انخفاض جديد في قيمة الليرة السورية: الأسباب والنتائج
تحت المجهر | انخفاض جديد في قيمة الليرة السورية: الأسباب والنتائج
منذ منتصف شهر (نيسان/أبريل 2021م) استقر سعر صرف الليرة السورية أمام العملات الأجنبية بشكل ملحوظ، إذ بلغت قيمة الدولار الأمريكي 3200 ليرة، واستمرّ السعر بالثبات لأكثر من أربعة أشهر عند المستوى السابق، ممّا ساعد على الحفاظ على ثبات الأسعار للسلع الأساسية للمستهلكين السوريين في مناطق النظام السوري.
منذ مطلع شهر (أيلول/سبتمبر 2021م) بدأت قيمة الليرة السورية بالانخفاض، فقد وصل سعر الدولار الواحد إلى 3500 ليرة سورية، أي بانخفاض يقارب 10% من قيمتها خلال أيام.
وتعود أسباب هذا الانخفاض إلى:
1-زيادة المعروض النقدي
تمكّن النظام من الحفاظ على سعر الصرف ثابتاً، من خلال ضبط المعروض النقدي عن طريق إلزام التجار بالتعاملات البنكية ومصادرة أرصدة نقدية بالليرة السورية وإجبار كبار التجار على إيداع مبالغ ضخمة في البنوك وما إلى ذلك من إجراءات لتجفيف السيولة النقدية، إلا أنّ هذا الإجراءات لا يمكن أن تستمرّ إلى ما لا نهاية، فهي بطبيعتها مؤقتة ولها سلبيات كبيرة تؤدّي إلى تراجع النشاط الاقتصادي وركود الأسواق.
ومع أنّ النظام لا يزال يعمل على تجفيف السيولة، إلا أنّه عمد من جهة أخرى إلى زيادة الرواتب للمدنيين والعسكريين منذ مطلع شهر آب/أغسطس بنسبة 50%، وهو ما أدّى إلى زيادة المعروض النقدي في الأسواق وانخفاض قيمة الليرة.
2-رفع أسعار المحروقات والسلع الأساسية المتكرّر
عمد النظام السوري في نهاية الأسبوع الأول من شهر (تموز/يوليو 2021م) إلى رفع سعر البنزين 95 ليصل سعر اللتر إلى 3000 ليرة للمرة الرابعة خلال عام 2021م، وقد أتى القرار بعد أيام من رفع سعر السكر والأرز إلى الضِّعف، هذا الأمر ينعكس على ارتفاع مجمل الأسعار، إذ إنّ المواد التي يُرفع الدعم عنها هي سلع رئيسية تدخل في تركيبة النقل والإنتاج والخدمات المقدّمة للأُسر، ممّا يرفع الأسعار، أي زيادة معدّل التضخّم.
3-اشتداد الأزمة في لبنان
لطالما مثّل الوضع اللبناني متنفَّساً للسوريين لجهة تأمين معظم احتياجاتهم، ومع بدء الأزمة اللبنانية ارتفع تهريب السلع -خاصة المحروقات- إلى سورية، كما استطاع التجار السوريون إيصال بعض السلع للأسواق اللبنانية، ولكن هذا لم يدم كثيراً، فقد وصلت السوق اللبنانية لحالة تشبه الجفاف، ممّا خفّض هذه الفوائد.
* * *
هذه الأسباب المتعلّقة بالانخفاض الأخير لسعر الليرة لا يمكن أن تنفصل بأيّ حال من الأحوال عن الوضع الاقتصادي المتدهور في سورية، وتخصيص النظام للموارد القليلة من القطع الأجنبي لتمويل الحرب بدل الدفاع عن الليرة السورية وضبط الأسعار يجعلنا نتوقّع مزيداً من الانخفاض في سعر الليرة السورية حتى نهاية عام 2021م، ما يعني ارتفاعاً في أسعار معظم السلع والخدمات، كما أنّ استمرار النظام في علاج المشكلة على أساس تحميل مكاتب الصرافة والمواطنين السوريين وقضايا العقوبات الدولية على شخصيات أمنية وسياسية ضمنه، هذا لن يُساهم في تقديم أيّ حلول عملية للمشكلة.
وحدة التحليل والتفكير - مركز جسور للدراسات
للإشتراك في قناتنا على التيليغرام اضغط هنا