّ الأزمات أو تسهيلها وحتَّى تعقيدها.
وتمكَّنت روسيا من خلال تدخُّلها المباشر في سورية من التموضع في موقع الشريك المباشر بصياغة المشروع اللازم للخروج من الأزمة، وكان التجلِّي الأهم لذلك هو القرار 2254 الذي جرت صياغته والاتفاق عليه بين روسيا والولايات المتحدة، وحصل على إجماع مجلس الأمن .
واستغلَّت روسيا تدخُّلها في سورية للعودة كفاعلٍ رئيسيٍّ في المشهد الدولي، على الأقل في منطقة الشرق الأوسط، كما مهَّد النجاح الذي حقَّقته في سورية إلى توسيع تدخُّلها باتِّجاه ليبيا منذ النصف الثاني من عام 2019.
3. تثبيت الوجود العسكري في سورية وتوسيعه
تمكنت روسيا من خلال تدخُّلها في سورية من حماية قاعدتها العسكريَّة الموجودة أصلاً في سورية، وتمكّنت من توسيع قواعدها العسكرية منذ ذلك الحين إلى 24 قاعدة، إضافة إلى 42 نقطة مراقبة (انظر الخريطة).
وقّعت كلٌّ من موسكو ودمشق في نيسان/أبريل 2019 اتفاقيَّة تنصُّ على تأجير ميناء طرطوس للروس لمدَّة 49 عاماً للنقل والاستخدام الاقتصادي والعسكري، وقد تمَّ تصديق الاتفاقيَّة من قبل مجلس الشعب السوري في حزيران/يونيو 2019(16).
4. اختبار واستعراض وتسويق السلاح الروسي
استخدمت روسيا الساحة السوريَّة لاستعراض واختبار أسلحتها وتطويرها، ووفقاً للتصريحات الرسميَّة الروسيَّة، فإنَّ موسكو قامت باختبار 210 أنواع من الأسلحة في سورية(17).
وقد اعتبر الرئيس الروسي أنَّ الحرب في سورية كانت فرصة ثمينة بالنسبة لتطوير قدرات الجيش الروسي واختبار أسلحته(18).
وبالمجمل، فقد شكَّلت الأرض السورية ساحةً لتدريب القوَّات الروسيَّة، والتي لم تدخل في حالة حرب منذ سنوات طويلة(19).
5. الحضور كطرف أساسيٍّ في الحل
أصبحت روسيا بعد تدخُّلها في سورية طرفاً أساسيَّاً، أو حتَّى الطرف الأساسي في حلِّ الأزمة السورية، كما أصبحت عمليَّاً فاعلاً في مستقبل سورية على المدى البعيد(20).
ثالثاً: التحدِّيات التي تواجه الدور الروسي
واجه التدخُّل الروسيُّ عدداً من التحدِّيات الكبيرة التي حدَّت بشكلٍ كبير من نجاحات موسكو، وأدخلتها عمليَّاً في الدوامة السورية، وزادت من حجم تورطها في التفاصيل اليوميَّة، مع تأخُّرٍ في الجدول الزمنيِّ للحلِّ السياسي المنتظر، والذي يُفترض أن يُقدِّم لموسكو العوائد التي تنتظرها عمليَّاً.
ويمكن حصر هذه التحدِّيات فيما يلي:
أ. التحدِّيات الداخليَّة
1. إصلاح وإعادة هيكلة جيش النظام
مع بدء التدخُّل الروسي في سورية، كان الجيش السوري قد تحوَّل إلى فاعلٍ بين فاعلين آخرين كثر يُقاتلون إلى جانب النظام، حيث أدَّى تطبيق التوجُّه الإيراني منذ نهاية عام 2011 إلى إنشاء عددٍ كبير من الميليشيات العسكريَّة، بما في ذلك ميليشيات تتبع نظريَّاً للجيش نفسه، لكنَّها تحوَّلت بمرور الوقت إلى مؤسَّسات شبه مستقلَّة في قرارها العسكري والمالي.
وإلى جانب فوضى الميليشيات السورية التي تُقاتِل لصالح النظام كانت مناطق سيطرته في عام 2015 تعجُّ بالميليشيات الأجنبيَّة التي استقدمتها طهران، والتي تحوَّلت عمليَّاً إلى الفاعل الأقوى داخل مناطقه.
