سياسات النظام السوري في التحوُّل نحو الطاقة البديلة
يوليو 20, 2024 2291

سياسات النظام السوري في التحوُّل نحو الطاقة البديلة

حجم الخط

مقدمة     

يسعى النظام السوري منذ عام 2019 للتحوُّل نحو الطاقة البديلة حيث وضعت وزارة الكهرباء إستراتيجية لتنفيذ ذلك حتى عام 2030 تشمل مختلف القطاعات الاقتصادية التي تحتاج للكهرباء بشكل رئيسي لتنشيطها، من خلال العديد من المشاريع والأساليب المختلفة.     

جاء ذلك، في الوقت الذي تشهد فيه المنظومة الكهربائية في البلاد تضرُّراً بأكثر من 50% منذ عام 2011 جراء استهداف محطات توليد الكهرباء وتوزيعها وتحويلها وشبكة النقل والتوزيع في مختلف المناطق السورية [ 1] ، مما أدى إلى نقص في القدرة التوليدية للكهرباء؛ التي لا تصل حالياً إلى أكثر من 30% (حوالي 3 آلاف ميغاواط) من حجم التوليد الأساسي للكهرباء في سورية بينما كانت في السابق تصل إلى 9 آلاف ميغاواط.     

أوّلاً: إستراتيجية النظام للتحوُّل نحو الطاقة البديلة     

وضعت وزارة الكهرباء في حكومة النظام بتاريخ 17 تموز/ يوليو 2019 إستراتيجية للطاقات البديلة لغاية عام 2030 بسبب الحاجة الماسة للكهرباء في جميع القطاعات الاقتصادية مثل الصناعية والزراعية والطبية والخدمية وغيرها وعدم قدرتها على توليدها من المحطات العادية سواء لنقص الفيول المستخدم أو تضرر المحطات ونقص في القطع الصناعية المستخدمة بها؛ حيث تهدف هذه الإستراتيجية إلى أن تكون نسبة مساهمة الطاقات البديلة لا تقل عن 5% من إجمالي الطاقة الأولية عام 2030 وتتألف من 1500 ميغاواط لواقط كهروضوئية و900 ميغاواط عنفات ريحية و1.2 مليون سخان شمسي بإجمالي 2400 ميغاواط [2] .     

بعد ذلك تم رفع هدف الإستراتيجية بالوصول إلى 2500 ميغاواط من الطاقة الكهروضوئية و1500 ميغاواط من الطاقة الريحية و1.2 مليون خزان شمسي بإجمالي 4 آلاف ميغاواط في حين يتوقع النظام أن يصل في النصف الثاني من عام 2024 إلى 200 ميغاواط من خلال المشروعات الريحية وأكثر من 400 ميغاواط من مشروعات الطاقة الشمسية بإجمالي 600 ميغاواط [3] .     

استعرضت حكومة النظام سياسات وإجراءات عدّة لتنفيذ الإستراتيجية تشمل مشاريع تقوم بها وزارة الكهرباء ومشاريع استثمارية يقوم بها القطاع الخاص ومشاريع للقطاع المشترك ومشاريع مستهلكي الكهرباء (الزراعة والموارد المائية، والصناعة، والتجارة، والمنازل، والحكومة، ودور العبادة، وإدارة النفايات) ومشاريع السخان الشمسي عن طريق صندوق دعم الطاقات البديلة [4] . في الواقع إن ما تتحدث حوله حكومة النظام دائماً ما يكون موضع شك، فرغم التصريحات والخطط والوعود المختلفة في مجال الطاقة عموماً والكهرباء خصوصاً، يُلاحَظ أن الخدمة تتراجع ولا تتحسن.     

أصدر النظام العديد من القرارات والقوانين بناءً على الإستراتيجية المخطَّط لها من قِبل وزارة الكهرباء لعام 2030 حيث عمل على التحوُّل نحو الطاقة البديلة من خلال إشراك القطاع الخاص للتخلص من عبء العملية وتكاليفها التي تفوق قدراته الاقتصادية؛ فوضع خريطة طريق تتضمّن إصدار التشريعات الخاصة بنشاط توليد الكهرباء وتعديلها سواء من الوقود الأحفوري أو الطاقات البديلة بهدف تهيئة البيئة الاستثمارية المناسبة للقطاع الخاص لإقامة مشروعاته وبيع الكهرباء سواء لوزارة الكهرباء أو للقطاعين العام والخاص وزيادة مساهمة الطاقات البديلة في ميزان الطاقة السوري [5] .     

الطاقة البديلة يمكن أن تشير إلى كل ما يحل محل الوقود التقليدي (الأحفوري) من مصادر تولّد الكهرباء أو تشغل الماكينات وتضيء المنازل، ومن أشهر البدائل هي الطاقة الشمسية، والرياح وطاقة المياه، وكذلك حرارة الأرض، والاستفادة من الانبعاثات الناتجة عن الغازات الموجودة في القمامة، وما تزال البدائل قيد التشكيل والتطوُّر.     

