إجراءات أممية متوقَّعة بعد كارثة الزلزال في سورية
فبراير 12, 2023 3202

إجراءات أممية متوقَّعة بعد كارثة الزلزال في سورية

حجم الخط


قرر الأمين العامّ للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إيفاد وكيله للشؤون الإنسانية والإغاثة في حالات الطوارئ "مارتن غريفيث" إلى المنطقة لتقييم الوضع عن كثب.      

جاء هذا القرار بعد مرور 3 أيام على كارثة الزلزال المدمّر الذي ضرب شمال غرب سورية، وأدى إلى إعلان مناطق المعارضة السورية مناطقَ منكوبة، واستمر عمل المنظمات والفِرَق المحلية خلال هذه الأيام العصيبة دون أي تدخُّل أممي أو دولي، بل كانت المساعدات الأممية المجدولة متوقفة خلال أيام الكارثة الأولى.       

بعد قرار الأمين العامّ إيفاد وكيل الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية عقدت سويسرا والبرازيل بصفتهما حاملتَيْ قلم الملفّ الإنساني في مجلس الأمن مؤتمراً صحفياً مشتركاً يوم الجمعة 10 شباط/ فبراير 2023، طلبتا فيه عَقْد جلسة لمجلس الأمن "في أقرب فرصة سانحة" للاستماع إلى وكيل الأمم المتحدة بعد عودته، والاطلاع على تقريره وتقييمه للحالة الإنسانية، واتخاذ التدابير المناسبة لمساعدة الشعب السوري بناءً على ذلك.      

وردّاً على سؤال حول ما إذا كان مجلس الأمن سيعمل على استصدار قرار لفتح معبر آخر أو اثنين عَبْر الحدود، قالت ممثلة سويسرا: "نحن على استعداد لتسهيل الاتفاق على إجراءات أخرى من قِبل المجلس إذا لزم الأمر. لن نسترشد إلا بحتمية تلبية الاحتياجات الإنسانية للسكان المتضررين".      

يُتوقَّع أن يتخذ مجلس الأمن في جلسته المتوقَّعة خلال الأسبوع القادم إجراءات تتعلق بآلية دخول المساعدات الأممية عَبْر الحدود، خاصة أن الأزمة الإنسانية الحالية يُتوقَّع أن تمتدّ آثارها وتداعياتها لعدة أشهر، وممكن أن تتجه هذه الإجراءات التي سيناقشها مجلس الأمن في عدة سيناريوهات أبرزها:      

1- فتح معبر باب السلامة إلى جانب معبر باب الهوى      

قد يكون هذا الإجراء من الناحية النظرية أقرب الإجراءات التي يمكن أن يتفق عليها مجلس الأمن، خصوصاً بعد أن تم فتح معبر باب السلامة بالفعل لدخول بعض الشحنات الإغاثية الدولية المرسَلة إلى مطار غازي عنتاب، ولأن باب السلامة معبر دولي مجهَّز بكافة المرافق والاحتياجات التقنية، وهو قريب نسبياً من المناطق المنكوبة شمال غرب سورية.      

ومع اتِّساع الكارثة وتداعياتها يُتوقَّع أن تُوافِق روسيا على هذا الإجراء، مع وضع شروط مثل إلزام المعبر بتطبيق آلية مراقبة المساعدات الإنسانية الواردة في القرار 2165 (2014) أو الفتح المؤقت للمعبر إلى نهاية تاريخ القرار في تموز/ يوليو 2023.      

للتذكير فإن فتح باب السلامة وباب الهوى على الحدود السورية التركية كان هو نص القرار  2504 (2020) بعد إغلاق معبرَي الرمثا على الحدود الأردنية، واليعربية على الحدود العراقية وَفْق القرار 2165 (2014).      

