تحدّيات أمام انتخابات مجلس الشعب الجديد في سوريا
يونيو 17, 2025 2461

تحدّيات أمام انتخابات مجلس الشعب الجديد في سوريا

حجم الخط

مقدّمة    

أصدر الرئيس السوري أحمد الشرع في 2 حزيران/ يونيو 2025 المرسوم رقم 66 القاضي بتشكيل اللجنة العليا لانتخابات مجلس الشعب، والمُكوَّنة من 11 عضواً، لتشرف على تشكيل هيئات فرعية ناخبة، تنتخب بدورها ثلثَيْ أعضاء المجلس، المُكوَّن من 150 عضواً، بينما يحتفظ الرئيس بتسمية الثلث الثالث، حسب المادة 24 من الإعلان الدستوري.    

جعل المرسوم كل محافظة دائرة انتخابية واحدة، واعتمد تعداد السكان في 14 محافظة كأساس لعدد المقاعد المخصصة لكل منها بالانتخاب، وفقاً لما يلي: حلب 20 مقعداً، ودمشق 11 مقعداً، وريف دمشق 10 مقاعد، وحمص 9 مقاعد، وحماة 8 مقاعد، واللاذقية 6 مقاعد، وطرطوس 5 مقاعد، وإدلب 7 مقاعد، ودير الزور 6 مقاعد، والحسكة 6 مقاعد، والرقة 3 مقاعد، ودرعا 4 مقاعد، والسويداء 3 مقاعد، والقنيطرة مقعدان، ليكون المجموع بذلك 100 مقعد.    

جاء المرسوم منسجماً مع نصّ الإعلان الدستوري، خاصة المادة 24 وما تلتها، حيث حافظ على تسمية المجلس التشريعي بمجلس الشعب كما كان سابقاً، في محاولة لجنة صياغة الإعلان لإبقاء سمة المرحلة الانتقالية على المؤسسات وعدم تغيير اسمها أو شكلها وترك ذلك للدستور الدائم.    

كما حدد المرسوم الرئاسي عدد أعضاء المجلس بـ 150، وهي بسكوت الإعلان الدستوري عنها صلاحية منحها  لرئيس الجمهورية؛ الذي أراد -على ما يبدو- أن يراعي في المرحلة الانتقالية جعل المجلس مصغراً خلافاً لسابقيْهِ، اللذيْنِ كان كل منهما يضم 250 عضواً، ليكون أقرب لمجلس شيوخ خاصة بعد اعتماد تقسيم المترشحين إلى فئتَي الأعيان والمثقفين، بحيث يكون بين أعضائه انسجام أكبر وتلبية متطلبات سرعة الإنجاز لمهام المجلس المحددة بـ: اقتراح القوانين وإقرارها، وتعديل القوانين السابقة أو إلغائها، والمصادقة على المعاهدات الدولية، وإقرار الموازنة العامة للدولة، وإقرار العفو العام، وقبول استقالة أحد أعضائه أو رفضها أو رفع الحصانة عنه وفقاً لنظامه الداخلي، وعقد جلسات استماع للوزراء. فيما يتخذ مجلس الشعب قراراته بالأغلبية. وقد عقدت اللجنة العليا للانتخابات اجتماعها الأول في مقر مجلس الشعب بتاريخ 15 حزيران/ يونيو 2025.    

أولاً: عدم إمكانية إجراء انتخابات عامة مباشرة      

لم تتمكن السلطة السورية الجديدة من إجراء انتخابات عامّة مباشرة، وهو ما حدّده مسبقاً الإعلان الدستوري الذي لجأ إلى إجراء مؤقت خلال المرحلة الانتقالية؛ يقوم على معيارَي التعيين والانتخاب من قِبل هيئات ناخبة فرعيّة مُسمَّاة من قِبل لجنة عُليا يُعيّنها رئيس الجمهورية، الذي سيقوم أيضاً بتعيين ثلث أعضاء مجلس الشعب، فيما ستنتخب الهيئات الفرعية الناخبة بدورها ثلثَي الأعضاء، الذين منحهم الإعلان الدستوري حقوق العضوية الكاملة والحصانة ومنع الرئيس من عزلهم وإقالتهم.    

