مسارات المشهد السوري وتحوُّلاته
أقام مركز جسور للدراسات بالشراكة مع أكاديمية العلاقات الدولية ندوة حوارية ناقش من خلالها مسارات المشهد السوري وتحولاته.
وحضر الورشة عدد من الشخصيات البارزة في المعارضة السورية من ناشطين وإعلاميين وأعضاء في الهيئات السياسية ومنظمات المجتمع المدني وباحثين.
وناقش المركز في محاوره المشهد السياسي والاقتصادي والميداني في سورية وسلط الضوء على آثار التطبيع العربي والتركي وتداعياته على الملف السوري.
وأشارت المداخلات في الحوار إلى أنّ المحدد الذي يضمن مصالح تركيا هو استمرار وجودها على المدى الطويل لحماية أمنها القومي من التنظيمات التي تصنّفها إرهابية، ومن جانب آخر تم التأكيد على أنّ محور التطبيع التركي مختلف عن التطبيع العربي من ناحية آلية العمل للتطبيع مع النظام لأسباب تتعلق بالشأن الداخلي والخارجي التركي.
كما أنه لا توجد مصالح تحققها تركيا من عودة العلاقات بينها وبين النظام على المستوى الإقليمي والدولي وأي خطوة تطبيع مع النظام ستكون مشروطة لتنفيذ مطالب روسيا في العلاقات بينها وبين تركيا؛ لأن أنقرة ليس لها حوار مباشر مع النظام، بل هناك حوار مع الدول الفاعلة بخصوص ملفات التطبيع.
كما تطرق المركز في محاوره إلى تموضع الفاعلين الدوليين في الملف السوري ودور المسارات الإقليمية والدولية للحل في سورية.
وأشارت الندوة في محورها إلى أن هناك اهتماماً بالملف السوري وتموضعاً مركزياً من قِبل الأطراف الفاعلة في الملف السوري، وهناك تحديات وفرص وصفقات يتم بحثها في الساحة السورية من ضمنها مسارات إقليمية ودولية لإخراج الصفقات المتعلقة بالشأن السوري.
ونوّهت بأن هناك دولاً فاعلة في الملف السوري لم تحاول إيجاد حل للأزمة السورية بل قامت بإدارة الأزمة وتركها في حالة جمود في كل المسارات، ولتحقيق نتائج ملموسة يجب أن يتم اجتراح مسار جديد يخفف من وطأة العمل العسكري لتبريد الواقع على الأرض.
وناقش الحضور تداعيات الحراك في السويداء وتأثيره سياسياً على النظام السوري، لا سيما بعد عودته للجامعة العربية.
وحول حراك السويداء لفت الحوار إلى أن النظام كان غير قادر على توفير الأمن والغذاء والكهرباء للمواطنين، ولم يَعُدْ هناك وجود للدولة إلا بالسلطة القمعية، وكان يعول هذا النظام على القواعد الاجتماعية بالزيادات التي كان حريصاً على ألا تشكل تحدياً ضده.
كما تم تسليط الضوء على المواجهات التي شهدتها منطقة شرق الفرات بين مقاتلي العشائر العربية وقوات قسد في دير الزور وامتدادها إلى ريف منبج شرق حلب.
وأوضح النقاش أن الحراك الذي شهدته منطقة شرق الفرات وريف منبج مؤخراً كان هدفه هو تقويض سلطة قسد في المنطقة رداً على ممارساتها ضد أهالي المناطق، وهي معركة لم تكن بتلك السهولة، خاصة أن هناك قتالاً غير متكافئ من ناحية القوة والتدريب والدعم اللوجستي والقدرة القتالية.
وعلى الصعيد الاقتصادي ناقشت الندوة الوضع الاقتصادي الداخلي ومدى ارتباطه بالقرار السياسي في ظل تردي الأوضاع المعيشية في سورية، وانهيار الليرة السورية باستمرار مع تجاهل النظام السوري الأزمة الإنسانية التي يعيشها السوريون.
وسلط المحور الاقتصادي الضوء على المؤثرات التي يعاني منها الاقتصاد في شمال سورية، ومنها عدم توفر أدوات حديثة وعدم تواجد تقنيات جديدة وعدم توفر المياه الكافية والغاز وضعف المنتج وشح عمليات الزراعة في الأراضي.
وتبيّن أن هناك فرصاً ومتغيرات هي خلق "نموذج اقتصادي" جديد من خلال إنشاء عملية تفاوضية جديدة للاستفادة منها، وتحقيق الأرباح على المستوى الاقتصادي والتجاري، وبالتالي تكون عبارة عن شراكات وعمليات تفاوضية بين الأطراف.
وخلصت الندوة الحوارية إلى ضرورة تنسيق جهود مراكز الأبحاث الإستراتيجية لتسليط الضوء على المتغيرات في الميدان ودراسة القرارات السياسية التي من شأنها أن تغير وتؤثر على التطورات الأخيرة كحراك السويداء والعمليات التي حدثت في منطقة شرق الفرات.
إضافة إلى ذلك القدرة على خلق نموذج اقتصادي يساعد على رفع الاقتصاد الداخلي في سورية والاستفادة من الفرص الممكنة في عمليات التفاوض للحدّ من المشاكل الاقتصادية التي يعاني منها الداخل السوري.