2- فتح أكثر من معبر إلى جانب معبر باب الهوى      

مناطق المعارضة التي ضربها الزلزال المدمر كانت في الأصل تشتكي أزمات إنسانية مستمرة، وبعد الزلزال تحوّلت إلى مناطق منكوبة يتطلب إنقاذُ المدنيين وإغاثتهم فيها جسوراً إنسانية برية تدخل فيها المساعدات الأممية والدولية من عدة معابر رئيسية إلى جانب معبر باب الهوى وباب السلامة، حيث قد يذهب مجلس الأمن إلى توسيع الأمر ليشمل معبر الراعي ومعبر جرابلس.             

يُتوقَّع أن تنازع روسيا أكثر إذا ما ذهب المجلس لنقاش هذا الاحتمال، حيث يمكن أن تشترط روسيا فتح معبر الرمثا على الحدود السورية الأردنية لدخول المساعدات إلى النظام السوري، باعتبار وجود مناطق متضررة من الزلزال في مناطق سيطرة النظام يوجب زيادة تدفُّق المساعدات إليه ، إضافة إلى المطالبة بتوسيع دخول المساعدات عَبْر الخطوط.      

قد تميل روسيا إلى هذا الإجراء أكثر من السابق، مع وضع نفس الشروط التي يمكن أن تشترطها هناك.      

3- عدم الوصول إلى إجراءات استثنائية      

قد تبقى آلية دخول المساعدات الأممية على حالها كما نصّ عليها القرار الأممي 2672 (2023)، إذا لم يتم التوصل إلى تفاهُمات تُرضي روسيا وتجعلها تمرِّر الاستثناء. خاصة أن روسيا ستدافع عن مبدأ دخول المساعدات عَبْر الخطوط، وتطلب أن تزداد المساعدات إلى النظام المسؤول عن مدن متضررة من الزلزال في مناطق سيطرته، وستدافع روسيا عما أعلنه الهلال الأحمر في مناطق النظام من استعداده لإيصال المساعدات عَبْر الخطوط.             

4- توسيع دخول المساعدات الأممية عَبْر الحدود دون شروط      

شكّل قرار مجلس الأمن 2139 (2014) حول إدخال المساعدات الإنسانية إلى سورية سابقة في تاريخ الأمم المتحدة، وقد قال الأمين العامّ السابق للأمم المتحدة بان كي مون في جلسة التصويت عليه: "لم يكن اتخاذ هذا القرار أمراً ضرورياً، فالمساعدة الإنسانية ليست محلّ تفاوُض، بل هي أمر يتيحه القانون الدولي".      

أكد العديد من الخبراء القانونيين الدوليين عدم شرعية القرار 2139، وطالبوا بإلغائه، وشددوا على أنه لم يكن هناك أيّ عائق قانوني أمام قيام مجلس الأمن بعمليات إنسانية عَبْر الحدود، كما أكدوا أن الحرمان من المساعدة الإنسانية يمكن أن يرتقي إلى جريمة دولية.      

كان الدافع الأساسي وراء اتخاذ القرار 2139 هو دخول المساعدات الإنسانية بقوة الأمم المتحدة إلى المناطق المحاصرة بعد تعسُّف النظام في منعها، لكن القرار انحرف عن مساره لاحقاً تحت الضغط الروسي، ليصبح محلّ تفاوُض في جلسات مجلس الأمن.      

إن ذهاب مجلس الأمن إلى هذا الإجراء مُستبعَد، وذلك أن روسيا ستعترض بالفيتو، ولا يُلاحَظ لدى باقي المقررين أيّ مؤشرات للذهاب لهذا التصعيد السياسي مع روسيا؛ إلا أنه الإجراء الذي يجب على كلٍّ مِن المعارضة السورية، والمنظمات الإنسانية المحلية والدولية المطالبة به، وإنْ تطلَّب النزاعُ حوله نقلَه للجمعية العامة للأمم المتحدة، أو طلب لجنة تحكيم أُممية عاجلة للنظر في قانونيته.