السيطرة والتوغُّل الإسرائيلي جنوبي سوريا
أطلقت إسرائيل في 8 كانون الأول/ ديسمبر 2024 عملية عسكرية هي الأوسع بتاريخها في سوريا تحت مسمى "سهم باشان"، وشملت 350 غارة جوية غطَّتْ عموم الأراضي السورية، نتج عنها تدمير 80% من البِنْية التحتية العسكرية الإستراتيجية في سورية، وقد أرفقت إسرائيل الغارات الجوية بعملية توغُّل بري طالت منطقة فضّ الاشتباك المحدَّدة باتفاق عام 1974 ومحيطها جنوبي سوريا.
شملت عمليات السيطرة والتوغل عدّة قرى وبلدات ضِمن محافظة القنيطرة جنوبي سوريا، وهي: أوفانية، والقنيطرة، والحميدية، والبعث، والصمدانية الغربية، والقحطانية، والحرية، وحضر، وأم باطنة، وخان أرنبة، والرواضي، وحضر، وعرنة.
بذلك سيطر الجيش الإسرائيلي على جميع المراصد الموجودة في جبل الشيخ، بما فيها مرصد القمة الذي كان يتبع قوات النظام السوري السابق، مستفيداً من الانسحاب المفاجئ وإخلاء مواقعها في الوحدات الإدارية والميدانية في المنطقة.
بمعنى استحوذت إسرائيل على أعلى نقطة في سلسلة جبال الحرمون والشيخ، والتي تبلغ 2800 متر، بما يُمكنها من كشف كامل المنطقة بين سورية ولبنان وفلسطين والأردن، بنطاق يتجاوز 70 كم من جميع الاتجاهات.
جاءت العملية العسكرية الإسرائيلية ضِمن خطة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في إنشاء منطقة عازلة مع سوريا، وإحداث مواقع قيادة عسكرية متقدِّمة للجيش الإسرائيلي فيها، تمكنها من السيطرة النيرانية على كامل المنطقة، ومَنْع أيّ طرف من كشف المواقع الإسرائيلية مثلما كان الوضع بعد اتفاق فضّ الاشتباك.
نفّذت التوغُّل الإسرائيلي قوات وحدة الكوماندوز (شلداغ)، إضافة إلى الوحدات التي شكَّلتها بعد حرب غزة، للاضطلاع بمهام جديدة على الحدود مع سوريا، وأبرزها: الفرقة فارا، والوحدة الاستخباراتية التابعة للواء الجولان 474، ولواء هحاريم أو لواء الجبال.
علماً، أنّ اتفاقية فكّ الاشتباك بين إسرائيل والنظام السوري عام 1974 تنصّ على وَقْف الأعمال القتالية على طرفَي المنطقة العازلة بين الطرفين، والتزام الهدوء، ويُبرِّر نتنياهو تدخُّل الجيش الإسرائيلي مؤخراً في سوريا بأن الطرف المقابل هو من أخلَّ بالاتفاق، وأن الاضطراب بدأ يسود في المنطقة العازلة على الطرف المقابل، ولذلك أمر بالتحرُّك باتجاه الأراضي السورية، وأعلن أنّ الاتفاق لم يَعُدْ مُلزِماً لتل أبيب.