حقيقة التحالف العربي في سورية ؟
عبد الله الشيخ ديب
مركز جسور للدراسات
أعادت تصريحات وزير الخارجية السعودي، عادل الجبير، حول ”إرسال قوات إلى سوريا ضمن التحالف الإسلامي“، النقاش عن شكل الحل السياسي وسيناريوهات المستقبل في سورية، وعن حقيقة ما أنجزه رعاة ”الأستانة“ وقدرتهم على فرض حل سياسي للأزمة السوريّة
يتضح من هذا الإعلان أن الإدارة الأمريكيّة وحلفاءها ليسوا على رضًا كامل عن المسار الثلاثي (تركيا، روسيا، إيران)، للحل في سورية، وبالأخص إسرائيل التي يبدو أنها قد تبنت مؤخرًا سياسة مواجهة إيران ونفوذها في سورية، بشكل مباشر ودون وسطاء، نتيجة عدم التجاوب الأمريكي الكافي مع الرغبة الإسرائيليّة في القضاء على النفوذ الإيراني في سورية، وإدراك القيادة الإسرائيليّة أن نظام الأسد لا يمتلك القدرة للحد من النفوذ الإيراني، وحتى إن حاول النظام إيصال رسائل حول رغبته في تقليص دور الإيرانيين
رغبة أمريكا في تشكيل قوة عربية في سورية، تأتي بعد تصريحات سابقة كان قد عَبر فيها الرئيس ترامب صراحة عن رغبته في الخروج من سوريا، قبل أن يوقف ترامب حديثه عن التراجع أو الانسحاب لاحقًا، وقد يعود ذلك إلى تعيين الصقر الجمهوري جون بولتون مستشارًا جديدًا لشؤون الأمن القومي، وهو أحد أبرز دعاة بقاء القوات الأمريكيّة في سورية، وعليه يبدو أن الإدارة الأمريكيّة قررت إعادة تشكيل نفوذها في سورية من خلال إرسال حلفاءها، دون توسيع انتشارها العسكري المباشر هناك تنفيذًا لرغبة الرئيس ترامب، وإعادة ترتيب أوراق الحل السياسي السوري بما يناسبها
بعد سبع سنوات من الحرب المدمرة في سورية، تُحمّل أمريكا العبء الحقيقي لأطراف جديدة، وتورطها في سوريا، وهذا ما يعني توسيع دائرة الحرب السوريّة، وترقب أزمات قد تأتي لاحقًا بين قوات التحالف و كل من روسيا، إيران، بل وتركيا أيضًا، التي لم تصدر موقفها الرسمي بعد حول فكرة إرسال القوات العربيّة إلى سورية
تركيا، التي أعلنت عن إنتخابات مبكرة، تبدو وكأنها تعمل على ترتيب بيتها الداخلي، حيث يأمل الرئيس أردوغان من هذه العمليّة في تسريع الانتقال إلى النظام الرئاسي فعليًّا، واستثمار الانجازات التي حققتها تركيا في عملية ”غصن الزيتون“، والاستعداد جيدًا للتعاطي مع محيط قد يتجه نحو التصعيد خلال الفترة المقبلة، وعليه فإن الحديث عن حقيقة هذه القوات ودورها -بل وإمكانيّة تطبيق الفكرة أساسًا- لا يزال محل نقاش، إذ أن هناك معلومات متداولة عن عدم مشاركة الأردن الذي لا يرغب نهائيًا بالتصعيد مع تركيا ولا في تفجّر الأوضاع مجددًا في سورية، حتى مصر الحليف المفترض، قد لا يرغب في المشاركة في ملف قد يفهم منه الإسهام في إضعاف نظام بشار الأسد، وهذا ما يفاقم تعقيّد عمل هذه القوات العربية، ويزيد من الصعوبات التي ستواجه ”قوات التحالف“، بقيادة المملكة العربية السعوديّة ودولة الإمارات، مع انشغال الأخيرتين في حرب اليمن، وسط كل هذه الفوضى وحتى يكون السؤال مؤسّسًا: هل هذه القوات ”حقيقيّة” أم أنها مناورة سياسيّة أمريكيّة جديدة في المنطقة ؟