ويضاف إلى هذه العوامل، حالة الترهُّل التي كان يعيشها جيش النظام في ذلك الوقت، وهي حالة تعود في جزء منها إلى طبيعة الجيش السوري أصلاً، فيما يعود الجزء الآخر منها إلى الانشقاقات الكبيرة التي واجهها، والخسائر الفادحة التي تكبَّدها خلال سنوات الصراع الأربعة التي كانت قد مضت حتَّى ذلك الحين.
عملت روسيا منذ قدومها على إعادة هيكلة الجيش، وإنهاء الحالة الميليشياويَّة، والذي تكلل باستحداث "الفيلق الخامس-اقتحام" في تشرين الثاني/نوفمبر 2016، بعد حوالي عام على بدء التدخل الروسي(21).
وقد نجحت روسيا إلى حدٍ كبير في ضبط الحالة الميليشياويَّة في مناطق النظام، حيث أدمجت كلَّ الميليشيات التابعة للنظام في الفيلق الخامس أو عملت على حلِّها، وقامت بضبط تواجد الميليشيات الأجنبيَّة في مناطق جغرافيَّة مُحدَّدة، وحدَّت من احتكاكهم مع المدنيين.
لكنَّ نجاح موسكو في إعادة هيكلة الجيش بقيت محدودة للغاية، وأظهرت المعارك التي أشرفت عليها روسيا في إدلب خلال الفترة بين 2019-2020 عجز قوات النظام عن تحقيق إنجازاتٍ تذكر رغم كلِّ الدعم الجوي الروسي، كما أنَّ الفيلق الخامس أظهر قدرات هزيلة في القتال.
وصبَّت هذه المعطيات في صالح الوجود الإيراني، إذ ما زالت الميليشيات الأجنبيَّة المدعومة إيرانيَّاً هي الأقدر على القتال البري، نتيجة لدافعها العقائدي، مقابل غياب الدافع القتالي لدى القوَّات السورية الداعمة للنظام.
كما أنّ عدم تجاوز روسيا للتحدي الذي تفرضه ضرورة إصلاح المؤسسة العسكرية في سورية، تُقوّض أحد أهداف تدخلها بإحداث نموذج بديل وناجح للتدخّل والانتقال نحو الاستقرار.
2. التعامل مع الوجود الإيراني
تمثِّل العلاقة بين إيران وروسيا داخل سورية حالة إشكاليَّة ومعقَّدة، وهي علاقة تقوم على البراغماتية المطلقة لا الأهداف المشتركة، حيث يمتلك البلدان مصالح بينيَّة تُجبرهما على التنسيق المباشر في سورية وخارجها، وفي نفس الوقت فإنَّ أهدافهما في سورية تختلف إلى حدٍ كبير، الأمر الذي يجعل مشروعهما في حالة تصادم، وهو ما وصل إلى مرحلة الاشتباك الناري في عدَّة مرَّات(22).
وتملك الدولتان نفوذاً عميقاً داخل النظام السوري، بما في ذلك الجيش وأجهزة الأمن، ويسعى الطرفان إلى فرض رؤيتهما على شكل النظام والدولة في المرحلة الحاليَّة، وشكلها في المرحلة المستقبليَّة، الأمر الذي جعل بنية النظام ساحةً للصراع المتنامي والصامت بين الطرفين.
وشكَّلت العلاقة الروسيَّة مع إسرائيل أحد أبرز مصادر التوتُّر في العلاقة مع إيران، إذ أظهرت عشرات الغارات الإسرائيليَّة على أهداف إيران وحلفائِها في سورية وجود حالةٍ من التواطؤ -على أقلِّ تقدير- بين موسكو وتل أبيب.
ورغم تمكُّن روسيا منذ وصولها إلى سورية في نهاية عام 2015 من فرض هيمنتها المطلقة على السماء السوريَّة، وتسلُّمها الإدارة السياسيَّة للملفِّ السوري دوليَّاً، مستفيدة من فائض القوَّة الدبلوماسية الذي تملكه، إلا أنَّها لم تتمكَّن من تجاوز الميزة النسبيَّة للميليشيات الطائفيَّة الإيرانيَّة على الأرض، الأمر الذي يجبر موسكو على مراعاة المصالح الإيرانيَّة بشكل دقيق.
وبالمقابل، فإنَّ موسكو استخدمت الورقة الإيرانيَّة ضمن تفاوضها مع الولايات المتَّحدة، حيث ترى أنَّ ممارسة الضغط على الوجود الإيراني في سورية يتطلَّبُ ثمناً أمريكيَّاً بالمقابل، قد لا يكون أقلُّه الانسحاب من شرق الفرات.
