عودة العلاقة بين حركة حماس والنظام السوري
وصلت العلاقة بين حماس والنظام السوري إلى القطيعة مع نهاية عام 2011، بناءً على موقف الحركة، أو ما يمكن تسميته بـ "لاموقف" الحركة من الثورة السورية التي اشتعلت في ربيع 2011، حيث رفضت آنذاك إصدار موقف مؤيِّد للنظام، الذي لم يكن يتوقّع ذلك منها، مثلها مثل بقية المنظمات الفلسطينية المقيمة في دمشق، وإنْ كانت الحركة لم تُصدِر بالمقابل موقفاً واضحاً داعماً للثورة السورية.
بدَا مؤخراً أنّ الوساطات الإيرانية بين الطرفين قد وصلت إلى نقطة حاسمة، وأن الترتيبات لعودة العلاقة تجري على قدم وساق برعاية إيرانية وتنفيذ من طرف حزب الله.
تُمثل إيران عرّاب إعادة التطبيع بين حماس والنظام، ويُمكن اعتبارها الرابح الأساسي، وربما الوحيد في الوقت الراهن من هذا التطبيع.
وهي تسعى من خلاله لجمع حلفائها في معسكر واحد، فالسَّرْدِيّة الإيرانية للأحداث تملك ترابُطاً لا يشوّهه إلا ابتعاد الحليفين السوري والحمساوي عن بعضهما البعض. كما أن الشقاق بين هذين الحليفين يُضعِف من قدرة إيران على تسويق النظام بشكل خاصّ، وتبرير سرديتها بشكل عامّ، على المستوى الشعبي.
وعلى ما يبدو فإنّ الدافع الأساسي للحركة في تطبيع العلاقة مع النظام وقبولها بالشكل الاعتذاري لعودة العلاقة، يندرج ضِمن استجابة مباشرة لطلب إيراني، خاصة مع ارتفاع تأثير الجناح القريب من إيران داخل الحركة.
ويُشبه الدافعُ الرئيسي للنظام في إعادة العلاقة مع حماس ذلك الدافعَ الذي تملكه الحركة، وهو الاستجابة للضغوط الإيرانية، فإيران هي الداعم الرئيسي للنظام، مثلما هي الداعم الرئيسي لحماس.
ومن خلال استعراض المعطيات المحلية والإقليمية والدولية، يُمكن الاستنتاج أنّ توجُّه الحركة نحو النظام هو تقدير الموقف الأسوأ في تاريخها السياسي من حيث الاتجاه والتوقيت، وأنّه قرار لا تبرّره أيّ ضغوط أو بحث عن مصالح، فهو القرار الأكثر كُلفة من النواحي الأخلاقية والقيميّة والسياسية، وهي أثمان ستدفعها الحركة اليوم وفي المستقبل؛ لأنها ستبقى وَصْمة في تاريخها وتاريخ القضية الفلسطينية.