تحرُّكات محليّة لتنظيم شؤون درعا عسكريّاً ومدنيّاً
نوفمبر 09, 2023 2667

تحرُّكات محليّة لتنظيم شؤون درعا عسكريّاً ومدنيّاً

حجم الخط


تشهد محافظة درعا تحرُّكات تنظيمية تزامُناً مع حَراك السويداء المستمرّ منذ نهاية آب/ أغسطس 2023؛ حيث تسعى اللجان المركزية في درعا لتأسيس آلية تنسيق وتعاوُن أكبر فيما بينها، بينما تعمل شخصيات من المحافظة -تقيم في الولايات المتحدة- على تشكيل مجلس مدني لإدارة شؤونها. ما تزال تلك التحرُّكات منفصلةً عن بعضها لكنّها تتقاطع بالهدف من ناحية قطع الطريق على النظام السوري والميليشيات الإيرانية لاستثمار الظروف القائمة، فضلاً عن اللحاق بحَراك السويداء. 

وقد عُقد في مدينة طفس بتاريخ 4 تشرين الثاني/ نوفمبر اجتماع دعت إليه اللجنة المركزية في ريف درعا الغربي، وضمّ قيادات عسكرية محلية من فصائل المعارضة سابقاً بعضهم ينسّق أعماله حالياً مع قوات النظام السوري وأجهزته الأمنية والقوات الروسية، إضافة لحضور ممثلين عن اللجان المركزية في الريف الشرقي ودرعا البلد. 

ناقش الاجتماع عدداً من القضايا أبرزها، نبذ الخلافات الداخلية التي عمّقت من حالة الفوضى وعدم الاستقرار الأمني، وسُبُل التعاوُن والتنسيق الكامل مع القائمين على حَراك السويداء وزيارة عدد من الشخصيات للمدينة وبَلْوَرة الآليات اللازمة لذلك في الاجتماعات القادمة، ومنع النظام والميليشيات الإيرانية من مزيد من التغَلغُل جنوب سورية بذريعة ملاحقة عناصر تنظيم داعش، ووضع حدّ لعمليات الاستقطاب والتجنيد التي تقوم بها تلك الميليشيات في المنطقة مستغِلةً الأوضاع المعيشية الصعبة. 

وفي 2 تشرين الثاني/ نوفمبر تم الإعلان عن تشكيل "المجلس الأعلى لمحافظة درعا" من قِبل عدد من الشخصيات المستقلة -المقيمة في الولايات المتحدة- لكنّه ما يزال مشروعاً تحت التأسيس، ويُشير إلى وجود مساعٍ من قِبل أهالي المحافظة لإيجاد تمثيل عنها باستغلال الظروف الراهنة. 

ومنذ اندلاع الحرب في أوكرانيا، بدأت إيران تزيد من حضورها ونشاطها جنوب سورية؛ فهي سيطرت على العديد من الوحدات العسكرية وترسل لها تعزيزات باستمرار مثل اللواء 82 التابع للفرقة 24 في الشيخ مسكين واللواء 112 التابع للفرقة "5 ميكا" في نوى، واللواء 61 التابع للقيادة العامة بشكل مباشر، وكذلك الفرقة التاسعة التي يقع مقرها في الصنمين وتنتشر في عموم درعا. 

في الواقع إنّ دعوة اللجان المركزية اللواء الثامن للمشاركة في اجتماع طفس وما سيعقبه من اجتماعات، مرتبط غالباً بضرورة تمثيل مختلف مدن وبلدات المحافظة لضمان نجاح آلية التنسيق التي يتم العمل على إنشائها بغرض إنهاء عمليات الاغتيال والخطف ومختلف المظاهر الأمنية التي يستثمر بها النظام والميليشيات الإيرانية، كما أنّ مشاركة اللواء الثامن تُعتبر ضرورة في حال أرادت القُوَى المحلية في درعا التنسيق مع السويداء مستقبلاً؛ حيث يتطلّب ذلك أولاً معالجة المشاكل بين اللواء وأهالي السويداء. 

تُواجِه القُوَى المحلية في درعا تحدّيات كبيرة لضمان نجاح خُطواتها الطامحة لإعادة تفعيل دورها وحضورها في المشهد جنوب سورية؛ خاصة أنّ إيران لن تتوقف عن محاولاتها الرامية إلى السيطرة على المشهد بشكل كامل جنوب سورية عَبْر تجنيد الخلايا وتنفيذ الاغتيالات والسيطرة على الوحدات العسكرية ونشر الميليشيات التابعة لها. 

بالمحصلة تحظى القُوَى المحلية في درعا بفرص يُمكن أن تُسهم في فرض نفسها كفاعل أساسي في المشهد في ظلّ الظروف القائمة المحلية والإقليمية؛ فمن غير المستبعَد مثلاً أن تَلقَى جهود التنسيق والتنظيم فيما بينها ترحيباً من قِبل روسيا، لضبط نفوذ إيران في المنطقة الجنوبية. لكن لا تكفي اجتماعات اللجان المركزية في درعا لإحداث تغيير داخلي في المشهد، ولا بُدّ من وجود تنسيق أو تواصُل مع التحرُّكات التي تقوم بها فعاليات مدنية وسياسية في الخارج لتشكيل كيان مدني يُمثّل المحافظة؛ لأنّ ذلك يجعل الأطراف الدولية والمحلية تنظر إلى التحرُّك القائم بشكل جِدّيّ، خصوصاً أنّ أهدافه تتقاطع مع حَراك السويداء.