لدى سورية ظروف مساعدة حالياً للتحوُّل نحو الطاقة البديلة وهي تتمتع بمناخ معتدل، يحتوي على 4 فصول دورية، مما يشجع على إنتاج الطاقة من مصادر طبيعية، حيث يمكن القول إن دعائم الطاقة البديلة يمكن أن تكون:     

طاقة الرياح: تولّد الجبال والمناطق المرتفعة طاقة رياح كبيرة منتجة للكهرباء، وتوجد هذه المناطق في الساحل السوري، وجبال تدمر وكذلك غرب حمص، حيث تعتبر مناطق جيدة لإنتاج الطاقة من الرياح.     

طاقة المياه: تستطيع الأمواج المتوسطة لمياه الساحل السوري الذي يمتد على طول 180 كم تحريك ديناموهات توليد الطاقة عن طريق الحركة، كما تمتلك سورية نهر الفرات وروافده، إضافة للعاصي وبعض الأنهار الصغيرة الأخرى، التي بدورها أيضاً تشكل مصدراً لتوليد الطاقة.     

الطاقة الشمسية: تساعد البادية السورية، التي تضربها الشمس لأوقات طويلة من السنة وتتمتع بمناخ صافٍ على بناء مزارع طاقة شمسية ضخمة لتوليد الطاقة.     

بالنتيجة، تتوفّر الظروف الطبيعية في البلاد لإنشاء شبكة من المصادر البديلة للطاقة التقليدية، لكن من المعروف أن الطاقة البديلة تحتاج لاستثمارات مالية ضخمة؛ حيث يقدر إنتاج ميغاواط واحد من الكهرباء بمصادر طاقة بديلة بحوالي 10 ملايين دولار أمريكي وسطياً، والميغا الواحد هو كمية قليلة من الطاقة حيث يحتاج بلد مثل سورية لحوالَيْ 5 آلاف ميغاواط في السنوات العشرة المقبلة، أي مبالغ تصل إلى 10 مليارات لإنتاج غيغا بايت واحد (1000 ميغا تقريباً). من جانب آخر، تحتاج الطاقة البديلة لخبرات وكفاءات علمية يصعب توفرها حالياً في ظل موجات النزوح والهجرة التي حصلت في البلاد.     

ثانياً: تشكيل إطار قانوني للتحوُّل نحو الطاقة البديلة     

يعود توجه النظام السوري نحو الطاقة البديلة إلى العديد من الأسباب، أبرزها: فشل المؤسسات الحكومية بتأمين الطاقة من مصادرها الرئيسية بعد تعرضها للضرر الكبير، وفشلها في إدارة ملف الطاقة أو نقله بشكل كامل لإدارة إيران، إضافة إلى فشل نقل أعباء الملف من المؤسسات الحكومية إلى المؤسسات الخاصة. وقد شملت مساعي التوجه للطاقة البديلة اتخاذ عدد من الإجراءات وإصدار القوانين والتشريعات، مثلما هو موضّح أدناه:     

إنشاء صندوق دعم الطاقات البديلة: بتاريخ 19 تشرين الأول/ أكتوبر 2021 خلال القانون رقم 23 لعام 2021 [6] ، لتشجيع المواطنين في مناطقها للتوجه نحو الطاقات البديلة ولتأمين الطلب المتزايد؛ بهدف تشجيع الاستثمارات الخاصة وإشراكها مع القطاع العام في إنتاج الطاقة الكهربائية من خلال الطاقات البديلة للمشاريع الخاصة، أو العمل على إنشاء محطات توليد سواء بالوقود الأحفوري أو بالطاقات البديلة وبيع الإنتاج لوزارة الكهرباء، لكن بناء على نوع المشاريع المنفذة والمعلنة وكميتها في هيئة الاستثمار يُلاحَظ ضعف تجاوُب المستثمرين في القطاع الخاص للتوجه نحو الاستثمار في مشاريع الطاقة البديلة وبقي على نطاق محدود منذ تاريخ القانون.     

ترخيص مشاريع توليد الطاقة: بتاريخ 28 تشرين الثاني/ نوفمبر أصدر النظام القانون رقم 32 لعام 2021 والذي تم بموجبه تعديل المادة 28 من قانون الكهرباء رقم 32 لعام 2010 حيث أجاز من خلال التعديل شراء الكهرباء المنتجة من مشاريع الطاقات البديلة التي يمكن ربطها على شبكة النقل أو شبكة التوزيع إذا توفرت الإمكانات الفنية لذلك وحسب القواعد والشروط والاستطلاعات التي تضعها المؤسسة العامة لنقل الكهرباء وتوزيعها، وتعتمدها الوزارة بأسعار محددة تصدر بقرار من مجلس الوزراء في حالات محددة [7] ، ثم تم إجراء تعديل آخر لقانون الكهرباء بموجب القانون 41 لعام 2022 والذي سمح من خلاله لوزارة الكهرباء بترخيص مشاريع توليد الطاقة دون التزام بشراء الكهرباء المتولدة عنها وغيره من التفاصيل [8] .     

