خريطة سيطرة قوات سوريا الديمقراطية (قسد) في سوريا
ديسمبر 23, 2025 1883

خريطة سيطرة قوات سوريا الديمقراطية (قسد) في سوريا

حجم الخط

منذ سقوط نظام الأسد في 8 كانون الأول/ ديسمبر 2024 تتوزَّع خريطة السيطرة والنفوذ في سوريا بين مناطق الحكومة الجديدة التي تُسيطر على  69.3% من مساحة البلاد، وبين قوات سوريا الديمقراطية (قسد) التي تُسيطر على 27.8%، وبين قوات الحرس الوطني في السويداء التي تُسيطر على 2.8%، إضافة إلى وجود 0.1% تحتلها إسرائيل.    

كانت نسبة سيطرة قسد قبل سقوط النظام تبلغ 25.68% ورغم أنّها خسرت وجودها في العديد من المناطق مثل تل رفعت شمال حلب ومنبج شرقها، فإنّها سيطرت على مساحات جديدة لا سيما دير حافر شرق حلب وكامل ريف الرقة الجنوبي باستثناء معدان، مما زاد من نسبة سيطرتها بدل أن تنقص على الخريطة.    

بعد سقوط نظام الأسد لم تشهد خريطة سيطرة قسد في سوريا أيّ تغيير جوهري، رغم الاشتباكات المحدودة التي تندلع مع القوات الحكومية على محاور سد تشرين وجسر قره قوزاق وأرياف الرقة، و بقيت كل جهة مسيطرة على مناطقها السابقة خلال عام 2025 دون تقدُّم أو تراجُع ملموس.    

تسيطر قسد على مساحة جغرافية تتركز بالكامل تقريباً شرق نهر الفرات، وهي تقارب 51.961 كيلومتر مربع. تمتدّ هذه المناطق من المثلث الحدودي مع العراق وتركيا، مروراً بكامل محافظة الحسكة، باستثناء بعض المناطق التي فقدتها في السنوات الأخيرة (رأس العين خلال عملية نفذها الجيش الوطني السوري بدعم من الجيش التركي في تشرين الأول/ أكتوبر 2019).    

كما تشمل سيطرة قسد كامل محافظة الرقة باستثناء مناطق تل أبيض وسلوك وحمام التركمان في الريف الشمالي (والتي خسرتها لصالح الجيش الوطني في عملية نبع السلام عام 2019)، إضافة إلى منطقة معدان في الريف الجنوبي حيث لم تستطع قسد السيطرة عليها بعد سقوط النظام على غرار ما فعلت في بقية مناطق جنوب الرقة.    

تُسيطر قسد أيضاً على كامل الضفة الشرقية لنهر الفرات في محافظة دير الزور، من ريفها الشمالي حتى أقصى الجنوب، بما في ذلك بلدات الامتداد النهري وقراه، وحقول النفط والغاز الرئيسية، مما يمنح هذه المناطقَ أهمية اقتصادية وإستراتيجية بالغة ضمن مجال نفوذها. وكانت قسد قد سيطرت على كامل مدينة دير الزور بعد سقوط نظام الأسد لكنها انسحبت منها في 10 كانون الأول/ ديسمبر 2024 بعد مفاوضات أجرتها مع الحكومة السورية.    

في حلب، خسرت قسد بعد سقوط نظام الأسد سيطرتها على معظم مواقعها؛ حيث انسحبت من كامل منبج وتل رفعت، وسيطرت على منطقة دير حافر شرق الفرات وحافظت على سيطرتها في محيط سد تشرين، وحيَّي الشيخ مقصود والأشرفية وأجزاء من حي بني زيد داخل مدينة حلب، وهي موجودة على هذه الأحياء منذ عام 2012 عَبْر وحدات حماية الشعب والمرأة.    

في آذار/ مارس 2025 وقَّع الرئيس أحمد الشرع وقائد قسد مظلوم عبدي اتفاقاً يهدف لدمج مناطق قسد ضمن مناطق الحكومة، لكن الاتفاق لم يتم تطبيقه بعد، وبينما كانت معظم خطوط التماسّ بين الحكومة السورية وقسد تشهد اشتباكات محدودة سرعان ما تتوقف، شهدت أحياء مدينة حلب التي تُسيطر عليها تصعيداً عنيفاً مرتين منذ توقيع الاتفاق.    

ما لم يتم تطبيق اتفاق الدمج الذي يوحّد خريطة النفوذ بين الطرفين يُتوقّع أن تكون مواقع قسد في مدينة حلب مسرحاً للعمليات التي قد تغير نِسَب السيطرة عام 2026؛ حيث يحظى حيَّا الشيخ مقصود والأشرفية بأهمية جغرافية وعسكرية بالغة كونهما يشرفان على عقد مواصلات حيوية تربط شمال مدينة حلب بوسطها وغربها، كما يمنح الارتفاع النسبي للحيّين أفضلية في الرصد والسيطرة النارية، مما يجعلها نقطة ارتكاز دفاعية وهجومية في آنٍ واحدٍ. وقد شكَّل وجود قسد في هذين الحيين عامل ضغط دائم على التوازن الأمني داخل مدينة حلب، إذ بقيت المنطقة خارج السيطرة المباشرة للحكومة السورية، مما جعل قسد تستطيع التأثير على الاستقرار الأمني في المدينة، وفرض ترتيبات خاصة في أي تصعيد عسكري أو تسوية سياسية.    

أخيراً، تعكس خريطة السيطرة نهاية عام 2025 واقع قسد كقوة تسيطر على مساحة جغرافية واسعة، لكنها في الوقت ذاته محصورة ضمن مجال جغرافي شرق نهر الفرات ومنفصلة سياسياً وعسكرياً عن مركز السلطة في دمشق. ويُعَدّ مشروع قسد عسكرياً غير قابل للاستمرار والتمدد خارج هذا النطاق الجغرافي الحالي، بل يبدو مهدداً بالانحسار سواءً عبر تطبيق اتفاق 10 آذار/ مارس أم من خلال أي عمل عسكري في المستقبل بشكل عام. بالتالي، يُظهر توزيع السيطرة عام 2025 أن قسد انتقلت من مرحلة التوسع والمناورة إلى مرحلة تثبيت النفوذ والدفاع عن مكتسباتها ومناطق سيطرتها، في ظل بيئة إقليمية ضاغطة، وتوازنات داخلية معقدة، ومسار سياسي مفتوح على عدة احتمالات أبرزها الدمج ضمن مؤسسات الدولة السورية أو اللجوء إلى العمل العسكري.    
 

للاطلاع على الخرائط كاملة انقر هنا