ويُعتقد أنَّ المعضلة الإيرانيَّة سوف تمثِّل الإشكاليَّة الأهم أمام صانع القرار الروسي فيما يتعلق بحزمة الحل السياسي المستقبلي، إذ أنَّ هذه الحزمة ستعني وصول العلاقة بين الطرفين إلى لحظة المكاشفة، وربَّما الصدام العلني، إذ لن يكون من الممكن -نظريَّاً على الأقل- توقُّع صيغةٍ يتوافق فيها الروس والإيرانيون، وتحظى بذات الوقت بالموافقة الأمريكيَّة والإسرائيليَّة والتركيَّة.
3. العلاقة مع المكون الكردي
دخل حزب الاتحاد الديموقراطي بتحالفٍ سياسيٍّ مع الولايات المتَّحدة، وتحوَّل خلال السنوات القليلة الماضية إلى "حليفٍ مخلص" للولايات المتَّحدة (23). وبطبيعة الحال، فإنَّ هذا التموضع الكردي لا يرضي روسيا، مثلما لا يُرضي تركيا، فيما تحوّل في بعض الأحيان إلى أحد جوانب التقارب بين الدولتين.
وقد عملت روسيا خلال السنوات الماضية على استخدام استراتيجيَّة حوار السقف المرتفع مع الإدارة الكرديَّة، مستخدمة التهديد بالقوة التركيِّة غالباً. وتصرُّ روسيا في محادثاتها مع الطرف الكردي على ضرورة عودة النظام إلى كافَّة المناطق الكرديَّة، وإدماج قوات سورية الديموقراطيَّة تحت سقف جيش النظام.
وشهدت نهاية شهر آب/أغسطس 2020 اختراقاً مهمَّاً تمثَّل في توقيع توافقٍ بين مجلس سورية الديموقراطيَّة وحزب الإرادة الشعبيَّة، وهو حزبٌ سوري مقرَّب من موسكو، وحظي هذا الاتفاق برعاية وزارة الخارجيَّة الروسيَّة. وكان من أبرز مضامينه موافقةُ المجلس على ضمِّ قوات سورية الديموقراطية تحت مظلَّة جيش النظام.
وتظهر المقاربة الروسيَّة للشأن الكردي عدم رغبة روسية بالتصادم مع المقاربة الأمريكية بشكل مباشر ما أمكن، ولكنَّها في نفس الوقت تقوم بالترتيبات اللازمة للسيطرة على المنطقة في حالة حصول انسحاب أمريكي من سورية، وهو ما حصل مرَّتين في العامين الماضيين، وإنْ تمَّ التراجع عن القرار بسرعة بعد ذلك.
4. غياب الموارد الاقتصادية اللازمة
تسبَّبت العمليات العسكرية في سورية وخاصَّة ما قام به الطيران الروسي والسوري بحالة من الدمار الكبير في عددٍ من المدن الرئيسيَّة السورية، إضافة إلى تضرُّر في مجمل البنية التحتيَّة، وتضرُّر آلافٍ من المؤسَّسات الحيويَّة من مشافٍ ومدارس وغيرها.
وتتطلَّب إعادة الإعمار ضخَّ أموالٍ ضخمة تصل في أدنى التقديرات إلى 250 مليار دولار(24)، وهي أموالٌ لا تملك روسيا ولا حلفاؤها الآخرون القدرة على تقديمها، وتتطلَّب بالضرورة مشاركة من الغرب وحلفائه في إعادة الإعمار، وهو أمر مشروط حتَّى الآن بالتوصُّل إلى حلٍّ سياسي، يوافق الغرب على مضمونه. ويعني تأخُّر إعادة الإعمار بالنسبة لروسيا أنَّ العقود التي أبرمتها أو قد تبرمها الشركات الروسيَّة في سورية الآن ستبقى دون جدوى اقتصاديَّة، وأنَّ تدفُّق العملات الأجنبيَّة على الشركات والأعمال الروسيَّة سيبقى مُعطَّلاً(25). وإلى جانب الأهميَّة الاقتصاديَّة المباشرة لهذا الأمر، فإنَّ تأخُّر العوائد الاقتصاديَّة للتدخُّل يتسبَّب بآثارٍ سياسيَّة سلبيَّة في الداخل الروسي، حيث تمَّ تسويق هذا التدخُّل محليَّاً باعتباره بوَّابة لازدهار اقتصادي قادم(26).
