أسباب تجميد تطبيق قانون العاملين الموحد في الإدارة الذاتية
حجم الخط
أسباب تجميد تطبيق قانون العاملين الموحد في الإدارة الذاتية
في 2 شباط / فبراير 2020م صادقت الإدارة الذاتية في سورية على قانون العاملين الموحد، على أن يدخل حيِّز التنفيذ في حزيران/ يونيو من العام ذاته، لكن ذلك لم يحدث إلى الآن، بسبب تعطيل تطبيقه وتأجيله عدة مرات من قِبل كوادر حزب العمال الكردستاني.
بات تطبيق هذا القانون يُشكّل مطلباً وهاجساً دائماً لدى شريحة واسعة من سكان مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية، بما في ذلك موظفو الإدارة الذاتية، والذين يزيد عددهم على 120 ألفاً، إضافةً للعديد من الشباب الباحثين عن عمل ضِمن مؤسسات هذه الإدارة، وسط غياب فرص العمل الخاص والحرّ في قطاعات الزراعة والصناعة والتجارة.
وبالنظر لمضمون مواد القانون -وعددها 138- والمستلزمات والأدوات والآثار المتوقعة لتطبيقه، يُمكن وضع جملة من الدوافع والعوامل التي قد تكون سبباً في مماطلة الإدارة الذاتية وحزب العمال الكردستاني المسيطر عليها في التطبيق:
• إن تطبيق القانون يستوجب بالضرورة تخصيص كتلة مالية أكبر من موازنة الإدارة الذاتية لموظفيها؛ لكونه يقرّ وينظّم الحقوق المالية والإدارية للموظفين سواءً المرتبطة منها بتحديد فئات الأجور وَفْق المنصب والتحصيل العلمي أو التعويضات عن العمل الإضافي أو طبيعة العمل أو الإجازات المرضيّة وإجازات الأمومة وتعويض إنهاء الخدمة وغيرها، خاصةً أنّ هذه المصاريف مقنّنة حالياً إلى الحد الأدنى ومتروكة للقرار الشخصي لمديري الدوائر والمؤسسات.
• إن تطبيق مواد القانون، التي تحدّد معايير ومتطلبات التوظيف ضِمن مؤسسات الإدارة الذاتية، يُهدّد شبكات الموظفين والمسؤولين التابعة لحزب العمال الكردستاني والتي يدير من خلالها هذه المؤسسات بشكل غير مباشر، خاصةً أنّ معظم أفراد هذه الشبكات لا يحملون شهادات دراسيّة تؤهلهم للمناصب -العليا غالباً- التي يشغلونها حالياً؛ كون تعيينهم تمّ بتزكية من قِبل الحزب بناءً على الولاء لا الكفاءة. يُمكن اعتبار نوّاب الرئاسة المشتركة للمجلس التنفيذي للإدارة الذاتية إحدى أهم هذه الشبكات بالنسبة للحزب؛ لأنّ معظمهم من كوادره السورية ويتحكمون بشكل فعلي بجميع قطاعات عمل الإدارة الذاتية.
• إن تطبيق القانون وما يتضمّنه من تحديد لآليات وشروط التعيين ضِمن مؤسسات الإدارة الذاتية دون التمييز على أساس الجنس أو الإثنية أو المعتقد الديني أو التوجه السياسي سيؤدي لتخريب التوازن الإثني والعرقي الذي يسعى حزب العمال الكردستاني لإحداثه داخل جميع مؤسسات الإدارة الذاتية بعدّة طرق، وهي مباشرة كالتعيين على أساس التزكية القائمة على القومية والولاء له دون الكفاءة، وغير مباشرة كاعتماد نظام الرئاسة المشتركة في إدارة جميع هذه المؤسسات واختيار أحد الرئيسين دوماً من أحد الموالين للحزب من القومية الكرديّة بغضّ النظر عن أيّة متطلبات أو شروط تعيين.
• إنّ تطبيق القانون قد يؤدي إلى إعاقة أو تقويض أنشطة الأدلجة التي يقوم بها حزب العمال الكردستاني لصالح أفكاره داخل مؤسسات الإدارة الذاتية وخاصةً هيئة التربية والتعليم التي يُلزم جميع المدرسين والإداريين التابعين لها بالخضوع لدورات فكريّة لمدة شهر من كل عام يتلقون خلالها دروساً فكرية وعقائديّة تشرح وتروّج لأفكار حزب العمال وقائده عبد الله أوجلان.
قد لا تغطي النقاط -سابقة الذكر أعلاه- جميع مخاوف ودوافع الإدارة الذاتية وحزب العمال لتعطيل وتجميد تطبيق قانون العاملين الموحد لأكثر من عامين ونصف على التوالي، لكنّ لا بدّ أنّها تعطي تعليلاً نسبياً لهذا التجميد في الفترة الحالية على الأقل، والتي يسعى الحزب خلالها لتأسيس قواعده الشعبية ضِمن المجتمع المحلي ومؤسسات الحكم الحالية.
على أيّ حال، لا يوجد في الوقت الحالي أيّ مؤشرات على وجود خطة أو نية لدى حزب العمال والإدارة الذاتية لتطبيق قانون العاملين الموحد في الإدارة الذاتية، خاصةً مع استمرار غياب الحراك الشعبي المنظَّم والموجَّه والمتزامن في جميع مناطق سيطرة قسد للمطالبة بإنفاذ هذا القانون وتطبيقه نتيجة غياب الدور الفعال لمنظمات المجتمع المدني والنقابات والأحزاب السياسيّة العاملة والمُرخصة من قِبل الإدارة الذاتية.