حزب الاتحاد الديمقراطي يُجري تغييرات سياسية وتنظيمية غير معتادة
بتاريخ 21 أيلول/ سبتمبر 2024 وعلى مدار يومين عقد حزب الاتحاد الديمقراطي PYD مؤتمره العامّ العاشر، بالتزامن مع الذكرى السنوية الحادية والعشرين لتأسيسه، وهو المؤتمر السادس الذي يعقده منذ عام 2011.
المؤتمر العامّ للحزب ليس دورياً بل استثنائيٌّ، ويرتبط غالباً بوجود حاجة لتغييرات في رئاسة الحزب أو برنامجه السياسي أو نظامه الداخلي أو مواقفه، أو وجود ظروف طارئة داخلية وخارجية. لكن عادة ما كانت تقتصر التغييرات خلال المؤتمر العامّ على الرئاسة المشتركة، دون أي تغيير آخر، مثلما حصل في المؤتمر التاسع الذي عُقد منتصف عام 2022 ومعظم المؤتمرات الأخرى، بينما في المؤتمر العاشر كانت هناك تغييرات تنظيمية طالت المجلس العامّ للحزب، وإعادة صياغة النظام الداخلي والبرنامج السياسي؛ حيث تم تغيير معظم البنود من تعديل بعض الجمل وتغيير تسميات بعض البنود وإعادة صياغة بعضها الآخر.
حافظ حزب الاتحاد على ارتباطه بحزب العمال الكردستاني بدءاً من الشعار الذي حمل عنوان "معاً من أجل تحقيق الحرية الجسدية للقائد آبو"، وصولاً إلى البيان الختامي الذي جدّد الالتزام بالعمل وَفْق "فلسفة الأمة الديمقراطية" التي يتبنّاها حزب العمال الكردستاني وقيادته، واعتبار حل القضية الكردية ممهِّداً لعقد "المؤتمر الوطني الكردستاني"، مما يؤكد أنّ مشروع الإدارة الذاتية للحزب هو جزء من القضية الكردية والمشروع القومي لحزب العمال الكردستاني وليس جزءاً من القضية الوطنية السورية.
تزامن عقد المؤتمر مع تزايُد حالة الضغط والتهديد التي يمر بها حزب العمال الكردستاني شمال العراق؛ حيث تستمر العملية العسكرية التركية وما تحقق من انتشار بري واسع هناك، واحتمال وصولها إلى سورية أو عزل مشروع حزب الاتحاد الديمقراطي فيها على الأقل. كما جاء المؤتمر بعد فشل الإدارة الذاتية في عقد الانتخابات البلدية التي كانت تُخطّط لها لتكون غطاءً شرعياً لمشروع الحزب. وجاء في ظل استمرار عجز الحزب في تسويق مشروع الإدارة داخلياً، وتحديداً ضِمن مناطق دير الزور بسبب النزاع مع شريحة من المكوِّن العربي فيها وما تبعها من تفكُّك للمجالس العسكرية والمدنية التابعة للإدارة الذاتية في دير الزور واستغلال إيران والنظام السوري لهذا الواقع لاختراق المنطقة أمنياً واجتماعياً. وعليه تم عقد المؤتمر ليحمل الحزب معه عِدّة أهداف، أبرزها:
• تعزيز الكتلة الصُّلْبة لحزب العمال وتياره المتطرّف داخل حزب الاتحاد ومجالسه القيادية؛ حيث تم اختيار غريب حسّو كرئيس مشترك، وهو من القيادات الإيزيدية المرتبطة بشكل مباشر وكبير بحزب العمال الكردستاني، باعتباره من الكوادر القديمة، إضافة إلى توسيع دور التنظيمات التابعة لحزب العمال وحضورها في مجالس قيادة حزب الاتحاد، مثل الشبيبة الثورية ومؤتمر ستار.
• تعزيز وجود المكوِّن الكردي على حساب بقية المكوِّنات في قيادة الحزب وفي مشروع الإدارة الذاتية؛ حيث تم تخفيض أعضاء المجلس العامّ لحزب الاتحاد من 145 إلى 90، مما يعني تخفيض أعداد ممثلي المكوِّن العربي بالدرجة الأولى والسرياني بالدرجة الثانية داخل الحزب وحصرهم بممثلين عن بعض مناطقهم أو عن بعض مؤسسات الإدارة الذاتية.
• الحفاظ على مشروع الإدارة الذاتية، دون أي تغيير في سياسة الحزب تجاهه؛ حيث ربط بين المشروع والقرار 2254 (2015)، عَبْر الدعوة لتمثيل الإدارة الذاتية بالعملية السياسية، وأبدى انفتاحاً ودعوات ملحّة للتقارب والتواصل مع القُوى الكردية الأخرى في سورية والعراق على وجه الخصوص، فيما يبدو أنّ الحزب بات يُعوّل على تعويم مشروع من خلال المفاوضات "الكردية – الكردية" لنَيْل الاعتراف بالمشروع، مع استمرار تعثُّر مساعيه لاعتراف النظام به، والتهديد المتزايد الذي قد يتعرّض له في حال مضى التطبيع بين النظام وتركيا قُدُماً.
بشكل عامّ، يتجه حزب الاتحاد الديمقراطي -ومن خلفه حزب العمال الكردستاني- لإعادة ترتيب أولوياته وصفوف قيادته ومشروع الإدارة الذاتية في سورية؛ بسبب حالة الضغط والتهديد التي يتعرض لها، ويُتوقع نتيجةً لذلك أن يستجيب للحوار المعطَّل مع القُوى الكردية الأخرى في سورية وعلى رأسها أحزاب المجلس الوطني الكردي، مُستبِقاً ذلك بزيادة حضور المؤسسات والقوى والشخصيات التابعة لحزب العمال الكردستاني وسيطرتها تنظيمياً أو أيديولوجياً داخل مناطق الإدارة الذاتية ومؤسساتها مع تهميشٍ أكبرَ للقُوى العربية والسريانية الموجودة فيها.