النظام السوري يستغلّ أزمة اللاجئين اللبنانيين
أكتوبر 21, 2024 1230

النظام السوري يستغلّ أزمة اللاجئين اللبنانيين

حجم الخط


سارع النظام السوري لاستغلال الأزمة الإنسانية في لبنان، بعد توافُد آلاف اللبنانيين إلى مناطق سيطرته فارِّين من الضربات الإسرائيلية المستمرة على حزب الله منذ 24 أيلول/ سبتمبر 2024؛ حيث وجّه بشار الأسد تعليمات لمسؤولي النظام بإظهار الاهتمام بهذه الأزمة، بدءاً من المعابر الحدودية ومروراً بالحواجز ووصولاً للخدمات والمساعدات التي تقدمها المؤسسات الحكومية والجمعيات الخيرية، في سعي واضح منه لتحقيق أهداف عدّة، أبرزها:

1. محاولة استجرار الدعم الإنساني:

يعمل النظام على إظهار ما يحصل في لبنان كأزمة إنسانية متفاقمة تزيد من أعبائها عليه، وبدا ذلك بوضوح في استقبال بشار الأسد بتاريخ 8 تشرين الأول/ أكتوبر مفوض الأمم المتحدة السامي لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي، حيث قال له إنّ النظام مستعد رغم كل التحديات للتعاون مع المنظمات الدولية من أجل مواجهة هذه الأزمة. وعلى غرار كارثة الزلزال يبذل النظام كل جهوده من أجل استجرار الدعم إلى مناطقه، بذريعة استقبال هذه الأعداد الكبيرة من اللاجئين، فضلاً عن محاولته رفع العقوبات الغربية عنه، أو على الأقل توسيع نطاق الإعفاءات من العقوبات تحت بند المساعدات الإنسانية.

2. محاولة استجرار الدعم الاقتصادي:

يتعمّد النظام إظهار تفاقُم أزمة النقل في مناطق سيطرته تزامُناً مع استقباله للاجئين اللبنانيين والسوريين، وربما يستخدم ذلك كأداة للضغط على إيران من أجل استجرار مزيد من دعمها له في المشتقات النفطية، حيث يُتوقّع أن يطالبها بتقديم التسهيلات له بموجب خط الائتمان؛ كون عدم تنفيذه للاتفاقيات الثنائية لطالما ساهم بوقوع انقطاعات مستمرة في وصول المحروقات من إيران، التي تُؤمّن له ما بين 25 و50% من احتياجاته اليومية.

من جانب آخر، قد يستخدم النظام دعايته بوجود أزمة محروقات متفاقمة في مناطقه لمساومة الإدارة الذاتية على زيادة حجم شحنات النفط التي توردها إليه، مقابل إطلاق جولة مفاوضات ثنائية معها بعدما كان يرفض استئنافها في الفترة الماضية.

3. محاولة التغطية على موقفه السلبي من الحرب:

يعمل النظام على إشغال جمهور محور المقاومة عن موقفه من الحرب، في ظل اتباعه سياسة انكفاء سياسي وعسكري في تعامُله مع الحزب، واكتفائه بإصدار بيانات الإدانة ومطالبة الأمم المتحدة بالتدخل لوقف الحرب؛ حيث أظهر النظام أولوية تقديم الدعم للبنانيين دوناً عن السوريين الفارين من الحرب، وأوعز بشار الأسد لحكومته الجديدة في أول يوم عمل لها بتاريخ 24 أيلول/ سبتمبر من أجل تقديم مختلف أنواع الدعم لهم في قطاعات الصحة والنقل والسكن والإغاثة وتسهيل مرورهم من المعابر الحدودية. جاء ذلك بخلاف التعامل مع السوريين الذين يُفترض أن تُقدّم الحكومة كافة إمكانياتها لمساعدتهم.

4. محاولة تعزيز الانشقاق في الاتحاد الأوروبي:

تعامل النظام مع اللاجئين السوريين العائدين من لبنان بأساليب قائمة على الابتزاز المادي في المعابر والحواجز فضلاً عن التشديد الأمني الذي يصل أحياناً إلى الاحتجاز أو الاعتقال. ومع ذلك حرص على استقبال آلاف العائدين، في محاولة لتوظيف هذا الملف، وتعزيز سياساته الهادفة إلى إقناع الأوروبيين بأنّ مناطقه باتت مهيئة لعودة اللاجئين، وأنّ استقباله لهم ينبغي أن يُقابَل بإعادة العلاقات معه ورفع العقوبات عنه، مستغِلاً الانقسام داخل الاتحاد الأوروبي بشأن الموقف من اللاجئين، والذي ساهم بإصدار 8 دول على رأسها إيطاليا وثيقة اللاورقة التي تدعو إلى إعادة تقييم الوضع في سورية بما في ذلك العلاقات مع النظام.

بالمحصّلة يستغلّ النظام السوري الأزمة الإنسانية في لبنان اقتصادياً ودعائياً وسياسياً، في محاولة لتكرار النهج الذي اتبعه عند وقوع كارثة الزلزال عام 2023، بالحصول على مكاسب من أطراف ومنظمات دولية عديدة، دون أن يُبدي مقابِلَها استجابةً لتعديل سلوكه أمنياً وسياسياً، مع استمرار تلاعُبه وتوظيفه لهذه الأزمة في كسب الولاء له سواء من اللاجئين اللبنانيين أم السوريين.