تنص آليات عمل اللجنة العليا على قيامها بتسمية أعضاء المجمّع الانتخابي الفرعي، وهي بذلك تمارس نوعاً من الوصاية المسبقة على العملية الانتخابية، بتحديد الأشخاص الذين يحقّ لهم المشاركة في المجمّع الانتخابي، ثم مشاركتهم بالترشّح والانتخاب.    

يعود اللجوء إلى هذه الطريقة في الانتخاب والتعيين لأعضاء مجلس الشعب؛ بسبب صعوبات بالغة تواجه إجراء انتخابات عامة مباشرة؛ بسبب حالة التهجير والنزوح الواسعة التي طالت معظم سكان مناطق سوريا، ولغياب الإحصاءات السكانية الدقيقة، وفقدان معظم السكان لعناوينهم الموثقة، وعدم وجود أرضية قانونية وإجرائية وبِنْية تحتية مؤهلة لقيام الانتخابات في بلدان اللجوء ومخيمات النزوح.    

قد تبقى قضية عدم إقامة انتخابات عامة مباشرة موضع جدل، لا سيما إنْ فشلت أو تعثرت تلك الإجراءات الاستثنائية في تحقيق أهدافها، بتمثيل عادل لمجموع فئات السكان وضمان إيصال الكفاءات إلى المجلس.    

ثانياً: عدم توفُّر ضمانات التمثيل العادل والكفاءة    

تنعقد انتخابات مجلس الشعب الجديد في سوريا وسط غياب قانون انتخابي أو معايير تضمن التمثيل الكامل لجميع مكونات الشعب، خاصة مع بقاء نظام الدائرة الانتخابية الكبيرة على مستوى المحافظة ككل وليس الدوائر الصغيرة، وغياب نظام القوائم الانتخابية، وتعطُّل نشاط الأحزاب السياسية، وفي ظلّ نظام انتخابي غير مباشر، الذي قد ينتج عنه حرمان المجموعات قليلة العدد سكانياً من إيصال ممثلين عنها إلى المجلس.    

حاول المرسوم الرئاسي سدّ الثغرات المذكورة عَبْر مَنْح رئيس الجمهورية -كما نصّ الإعلان الدستوري- حق تعيين ثلث أعضاء المجلس بما يضمن التمثيل العادل والكفاءة. بمعنى أنّ الرئاسة ستتولى مهمة معالجة ذلك من خلال التعيين المباشر من قِبلها لـ 50 عضواً، ضِمن محدِّدين هما ضمان التمثيل العادل والكفاءة. بالتالي، منح المرسوم آلية تصحيح استثنائية لنتائج الانتخابات غير المباشرة التي ستقوم بها الهيئات الناخبة الفرعية.    

من جانب آخر، لا يُتوقّع أن تقود الإجراءات التي ستعمل عليها الهيئات الناخبة الفرعية إلى تحقيق التمثيل العادل والكفاءة، خاصة بإيصال المجاميع الناخبة من الكتل السكانية قليلة العدد إلى المجلس؛ حيث صرح رئيس اللجنة العليا المهندس محمد طه الأحمد بأن الانتخابات ستتم عَبْر مرحلتين الأولى باختيار الهيئات الفرعية الناخبة، حيث يقابل كل مقعد مخصص ما بين 30 و50 عضواً في الهيئة الفرعية الناخبة بالمحافظات، والمرحلة الثانية ستكون بترشيح الأعضاء من داخل تلك الهيئات الفرعية وتتم المنافسة بين المترشحين المحقِّقين لشروط الترشح لانتخاب أعضاء بحَسَب عدد المقاعد المخصصة للمحافظة بالمجلس. فعلى سبيل المثال، لا يتجاوز عدد السكان من الطائفة المسيحية في حلب 100 ألف نسمة -وَفْق إحصاء عام 2010- بالمقابل، يتجاوز تعداد سكان محافظة حلب 5.7 مليون نسمة، وبالتالي حسب الإجراءات المتبعة لن يتمكّن المسيحيون في حلب من تحقيق تمثيل عادل لهم في المجتمع الانتخابي ثم المجلس.    

ثالثاً: عدم وجود قانون انتخابات    

لم يُشر المرسوم الرئاسي إلى وجود قانون انتخابات تستند إليه اللجنة العُليا في عملها، بعد أن ألغى مؤتمر النصر الذي عُقد بتاريخ 29 كانون الثاني/ يناير 2025 قانون الانتخابات الذي كان معمولاً به سابقاً، غير أنّ اللجنة صرّحت على لسان رئيسيها بأنها أعدّت مسودة لقانون انتخابات مؤقت، وأنّه سيُعرض لاحقاً على شرائح مجتمعية متنوعة في المحافظات بهدف الوصول إلى صورة نهائية للقانون الانتخابي المؤقت؛ بحيث يُحدّد الشروط والمواصفات المطلوب توافرها بالمرشحين.    