منح إجازات استثمار: حيث منح النظام بموجب أحكام القانون رقم 18 لعام 2021 إجازتَي استثمار لمشروعَي إقامة محطتين لتوليد الطاقة الكهروضوئية، في محافظة حمص بتاريخ 12 كانون الأول/ ديسمبر 2023، باستطاعة 20 ميغاواط سنوياً [9] .     

تخصيص نسبة من موازنات مؤسسات المياه: بتاريخ 31 كانون الثاني/ يناير 2022 تم تخصيص 10% من موازنات مؤسسات المياه لمشاريع الطاقة البديلة الاستثمارية عام 2022 لتشغيل محطـات الضخ وآبار مياه الشرب بدلاً من الاعتماد على كهرباء الشبكة والمحروقات، وَفْق أولويات وأُسُس ومحدِّدات فنية؛ حيث إن هذه الخُطوة كانت في سياق عمل وزارة المياه والموارد الطبيعية الهـادف للتحـول التدريجي باتجـاه مشـاريع الطاقة النظيفة والمستدامة [10] .     

منح تسهيلات ائتمانية للمشاريع الصناعية: قام مجلس النقد والتسليف بالسماح للمصارف العاملة بمنح التسهيلات لتمويل المشاريع الصناعية دون التقيد بسقوف الإقراض؛ حيث أصدر المجلس قراراً سمح بموجبه للمصارف العاملة بمنح التسهيلات الائتمانية على شكل (قروض/ تمويلات) لتمويل المشاريع الصناعية وإضافة مشاريع إنتاج الطاقة البديلة ودون التقيد بسقوف الإقراض المحددة بموجب التعميم رقم 4774/16/ص لعام 2020 الصادر وفق توصية اللجنة الاقتصادية رقم 35 لعام 2020 [11] .     

تعديل شروط منح قروض الطاقة البديلة: بتاريخ 22 تشرين الثاني/ نوفمبر 2022 أصدر مصرف التسليف الشعبي عدداً من التعديلات على ضوابط منح قروض الطاقة البديلة وشروطها من دون فوائد بالتعاون مع صندوق دعم استخدام الطاقات البديلة ورفع كفاءة الطاقة، بحيث يستفيد من قروض الطاقة البديلة التي يمنحها المصرف أي مستهلك لحوامل الطاقة من العاملين في القطاع العام أو الخاص أو أصحاب الفعاليات الصناعية والتجارية والخدمية، سواء أكانوا أشخاصاً طبيعيين أم اعتباريين باستثناء القطاع الزراعي [12] .     

إصدار حزمة من القروض الخاصة: بتاريخ 31 كانون الثاني/ يناير 2023 أطلق المصرف التجاري السوري حزمة من القروض الخاصة باستخدام الطاقات البديلة ورفع كفاءة الطاقة بفائدة عقدية مدعومة من قِبل صندوق دعم استخدام الطاقات البديلة قدرها 11% سنوياً على الرصيد المتناقص للقروض الممنوحة من أموال المصرف وفائدة 0% في حال كان القرض من أموال الصندوق [13] .     

إحداث منصّة إلكترونية للتسجيل على قرض الطاقة الشمسية: في عام 2023 تم إحداث المنصة لتخفيف أعباء التنقل على المواطنين وعدم الذهاب إلى فروع الصندوق للحصول على القرض بسبب وجود ازدحام وإقبال كبير على التسجيل على قرض الطاقات البديلة، ما تسبب أيضاً بالازدحام على المصارف وبالتالي تقرر الاتجاه للتسجيل الإلكتروني [14] .     

تأسيس شركات مختصة بتجارة تجهيزات الطاقة البديلة: صادقت وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك خلال عام 2022 على تأسيس عدد من الشركات التي اختصت بتجارة تجهيزات الطاقة البديلة الشمسية والهوائية، ومن بين هذه الشركات شركة "إيزي رن" لخدمات الطاقة البديلة والتي تعود ملكيتها لأربعة مستثمرين؛ أحدهم من الجنسية الأردنية، والآخرون يحملون الجنسية السورية، وستعمل الشركة في مجال استيراد تجهيزات الطـاقة البديلـة وتصديرها وتجارتها وإكسسواراتها وقطع غيارها لا سيما ألواح الطاقة الشمسية والعنفات الهوائية والإنفرترات والمدخرات والبطاريات والشواحن ومستلزمات التيار الكهربائي وأعمال التركيب والصيانة الخاصة [15] .     

