سلطة الظلّ الفرقة الرابعة في سورية
Eki 31, 2024 374

سلطة الظلّ الفرقة الرابعة في سورية

Font Size

تمهيد    

بعد عام 2011 تراجعت قوة العديد من الوحدات العسكرية في قوات النظام السوري، باستثناء الفرقة الرابعة التي حافظت نسبياً على جاهزيتها؛ حيث كان عدد أفرادها من كافة الفئات وضباط وصفّ ضباط وعناصر يصل إلى 18 ألفاً.    

نشأت الفرقة الرابعة في ثمانينيات القرن الماضي على أنقاض سرايا الدفاع التي كان يقودها رفعت شقيق حافظ الأسد؛ حيث كانت الوحدات الرئيسية وتحديداً اللواءين 40 و41 يتبعان السرايا، قبل أن يتم تغيير أسمائها وعزل الضباط الموالين لرفعت وإنشاء ألوية وأفواج جديدة فيها وقيام الأسد الأب بتكليف ابنه ماهر بالخدمة فيها وتعزيزها؛ حيث تولّى قيادة اللواء 42 حتى أصبح قائداً للفرقة عام 2018 بقرار من أخيه بشار الأسد، مما مكّن الفرقة من الحصول على إمكانيات استثنائية مادية وعسكرية وأمنية وصلاحيات واسعة على مستوى القرار.    

أولاً: هيكلة الفرقة الرابعة    

لا تتبع الفرقة الرابعة من الناحية التنظيمية أيّ فيلق من الفيالق العسكرية الثلاثة التي كانت مُشكَّلة قبل عام 2011، وهي الأول والثاني والثالث، إنما تُشكّل مع الفرقة الأولى التي تنتشر في الكسوة جنوبي دمشق، ومع الفرقة الثالثة التي تنتشر في القطيفة شمال شرقي دمشق ما يسمى فِرَق احتياط القيادة العامة.    

تتألف الفرقة حالياً من الهياكل التالية: قائد الفرقة، ونائبه، وأركان الفرقة، ورئيس العمليات، ومكتب الأمن، و4 ألوية، و3 أفواج، وكتائب مستقلة متمثلة بكتيبة السطع والكتيبة الانتحارية وكتيبة مضادة للدبابات (م.د)، وسرية الشرطة العسكرية. مثلما هو موضَّح أدناه:    

1.   الأفواج:    

تتبع الفرقةَ 3 أفواج معزّزة، هي: الفوج 555 إنزال جوي، والفوج 999 تدخُّل سريع، والفوج 154 مدفعية، وهي تحظى بملاك معزّز من ناحية العتاد والكادر البشري بما يجعلها توازي بالملاك الألوية في الفرقة؛ لأنّ ماهر الأسد أراد أن يجعل من الأفواج قوات مساندة للواء الذي كان يقوده قبل عام 2018 في محاولة للالتفاف على الهيكل والملاك التنظيمي.    

الفوج 154 مدفعية.    

الفوج 555 إنزال جوي، وتتبعه الكتائب التالية: الكتيبة 584 إنزال جوي، والكتيبة 585 إنزال جوي، والكتيبة 586 إنزال جوي، والكتيبة 183 مدفعية، وكتيبة مضادة للدبابات (م.د).    

  الفوج 999 تدخُّل سريع، تم تشكيله بعد عام 2011، ويوجد بشكل خاص ضِمن العاصمة دمشق ودرعا ودير الزور إلى جانب الميليشيات الإيرانية، ويعمل ضِمن نظام المجموعات.    

2.   الألوية    

تتبع الفرقةَ 4 ألوية معزّزة، هي: اللواء 138 ميكانيك، واللواء 40 دبابات، واللواء 41 دبابات، واللواء 42 دبابات. وتمتلك هذه الألوية أحدث أسلحة وعتاد قوات النظام    

اللواء 138 ميكا، تم تكليفه بقيادة العميد أحمد خلّوف عام 2011 بقمع الاحتجاجات في كل من زملكا وداريا ودوما، وكان من أكثر القوات فعالية في حمص؛ حيث تم تكليف اللواء جمال سليمان بإدارة عمليات المنطقة الوسطى وارتكب جرائم كبيرة في أحياء بابا عمرو والخالدية والبياضة وقرى تلكلخ والحولة في حمص.    

اللواء 40 دبابات.    

اللواء 41 دبابات، عمل في ريف دمشق، خاصة الزبداني وسرغايا ومضايا ودير قانون وبريهة ورنكوس وعسال الورد وتلفيتا، وحفير ودوما وداريا وريف القنيطرة، وشارك في اقتحام داريا، ومتهم بارتكاب المجزرة فيها عام 2012 والتي راح ضحيتها 700 شخص.    

اللواء 42 دبابات، كان يقوده ماهر الأسد حتى تعيينه قائداً للفرقة الرابعة عام 2018.    