لكنّ اللجنة لا تمتلك صلاحية إصدار قوانين دائمة أو مؤقتة، إنما تقتصر مهمتها حَسَب المرسوم الرئاسي والإعلان الدستوري على الإشراف لا أكثر على تشكيل هيئات فرعيّة ناخبة. ويبدو أن هذا الخلط عند أعضاء اللجنة يعود إلى خلفية أعضائها، الذين يغيب عنهم القضاة والحقوقيون؛ حيث تضم: 2 أطباء و3 علوم شرعية و1 جيولوجيا و1 علم اجتماع و2 صحافيين و1 مهندساً و1 علاقات دولية.    

ثمّة حلول يُمكن أن تُسهم في تجاوُز هذا التحدّي، باستصدار قرارات من اللجنة العليا أو اقتراح استصدار مراسيم رئاسية تُحدّد النظام الداخلي للجنة العليا وفروعها بالمحافظات، ووضع معايير واضحة للمفاضلة والاستنساب بين المؤهلين للترشيح ليكونوا أعضاء الهيئة الفرعية الانتخابية وآليات عملها وكيفية اتخاذ قراراتها، إضافة إلى ضرورة استصدار موادّ تحدّد بوضوح الشروط الواجب توافُرها بالمترشحين لعضوية مجلس الشعب. وباعتبار أن الإعلان الدستوري حجب سلطة التشريع عن السلطة التنفيذية وحصرها في مجلس الشعب الذي سيشكل يُمكن الأخذ بالاعتبار أنّ استصدار تلك المراسيم سيكون لا بصفتها تشريعاً بل مراسيم تنظيمية في حالة استثنائية، سكت عنها الإعلان الدستوري، وغاب النص القانوني وتطلبتها ضرورة استمرارية مؤسسات الدولة.    

رابعاً: وجود مناطق خارج السيطرة الكاملة للحكومة    

ما زالت الحكومة السورية لا تفرض سيطرتها ونفوذها على كامل التراب السوري؛ حيث بقيت مناطق شمال شرق سوريا تحت سيطرة قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، إضافةً لوجود بلدات محتلة من قِبل قوات الاحتلال الإسرائيلي في القنيطرة، ووجود مناطق في السويداء يُعَدّ نفوذ الحكومة فيها ضعيفاً، وما زالت مجموعات تتبع تنظيم داعش تنتشر في جزء من البادية السورية، كل ذلك سيُشكّل تحدياً أمنياً وسياسياً أمام عمل لجنة الانتخابات لتمارس دورها بشكل متكامل وبذات المنهجية والمعايير في كافة الدوائر الانتخابية.    

اتسمت اللجنة بالتنوع فضمت 9 ذكور و2 من الإناث، وتنوع انتماء الأعضاء فضمت 1 مسيحياً، و1 إسماعيلياً، و1 كردياً، و1 تركمانياً، و1 عشائرياً. كان من بين الأعضاء 7 قد شغلوا مهام ضمن مؤسسات الائتلاف الوطني لقوى المعارضة و2 من كوادر حكومة الإنقاذ السابقة و2 من النشطاء المستقلين. كما مثّلت اللجنة جميع المحافظات باستثناء دير الزور والرقة والسويداء والقنيطرة واللاذقية، لكن رغم احتوائها لعضو كردي فإنها لم تشمل أيّاً من الشخصيات العاملة مع قسد ومسد، ولم تمثل السويداء لا بحراك الكرامة ولا بالمجلس العسكري.    

كل ذلك سيضع تنفيذ قرارات اللجنة وعملية الانتخاب أمام امتحان صعب، مطلوب فيه مشاركة جميع المكونات بمصداقية وشفافية لإنجاح العملية الانتخابية والانتقالية. ويبدو أن معالجة هذا التحدي ستكون بتعزيز الحوار المجتمعي قُبيل الانتخابات إضافة للسعي الجادّ إلى تطبيق الاتفاقيات الموقّعة مع جميع الأطراف والمترافق مع تعزيز دور السلم الأهلي وأولويته.    