تشجيع القطاع الخاص لدعم الطاقة البديلة: بتاريخ 3 حزيران/ يونيو 2024 عقد المؤتمر الدولي الثاني للطاقات البديلة الذي أقامته كلية الهندسة الميكانيكية والكهربائية تحت شعار "الطاقات البديلة، حلول وإستراتيجيات" بهدف الاستمرار بتشجيع القطاع الخاص على بناء محطات توليد تعمل على مصادر الطاقات البديلة لتخفيف النمو بالطلب على حوامل الطاقة، ونشر مفهوم الطاقات البديلة ونشر محطات التوليد بالطاقات البديلة وخفض تكاليف الطاقات وللحد من الانبعاثات الغازية للتخفيف من آثارها على البيئة وتحسين كفاءة استخدام الطاقة في مختلف القطاعات الصناعية والزراعية وتنمية وتطوير استخدام مصادر الطاقات البديلة وخلق أسواق للكهرباء وإشراك القطاع الخاص في تلبية الطلب على الكهرباء من مختلف مصادر الطاقات البديلة [16] .     

التعاون مع إيران وروسيا: عقد النظام عدداً من اللقاءات مع إيران وروسيا؛ حيث اجتمع وزير الكهرباء غسان الزامل مع الأمين العامّ لغرفة التجارة "السورية – الإيرانية" المشتركة حسن شمشادي ومسؤولين من شركة "بارسه بايدار" الإيرانية التي تتخصص أعمالها في مجال الاستثمار بمشاريع إنتاج الطاقة الكهرومائية [17] . كما وقّع النظام وروسيا مذكرة تفاهُم بين هيئة الطاقة الذرية السورية وشركة روساتوم الروسية لاستخدام الطاقة الذرية للأغراض السلمية خلال منتدى "آتوم إكسبو 2024" في سوتشي، وقد شمل ذلك توريد نظائر مشعّة للاستخدامات الطبية والصناعية وتدريب الكوادر السورية، ومنح دراسية في مجالات الاستخدام السلمي للطاقة الذرية إضافة إلى التعاون في مجالات أخرى مثل فيزياء البلازما [18] .     

بالمحصّلة سرّع النظام من اتخاذ الإجراءات وإصدار القوانين والتشريعات اللازمة لإظهار جدّية في التحوّل نحو إنتاج الطاقة البديلة، وللتشجيع على توطين صناعة تجهيزات الطاقة البديلة، على أمل استجرار الاستثمارات الخارجية إلى سورية، في ظل الاهتمام العالمي بالاستثمار في هذا القطاع، لا سيما أن الأرضية لهذا التحوّل يمكن أن تتوفر بشكل أسرع مقارنة مع القدرة على استعادة حقول النفط والغاز الخارجة عن سيطرته.     

ثالثاً: أبرز المشاريع في مجال الطاقة البديلة في مناطق النظام السوري     

سعى النظام السوري في إطار تحقيق إستراتيجية التحول للطاقة البديلة عام 2030 في مناطق سيطرته إلى إقامة مشاريع الطاقة البديلة مختلفة الحجم في مختلف القطاعات مثل القطاع العام وقطاع النقل والقطاع الصناعي والقطاع الزراعي والموارد المائية، إضافة إلى تشجيع توطين صناعة تجهيزات الطاقات البديلة، وقد توزعت هذه المشاريع بين مشاريع قام بها القطاع الخاص ومشاريع قام بها القطاع العام ومشاريع مشتركة، ومنذ الإعلان عن الإستراتيجية عام 2019 تركّزت جهود النظام على التشجيع على توطين صناعة تجهيزات الطاقة البديلة، في حين أنّ جهوده في التحوّل الحقيقي ضمن مختلف القطاعات الواردة في الإستراتيجية كانت ضعيفة بمعنى آخر، كانت جهود النظام خلال 5 سنوات تصبّ في التسويق والترويج لعملية التحول الطاقي أكثر من أن يكون هناك تحوُّل فعلي في مختلف القطاعات.     
 