ب. التحدِّيات الخارجيَّة
1. الوجود الأمريكي
بدأت الحملة الدوليَّة التي تقودها واشنطن ضدَّ تنظيم داعش قبل عامٍ من التدخُّل الروسي، ومنحت الحملة غطاءً سياسيَّاً وقانونيَّاً للتدخُّل في سورية، وهو ما تحوَّل لاحقاً إلى وجود عسكري مباشر في سورية، وتُشرف الولايات المتحدة الآن بشكل مباشر على حوالي 30% من الأرض السورية، بما في ذلك مناطق السيطرة الكرديَّة، ومنطقة التنف التي تتواجد فيها فصائل للمعارضة السورية(27). ويشكِّل الوجود الأمريكي عائقاً أمام المشروع الروسي في سورية، وخاصَّة من جهة سيطرته على معظم الموارد النفطيَّة والغازيَّة في سورية، بما يحدُّ بشكلٍ كبير من الموارد التي تصل إلى النظام، وبما يمكِّن واشنطن من الضغط المباشر عله، حتَّى في موارد النفط والغاز التي يرغب بشرائها من الإدارة الكرديَّة المدعومة أمريكيَّاً.
2. أدوات الضغط الأمريكي
تمتلك الولايات المتَّحدة مجموعة واسعة من الأدوات السياسية والقانونية التي تُمكنها من محاصرة المشروع الروسي في سورية، وقد شكَّلت هذه الأدوات تحدِّياً كبيراً أمام نقل الإنجازات العسكريَّة الروسيَّة إلى وقائع سياسيَّة كما ترغب موسكو.
وتُشكِّل العقوبات الأمريكيَّة إحدى أبرز هذه الأدوات، حيث تملك واشنطن من خلالها القدرة على منع الشركات حول العالم من التعامل مع النظام ككل أو مع شخصيَّات داخله، ويمثِّل قانون قيصر الذي دخل حيِّز التنفيذ في حزيران/يونيو 2020 أبرز محطَّات هذه العقوبات.
كما تملك الولايات المتَّحدة بحكم علاقاتها الدوليَّة القدرة على فرض عقوباتٍ على النظام من قبل أطراف أخرى، والقدرة على رفع العقوبات التي فُرضت في مراحل سابقة، إذ تتمكن واشنطن بحكم علاقتها مع الاتحاد الأوروبي من فرض عقوبات أوروبيَّة على النظام، ووقف بعض الدول الأوروبيَّة الراغبة في تطبيع العلاقة معه، كما قامت واشنطن بوقف جهود بعض الدول العربية الرامية إلى رفع العقوبات المفروضة على النظام، بما في ذلك تجميد عضويته في جامعة الدول العربية.
وقد أدَّت الأدوات الأمريكية السياسيَّة والقانونيَّة إلى وضع عراقيل عملية أمام الطموحات الروسيَّة لتثبيت الحلِّ السياسي في سورية، بما يسمح بإطلاق عملية إعادة الإعمار هناك، وتدرك موسكو أنَّ أيَّ حلٍّ لا يمكن أن يمرَّ إلا عبر البوابة الأمريكية، وهو ما يدفعها دائماً إلى محاولة التوصُّل إلى صيغٍ مقبولة ولو بالحد الأدنى مع واشنطن، والعمل على توسيع مجموعة الخيارات التي تملكها موسكو في التفاوض على الحل في سورية.
3. المخاوف الإسرائيليَّة
تمكَّنت إسرائيل وروسيا من تنسيق العلاقة بينهما بشكل كبير منذ بداية التدخُّل الروسي، وتمكَّنت إسرائيل من خلال هذا التنسيق من تنفيذ غاراتٍ على الأراضي السورية بشكل منتظم تقريباً.
واجهت هذه العلاقة أزمةً كبيرة بعد قيام طائرة إسرائيليَّة بالتسبُّبِ بإسقاط طائرة روسيَّة في أيلول/سبتمبر 2018. إلا أنَّ الأشهر التالية شهدت وصول تل أبيب وموسكو لتسوية بخصوص هذه الحادثة، وعادت الطائرات الإسرائيليَّة لنشاطها الهجومي على الأهداف الإيرانيَّة داخل سورية، وبشكل أوسع مما كان عليه قبل سقوط الطائرة الروسيَّة.