خامساً: غياب البيانات الإحصائية السكانية المُحدَّثة    

لم يذكر المرسوم الجهة الإحصائية التي استند عليها بتحديد عدد سكّان المحافظات وما بُني عليه لاحقاً من تحديد عدد المقاعد المخصصة لكل محافظة. فيما أكد رئيس اللجنة أنها اعتمدت على بيانات الإحصاء لعام 2010 الصادر عن مكتب الإحصاء في سوريا.    

يُشير الإحصاء المذكور إلى تقارُب نسبي في عدد سكّان كل من محافظات دمشق والحسكة ودير الزور فيما حصلت دمشق على 11 مقعداً وحظيت الحسكة ودير الزور على 6 مقاعد لكلّ منهما، بالمقابل حَظِيَت محافظة حلب على 20 مقعداً، فيما يشكل عدد سكانها أكثر من مجموع عدد سكان المحافظات الثلاث المذكورة مجتمِعةً.    

كذلك، مُنحت السويداء 3 مقاعد بزيادة مقعد عن القنيطرة التي أخذت مقعدين، رغم التقارب النسبي في تعداد سكانهما. وكذلك الحال بالنسبة لمحافظتَي اللاذقية ودرعا فهما متقاربتان في التعداد، لكن مُنحت درعا 4 مقاعد مقابل منح اللاذقية 6 مقاعد. وأيضاً بالنسبة لريف دمشق وإدلب فهما متقاربتان نسبياً في تعداد السكان السابق وتزيد إدلب بالتعداد ببضعة آلاف لكنّها حصلت على 7 مقاعد مقابل حصول ريف دمشق على 10 مقاعد.    

يُشير كل ذلك إلى تهميش التمثيل النسبي وهدر لقاعدة الصوت المتساوي على حساب زيادة الاعتبارات السياسية، ويُمكن معالجة هذا الخلل من خلال لجوء الرئاسة إلى استخدام حقها بتعيين ثلث أعضاء المجلس؛ لتُعيد بذلك التوازن والاعتبار إلى التمثيل النسبي وتساوي قوة الأصوات لضمان التمثيل العادل والكفاءة.    

سادساً: غياب الحَوْكَمة الانتخابية    

لم يُحدّد المرسوم النظام الداخلي لعمل اللجنة، ولم يُحدّد المدّة الواجبة عليها لإنهاء أعمالها، ولم يتضح تاريخ إعلان نتائج الانتخابات وتاريخ تسمية الرئاسة للثلث الثالث، ولم يُعرّف فئتَي الأعيان والمثقفين ولم يُحدد صفاتهم، وتُرك ذلك للجنة الانتخابات لتُضاف إلى مهامّ اللجنة -على ما يبدو-، مما سيفرض عليها أن تضع نظاماً داخليّاً لعملها، وتضع التعريفات الواضحة والدقيقة والمعايير الأساسية والشفافة وإعلانها، والتي على أساسها ستقوم باختيار أعضاء الهيئة الانتخابية الفرعية.    

صرّحت اللجنة العليا أنها تعتزم تشكيل لجان فرعية محلَّفة لكل محافظة، من أجل القيام بعملية اختيار أعضاء الهيئة الانتخابية في المحافظات، مع اعتبار كل محافظة دائرة انتخابية واحدة، لتخرج اللجنة بذلك عن قانون الانتخابات السابق الذي كان يعتبر مناطق محافظة حلب دائرة انتخابية مستقلة؛ حيث ستتم الانتخابات على مرحلتين الأولى بتحديد الأشخاص الذين سيُشكّلون الهيئة أو المجمَّع الانتخابي في المحافظة والثانية بقيام اللجنة الفرعية بقبول طلبات ترشيح من أعضاء من تلك الهيئة وإجراء الانتخابات لتحديد الفائز من بينهم.    

بينما تسعى اللجنة في اختيارها لأعضاء الهيئة الانتخابية الفرعية لأن تُخصّص مقابل كل مقعد من 30 إلى 50 شخصية في المجمَّع، وترتكز في دعواتها إلى تعداد المناطق وتقسيمها داخل المحافظة، مما قد يُشكل خللاً محتملاً بأن تتشكل كتل داخل الهيئة الانتخابية الفرعية تُحضّر لتنتخب ممثلاً عنها فقط، وهذا قد يظهر بالمحافظات الكبيرة مثل حلب وحمص بشكل رئيسي، بينما ستبقى محافظة مثل دمشق خارج التقسيم المناطقي كون أغلب المحافظة مكوَّناً من المدينة، مما قد يجعل قيمة الصوت الانتخابي وقوته في محافظة أعلى من محافظة أخرى.    