الشكل 1
 

كما أن مشاريع التحول نحو الطاقة البديلة المعلَن عن تنفيذها أو جارٍ تنفيذها أو هناك نية لتنفيذها تركزت في مختلف المحافظات؛ حيث أخذت حمص وريف دمشق الحيّز الأكبر من مشاريع الطاقة البديلة؛ لوجود مدينة حسياء الصناعية في ريف حمص ومدينة عدرا الصناعية في ريف دمشق، ثم تتوزع المشاريع على كل من محافظات السويداء وحماة ودمشق واللاذقية للخدمات العامة والزراعية بشكل رئيسي، لكنها بالمجمل ما تزال مشاريع على الورق في معظمها، مع عدد قليل منها تم فعلياً. وفيما يخص أبرز المشاريع التي جرى العمل على إنجازها كاملاً أو جزئياً بعد عام 2019 فهي على الشكل الآتي:     

تشغيل محطة لتوليد الكهرباء في حماة بالطاقة الشمسية باستطاعة 1 ميغاواط؛ بتاريخ 24 تشرين الثاني/ نوفمبر 2019، وهي تشكل رديفاً للشبكة الكهربائية العامة وتمّت بالشراكة بين القطاعين العام والخاص، وعمرها الافتراضي لتخديم المحافظة بالكهرباء 25 عاماً [19] .     

تجهيز البنية التحتية والقانونية لمحطة الطاقة البديلة في مدينة أم الزيتون الصناعية بمحافظة السويداء، باستطاعة 10 ميغاواط، بتاريخ 19 تموز/ يوليو 2020، ورغم مرور هذه السنوات إلا أن العمل على المحطة لم يكتمل بعدُ، ولم تدخل في الخدمة [20] .     

تجهيز البِنْية التحتية لمحطة توليد الشيخ نجار الكهروضوئية بالمدينة الصناعية في حلب بتاريخ 10 نيسان/ إبريل 2021، باستطاعة 33 ميغاواط، ويتم ذلك بالتعاون بين القطاعين العام والخاص [21] ، لكن لم يتم الانتهاء من العمل على إنشاء المحطة بعدُ.     

بَدْء العمل على قَوْنَنة الاعتماد على الطاقة البديلة؛ بهدف تخفيف الضغط على الشبكة الكهربائية في المنشآت العامة [22] ؛ حيث أصدرت محافظة طرطوس بتاريخ 27 تشرين الأوّل/ أكتوبر 2021 تعميماً يقضي بالتقيد بدراسة مصادر الطاقة البديلة ضِمن مخططات ووثائق تنفيذ التراخيص لمباني المنشآت العامة بكافة أشكالها. لكن العمل على ذلك لم يتم تنفيذه إلا جزئياً فقط، فضلاً وما يزال مقتصراً  على محافظة طرطوس.     

تجهيز البنية التحتية لمشروع الطاقة البديلة في قمحانة مقابل جبل زين العابدين في محافظة حماة بتاريخ 18 كانون الأوّل/ ديسمبر 2021، باستطاعة 1 ميغاواط، ويضم مشروع المحطة الكهروضوئية 2222 لوحَ طاقةٍ على مساحة قدرها 9 دونمات، ويُتوقع أن إنتاجها من الطاقة الكهربائية يُقدَّر بـ 1.7 مليون كيلو واط ساعي سنوياً تُغذَّى بها المعامل والمنشآت الصناعية ومنازل الأهالي في المنطقة [23] وقد تم إنجاز هذا المشروع بشكل كامل.     

تشغيل العنفة الرِّيحية الثانية لتوليد الطاقة الكهربائية المقامة في منطقة الذهبية على أوتوستراد "حمص – طرطوس" بتاريخ 10 يناير/ فبراير 2021، وتم ربطها مع الشبكة العامة للكهرباء في سورية باستطاعة 2.5 ميغا، لكن تأثير العنفة بسيط نسبياً على الشبكة العامة في حمص كونها بحاجة وسطياً إلى 300 ميغا رغم أنّ المشروع يُعتبر من أكبر الاستطاعات المركبة لتوليد الكهرباء من الطاقة الريحية [24] .     

تشغيل مجموعة آبار على الطاقة الشمسية في القنيطرة بتاريخ 28 آذار/ مارس 2023، حيث تم تجهيزها بألواح طاقة وبطاريات واكسسواراتها وبلغ عددها 15 بئراً ومحطة ضخّ؛ وبذلك بلغ عدد ساعات تشغيل الآبار 110 ساعات يومياً [25] .     

تشغيل مشروع الطاقة الكهروضوئية في مدينة عدرا الصناعية، بتاريخ 29 أيلول/ سبتمبر 2022، عبر التعاون بين القطاع العام والخاص، بهدف توليد 100 ميغاواط من الكهرباء عبر الألواح الشمسية، ويمتد على مساحة تزيد على 165 هكتاراً، لكنّ المشروع لم يُنجز إلا جزئياً؛ حيث تم تركيب ما إنتاجه 10 ميغاواط، ويهدف لربط الطاقة المتولدة على الشبكة لتدعم بشكل تراكمي الإنتاج الكهربائي في سورية [26] .     

