تغير نسب السيطرة العسكرية خلال عام 2016
أصدر مركز جسور للدراسات خريطة سنوية ترصد التغيرات الجارية في نِسَب السيطرة العسكرية الكليّة والفعاّلة خلال الفترة الممتدة من شهر نيسان/أبريل عام 2016 وحتى كانون الأول/ديسمبر 2016، وأُرفق معها مخطط بياني يوجز التغيرات الحاصلة.
وتعني السيطرةُ الكلية كاملَ المساحة التي يسيطر عليها أحد الأطراف فيما تعني السيطرة الفعالة مساحةَ الأراضي التي تكثر فيها التجمعات السكانية وتحوي نقاطاً ومحطات حيوية مثل المطارات والموانئ والمعابر الحدودية والمصافي والطرقات الرئيسية ومصادر الطاقة (سدود وأنهار ونفط وغاز وفوسفات).
وجدير بالذكر أن التدخل العسكري الروسي في سوريا الذي بدأ في أيلول/سبتمبر 2015 كان قد شهد ذروة تصعيد أعماله العسكرية خلال فترة الأشهر الثمانية التي توثِّق الخريطةُ أهمَّ أحداثِها العسكرية.
ويمكن اختصار أهم التطورات الميدانية التي انعكست على نسب السيطرة لكافة الأطراف (قوات الأسد والمعارضة المسلحة وتنظيم الدولة والقوات الكردية) وانطوت على اختراقات نوعية وحصلت خلال الفترة أعلاه، بالأحداث العسكرية التالية مرتبةً وفق التسلسل الزمني:
1.سيطرت قوات النظام مدعومة بالميليشيات الأجنبية وبغطاء ناري كثيف من الطيران الروسي على منطقة مزارع الملاح المشرفة نارياً على طريق "الكاستيلو" آخر طرق إمداد قوات المعارضة داخل مدينة حلب، وذلك في السابع من تموز/يوليو 2016، ويعدُّ هذا الاختراق بمثابة إنذار مبكر وإشارة تمهيدية أولى عما سيحل بمنطقة حلب الشرقية لاحقاً.
2.حققت قوات المعارضة المسلحة في الخامس من شهر آب/أغسطس اختراقاً نوعياً كبيراً في مدينة حلب وذلك عبر سيطرتها على عدد من الكليات العسكرية التي كانت بمثابة قلاع حصينة للنظام، وقد كسرت قوات المعارضة بهذه السيطرة الحصار الذي تعرضت له الأحياء الشرقية من مدينة حلب بعد استيلاء قوات النظام على طريق الكاستيلو.
3.في الثالث عشر من آب/أغسطس 2016 أعلن تحالف قوات سوريا الديموقراطية المدعوم من الولايات المتحدة الأمريكية سيطرته الكاملة على مدينة منبج شمال شرق مدينة حلب من قبضة تنظيم الدولة.
4.أدى التدخل العسكري التركي عبر عملية درع الفرات في 24 آب/أغسطس 2016 إلى طرد تنظيم الدولة من كامل مدينة جرابلس الحدودية شمال شرق حلب وإلى تحرير عدد من القرى المحيطة من سيطرة وحدات حماية الشعب.
5.شهدت نهاية شهر آب/أغسطس توقيع اتفاق بين المعارضة والنظام في مدينة داريا جنوب غرب العاصمة دمشق يقضي بإخراج كافة ساكني المدينة من مدنيين وعسكريين بعد أربعة أعوام كاملة من الحصار والقصف والتجويع.
6.في الرابع من أيلول/سبتمبر 2016 استعادت قوات النظام والميليشيات الأجنبية السيطرة على الكليات العسكرية جنوب غرب مدينة حلب، حيث تقدمت بتغطية جوية روسية عنيفة داخل الكليات العسكرية وسيطرت على معظم هذه المنطقة.
7.حققت قوات المعارضة السورية في شهر أيلول تقدماً كبيراً في الريف الشمالي لمدينة حماه ووسعت سيطرتها لتشمل "حلفايا" و "صوران" و"طيبة الإمام" و"معردس" و"كوكب" وعدة بلدات وقرى وحواجز، ولتصل إلى مشارف جبل "زين العابدين" الذي يعد أعتى قلاع النظام والذي لا يبعد عن مدينة حماه أكثر من عشرة كيلومترات.
8.في 16 تشرين الأول/أكتوبر 2016 نجحت فصائل الجيش الحر المدعومة من قبل الجيش التركي، في السيطرة على بلدة «دابق» في ريف حلب الشمالي، وهي البلدة التي شغلت مكاناً هاماً من دعاية التنظيم، كونها سوف تشهد معركة مصيرية تنتهي بنصر له بحسب أدبياته.