وتشير التفاهمات الروسيَّة-الإسرائيليَّة في تنفيذ هذه الهجمات إلى موافقةٍ روسيَّةٍ ضمنيَّة على قيام إسرائيل باستهداف إيران ووكلائها دون محاولة إسقاط نظام الأسد، وهي موافقة مبنيَّة على تعهُّد إسرائيليٍّ بعدم استهداف الأسد ما لم يسمح للإيرانيين باستهداف إسرائيل(28). وتدرك روسيا أهميَّة تل أبيب في صياغة الحلِّ النهائي في سورية، ولذا فإنّ موسكو تحاول قدر الإمكان مراعاة التحفُّظات الإسرائيليَّة، والعمل على تقديم التنازلات لها، وخاصَّة على حساب شريكها الإيراني.
4. العلاقة مع تركيا ووجود قوَّاتها في الشمال
شهدت العلاقة التركيَّة-الروسيَّة في سورية تحوّلاً جذرياً في نهاية 2016، بعد حوالي عامٍ من التصعيد الكبير بين البلدين على خلفية إسقاط تركيا لطائرة حربيَّة روسيَّة في نوفمبر 2015، وانعكس هذا التحوُّل في الموقف الروسي من العمليات العسكريَّة المتتالية في سورية (درع الفرات في 2016 وغصن الزيتون في 2018 ونبع السلام في 2019).
إلا أنَّ العلاقة بين الطرفين تشهد عدداً كبيراً من التحدِّيات، والتي تضطرُّ الدولتين إلى عقد قِمم متواصلة واجتماعات دوريَّة رفيعة المستوى بغية العمل على تجاوزها، وكثيراً ما تصل هذه اللقاءات إلى طرق مسدودة، نظراً للتعارض الكليِّ أحياناً في مصالح الدولتين في سورية، إلا أنَّ تقارب المصالح في ملفَّاتٍ أخرى يبقي حالة الحوار بينهما قائمة.
خلاصة
منذ استقرار الأوضاع العسكريَّة في سورية إلى حدٍّ كبير، وتحديداً بعد السيطرة على الجنوب السوري في صيف 2018، بدأت روسيا تعمل بشكل حثيث على صياغة المعطياتِ السياسية للحلِّ في سورية، حيث تعمل على عدد من المحاور، أهمُّها:
• إعادة بناء النظام السوري، بما يكفل استمراريَّته وتماسكه وقدرته على حماية المصالح الروسيَّة على المدى البعيد، وتشمل هذه العملية تحييد الدور الإيراني داخل النظام، وتحويل مؤسَّسة الجيش والأمن إلى شكلٍ مؤسَّساتي وحرفي، وبما يبقيها ضمن دائرة السيطرة الروسيَّة.
• العمل ما أمكن على تغيير الوقائع على الأرض، بما يصعب تغييره في مرحلة الحلِّ النهائي، حتَّى لو أراد أحد الفاعلين الدوليين فرض معادلاته آنذاك.
• محاولة بناء معارضةٍ منافسة للمعارضة التقليديَّة، بما يمكِّن روسيا من إنتاج "حكومة وحدة وطنيَّة" أو هيئة حكم انتقالي، وما يتبعها أو يوازيها من إنتاج دستورٍ جديد وإجراء انتخابات، دون مشاركة المعارضة التقليديَّة التي أصبحت تحت الرعاية التركيَّة، وفي أحسن الأحوال فإنَّ المعارضة التي ترعى روسيا سوف تتقاسم حصَّة المعارضة مع تلك التقليديَّة.
• محاولة إنتاج حلول تراعي مصالح الأطرافِ الإقليميَّة والدوليَّة الفاعلة، وبشكل خاص الولايات المتَّحدة، ثمَّ إيران وتركيا وإسرائيل، وانتظار الظرف المناسب دوليَّاً لتقديم حزمة الحل الروسيَّة إلى المجتمع الدولي.
وتعوِّل روسيا على أنَّ التواجد الأمريكي في سورية ربَّما ينتهي في أيِّ لحظة، ولذا فإنَّها تتهيَّأ لوراثة الدور الأميركي، كما فعلت عندما انسحبت القوات الأميركية جزئيَّاً من بعض قواعدهم في شرق الفرات، وسوف تزيد فرص هذا الانسحاب، وخاصَّة الفجائي منه في حالة فوز ترامب بولاية ثانية، أو في أعقاب خسارته وقبل تسليم مقاليد السلطة لمنافسه الديموقراطي، حيث ربَّما يرغب ترامب في إرباك المشهد في المنطقة ليترك إرثاً صعباً أمام خصمه.