تشغيل جزئي لمشروع الطاقة الكهروضوئية في مدينة حسياء الصناعية ذو قدرة 60 ميغاواط حيث تم توليد 10 ميغاواط بتاريخ 18 نيسان/ إبريل 2024، ثم تم تفعيل 10 ميغاواط إضافية بتاريخ 6 أيار/ مايو 2024 [27] ، لكن لم يتم إنهاء كامل المشروع وبقي 40 ميغاواط لم يتم تفعيلها بعدُ.     

العمل على إعادة تأهيل معمل سولاريك وهو معمل قطاع مشترك بين وزارتَي الكهرباء والصناعة وشركة أجنبية، بتاريخ 23 أيار/ مايو 2024، وستتم إدارته من القطاع الحكومي، والطاقة الإنتاجية المتوقَّعة له 120 ألف لوح سنوياً بالتزامن مع ترخيص معمليْنِ آخريْنِ لم يدخلا في الخدمة [28] .     

تخصيص المدينة الصناعية في حسياء حوالَيْ 350 هكتاراً من أراضيها للتوسع في عام 2024 وإقامة مشاريع إنتاج الطاقة البديلة وتوليدها، حيث تم تأجير أراضٍ لـ 16 مستثمراً للقيام بمشاريع توليد 191 ميغاواط في حال إنجازها، كما تقدم 7 مستثمرين آخرين بطلبات للاستثمار لإنتاج 80 ميغاواط في حال استكمالها. ويُتوقع أن يكون إنتاج مدينة حسياء من كهرباء الطاقة البديلة حوالَيْ 100 ميغاواط في نهاية عام 2024 [29] وهذا مرتبط بتنفيذ المستثمرين لوعودهم في إنشاء المشاريع.     

بالنتيجة إن عدد المشاريع ذات القدرة التوليدية العالية للطاقة ما زالت قليلة جداً ومتركزة في المدن الصناعية بشكل رئيسي، كما أنها غير مكتملة، وهي في الغالب ناتجة عن مشروع مشترك بين القطاع العام والخاص، بينما المشاريع الأصغر من 1 ميغاواط هي الأكثر انتشاراً وتتركز بشكل رئيسي في القطاع العام والزراعي والموارد المائية؛ بسبب تكلفة المشاريع الكبيرة المرتفعة والتي تأخذ وقتاً طويلاً للتنفيذ بالمقارنة مع المشاريع الأصغر حجماً التي تُعتبر أقل تكلفة، وتحتاج فترة زمنية أقل للتنفيذ، بينما التوجه الأكبر في التحوُّل نحو الطاقة البديلة يتركز في المنازل حيث يعتمد المواطنون القادرون مالياً على تركيب منظومة طاقة شمسية على أسطح منازلهم من أجل الاستخدام المنزلي.     

رابعاً: مستقبل الطاقة البديلة في مناطق النظام السوري     

يعمل النظام على تشجيع عملية التحوُّل نحو الطاقة البديلة والترويج لها، لكن يعتمد مستقبل الطاقة البديلة في مناطق سيطرته على العديد من العوامل المؤثرة في عملية التحوُّل، وأبرزها:     

العجز المالي الحكومي: يحتاج التحوُّل الكبير نحو الطاقة البديلة بشكل كبير إلى موارد مالية ضخمة من أجل إنجاز المشاريع المخطَّط لها، وهذا غير متاح في ظل عجز الحكومة المالي وارتفاع تكاليف عملية التحوُّل نحو الطاقة البديلة.     

التحديات التكنولوجية والجودة: تحتاج مشاريع الطاقة البديلة إلى تكنولوجيا ومعدات ذات جودة عالية لضمان عملية توليدها الطاقة البديلة، كما أن الأعطال المتكررة في منظومات الطاقة البديلة تسبب هدراً في الطاقة مما يؤثر على إنتاج الطاقة بشكل فعّال، خصوصاً أن هذه المعدات لها عمر استهلاك زمني متوسط المدى.     

عدم كفاية البِنْية التحتية والخبرات البشرية: إنّ عدم وجود الخبرات الفنية في إنشاء محطات الطاقة المتجددة وإدارتها وصيانتها يعيق تنفيذ المشاريع الكبيرة بشكل سريع، مما يسبب تأخُّرها.     

بالتالي يُمكن وضع سيناريوهيْنِ متوقَّعيْنِ لمستقبل الطاقة البديلة في مناطق النظام، وهما النجاح الجزئي والفشل، حيث لا يبدو أنّ هناك فرصة للنجاح في تحقيق الإستراتيجية التي وضعها عام 2019.     

