الليرة السورية في عام 2022: إلى أين؟
يناير 07, 2022 10420

الليرة السورية في عام 2022: إلى أين؟

حجم الخط

الليرة السورية في عام 2022: إلى أين؟

 

تعرضت الليرة السورية في النصف الأول من عام 2021 إلى تقلُّبات شديدة؛ حيث لامس سعر الصرف عَتَبَة 5000 ليرة لكل دولار منتصف آذار/ مارس، قبل أن يستقرّ السعر نسبياً عند 3400 ليرة للدولار الواحد.


لجأ النظام السوري إلى عدد من الأدوات لضبط سعر الصرف مثل تجفيف السيولة، وتعديل نشرة المصارف والصرافة، وتخفيض الواردات غير الضرورية، وترشيد الاستيراد، وغير ذلك من القوانين والمراسيم والقرارات ذات الصيغة الإلزامية مثل قانون بَدَل الخدمة العسكرية، وبَدَلات جواز السفر ورسوم دخول المغتربين. 


كان ضبط السيولة النقدية وتقليل العرض المفرط لليرة في الأسواق يعتمد على إرغام التجار على دفع ضرائب وإتاوات مرتفعة بالعملة المحلية، إضافة إلى إلزام بيع الأصول مثل العقارات والسيارات عَبْر البنوك، وغير ذلك من الإجراءات.


لكنّ سعر الصرف أُغلق مع نهاية عام 2021 عند 3600 ليرة للدولار الواحد؛ ويبدو هذا الارتفاع نتيجة عودة الزيادة للكتلة النقدية المعروضة في السوق بعدما رفع النظام رواتب الموظفين الحكوميين والمتقاعدين، إضافة إلى إقرار الموازنة العامة لعام 2022 بمبالغ إنفاق ضخمة تفوق 13.3 تريليون ليرة، مما يجعل احتمال انخفاض سعر صرف الليرة إلى 4000 وارداً جداً.


ومن الواضح، أنّ النظام يُدرك ذلك؛ لأنّ زيادة الرواتب ترافقت على الفور مع زيادة في أسعار السلع المدعومة بنسب أعلى. وبالتالي زيادة الحصيلة بنسبة أكبر من الإنفاق على الرواتب. ولا يبدو أنّ الزيادة في الكتلة النقدية المعروضة في السوق ستكون عام 2022 أكبر من المتوقّع، وذلك بالمقارنة مع الأعوام السابقة التي لم يتم فيها صرف معظم الموارد المخصصة في الموازنة لكل وزارة أو هيئة مثلما هو مُقرَّر.


كما لا يبدو أنّ النظام قد يتراجع عن السياسات والإجراءات التي اتبعها عام 2021 لضبط السيولة النقدية في الأسواق، بل من المحتمل أن يتم رفع الإتاوات من قِبل الحواجز الأمنية على خلفية ارتفاع تكاليف المعيشة.


ما سبق، يعني أنّ سعر الصرف في الربع الأوّل من عام 2022 سيشهد استقراراً نسبياً، لكنّ ذلك يعتمد بشكل كبير على الاستقرار في العوامل الاقتصادية والسياسية والأمنية، على اعتبار أنّ الليرة السورية تفتقد لحدود المقاومة اللازمة للدفاع عن استقرارها ومن الصعب أن تصمد أمام أيّ هزّة مهما كانت صغيرة.


وغالباً ما يكون أثر التحوّلات السياسية والاقتصادية في سعر صرف الليرة على شكل موجات ارتفاع واضحة، أي بانخفاض قيمة الليرة، مما يجعل من الصعب تحديد المستويات التي يُمكن أن تحققها. ومع ذلك، يُمكن الاعتقاد بأنّ أيّ هزّة مقبِلة قد تحرّك الموجة بقرابة 500 ليرة على أقل تقدير، بما يجعل السعر عند عَتَبَة 4000 وما فوق.