انسحاب الأسد المُهين ضربة لإيران
هناك فرصة ذهبية للغرب لإنهاء النفوذ الإقليمي الخبيث لطهران الذي امتدّ لفترة طويلة من الزمن، فما سبب هذا الانكسار الذي أصاب إيران ومشروع هيمنتها في المنطقة؟ تستعرض صحيفة "التلغراف" البريطانية، في مقال الرأي الذي تم نشره مؤخراً على صفحاتها الافتتاحية، سبب هذا الظرف الذي تعيشه طهران وحلفاؤها في المنطقة.
نصّ الترجمة
لقد أسهم التقدُّم السريع الذي أحرزته المعارضة السورية في حلب في توجيه ضربة قاسية للنظام ورئيسه بشار الأسد، بعد أن شنت فصائل المعارضة المسلّحة وهيئة تحرير الشام هجمات دفعت قوات النظام إلى التراجع، مع تكهُّنات بأن الهجوم قد يمتدّ إلى المدن الرئيسية.
من الواضح أن الوضع شديد الهشاشة، وأن سورية قد تنزلق بسهولة إلى فوضى عارمة، والجميع متفقون أن الأسد عبارة عن رئيس نظام مجرم، لكن فصائل المعارضة -خاصة من الإسلاميين- ليسوا أصدقاء للغرب. ينصبّ الكثير من التركيز على هذه الديناميكيات وعلى تدخُّل القوات الروسية الداعمة للنظام، حيث توجد غارات جوية على محافظة حلب ومحيطها، وقد يكون بالقَدْرِ ذاتِهِ من الأهمية الضررُ الذي لحق بطموحات إيران في الشرق الأوسط. ويبدو بشكل متزايد أنّ الهجوم الذي حصل في 7 تشرين الأول/ أكتوبر، بدلاً من أن يشير إلى بداية حقبة جديدة من القوة الإيرانية، كان في الواقع أقصى ما يمكن أن يصل إليه نفوذ إيران في المنطقة.
لقد اضطرت طهران، على مدار العام الماضي، إلى مشاهدة حلفائها من حركة حماس في غزّة يتعرّضون لهزائم متتالية، وميليشياتها الموالية، حزب الله في لبنان، تتكبد خسائر فادحة. أما الهجمات التي شنتها إيران على إسرائيل فقد أسفرت عن تأثيرات محدودة، وقُوبلت بضربات جوية رداً عليها، حيث أشار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى أن تلك الضربات استهدفت البرنامج النووي الإيراني.
من الواضح أن مقامرة النظام الإيراني الكبرى قد فشلت، ويبدو أن الفوضى الحالية في سورية هي نتيجة مُباشِرة للقرارات التي اتُّخذت بعد 7 تشرين الأول/ أكتوبر، حيث شنت الميليشيات الإيرانية هجمات على القواعد الأمريكية، مما أدى إلى غارات جوية أمريكية استهدفت مواقع إيرانية في سورية، بينما أدى وابل صواريخ حزب الله على إسرائيل إلى هجوم بري إسرائيلي نهاية المطاف على لبنان. ويبدو أن إضعاف حلفاء الأسد في دولهم وفي أماكن تموضعهم داخل بلاده قد فتح الباب أمام الهجوم الحالي، مما يثير احتمال تكبُّد النظام الحاكم في دمشق لخسارة كبيرة في السلطة.
من الواضح أن طهران أخطأت بشكل فادح في حساباتها عند اتخاذ قرار تصعيد صراعها مع إسرائيل والغرب. ورغم أن إيران تمكنت من تحقيق بعض الانتصارات في حرب الدعاية، حيث نجحت في إقناع العديد من اليساريين في الغرب بأن إسرائيل هي الخاسر في هذا الصراع، إلا أنها تعرضت لضربة مُهينة وقاسية على أرض المعركة. كما تمزقت الأهداف الإستراتيجية التي عملت عليها لسنوات في غضون أشهر قليلة، والنتيجة تبدو وكأنها انهيار حلم إيران بالهيمنة الإقليمية.
لقد تعرض النظام السوري لضعف شديد بعد أن بذلت إيران جهوداً هائلة لتحقيق استقراره، كما أن وكلاء طهران في لبنان تعرضوا للدمار، وتم تقريباً تحييد حماس كقوة فعّالة، وبهذه المعطيات يمكن القول إنّ هناك فرصة ذهبية أمام الغرب لاستكمال المهمة المُتمثِّلة في تحطيم النفوذ الإقليمي الخبيث لإيران والتخلص منه لفترة طويلة من الزمن.
المصدر: صحيفة التلغراف
ترجمة: عبد الحميد فحام