3.   مكتب الأمن:    

تمتلك الفرقة مكتبَ أمنٍ خاصاً بها، برئاسة العميد غسان بلال، وهو أشهر قادته، ويليه العقيد حسين مريشة والمقدم ياسر سلهب والرائد أحمد خير بيك ومجموعة من صف الضباط ومحققين وسرية حراسة. يتبع المكتبَ هيكلياً عدّةُ أقسام منها، قسم المتابعة والتحقيق، وقسم السجون، وقسم الحراسة، وقسم التجنيد، وقسم الحواجز، إضافة للإدارة الاقتصادية.    

بالنتيجة طوّرت الفرقة من هيكليها وبنيتها التنظيمية بعد عام 2011، بإحداث عدد من الوحدات الجديدة النظامية وغير النظامية، وعزّزت من وحداتها العسكرية الأساسية، بما يتناسب مع دورها الجديد العسكري والأمني والاقتصادي.    

ثانياً: انتشار الفرقة الرابعة    

تنتشر قوات الفرقة الرابعة في جميع محافظات سورية ضِمن الأجزاء التي يُسيطر عليها النظام السوري، مع تركُّز وجودها في محافظات ريف دمشق وطرطوس ودير الزور، ثم حماة وحلب. فلها قُرابة 140 موقعاً عسكرياً في عموم سورية- استطاع مركز جسور رصدها.    

تتنوّع مواقع الفرقة الرابعة بين مقرّات القيادة المركزية، والقيادات الفرعية والعملياتية، والقواعد العسكرية إضافة إلى وحدات العمليات، والحوجز، وإدارات المعابر، التي تقوم بالمهمات العسكرية والعملياتية والأمنية والاقتصادية. تتوزّع هذه المواقع على الشكل الآتي: 46 موقعاً في ريف دمشق، و19 في حلب، و17 في حمص، و15 في دير الزور، و14 في طرطوس، و8 في إدلب، و6 في حماة، و5 في اللاذقية، و3 في درعا، و2 في السويداء، و2 في الرقة، و2 في دمشق، و1 في الحسكة، و0 في القنيطرة.    

للفرقة الرابعة قُرابة 75 مقراً لقيادة العمليات الفرعية والعملياتية وإدارة الوحدات العسكرية، و26 معبراً برياً حدودياً وعلى خطوط التماسّ، ولها وجود في 7 مطارات عسكرية ومدنية، مع وجودها في 65 حاجزاً رئيسياً في عموم البلاد.    

تشترك الفرقة الرابعة في 18 موقعاً مع وحدات أمنية وعسكرية أخرى من قوات النظام، خاصة مع فروع الأمن العسكري، والذي يُعتبر جهازاً مسانداً لها بشكل كبير، باعتبار أنّ معظم رؤساء وضباط فروعه خدموا في ملاك الفرقة ولهم ولاء خاص لماهر الأسد.    

تمتلك الفرقة أكثر من 75 مهمة عسكرية وأمنية في عموم البلاد، كما تُدير الفرقة عملياتها الأمنية، والأمنية الاقتصادية من خلال 50 مفرزة معظمها في ريف دمشق، وحمص، وحلب، ودير الزور.    

أخيراً، تنتشر الفرقة في مختلف المناطق لكنها تركّز نشاطها ووجودها على خطوط التماسّ مع فصائل المعارضة شمال غرب البلاد وضِمن المناطق الحدودية وبشكل خاص جنوب البلاد مع الأردن وعلى الحدود مع لبنان، لتقوم بضبط المنافذ وطرق الشحن واستثمارها وفرض الرسوم على التجار مقابل أعمال الترفيق؛ حيث تستخدم جزءاً من تلك الواردات لتمويل نفسها.    

خريطة مواقع الفرقة الرابعة في سورية حسب النوع
 

ثالثاً: دور الفرقة الرابعة    

1. الدور العسكري:    

تقع المهمة العسكرية القتالية للفرقة الرابعة كخطّ دفاع تاسع عن العاصمة دمشق، وتأتي بعد أن شغل الحرس الجمهوري الخطوط الدفاعية الثمانية، وبدت مهمتها هذه واضحة منذ عام 2011؛ حيث استخدمت كافة وسائط العنف والقوة لحماية محيط العاصمة فارتكبت الانتهاكات ضد المدنيين في المدن والبلدات التي خرجت ضد النظام مثل داريا والمعضمية والزبداني وسرغايا وغيرها.    

بعد عام 2011 وسّعت الفرقة من مهامها القتالية بانتشارها في كافة المحافظات السورية، لتكون بذلك الوحدة العسكرية الوحيدة التي تحظى بهذه المهمّة؛ أي بإدارة العمليات العسكرية ومتابعتها والإشراف على عمليات التنسيق مع القوات الأخرى، خاصة بعد تراجُع دور قيادة الأركان لصالح غرف العمليات القطاعية، فباتت الفرقة تحلّ مكانها في هذا الدور؛ لسطوة ماهر الأسد على القادة الميدانيين المفروزين من الفرقة الرابعة إلى بقية الوحدات.    