1. نجاح جزئي في التحوُّل نحو الطاقة البديلة:     

إنّ نجاح النظام جزئياً في التحوُّل نحو الطاقة البديلة يعتمد على تنفيذ مشاريع صغيرة في مختلف القطاعات؛ إمّا على مشاركة جزء من القطاع الخاص في تمويل المشاريع أو تنفيذها جزئياً أو كلياً، أو بالاعتماد على بعض الجهات المحلية في القرى والبلدات والمدن التي يوجد من سكانها مغتربون لديهم توجُّه نحو التنمية، ويُمكن أن يمولوا بعض المشاريع الصغيرة وبيع الطاقة من خلالها أو التبرع بالطاقة.     

كما يُمكن أن يُحقّق النظام نجاحاً جزئياً في التحوُّل نحو الطاقة البديلة عَبْر قيام مؤسسات أو أشخاص محسوبين عليه بالعمل على مشاريع كبيرة؛ بحيث يتوجّه مثلاً رجال الأعمال نحو إقامة المشاريع، لكن في هذه الحالة ستكون هناك مشكلة في التمويل، مما يدفعهم للتوجُّه نحو طلب تمويل من جهات خارجية يمكن أن تكون عربية في حال تقدّم مسار التطبيع.     

2. فشل في التحوُّل نحو الطاقة البديلة:     

إنّ فشل النظام في التحوُّل نحو الطاقة البديلة يعني عجزه عن إلقاء عبء هذا الملف على عاتق القطاع الخاص سواءً المحلي أم الدولي؛ بحيث تعجز المؤسسات الحكومية عن تحقيق أهدافها؛ لأن النظام سيشارك المستثمرين العاملين في هذا القطاع بالأرباح التي يحصلونها كما أن المستثمرين بالأصل يبتعدون عن الاستثمار في سورية بشكل عامّ، مما يجعل الاستثمار في مشاريع الطاقة البديلة غير مُجْدٍ.     

من جانب آخر لا يوجد ما يُشير إلى قدرة النظام على تحمُّل أعباء تنفيذ إستراتيجية التحوُّل نحو الطاقة البديلة بمفرده؛ حيث لا يمتلك أي تمويل للقيام بالمشاريع الكبيرة التي يحتاجها هذا التحوّل في ظل عجز الخزانة الذي يواجهه.     

خُلاصة     

إن التحوُّل نحو الطاقة البديلة بالكامل هو سيناريو مستحيل في ظل الظروف الراهنة. مع ذلك يصبّ النظام جهده على التسويق والترويج لعملية التحوُّل؛ بهدف استمالة المستثمرين الدوليين نحو هذا القطاع كونه الرائج عالمياً في الوقت الراهن في ظل تحقيق هذا النوع من المشاريع أرباحاً كبيرة؛ حيث يريد أصلاً استجرار الأموال إلى مناطق سيطرته والاستفادة منها في إعادة إنعاش اقتصاده؛ وهذا هو هدفه الأساسي من إستراتيجية التحوُّل، التي تأتي بالتزامن مع سياسته القائمة على استجرار الأموال إلى سورية عَبْر مختلف الطرق مثل أموال التعافي المبكّر وعملية تحويل المؤسسات الحكومية إلى شركات مساهمة. لكن هذا لا ينفي أنّ النظام يسعى لتعويض قسم من حاجة القطاعات الاقتصادية للطاقة التي تعاني من شلل كامل مثل القطاع الصناعي على سبيل المثال وتخفيف تكاليف إحياء قطاع الكهرباء عَبْر القطاع المشترك.     


 

[1]  سنان حتاحت وكرم شعار، قطاع الكهرباء في سورية بعد عقد من الحرب: تقييم شامل، اتجاهات شرق أوسطية، 08-09-2021،  الرابط .     

[2]  إستراتيجية وزارة الكهرباء للطاقات المتجددة حتى عام 2030، رئاسة مجلس الوزراء، 28-10-2019،  الرابط .     

[3]  الزامل: معمل إنتاج السيارات الكهربائية في مراحله النهائية.. وأدعو المستثمرين من كل الدول إلى الاستثمار بالطاقات المتجددة، الوطن السورية، 13-6-2024،  الرابط .     

[4]  إستراتيجية وزارة الكهرباء للطاقات المتجددة حتى عام 2030، رئاسة مجلس الوزراء، 28-10-2019،  الرابط .     

[5]  المؤتمر الدولي الثاني للطاقات المتجددة..  الزامل: نسعى إلى خلق بيئة استثمارية يكون المواطن في شراكة إستراتيجية بآلية إنتاج الطاقة الكهربائية، الوطن السورية، 4-6-2024، الرابط .     

[6]  الأسد يصدر قانوناً يقضي بإحداث صندوق دعم استخدام الطاقات المتجددة ورفع كفاءة الطاقة، وكالة سانا، 19-10-2021، الرابط .     

[7]  القانون رقم 32 لعام 2021 والذي تمَّ بموجبه تعديل المادة / 28/ من قانون الكهرباء، وزارة الكهرباء، 28-11-2021،  الرابط .     