كما تعوِّل روسيا على قدرتها على فرض ما تشاء من حلول على النظام، إلا أنَّ هذه القدرة سوف تكون على المحكِّ عندما تحين لحظة فرض الحلول القاسية، حيث يُتوقَّع أن تواجه روسيا تعنُّتاً إيرانيَّاً شديداً، ما لم تكن إيران جزءاً أساسيَّاً من صيغة الحلِّ التي ستتبناها موسكو.
ويمكن القول بأنَّ روسيا نجحت في تحقيق أهدافِها الأوليَّة للتدخُّل في سورية على المستوى العسكري، وخاصَّة فيما يتعلَّق بإنقاذ النظام الذي كان آيلاً للسقوط، إلا أنَّ نجاح روسيا على المستوى السياسي ما زال محدوداً، ففرص موسكو لفرضِ حلٍّ سياسيٍّ نهائي دون موافقة أمريكية تبدو معدومة تقريباً، حيث لا تملِك روسيا وحلفاؤها المقدَّرات الماليَّة اللازمة لإطلاق إعادة الإعمار في سورية، وهي العمليَّة التي يمكن أن تُحقِّق لروسيا بعضاً من أهم المخرجات المعلَّقة لتدخُّلها المكلف في سورية، كما أنَّ روسيا لا تملك القدرة على رفع العقوبات المفروضة على النظام، وهو شرطٌ أساسيٌّ لإعادة تأهيله دوليَّاً، كما لا تملك وحدها القدرة على الحصول على اعتمادٍ دوليٍّ لحلولها الأحاديَّة.
الهوامش:
4- مقابلة أجراها فريق مركز جسور مع محمود الأرمنازي، مسؤول التوثيق في اللجنة السورية لحقوق الإنسان، 23/9/2020.
5- Russia begins Syria air strikes in its biggest Mideast intervention in decades, Reuters, 30/9/2015: https://reut.rs/3iaqCdM 7- The Link Between Putin’s Military Campaigns in Syria and Ukraine, The Atlantic, 2/10/2015: https://bit.ly/2HpqSZM
8- مقابلة أجراها فريق مركز جسور للدراسات مع د. نصر اليوسف، الخبير في الشأن الروسي، 19/9/2020.
11- مقابلة أجراها فريق مركز جسور للدراسات مع د.محمود الحمزة، الأكاديمي والخبير في الشأن الروسي، 19/9/2020.
12- أليكسي حليبينيكوف، "روسيا والإصلاح العسكري السوري: التحديات والفرص". مركز كارنيغي للشرق الأوسط، 26/3/2020: https://bit.ly/34b0Kt5 14- خريطة النفوذ العسكري في سورية، مركز جسور للدراسات، 1/9/2020: https://bit.ly/3hTIFon 15- مقابلة أجراها فريق مركز جسور مع د. قدري جميل رئيس حزب الإرادة الشعبية، 20/9/2020.16- مجلس الشعب يقر مشروع القانون المتضمن تصديق العقد الموقع بين مرفأ طرطوس وشركة روسية، وكالة الأنباء السورية (سانا)، 12/6/2019: https://bit.ly/2FSw3Rw 19- مقابلة أجراها فريق مركز جسور للدراسات مع د.محمود الحمزة، الأكاديمي والخبير في الشأن الروسي، 19/9/2020.20- مقابلة أجراها فريق مركز جسور للدراسات مع د. أحمد طعمة، رئيس وفد المعارضة إلى مباحثات أستانا، 18/9/2020.21- أليكسي حليبنيكوف،" روسيا والإصلاح العسكري السوري: التحديات والفرص" مركز كارنيغي للشرق الأوسط، مارس ٢٠٢٠، https://carnegie-mec.org/2020/03/26/ar-pub-81213 22- Russia and Iran in Syria—A random partnership or an enduring alliance?, The Atlantic Council, 17/6/2020, P1-2:https://bit.ly/36fs5NI 23- Republican allies blast Trump’s decision to hand northern Syria over to Turkey, CNBC, 8/10/2019:https://cnb.cx/34553Gy 24- No One Wants to Help Bashar al-Assad Rebuild Syria, The Atlantic, 15/3/2019:https://bit.ly/3cC0ZS5 25- Russia’s Eye on Syrian Reconstructionn, Carnegie Endowment, 31/1/2019:https://bit.ly/3kSGXWf 26- مقابلة أجراها فريق مركز جسور للدراسات مع د.محمود الحمزة، الأكاديمي والخبير في الشأن الروسي، 19/9/2020.27- خريطة النفوذ العسكري في سورية، مركز جسور للدراسات، 1/9/2020: https://bit.ly/3hTIFon