يتفرّد ماهر الأسد في صياغة قرارات الفرقة، ولا يُشاركه بها أحد، ويعتمد في التنفيذ على قادة الألوية والعمليات والمسؤول الأمني، والذين يدينون بالولاء المطلق له؛ حيث يتبع ماهر معهم سياسة الترهيب والترغيب، فمثلاً يوجد قرار داخلي في الفرقة يقضي بمنح الضابط الذي يخضع لدورة عسكرية ما ويحصل على المرتبة الأولى سيارة سياحية كهدية، بينما يُعاقب الضابط الذي لا ينال المرتبة الأولى وتطاله المساءلة، مما يجعل هؤلاء الضباط يستخدمون كامل نفوذهم على مديري المنشآت التعليمية التي يخضعون فيها للدورات العسكرية، من أجل تقديمهم إلى المرتبة الأولى.    

كانت -وما زالت- تحظى الفرقة الرابعة بصلاحيات واسعة داخل المؤسسة العسكرية؛ بدءاً من انتقاء العناصر للخدمة فيها، من مراكز التجنيد في حلب ودمشق، ومروراً بالتدريب النوعي كالإنزال المظلي، ومراقبة الضباط خلال خضوعهم للدورات العسكرية (قائد سرية لقائد سرية، وركن لأركان، وتوجيه سياسي)، واختيار المبرزين منهم لنقلهم إلى ملاك الفرقة، وصولاً إلى تزويد الفرقة بالدبابات الحديثة والآليات الحديثة، فتسليحها يُعتبر تسليح فرقة مدعّمة.    

تتمتع الفرقة بالصلاحية المطلقة في التدخل بأيّ أمر عسكري والاطلاع عليه؛ حيث يمتلك ماهر الأسد صلاحية طلب نتائج السبر المعنوي الخاص بتشكيلات قوات النظام، قبل عرضها على القائد العامّ للقوات المسلّحة، ومناقشتها في اللجنة الحزبية العسكرية التي يعتبر وزير الدفاع ونائبه رئيساً ونائباً فيها. والسبر المعنوي هو عبارة عن قياس الروح المعنوية للوحدات العسكرية بفئاتها الثلاث من خلال استبيان ورقيّ يُوزَّع على أفراد الوحدة من قِبل لجان الإدارة السياسية.    

تمتلك الفرقة حاضنة خاصة تمنع أي قوى عسكرية أو أمنية من التدخل في صلاحياتها؛ فمثلاً أصدرت الفرقة تعميماً في أيار/ مايو 2024 يقضي بمنع أيّ جهة أمنية أو عسكرية توقيف عناصر الفرقة إلا بموجب مهمة رسمية صادرة عن مكتب أمن الفرقة الرابعة، أو سرية الشرطة العسكرية التابعة أيضاً بدورها للفرقة، مع أن التعميم معمول به قبل 2011، وإنّ إعادة التذكير به والعمل بمضمونه عام 2024 هو قرار من ماهر الأسد عقب طرح أخيه بشار الأسد سلسلة من التغييرات في القيادات الأمنية وإعلانه عن وجود خطة مستقبلية لإعادة هيكلة الأجهزة الأمنية، بالتالي أراد ماهر تذكير القيادات الجديدة بأنّ فرقته فوق المساءلة.    

كان ملاك الفرقة قبل عام 2011 يتجاوز 18 ألف عنصر، وبعد هذا التاريخ تراجع العدد؛ بسبب الخسائر البشرية والتهرّب من الخدمة، مما دفع الفرقة لاستخدام آلية التطويع من أجل استكمال النقص؛ حيث اتجهت إلى إعلانات التطوع عَبْر المكتب الأمني التابع لها بقيادة غسان بلال، معتمدة في ذلك على مجموعات مسلّحة ليست من ملاك القوات المسلّحة؛ فبدأت بتشكيل ميليشيات محلية، تندب لها ضباطاً مثل قوات أسد الغوطة (قوات الغيث) التي يقودها العميد غياث دلّة والمقدّم مهنّد غانم؛ حيث استقطبت عناصر للخدمة في صفوفها خاصة في المناطق الحدودية التي كثّفت من إعلانات التطوع فيها مثل يبرود والجراجير وعسال الورد، وبنظام خدمة استثنائي بدوام 10 أيام، و5 أيام إجازة، وتكون الخدمة ضمن مناطقهم وبلداتهم.    

تُكلّف الفرقة المنتسبين إليها وَفْق نظام العقود بأعمال التهريب والترفيق، بعد إخضاعهم لدورة عسكرية قصيرة قد لا تتجاوز الشهر. وهي تعمل على استمالة أبناء المناطق التي تنتشر فيها وتجنيدهم من خلال الحوافز المالية المقدَّمة لهم المتأتِّية من عمليات التهريب، وكذلك تستخدم الوسطاء، فقد أصدرت على سبيل المثال أواخر عام 2022 قراراً يقضي بإعادة هيكلة مكتب أمن الفرقة في منطقة القلمون الغربي بريف دمشق، وكلّفت حينها عضو مجلس الشعب السابق، المدعو محمد عبده أسعد المسؤول عن تشكيلها وانتشارها في المنطقة وقيادتها مجدداً بعد عزل قائدها السابق المعروف باسم أبو حمزة الحلبي.    