9.في نهاية شهر تشرين الأول/أكتوبر 2016 شنت فصائل المعارضة هجوماً واسعاً على نقاط النظام في مدينة حلب بهدف كسر الحصار عن أحياء حلب الشرقية، واستطاعت التقدم والسيطرة على ضاحية الأسد.
10.انطلاق عملية "غضب الفرات" بدعم من واشنطن في 7 تشرين الثاني/نوفمبر 2016، حيث أعلنت قوات سوريا الديمقراطية المكونة من تحالف فصائل عربية وكردية سورية والتي تشكل وحدات حماية الشعب عمودها الفقري بدء معركة تحرير الرقة، معقل تنظيم الدولة شمال سوريا. وأطلق على هذه المعركة اسم غضب الفرات.
11.في 27 تشرين الأول/نوفمبر 2016 خضعت مدينة التل شمال العاصمة دمشق وكذلك بلدة ومخيم خان الشيح جنوب غرب العاصمة لشروط النظام القاضية بإخراج مسلحي المعارضة منهما، لتنضما إلى قائمة المدن التي أفرغ سكانها بسبب القصف والحصار والتجويع، كما حصل في مدينتي داريا ومعضمية الشام المحيطتين بدمشق.
12.استطاعت قوات النظام في 28 تشرين الثاني/نوفمبر السيطرة على حي الصاخور في حلب الشرقية، ما أفسح المجال أمام الوحدات الكردية للتوغل في عدد من الأحياء الشرقية للمدينة مثل بعيدين وبستان الباشا والشيخ فارس والهُلُّك الفوقاني ومعامل عين التل والزيتونات وذلك بعد انسحاب المعارضة المسلحة منها، وبالسيطرة على حي الصاخور فإن كامل القسم الشمالي الشرقي من المدينة بات خارج سيطرة المعارضة، وأتت هذه التطورات ضمن محاولات محمومة من طرف روسيا والنظام لاستغلال ظرف لامبالاة الولايات المتحدة وانشغالها بترتيبات الانتقال إلى إدارة أخرى خلفاً لإدارة أوباما بعد نجاح ترامب في الانتخابات الرئاسية التي جرت في التاسع من نوفمبر.
13.أعاد تنظيم الدولة سيطرته على مدينة تدمر في العاشر من كانون الأول/ديسمبر 2016 بعد ثمانية أشهر من طرده منها على يد قوات النظام والميليشيات الأجنبية.
14.كان التطورُ الأبرز في الشهر الأخير (كانون الأول/ديسمبر) من عام 2016 هو سيطرة قوات الأسد والميليشيات الأجنبية على القسم الشرقي من حلب بعد شهرين تقريباً من حملة عسكرية عنيفة شارك فيها بكثافة كلٌّ من طيران النظام والطيران الروسي.
15.دخول وقف إطلاق النار في سوريا حيز التنفيذ منتصف ليل الخميس - الجمعة بالتوقيت المحلي في سوريا الموافق لـ 29 كانون الثاني/ديسمبر، مع استمرار قوات النظام وميليشيات حزب الله بخرق الهدنة في منطقة وادي بردى شمال غرب العاصمة دمشق.
شهدت الأشهر الأخيرة من عام 2016 سيطرة قوات الأسد والميليشيات الأجنبية على عدة مدن وبلدات في محيط العاصمة دمشق وإخراج المعارضين المسلحين منها ضمن مساعي النظام والحرس الثوري وحزب الله لتمكين السيطرة على محيط العاصمة وتفريغ المدن والبلدات الواقعة على خطوط الإمداد المتصلة بمناطق حزب الله في لبنان، وشهد الشهر الأخير من العام توقيعَ المعارضة المسلحة اتفاقيات وقف إطلاق النار وآليات المراقبة واستئناف المفاوضات بعد أيام قليلة فقط من خسارة المعارضة لحلب الشرقية وإخراج كافة مقاتليها من المدينة، لتخرج بذلك مدينة حلب بأكملها من معادلة الصراع بعد حوالي خمس سنوات من سيطرة المعارضة على نصفها الشرقي, ويعدّ هذا التطور العسكري بمثابة الاختراق الميداني الأكبر من نوعه الذي تحرزه قوات النظام والميليشيات الأجنبية والخسارة الأقسى للمعارضة طوال تاريخ صراعها مع قوات النظام، ليُسْدَلَ ستارُ عامِ 2016 عن مرحلة جديدة عنوانها الأبرز "ما بعد حلب" و "ما بعد تحصين العاصمة".
للاطلاع على الخريطة بدقة عالية يمكنكم تحميل الملف