النظام السوري يستدعي الضباط الجامعيين المتقاعدين: لماذا؟
ديسمبر 13, 2023 3606

النظام السوري يستدعي الضباط الجامعيين المتقاعدين: لماذا؟

حجم الخط


أصدر رئيس النظام السوري بشار الأسد في 11 كانون الأوّل/ ديسمبر 2023 القانون رقم 28، القاضي باستدعاء الضباط حَمَلَة الشهادة الجامعية -الدكتوراه والماجستير والإجازة- المتقاعدين للخدمة الاحتياطية، وفقاً لحاجة قوّاته المسلّحة واقتراح لجنة الضباط، لمدة أخرى سنة فسنة حتى إتمامهم سن السبعين، دون التقيد بالسن المحددة للشطب في هذا القانون.  

يندرج القانون رقم 28 ضِمن حزمة القوانين التي أصدرها النظام في الآونة الأخيرة، وهي تُشير إلى مزيد من التغيُّرات البِنْيَويّة في قوات النظام السوري، وتقف وراءها -غالباً- روسيا؛ حيث لا يُظهر ما يتم الإعلان عنه من قرارات وقوانين التحوُّلات على أرض الواقع.  

ويبدو أنّ روسيا تريد الضباط الجامعيين المتقاعدين للاستفادة من خبراتهم في مهمات داخل سورية -وربما خارجها- وبما يخدم التغييرات الميدانية الحاصلة في القطاع العسكري، والتي تشمل آليتَي الحل والدمج. ومع أنّ فئة الضباط الجامعيين تُشكّل نسبة قليلة جداً من مجموع الضباط العاملين في قوات النظام، لكنّها تُشكّل أهمية بالنسبة لروسيا؛ حيث تخرّجت النسبة الأكبر منهم من الأكاديميات العسكرية الروسية بمختلف التخصصات العسكرية، ويُمكن أن يُضاف هؤلاء إلى العسكريين الجُدُد الملتحقين بقوات النظام الذين خضعوا لدورات تحت إشراف ضباط الشرطة العسكرية ومدرّبين مختصين من ضباط الجيش الروسي.  

ومن بين التغيُّرات الميدانية الحاصلة قيام النظام بحلّ فرع التدريب التابع للأمن العسكري، ودمج ضباطه وعناصره مع فرع فلسطين، إضافة إلى عمله على دمج الوحدات العسكرية مع بعضها البعض بسبب الانهيارات والخسائر المادية والبشرية في صفوفها في مواجهاتها فصائل المعارضة المسلّحة، خلال السنوات الماضية كدمج الفرقة الخامسة والفرقة 15 جنوب سورية. يُحاول النظام من تلك التغيُّرات الشكلية إظهار الاستجابة لمسار التطبيع العربي بما يتعلّق بإحراز تقدُّم على المستوى السياسي والعسكري والأمني ويقود لتهيئة الظروف أمام عودة اللاجئين وإطلاق سراح المعتقَلين.  

تعكس تلك التغيُّرات توسُّع سيطرة روسيا على القطاع العسكري في سورية الذي بات مقسماً -في الوقت الراهن- إلى 3 أقسام؛ الأول الوحدات الأمنية والعسكرية التي تتبع النظام السوري شكلاً ومضموناً، وتعمل روسيا على السيطرة عليها من خلال إشرافها عَبْر المدربين على برامج عملها إلى جانب برامج التدريب والتعليم، وربما تُعتبر كقوات رديفة للقسم الثاني الذي تتبنّاه روسيا أيضاً بالتدريب والتسليح والتكليف بتنفيذ المهام ومنح الرواتب الشهرية المنتظمة كالفرقة 25 مهام خاصة بقيادة سهيل الحسن. بينما تقع في القسم الثالث الميليشيات الإيرانية التي تعمل على تجنيد السوريين وتتخذ من علاقتها المتقدمة مع بعض الوحدات لا سيما الفرقة الرابعة غطاءً لانتشارها. وتستفيد كل من روسيا وإيران من المساحات الجغرافية للوحدات العسكرية بعقد الدورات التدريبية التي تخضع لها العناصر المنتسبة.  

في المحصلة تبدو تلك التغيُّرات في ظاهرها إعادة هيكلة جديدة للأجهزة العسكرية والأمنية التابعة للنظام، وهي تجري بما يتناسب مع نفوذ روسيا في سورية وحماية مصالحها فيها، كما تتم دون وجود إصلاح دستوري وقانوني من شأنه تحديد صلاحيات الأجهزة العسكرية والأمنية، ورفع الحصانات الممنوحة لها بموجب القانون في حال ارتكابها الانتهاكات، فقد تم من قبل إلغاء محاكم الميدان العسكرية لكنّ صلاحياتها بقيت موجودة لدى أجهزة ومؤسسات أخرى.