عموماً حافظت الفرقة الرابعة على مهمتها الرئيسية بتشكيل الطوق التاسع لحماية العاصمة والقصر الجمهوري، إضافة إلى توسيع مهامها لتأخذ دوراً إلى جانب قيادة الأركان في قيادة العمليات القتالية والتنسيق مع القوات الأخرى، مثل الميليشيات الإيرانية وحزب الله.    

2. الدور الأمني:    

كان للفرقة الرابعة دور أمني قبل عام 2011 عَبْر المكتب الأمني، وهو تأمين حماية ماهر وكبار ضباطه وتأمين منشآتها العسكرية وتوفير حماية خاصة للتجار المرتبطين بماهر، إضافة إلى جمع المعلومات عن كبار ضباط الفيالق وقادتها والفِرَق والقادة الأمنيين ومتابعتهم.    

لا ينظر لها كتشكيل عسكري فحَسْبُ، فهي تشكل منظومة أمنية اقتصادية داخل الدولة، حيث ترك الأسد الأب سلطة الحكم لابنه بشار بينما منح ماهر كياناً عسكرياً بشكل فرقة عسكرية تغطي نفوذه ليصل لعالم المال والأعمال والتجارة عَبْر الحدود بالممنوعات.    

كانت الفرقة تُشكّل القوة الضاربة للنظام لمواجهة أي مخاطر أمنية مرتفعة؛ حيث تولّت مهمّة قمع التظاهرات الكردية في حلب والحسكة عامَيْ 2004 و2007. إضافة لمهامها الخاصة والسرية لصالح القصر الجمهوري، كالاشتباه بشراكتها مع مجموعة من حزب الله بتفجير موكب رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري. توسّع هذا الدور بعد عام 2011 لتُشكّل الفرقة أداة القمع الرئيسية في مواجهة الاحتجاجات ثم المعارضة المسلّحة. استغلّ ماهر الأسد حاجة النظام لوجود قوات خاصة في مواجهة المعارضة المسلّحة، فوسّع من دور فرقته ونفوذها أمنياً وعسكرياً لتنتشر في جميع أنحاء البلاد.    

قدّم ماهر فرقته كمنظومة موازية تتحكم بمختلف مفاصل اقتصاد الظل الجديد بعد عام 2011، فهي التي ترسم حدود هذا الاقتصاد بتحديد المعابر والطرق المفتوحة، والممرات التجارية، ونوعية المواد وحجم تدفُّقها. وسّعت الفرقة من دور مكتبها الأمني ونفوذه، ليُشكّل جهازاً مستقلّاً وخاصاً، تتبعه مكاتب تحقيق وتوثيق وسجون خاصة، وحواجز يتجاوز عددها 50 مفرزة؛ حيث يتلقى التقارير الأمنية من جميع فروع الأمن والقطعات العسكرية، ويرفعها إلى ماهر الأسد. كما يدير المكتب الأمني جميع مصانع الكبتاغون ويشرف على عمليات نقله وتصديره.    

لا تكتفي الفرقة بمراقبة ضباط الوحدات العسكرية الأخرى عَبْر المكتب الأمني، إنما تراقب أيضاً الميليشيات المحليّة غير التابعة لها عَبْر فرز ضباط من ملاك الفرقة ليقوموا بمهمة قيادة تلك الميليشيات أو الإشراف عليها، مستغلاً علاقاته مع فروع الأمن العسكري.    

أخيراً، يُساهم المكتب الأمني في الحفاظ على مصالح الفرقة ونفوذها؛ حيث انتزعت صلاحيات كبيرة كانت موكلة إلى القصر الجمهوري واللجان الأمنية المرتبطة به، مثل افتتاح المعابر وإدارتها على خطوط التماسّ والخارجية، فضلاً عن انتشار الفرقة إلى جوار قوات الحرس الجمهوري. كما تنتشر وحدات وحواجز الفرقة في جميع مواقع انتشار الميليشيات الإيرانية وحزب الله في سورية وتتعاون معهما في العمليات العسكرية وتُقدّم لهم تسهيلات التحرّك والإسناد ونقل العتاد، إضافة إلى شراكتها معهم في تجارة المخدرات وتهريب البشر. بالمقابل، يقوم المكتب الأمني من خلال علاقته الوثيقة مع هذه الميليشيات بعمليات المراقبة والتتبع لأنشطتها ولأفرادها وتقديم تقارير دورية عنها لماهر الأسد.    