لا يُمكن معالجة ذلك إلا بضمان المعايير الموحَّدة باختيار الأعضاء وتطبيق الشروط بشكل متكافئ وضمان الشفافية وضمان حقّ المرشح في الإعلان عن نفسه وعن برنامجه الانتخابي بشكل متكافئ وضمان الوصول للمرشح لكافة الناخبين، إضافةً لضرورة وضع شروط وآليات تمنع احتمال تشكُّل تحالفات وكتل انتخابية على أُسُس عصبية أو مناطقية داخل الهيئات الانتخابية الفرعية، والتشديد على حالة الوعي الوطنية.    

سابعاً: غياب الرقابة المستقلة والقضائية على العملية الانتخابية    

منحت اللجنة العليا نفسها صفة شِبه قضائية بأن جعلت اللجان الفرعية محلَّفة، وهي بذلك تستبعد دور القضاء في مراقبة العملية الانتخابية مثلما جرت العادة في قوانين الانتخابات في الدول المتحضرة، ويبدو أنّ اللجنة ستتوجه لأن تكون هي المرجعية في الطعون سواء بالنسبة للترشيح أم النتائج، مما سيجعل منها خصماً وحكماً. وبذلك، ستواجه اللجنة تحدياً في التعامل مع الإشكالات الناتجة عن العملية الانتخابية، يضعها أمام ضغوط شعبية بشأن معايير المصداقية والشفافية والموثوقية.    

لمعالجة آثار هذا التحدي لا بّد من استصدار مرسوم يجعل على رأس كل لجنة فرعية قاضياً مشهوراً بنزاهته واستقلاله، ومنحه صلاحية البتّ في طعون الترشيح، إضافةً لتسمية غرف بمحكمة النقض لتختص بالنظر في طعون الانتخابات والنتائج بمدة لا تزيد عن 7 أيام من تاريخ إعلان النتائج بمحضر رسمي، خاصةً بعد تعليق عمل المحكمة الدستورية العليا التي كانت تنظر بدعوى نتائج الانتخابات وطعونها بالسابق.    

خُلاصة    

سيكون لحَوْكَمة عمل اللجنة أثر بالغ الأهمية في الموثوقية بالعملية الانتخابية ومصداقيتها ونزاهتها وشفافيتها، حيث سينعكس ذلك إيجابياً على الاعتراف بشرعية السلطة المتولدة عنها في ظل الظروف الاستثنائية التي تمر بها البلاد، ويتطلب ذلك  منها  استصدار مراسيم تنظم عملها، وتضع نظاماً داخليّاً لها والإعلان بشكل واضح عن المعايير والشروط الواجب توافرها بالشخصيات التي سيتم اختيارها ليكونوا أعضاء في الهيئة الانتخابية الفرعية، وبوضع آلية انتخابية تُمكِّن المترشحين بشكل متكافئ من تقديم برامجهم الانتخابية، وإجراء الانتخابات بآليات الاقتراع السري وبشفافية وتحت رقابة قضائية محايدة وبتمكين وسائل الإعلام والمنظمات الحقوقية من مراقبة الانتخابات.    

أخيراً تُمثّل انتخابات مجلس الشعب اختباراً حقيقيّاً للسلطة وللجمهور، في الكشف عن قدرة الطرفين على تحمُّل مسؤوليتهما الوطنية وتقديم نموذج حضاري يمكن الاعتماد عليه في بناء سوريا الجديدة بعد ثورة الحرية والكرامة. وبتشكيل السلطة التشريعية، تكون السلطة السورية الجديدة قد اتخذت الخُطوة الأخيرة في ترسيخ المؤسسات الرسمية التي ستقود المرحلة الانتقالية في سوريا للوصول إلى صياغة دستور جديد للبلاد وإقراره، تنبثق عنه انتخابات تُنتج السلطة التشريعية والتنفيذية وتنظم السلطة القضائية، بعدما رسمت دمشق خارطة طريق للانتقال السياسي تستمر 5 سنوات منذ إقامة مؤتمر النصر.    



 

الباحثون