الأسد يستفيد من حرب غزة وإسرائيل تُدمّر الدفاعات الجوية السورية
ديسمبر 02, 2023 1810

الأسد يستفيد من حرب غزة وإسرائيل تُدمّر الدفاعات الجوية السورية

حجم الخط


نشر موقع  ( The National News ) مقالاً بقلم الكاتب الأردني خالد يعقوب عويس بعنوان "الأسد يستفيد من حرب غزة، وإسرائيل تُدمّر الدفاعات الجوية السورية" تحدث عن أثر الحرب الدائرة في غزة على النظام السوري, وكيف أن كلاً من الضربات الإسرائيلية على الأراضي السورية والحرب على غزة عموماً ساعدت النظام في عدة أمور.     

نص الترجمة     

في يوم صيفي من عام 2006، عندما كانت قيادة حماس لا تزال في دمشق، حلّقت طائرات مقاتلة إسرائيلية فوق قصر الإقامة الصيفية لرئيس النظام السوري بشار الأسد الواقع على ساحل البحر المتوسط في اللاذقية. كانت مناورة حزيران/ يونيو 2006 بمثابة تحذير للأسد بشأن الكلفة التي يمكن أن يدفعها مقابل إيواء قادة حركة حماس، والتي أصبحت منذ ذلك الحين تتأثر بشكل متزايد بإيران، وقد كانوا في ذلك الوقت يديرون صفقة صعبة في محادثات تبادل الأسرى مع إسرائيل بعد خطفهم للجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط.     

بينما يبدو أن سلاح الجو الإسرائيلي لم يحلّق فوق قصر الأسد منذ ذلك الحين، إلا أنه على مدى العقد الماضي، قام مراراً وتكراراً بضرب الميليشيات الإيرانية التي تكاثرت في سورية منذ انتفاضة عام 2011. وقد استهدفت الغارات الإسرائيلية بشكل متزايد الوحدات العسكرية النخبوية في قوات النظام السوري إضافة إلى المطارات الرئيسية في البلاد، تسارعت وتيرة الغارات في الأسابيع الأخيرة حيث أطلقت بعض هذه الميليشيات صواريخ بشكل متقطع على أهداف إسرائيلية دعماً لحماس في حرب غزة، كما تعرض مطار دمشق للقصف على الأقل 3 مرات منذ أن شنت إسرائيل حملة جوية وبرية شاملة على غزة رداً على هجوم حماس على جنوب إسرائيل في 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023.     

تعرض المطار، الذي يقع على الطرف الجنوبي الشرقي للعاصمة، لأحدث هجوم بالصواريخ الأحد 27 تشرين الثاني/ نوفمبر، بين أهداف أخرى حول المدينة، مما أدى إلى إيقاف عملياته مرة أخرى، شملت الأهداف الأخرى مواقع الدفاع الجوي، وهي مشابهة للضربات التي حدثت خلال تشرين الأوّل/ أكتوبر في دمشق وحلب، وكذلك في محافظة درعا جنوب العاصمة.     

تريد إسرائيل -حسب تقدير المعارضة السورية- مواصلة تنفيذ الضربات دون معارضة من أجل كبح جماح بناء نظام قيادة وسيطرة إيراني يضم وحدات من قوات النظام السوري. وكانت إسرائيل تستهدف -على وجه الخصوص- أنظمة الدفاع الجوي الروسية المتنقلة القديمة مثل بانتسير وبوك، إلى أن قامت قوات النظام بتحديث بعض دفاعاتها بمساعدة إيرانية في السنوات الأخيرة مع اقتراب الأسد من طهران، وسط تنسيق مستمر ومتقارب مع موسكو.     

تقلُّب العلاقة مع حماس     

بعد طرد حماس من الأردن عام 1999، كان حافظ الأسد، والد بشار الأسد، أحد الداعمين الرئيسيين لها. مع ذلك، تدهورت العلاقات بين النظام والحركة بعد اندلاع النزاع في سورية عام 2011، هاجمت قوات النظام العديد من المخيمات الفلسطينية في سورية عام 2011، بعد انضمام العديد من سكان هذه المخيمات إلى الانتفاضة التي اندلعت ضد بشار الأسد، فوجدت حماس بصفتها فصيلاً يسعى لتمثيل المقاومة الفلسطينية، نفسها في مأزق سياسي، إذ كانت لا تريد مغادرة الأمان النسبي الموجود في دمشق لكنها كانت تخاطر بأن تصبح منبوذة من قِبل قواعدها الشعبية في المخيمات، فغادرت قيادة الحركة إلى قطر ومصر عام 2012.     