خريطة مواقع الفرقة الرابعة في سورية حسب التسليح
 

3. الدور الاقتصادي:    

اعتمدت الفرقة الرابعة منذ تأسيسها في التمويل على ميزانية وزارة دفاع النظام بشكل رئيسي قبل عام 2011 مثل باقي فِرَق الجيش، لكن تميزت في هذه الناحية بكون التمويل المقدّم لها أكبر من تمويل باقي الفِرَق العسكرية الأخرى بناءً على توجيهات قيادة النظام، وانعكس ذلك في طبيعة المعدات والمواد الغذائية والعسكرية واللوجستية المقدَّمة للفرقة، والتي كانت تُعتبر أفضل من غيرها. كذلك، استفادت الفرقة من مشاريع الإسكان العسكري بحصص أكبر من باقي الفِرَق. كما حقّق قادتها موارد من عمليات فساد متعدّدة، بما فيها مشاركتها في عمليات التهريب على الحدود اللبنانية.    

بعد عام 2011 بدأ اقتصاد النظام السوري بالتراجع والتدهور في ظل ازدياد تكاليف العمليات العسكرية وفرض عقوبات اقتصادية عليه أدت لصعوبة في تأمين رواتب عساكر النظام والمواد والمعدات اللوجستية المقدَّمة لهم؛ مما أدى لإعطاء النظام تسهيلات للفِرَق العسكرية -وخصوصاً للفرقة الرابعة المقربة منه بحكم وجود ماهر الأسد فيها- للبحث عن مصادر تمويل جديدة.    

توجهت قيادة الفرقة الرابعة والمكتب الأمني للقيام بمختلف الأعمال والأنشطة غير المشروعة مثل نهب المنازل، وفرض رسوم وإدارة معظم المعابر الداخلية، والمعابر الخارجية مع الأردن ولبنان، وتهريب المخدرات، وتهريب المواد والسلع التجارية والغذائية، وتهريب البشر عبر الخطوط والحدود، إلى جانب مساهمتها في تشكيل اقتصاد الظل.    

  مصادر تمويل من عمليات النهب:    

اعتمدت الفرقة على إستراتيجية غير مركزية في التمويل الذاتي، إلى جانب تمويلها المركزي من وزارة الدفاع، بخلاف باقي الفرق العسكرية، فقد تم تقديم تسهيلات لعناصرها وقادتها والسماح لهم بنهب المنازل في المدن والقرى التي دخلوا إليها بعد تهجير أهلها منها مثل حمص ودمشق وريفها ودرعا وغيرها وتحقيق عائد مادي من ذلك؛ حيث قامت ببيع الأثاث المسروق من المنازل بأسعار منخفضة بشكل مباشر في أسواق مخصصة لها، كأسواق حي النزهة والزهراء وعكرمة في مدينة حمص [1] ، كما تمت سرقة أسواق تجارية بالكامل، مثل مجمّع City Center في جورة الشياح في حمص [2] . وبالطريقة ذاتها تم نهب مدن وأحياء في دمشق وريفها [3] ، وجرى بيع هذه المسروقات في أسواق المزة وجسر الثورة وسوق مدينة الدويلعة في حي كشكول وكراج السومرية.    

كذلك جمعت الفرقة الرابعة الموارد عبر التعاهد مع أشخاص يقدمون لهم دعماً ماديّاً ومواد غذائية ولوجستية، مقابل الحصول على نسبة من المسروقات بعد الدخول للمنطقة ونهبها، مثل تعاهد عناصر في مدينة حمص مع أعضاء سابقين في مجلس الشعب مثل فراس السلوم وشحادة كامل ميهوب [4] .    

مصادر تمويل من الترفيق والإتاوات:    

استغلّت الفرقة انتشارها على كامل أراضي البلاد فقامت بعمليات الترفيق والإتاوات كوسيلة رئيسية للتمويل، حيث عملت على جباية الأموال على الطرقات والحواجز العسكرية والمعابر بين مناطق النفوذ المختلفة سواء مع مناطق المعارضة أو مناطق قسد، مثل ترفيقها لشاحنات الدخان الأجنبي المهرب من موانئ الساحل إلى بقية المحافظات، وترفيق بضائع التجار سواء من الأسواق الحرة أم من مختلف المدن تجاه مختلف المناطق، مقابل الحصول على عائد مادي وحمايتها من استيلاء حواجز باقي الفرق أو الأفرع الأمنية على هذه البضائع وسرقتها [5] .    

أوكلت الفرقة مهمّة إدارة ملف عمليات الترفيق لشخصيات غير عسكرية، مثل علي خضر طاهر [6] ، وهو رجل أعمال سوري تم فرض عقوبات عليه من قِبل وزارة الخزانة الأمريكية بموجب الأمر التنفيذي 13582 [7] ؛ لعمله وسيطاً ومقاولاً لصالح الفرقة، فقد أسس "شركة القلعة للأمن والحماية" عام 2017 المسؤولة عن توفير حماية للقوافل من خلال عناصر الفرقة، وتحصيل الرسوم وتسهيل عمليات التهريب عند نقاط التفتيش والمعابر الداخلية بين مناطق النظام والمعارضة في عدة مناطق مثل الأتارب وأبو الزندين، والمعابر الداخلية بين النظام وقسد مثل الهورة قرب الرقة، وكذلك على المعابر الخارجية ونقاط التهريب مع لبنان والأردن.    

