زيارة الشرع إلى واشنطن هل تدفع إسرائيل وقسد لتقديم تنازُلات؟
نوفمبر 23, 2025 798

زيارة الشرع إلى واشنطن هل تدفع إسرائيل وقسد لتقديم تنازُلات؟

حجم الخط

أجرى الرئيس أحمد الشرع زيارة تاريخية إلى البيت الأبيض في 11 تشرين الثاني/ نوفمبر 2025، وهي أول زيارة رسميّة لرئيس سوري منذ استقلال البلاد عام 1946، حيث التقى فيها الرئيس الأمريكيَّ دونالد ترامب، وهذه المرّة الثالثة التي يلتقي فيها الرئيسان؛ بعد لقاءَيْ الرياض ونيويورك.

ظهرت نتائج الزيارة قبل أن تبدأ؛ حيث استْبَقتها الولايات المتحدة بتمرير قرار في مجلس الأمن يقضي برفع عقوبات الأمم المتحدة عن الرئيس أحمد الشرع وعن وزير الداخلية أنس خطاب، كما استْبَقت اللقاء بإصدار قرار يقضي بتعليق عقوبات "قانون قيصر لحماية المدنيين في سوريا لعام 2019" لمدة 180 يوماً، وقدّمت مشروع قرار إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة يدعو إلى الترحيب بنتائج انتخابات مجلس الشعب.

خلال الزيارة أصدرت الولايات المتحدة قراراً يقضي برفع جميع الإجراءات القانونية المفروضة سابقاً على البعثة السورية، وعلى السفارة السورية في واشنطن. كما وقَّعت سوريا أثناء وجود الوفد السوري في واشنطن على قرار الانضمام إلى التحالف الدولي لمكافحة الإرهاب، لتصبح بذلك الشريك رقم 90 في هذا التحالف. وفيما يَلِي أبرز آثار زيارة الرئيس الشرع إلى البيت الأبيض ونتائجها:

يُتوقَّع أن ترفع الولايات المتحدة سوريا من قائمة الدول الراعية للإرهاب، وذلك في أقرب فرصة، لتُنهي أطول إدراج لدولة على هذه القائمة، والذي بدأ منذ عام 1979، وهو ما سيكون له انعكاسات مباشرة وسريعة على النواحي الاقتصادية والمالية بعد رفع القيود عن الشركات والبنوك الأمريكية والعالمية والسماح بعودتها إلى الأسواق السورية، وعلى النواحي السياسية والدبلوماسية في مزيد من الاعتراف بالحكومة السورية ورفع أي قيود في التعامل معها، وعلى النواحي العسكرية في رفع القيود عن توريد الأسلحة إلى سوريا.

يُتوقّع أن ترفع الولايات المتحدة بشكل كامل العقوبات الأمريكية عن سوريا، لكن ذلك سيأخذ مساراً طويلاً يمتدّ لسنوات، وبما يَتَّسِق مع تلبية الحكومة السورية للمتطلبات الأمريكية في عدد من القضايا، يأتي على رأسها الانخراط في الاتفاقيات الأمنية الإقليمية المرتقَبة، والاستمرار في إخراج إيران وأذرعها من سوريا ومنع عودتها، إضافة إلى ضمان القضاء الكامل على الأسلحة الكيميائية، ومكافحة المخدرات، وحلّ ملفّ المقاتلين الأجانب، وأخيراً معالجة ملفات حقوق الإنسان والأقليات.

يُتوقّع أن يحصل تسارُع وتسهيل في تنفيذ اتفاق 10 آذار/ مارس بين الحكومة السورية وقوات سوريا الديمقراطية بعد أن أصبح الطرفان شركاء في التحالف الدولي، وهذا يمنع أولاً حدوث اقتتال مستقبلي بينهما، كما يمكن ثانياً أن تتجه الأمور مع اندماج قسد في القوات السورية النظامية إلى أن يُوكَل لها بشكل رئيسي المضِيّ في مهامها الحالية في التحالف مع وجود أدوار أقلّ للحكومة، مما يخفف عنها الضغط والخشية من ردود الفعل في حدوث انقسامات داخلية بسبب الانضمام للتحالف.

يُتوقّع أن يمارس الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ضغوطاً على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للتنازل عن موقفه المعلَن، والقبول باتفاق أمني مع سوريا قد يكون على غرار الاتفاق الذي حدث في غزة من ناحية إنشاء قوة استقرار دولية، بحيث تضمّ قوات روسية وتركية وسورية، لتحلّ تدريجياً مكان القوات الإسرائيلية في المناطق التي استولت عليها بعد 8 كانون الأول/ ديسمبر 2024، وتعمل إلى جانب قوات الأمم المتحدة (UNDOF) على مراقبة اتفاق وقف إطلاق النار، كما تعمل على ضمان عدم انتشار أيّ ميليشيات مسلحة جنوب دمشق، وتساعد في تدريب قوات الشرطة والأمن السورية في ضبط الأمن وحماية المدنيين، كما تساعد في تأمين الممرّات الإنسانية إلى المناطق المتضررة من أحداث السويداء.

لقد أظهرت إسرائيل عدم رضاها عن زيارة الشرع إلى البيت الأبيض، وتوالت تصريحاتها بثبات موقفها في رفض الانسحاب من الجولان السوري المحتل، ومن المناطق الجديدة التي سيطر عليها الجيش الإسرائيلي بعد سقوط نظام الأسد، وفي المطالبة بجعل جنوب دمشق منطقة منزوعة السلاح، ومنطقة حظر للطيران، وضرورة عقد اتفاق أمني بديل عن اتفاق فضّ الاشتباك لعام 1974.

أخيراً، إن الاتفاق الأمني المرتقَب بين سوريا وإسرائيل التي تسعى بوضوح لعرقلته، يُتوقّع أن يكون أحد أبرز نتائج زيارة الشرع إلى البيت الأبيض، وهو لن يقتصر على كونه اتفاقاً ثنائياً بل يتعدّاه ليصبح جزءاً أساسياً من اتفاق إقليمي أوسع يسعى إلى إرساء الاستقرار في المنطقة كلها، ويُسهم في إضعاف إيران وحزب الله في لبنان، ويُمكّن الدولةَ اللبنانيةَ من تنفيذ قرارها في نزع حزب الله، وبالتالي الانخراط في الاتفاقات الأمنية الإقليمية التي يرفض الحزب التفاوُض حَوْلها.