مع ذلك، استأنفت حماس عام 2022 علاقاتها مع دمشق، وهو تحرُّك دعمته إيران، وفي الفترة الفاصلة بين مغادرتها وعودتها، ظهرت مجموعة من الميليشيات الإيرانية أو أنشأتها مباشرة في سورية لدعم النظام في الحرب السورية، مع هدوء الحرب في السنوات الأخيرة في سورية، تحوّل دور تلك المليشيات إلى تعزيز قبضة إيران على أجزاء كبيرة من سورية، حيث تفتَّتَتِ البلاد إلى مناطق تسيطر عليها وكالات مدعومة من طهران والولايات المتحدة وتركيا وروسيا.     

قالت إسرائيل: إن حملتها الجوية صُممت بشكل كبير لكبح استخدام إيران لسورية كمركز لتخزين الأسلحة وتعطيل الطريق الرئيسي لإيران لتزويد حزب الله اللبناني، أقوى حليف من غير الدول لطهران، عام 2018 طلبت دمشق نظام صواريخ أكثر تقدُّماً من طراز  S-300 ، وبدأت التسليمات في ذلك العام، لكن النظام غالباً لا يقوم بتشغيل واستخدام تلك الأنظمة؛ بسبب نقص التدريب ونقص قطع الغيار.     

عام 2022، سحبت روسيا -حسب صحف غربية- نظام  S-300 الخاص بها من سورية لتعزيز حملتها في أوكرانيا، مما قلل من القدرة لدى النظام على ردع الضربات الإسرائيلية، لقد أدت حملة إسرائيل إلى قتل مئات من الميليشيات والجنود من قوات النظام، إضافة إلى العشرات من أفراد الحرس الثوري الإسلامي الإيراني -وفقاً لمسؤولين أمنيين عرب- ولم تتمكن قوات النظام من الرد بشكل مباشر على إسرائيل، بينما قامت إيران أحياناً بالرد من خلال هجمات صاروخية من سورية على المواقع الإسرائيلية في مرتفعات الجولان، وهو نمط استمر خلال الشهر الماضي، تستخدم إيران -حسب مصادر في المعارضة السورية- ميليشيات صغيرة ليس لها مكان تواجد دائم بشكل أساسي، وقدرة عسكرية ضئيلة نسبياً، لتخفيف أي رد فعل إسرائيلي، مثل لواء القدس، وهو مجموعة تمولها إيران وأعضاؤها في الغالب من اللاجئين الفلسطينيين في حلب.     

تحويل الانتباه     

عندما حلّقت الطائرات الإسرائيلية فوق الساحل السوري عام 2006، شاع اعتقاد أن الأسد كان في قصره قرب مدينة اللاذقية، في حين يقع مقر سلطته الرئيسي في قصر يقع على تلة على طراز سوفياتي في دمشق، مع إطلالة كاشفة للمدينة ومحيطها، بما في ذلك المطار الرئيسي، ومطار المزة العسكري غرباً، حيث تعرضت أيضاً منشآت الدفاع الجوي للقصف خلال الأسابيع القليلة الماضية، وفقاً للمصادر المذكورة. 

لكن بينما يبدو أن بعض أكثر المعدات تطوراً التي بحوزة قوات النظام في طريقها إلى النفاد، يبقى النظام سياسياً قائماً، يقود جيشاً يعتمد على إيران وروسيا، وسط اقتصاد مدمر -حسب المعارض السوري أيمن عبد النور- وأنّ "النظام سياسياً قائم؛ لأنه يحكم فئتين أساسيتين". السكان في مناطق النظام -وفق المصدر ذاته- يقسمون إلى فئة فقيرة مشغولة بتأمين لقمة العيش، وأخرى أفضل حالاً، تعيش في الغالب على اقتصاد الحرب مثل التهريب، مع القليل من الاهتمام بالأحداث السياسية طالما أن مصادر دخلهم سليمة. 

النظام -وَفْق المعارض السوري- يستفيد فعلياً من الحرب في غزة، والحرب صرفت الانتباه عن الوعود غير المنجَزة بإعادة الإعمار، كما صرفت الانتباه عن الاحتجاجات المستمرة ضد الأسد في محافظة السويداء الجنوبية ذات الأغلبية الدرزية، والاستياء في معقل الأسد العلوي، الذي يدفعه جزئياً الضغوط الاقتصادية، حيث أصبح سعر العملة السورية 14,000 ليرة مقابل كل دولار، مقارنةً بـ 50 ليرة مقابل الدولار عندما بدأت الثورة السورية. كذلك "لم يُحرج الإسرائيليون الأسد، فلا يوجد تغيير في التوازنات الاقتصادية والسياسية التي تُبقِي هذا النظام في السلطة". 

 

المصدر:   The National News 
ترجمة: عبد الحميد فحام