مصادر تمويل من تجارة وتهريب المخدرات والسلع والبشر:    

سيطرت الفرقة على تجارة المخدرات وحبوب الكبتاغون في سورية، مشرفة على عمليات الإنتاج والتخزين والتوزيع والنقل والتصدير إلى دول الخليج، مما أدرّ عليها مليارات الدولارات [8] ، وكيّفت علاقات الأمن العسكري مع شبكات إنتاج وتهريب المواد المخدرة السابقة لصالحها، ووسعت هذه الأعمال [9] ، وطورّت من أنماط التهريب باستخدام طائرات الدرون أو البالونات الطائرة أو ضمن شاحنات الخضار والفواكه أو عبر المهربين العابرين من الطرق غير الشرعية [10] عبر الحدود والتي تسيطر عليها الفرقة.    

يقود عمليات إنتاج المواد المخدرة وتهريبها شخصيات تابعة وتدين بالولاء لماهر الأسد، مثل خالد قدور، وهو رجل أعمال سوري خاضع للعقوبات الأمريكية بموجب الأمر التنفيذي 13572 ويعتبر أحد الشخصيات المسؤولة عن تبييض أموال أنشطة التهريب، وكذلك سامر كمال الأسد ابن عم ماهر الخاضع للعقوبات الأمريكية بالأمر التنفيذي 13582 [11] ، لدوره في عمليات تصنيع حبوب الكبتاغون في منطقة القلمون.    

لم تكتفِ الفرقة بعمليات التهريب وإنتاج المخدرات بل شاركت بتهريب مختلف السلع الاقتصادية مثل السلع الزراعية والمواد الغذائية والملابس والسيارات والسجائر والهواتف المحمولة، وأشرفت على تهريب البشر عبر الحدود بالتعامل مع مختلف الجهات لا سيما حزب الله [12] .    

مصادر تمويل من التجارة والاستثمار:    

استخدمت الفرقة نفوذها في الاقتصاد الرسمي لتوسيع عوائدها في التجارة والاستثمار، فاحتكرت من خلال التجار المرتبطين بها تجارة خردة المعادن وبيعها مثل النحاس والحديد؛ حيث كانت تركز على نهب المعادن بالتحديد من المناطق التي تدخل لها بعد العمليات العسكرية مقارنة مع باقي الفِرَق التي كانت تنهب الأثاث فحَسْبُ، كما كانت تفرض على جامعي الخردة بيعها بأسعار منخفضة، ويتم إرسال المعادن إلى معامل الصهر والدرفلة مثل معمل صهر المعادن في مدينة حسياء ومعامل درفلة الحديد في اللاذقية وحسياء، وتتبع هذه المعامل شركة صروح للإعمار لصاحبيها سامر الفوز وعماد حميشو.    

واستخدم ماهر الأسد مجموعة شركات محمد حمشو الدولية كواجهة اقتصادية لأنشطة الفرقة الرابعة الاستثمارية، مثل تصنيع المنتجات المعدنية وتجار الخردة والغاز والنفط وغيره، وقد فرض الاتحاد الأوروبي [13] ، والخزانة الأمريكية عقوبات على هذه المجموعة [14] ، وعلى مجموعة علي خضر [15] ، التي استخدمها أيضاً ماهر في أنشطة اقتصادية مختلفة لصالح الفرقة، مثل الشركة السورية للنقل والسياحة و Emma Tel LLC وشركة Ella Media Services LLC.    

بشكل عامّ كوّنت الفرقة اقتصاداً خاصّاً بها، شكّل جزءاً كبيراً من اقتصاد الظل، عمل على تمويل الفرقة وضباطها، فضلاً عن النظام عَبْر أعمال تهريب المخدرات وإنتاجها والاستثمار الاحتكاري وتبييض الأموال.    

خريطة مواقع الفرقة الرابعة في سورية حسب المهمة
 

رابعاً: علاقات الفرقة الرابعة    

لم تظهر أيّ علامات خلاف بين الفرقة الرابعة وضباط القصر الجمهوري، نتيجة عدم وجود أي مؤشرات على خلاف بين ماهر وأخيه بشار الأسد؛ حيث لم تكن هناك أي تحرّكات من الفرقة ضد بشار الأسد وبقية فِرَق الجيش التي تدين بالولاء للقصر، خلافاً لما وقع بين حافظ الأسد وشقيقه رفعت، لكن الفرقة استغلت الظروف بعد عام 2011 ووسّعت نفوذها وانتشارها بشكل استثنائي بات يُشكّل كياناً موازياً لسلطات القصر، مما لا ينفي احتمال وقوع خلاف بين الأخوين مستقبلاً.    

