خريطة النفوذ العسكري في سورية 20-05-2017
تشهد الخارطة العسكرية في سوريا تغيراً مستمراً في مناطق النفوذ لأطراف الصراع المتعددة (المعارضة المسلحة، النظام السوري والميليشيات الموالية له، قوات سوريا الديمقراطية، وتنظيم الدولة الإسلامية). حيث إن كل طرف يسعى إلى توسيع نفوذه بشكل أكبر، وهو ما يدخل ضمن الحسابات الجيوعسكرية المرتبطة بقوة كل طرف وتمركزه في الجغرافيا السورية وما يستطيع تأمينه من موارد اقتصادية تتيح له إما الحفاظ على مناطق سيطرته أو السعي للحصول على امتداد أكبر. بالتالي فإن قراءة المشهد السوري ترتبط بشكل وثيق بمعرفة شكل الخارطة العسكرية وطريقة تبدلها وتغيرها بمرور الوقت؛ لأن ذلك يعبر بشكل أو بآخر عن طريقة تعاطي الفاعلين في القضية السورية مع التطورات العسكرية الحاصلة.
من جهة أخرى، يلاحظ أن مناطق نفوذ الأطراف أصبحت محددة بشكل أكثر من السابق، ويعود ذلك إلى عدة أمور أهمها تحديد مناطق "خفض التصعيد" التي أقرها اتفاق أستانا 4 مؤخراً، ويعود أيضاً لتمكن كل طرف من تثبيت سيطرته على المناطق التي يوجد بها، ويستثنى مما سبق الأماكن الخاضعة لتنظيم الدولة الإسلامية التي تشهد تراجعاً في نسب السيطرة لحساب باقي الأطراف؛ كون أن كل أحد منهم يحاول توسيع نطاق سيطرته بشكل أساسي على حساب تنظيم الدولة الإسلامية، ومثال ذلك عملية درع الفرات التي قامت بها المعارضة في شرق مدينة حلب وسيطرت على مدينة الباب وما حولها، وعملية غضب الفرات التي قامت بها قوات سوريا الديمقراطية غرب نهر الفرات واستولت خلالها على مدينة الطبقة الاستراتيجية.
بالنسبة للمعارضة المسلحة، فإن بعض أطرافها تحاول الامتداد على حساب الفصائل الأخرى كجيش الإسلام مؤخراً الذي هاجم مقرات هيئة تحرير الشام في الغوطة الشرقية بالعاصمة دمشق.
وسياسياً فإن أن تقدم في لصالح الفصائل في الخارطة العسكرية سينعكس إيجاباً على موقف المعارضة السياسية وتحقيق مطالبها على طاولة المفاوضات بجنيف مع النظام السوري الذي يسعى بالمقابل إلى توسيع رقعة مناطقه لكي يكسب شرعية أكبر في مفاوضات الحل السياسي.
بالنتيجة فإن أهمية معرفة التبدل الحاصل في الخارطة العسكري، هو أمر أساسي لاستقراء المشهد السوري بشكل مفصل وللتعرف على خيارات ومصالح الأطراف المختلفة سواء المحلية أو الدولية.