النظام السوري يتحايل للاستيلاء على أموال مساعدات المشاريع الصغيرة
ترأس بشار الأسد في 9 آذار/ مارس 2024 اجتماعاً حكومياً مصغَّراً ركّز على تصحيح الهيكليات، وتطوير البِنْية التنظيمية للمؤسسات والهيئات الموجودة المعنية بالاستثمار والمشروعات الصغيرة والمتناهية الصِّغَر ، ووضع قواعد الرقابة والإشراف والمتابعة لها.
جاء الاجتماع بعد أن أ صدرت هيئة تنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة نهاية عام 2023 الدليل التعريفي للمشروعات الصغيرة والمتوسطة، وبالتوازي حالياً مع بناء سِجِلّ وطني للمشروعات يتضمن دلي لَ هذه المشروعات وتصني فَ الأنشطة الاقتصادية، بما يتلاءَم وينسجم مع دليل الأنشطة المعتمَد لدى الأمم المتحدة.
بعد الاجتماع بساعات قليلة صرّح وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية محمد سامر الخليل أن جوهر المشكلة التي يواجهها هذا القطاع الاستثماري هو إداري يتعلق بالسياسات والتخطيط والتنفيذ، فهناك 20 جهة معنية بالتخطيط، و 27 جهة معنية بالتنظيم، و 44 جهة معنية بالتنفيذ، مما يعطي صورة عن حجم الفوضى بإدارة هذا القطاع، وأنه كان لا بُدّ من مراجعة واقع هذه المشروعات، وأن المرحلة المقبلة ستشهد توحيد الجهات وتحديد المهام بشكل واضح من خلال بِنًى تنظيمية جديدة ، كان مدير الهيئة إيهاب إ سمندر قد استبق الاجتماع بالحديث عن أن الاقتصاد السوري، قائم بشكل أساسي على المشاريع الصغيرة ومتناهية الصغر، ولا تشكل المشاريع المتوسطة، أكثر من 4 % من الاقتصاد السوري.
منذ إحداثها نهاية عام 2015 قد عقدت هيئة تنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة اجتماعات عديدة مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي ( UNDP ) لوضع صيغة عمل تعاوُن مشترك بينهما، خاصة بعد إدراج مشاريع التعافي المبكر في قرارات مجلس الأمن للمساعدات الأممية إلى سورية.
من جانب آخر، جاء الاجتماع الحكومي المصغَّر في ظل تعثُّر التطبيع العربي مع النظام، واستمرار الاتحاد الأوروبي في مواقفه بشأن عدم رفع العقوبات، وعدم الانخراط في مشاريع إعادة الإعمار، واستمرار المخاوف من تَبِعات قوانين عقوبات قيصر والكبتاغون ومناهضة التطبيع الأمريكية، مما يُشير إلى تأكُّد النظام من عدم وصول الأموال الكبيرة التي كان يأملها من التطبيع العربي، ومن رفع العقوبات الغربية عنه، يُضاف لذلك التراجُع في حجم مشاريع الإنعاش المبكر الأممية بعد استخدام روسيا الفيتو في م ج لس الأمن ضد تمديد قرارات المساعدات الإنسانية في تموز/ يوليو 2023 .
تتكيف سياسة النظام السوري مع الأموال القادمة من الخارج ، وليس من حاجة الاقتصاد الوطني للمشاريع؛ حيث عمل على تأسيس عشرات المنظمات الإغاثية بأسماء وهمية أو بأسماء موظفين في القطاع الحكومي، للحصول على أموال التبرُّعات الدولية حتى بلغت هذه المؤسسات قُرابة 3 آلاف في مناطق سيطرته.
أخيراً يأتي توجُّه النظام نحو تنظيم المشاريع الصغيرة في ظل الحديث عن تقديم الدعم لها بغرض الاستيلاء على الأموال التي توفرها هذه المشاريع من خلال إعداد قوائم المستفيدين والإشراف على آليات التنفيذ، مما يتيح له تجييرها لخدمته من جهة، أو لخدمة المؤيدين له من جهة أخرى ، بذلك سيحصل النظام على مكاسب مالية معقولة عَبْر النِّسَب الإدارية للإشراف وإدارة المشاريع، وعَبْر تعزيز رض ا مؤيديه الذين ستُسجَّل أسماؤهم كمستفيدين من هذه المشاريع.