تراعي سياسات القصر مصالح ماهر الأسد ونفوذه، مثل منح قادة الفرقة مكافآت مستمرة تتمثّل بمناصب ومهام أعلى من مواقعهم داخل الفرقة وخارجها، كتعيينهم رؤساء لفروع الأمن العسكري وضباط في اللجان الأمنية للمحافظات، وتوفّر هذه السياسة امتيازاً للفرقة في الوحدات العسكرية الأخرى، ورغم صدور أوامر بإنهاء علاقة الضابط الإدارية بالفرقة لكن تبقى علاقتهم بماهر الأسد قائمة؛ فعلى سبيل المثال كان اللواء جمال يونس قائد الفوج 555 وأصبح قائد اللجنة الأمنية بدير الزور.    

وكذلك يراعي بذلك بشار الأسد شقيقه بتوجيه كافة قياداته لتنفيذ أوامر ماهر دون مراجعة وكأنها صادرة عن الرئيس ذاته، فضلاً عن منعه لتحول الخلاف بين المكتب الاقتصادي السري في القصر التابع لأسماء الأسد وبين ماهر الأسد وشبكته الاقتصادية؛ حيث جمّد بشار نشاط مكتب زوجته الاقتصادي، وحجبها وموظفيها عن النشاط العامّ، مقابل إعادة تفعيل للمكتب الاقتصادي لحزب البعث.    

مع ذلك، لا تُخفي سياسة المراعاة وجود تخوُّف وريبة لدى بشار من تحوُّل نفوذ ماهر إلى تغوُّل يُشكّل طوقاً على سلطاته، حيث لم يمنحه ترفيعات استثنائية بعد توليه الرئاسة، باستثناء تعيينه قائداً للفرقة الرابعة عام 2018، ولم يمنحه تسمية رسمية حزبية في القيادات القطرية، باستثناء عضويته في اللجنة المركزية لحزب البعث ضمن 94 عضواً، ولم يُمكّنه من الوصول إلى رأس السلطة بآليات دستورية في حال غياب الرئيس، بينما عيّن حافظ شقيقه رفعت نائباً له ليتمكن دستورياً من شغل منصب الرئيس في حال غيابه، ولم يُكلّفه بمهام خاصة على المستوى الدولي رغم أنّ الفرقة الرابعة استطاعت خلق علاقات ميدانية وثيقة مع إيران وحزب الله.    

شكّلت الفرقة الرابعة غطاء لأنشطة إيران وحزب الله في العديد من مناطق انتشارها خاصة شرق سورية وشمالها ووسط غربها، مع ذلك وقعت خلافات واشتباكات مسلّحة محدودة بين مجموعات الطرفين في دير الزور ودرعا وريف دمشق، لكن دون أن تُؤثّر على طبيعة العلاقة التخادمية بينها؛ حيث تمد إيران الجبهات بالمقاتلين عند ضرورة العمليات، وتقدم الفرقة بالمقابل التسهيلات لانتشار الميليشيات، فعلى سبيل المثال ساهم جمال يونس بتعاون الفرقة مع إيران في دير الزور، وسهّل شراء العقارات لصالح تجار مرتبطين بها، وفتح طرق التهريب من العراق إلى سورية، وتقديم الدعم اللوجستي لتحركاتها.    

لا تحمل الفرقة توجُّهاً مناهضاً للسياسة العسكرية الروسية في سورية؛ حيث حضر ماهر مشروعاً تدريبيّاً أشرفت عليه القوات الروسية في سورية أواخر عام 2022، وهو يُدرك أهمية مساعي روسيا لإعادة هيكلة وتقوية قوات النظام كمؤسسة عسكرية في أي حلّ قادم، وهذا ما يتطابق مع سياسته الشخصية لتعزيز تماسُك وهيمنة الفرقة في الجيش، لكنّه رفض مطالب روسيا القاضية بسحب حواجز الفرقة من درعا، لانتشار عناصر الفيلق الخامس بدلاً عنها، وثمّة اتهامات داخل الفرقة كثيرة لروسيا بضلوعها في تفجير باص مبيت يتبعها على طريق الصبورة بدمشق عام 2022 والذي أدى إلى قتل وجرح ما يقرب من 40 عنصراً.    

خُلاصة    

استحوذت الفرقة الرابعة بقيادة ماهر الأسد على مزيد من النفوذ والانتشار بعد عام 2011، مستغلة حاجة النظام للقوات الخاصة التي تمتلكها، فأصبحت تمتلك وجوداً عسكرياً وأمنياً في جميع المحافظات، وحازت دوراً يوازي دور هيئة الأركان العامة مؤدية مهام قيادة العمليات القتالية، وصنعت منظومة أمنية تُدير الجزء الأهم من اقتصاد الظلّ بما في ذلك عمليات إنتاج وتهريب المواد المخدرة. مما حوَّلها إلى جيشِ ظلٍّ يوازي جيش النظام، يمتلك موارده الخاصة، وتسليحه الخاص، وجهازه الأمني الخاص، وعلاقاته الخاصة مع حلفاء النظام، وتحديداً إيران.    