[8]  القانون رقم 41 المتضمن تعديل بعض أحكام قانون الكهرباء، وكالة سانا، 29-10-2022،  الرابط .     

[9]  منح إجازتي استثمار لمشروعي محطتي توليد الطاقة الكهروضوئية باستطاعة 20 ميغاواط ساعيا، هيئة الاستثمار السورية، 12-12-2023،  الرابط .     

[10]  تخصيص 10 بالمئة من موازنات مؤسسات المياه لمشاريع الطاقة المتجددة، رئاسة مجلس الوزراء، 31-1-2022،  الرابط .     

[11]  السماح للمصارف بمنح قروض لتمويل عدد من المشاريع دون التقيد بسقوف محددة، رئاسة مجلس الوزراء، 17-1-2022،  الرابط .     

[12]  التسليف الشعبي يصدر ضوابط منح قروض الطاقة المتجددة، 22-11-2022،  الرابط .     

[13]  المصرف التجاري يصدر حزمة من قروض الطاقات المتجددة بالتعاون مع صندوق دعم استخدام الطاقات المتجددة، وزارة المالية 31-1-2023،  الرابط .     

[14]  منصة إلكترونية للتسجيل على قرض الطاقة الشمسية وإيقاف التسجيل المباشر، أثر برس، 16-3-2024، الرابط .     

[15]  قطاع الطاقة البديلة في سورية يستقبل شركة أردنية.. ومواطنون يشكون تردي الوضع الكهربائي، أثر برس، 13-11-2022،  الرابط .     

[16]  المؤتمر الدولي الثاني للطاقات المتجددة.. الزامل: نسعى إلى خلق بيئة استثمارية يكون المواطن في شراكة إستراتيجية بآلية إنتاج الطاقة الكهربائية، الوطن السورية، 4-6-2024، الرابط     

[17]  بينها إنتاج الكهرباء عبر المياه في سورية.. مصدر في الكهرباء: تفاهمات جديدة مع إيران ، أثر برس، 22-6-2023،  الرابط .     

[18]  سورية وروسيا توقعان مذكرة تفاهم بمجال الاستخدامات السلمية للطاقة الذرية، الوطن أونلاين، 26-3-2024،  الرابط .     

[19]  مدينة حماة تضع أكبر محطة لتوليد الكهرباء بالطاقة الشمسية بالخدمة، رئاسة مجلس الوزراء، 24-11-2019، الرابط .     

[20]  بتكلفة 200 مليون البدء بمحطة الطاقة البديلة في منطقة أم الزيتون الصناعية، الوطن أونلاين، 13-7-2020، الرابط .     

[21]  باستطاعة 33 ميغاواط.. المهندس عرنوس يضع حجر الأساس لمشروع محطة توليد الشيخ نجار الكهروضوئية، 10-4-2021،  الرابط .     

[22]  طرطوس.. أول محافظة في سورية تعمم على منشآتها الحكومية الاعتماد على الطاقة البديلة، أُثر برس، 27-10-2021، الرابط .     

[23]  المهندس عرنوس يطلق بَدْء عمل مشروع الطاقة البديلة في قمحانة.. ويضع حجر الأساس لمشروع المشفى الخيري في حماة، رئاسة مجلس الوزراء، 28-12-2021،  الرابط .     

[24]  ربط العنفة الريحية الثانية بكهرباء سوريا.. هل تنخفض ساعات التقنين، أثر بريس، 10-1-2021،  الرابط .     

[25]  تحويل 15 بئراً على الطاقة الشمسية في القنيطرة، صحيفة "تشرين"، 28-3-2023،  الرابط .     

[26]  الرئيس الأسد يطلق المرحلة الأولى من تشغيل مشروع الطاقة الكهروضوئية في مدينة عدرا الصناعية، وكالة سانا للأنباء، 29-9-2019،  الرابط .     

[27]  في ذكرى الجلاء.. شركة وطنية خاصة تفتتح المرحلة الأولى من مشروع 60 واط … مدير الشركة لـ«الوطن»: المشروع يوفر 32 ألف طن من المحروقات سنوياً، صحيفة الوطن، 18-4-2024، الرابط .     

[28]  إعادة تأهيل «سولاريك» لوضعه بالخدمة بطاقة إنتاجية 120 ألف لوح سنوياً… مدير الاستثمار الصناعي لـ«الوطن»: ترخيص معملين خاصين جديدين لإنتاج ألواح الطاقة الشمسية، الوطن السورية، 23-5-2024،  الرابط .     

[29]  «حسياء الصناعية» تتجه كلياً نحو الطاقة البديلة.. فاتورة الكهرباء باهظة، صحيفة تشرين، 19-5-2024، الرابط .     



 

الباحثون