مكّنت الفرقة كلّاً من إيران وحزب الله من الانتشار في مختلف المحافظات السورية، وقدّمت لهم التسهيلات والدعم اللوجستي والعسكري، وحققت مقابل ذلك مكاسب عسكرية واقتصادية؛ فأينما توجد ميليشياتهم توفر الفرقة الرابعة الغطاء لهم، باستثناء بعض المناطق التي راعى فيها ماهر الأسد الحسابات الإسرائيلية جنوب سورية وحسابات الطائفة العلوية في الساحل.    

بذلك تُعَدّ الفرقة متورطة بأنشطة إيران وحزب الله غير المشروعة في سورية والتي تهدف إلى زعزعة الأمن الإقليمي، سواءً عبر الاتجار بالمخدرات أم تهريب السلاح أم تبييض الأموال أم تسهيل نشاط الميليشيات المصنفة على قوائم الإرهاب. بالمقابل مكّن انتشار الفرقة الرابعة الموازي لانتشار الميليشيات الإيرانية وحزب الله من تحقيق اختراق أمني في صفوفهما، مما يعني أنّ ماهر الأسد يمتلك معطيات أمنية حيال جميع أنشطتهم وأفرادهم، ممتلكاً بذلك ورقة يُمكن أن يُساوم بها أطرافاً خارجية.    

أخيراً، استطاعت الفرقة بفضل تضخُّم دورها ونفوذها وانتشارها أن تخلق سلطة توازي سلطة القصر الجمهوري، وهذا شكل غير معهود في الحكم منذ خروج رفعت الأسد عام 1989 من سورية، ورغم أنّ ذلك لم يرافقه أي مظاهر تمرُّد من الفرقة على السلطة فإنّه يفرض واقعاً على بشار الأسد يقيّده من اتخاذ أي إجراءات في مواجهة سلطة أخيه ماهر، الذي بات فعلياً يُقاسمه السلطة في الظلّ.    


 

 


 

[1] Widespread Looting by Syrian and Iranian Regime Forces in and Around Idlib Threatens the Return of the Displaced People and Sows Religious Hatred, snhr.org,31-03-2020,      link ..    

[2]  سرقة ممتلكات الأهالي: سياسة ممنهجة برعاية رسمية، اللجنة السورية لحقوق الإنسان، 19-05-2014،      الرابط .    

[3]  المصدر السابق.    

[4] مقابلة مؤرشفة أجراها الباحث سابقاً مع قيادي في فصائل المعارضة في حمص القديمة، كانت مجموعته تحتجز عنصراً من الفرقة الرابعة تعامل مع أعضاء مجلس الشعب السابقين وباعهم الممتلكات التي سرقها من المنازل التي نهبها 2014.    

[5]  مقابلة خاصة أجراها الباحث مع تاجر استعان سابقاً بعناصر الفرقة الرابعة لترفيق بضائعه من المنطقة الحرة إلى مختلف المدن خوفاً من الاستهداف أو السرقة، وذلك بمقابل مادي، 17-09-2024.    

[6]  عبد الله الغضوي، كاتب وصحافي مهتم بالعلاقات المدنية العسكرية، الفرقة الرابعة الجيش الموازي في سورية، معهد الشرق الأوسط، 24-09-2023،      الرابط .    

[7] Treasury Continues Targeting Facilitators of Assad Regime, U.S. Department of the Treasury,30-09-2020,      link    

[8] Treasury Sanctions Syrian Regime and Lebanese Actors Involved in Illicit Drug Production and Trafficking, U.S. Department of the Treasury,28-03-2023,      link    

[9] A ‘Drug War’: Syria’s Neighbors Fight a Flood of Captagon Across Their Borders, occrp,27-06-2023,      link    

[10] حبيب أبو محفوظ، ما خيارات الأردن للتعامل مع تهريب المخدرات والتسلل من سورية، الجزيرة نت، 26.09.2023،      الرابط .    

[11] A ‘Drug War’: Syria’s Neighbors Fight a Flood of Captagon Across Their Borders, occrp,27-06-2023, link .    

[12] Treasury Sanctions Syrian Regime and Lebanese Actors Involved in Illicit Drug Production and Trafficking, U.S. Department of the Treasury, 28-03-2023,      link .    

[13] Factbox: Sanctions imposed on Syria, reuters 28-11-2011,      link .    

[14] Treasury Sanctions Prominent Syrian Businessman, U.S. Department of the Treasury, 08-04-2011,      link .    

[15] Treasury Continues Targeting Facilitators of Assad Regime, U.S. Department of the Treasury,30-09-2020,      link .    


 

Araştırmacılar