دلالات رفع الإدارة الذاتية العَلَم السوري على معبر سيمالكا
أكتوبر 13, 2025 2571

دلالات رفع الإدارة الذاتية العَلَم السوري على معبر سيمالكا

حجم الخط

رفعت الإدارة الذاتية لشمال سوريا وشرقها عَلَم الدولة السورية إلى جانب عَلَم الإدارة على معبر سيمالكا الحدودي الواصل بين الحدود السورية العراقية في الجزء الذي تُسيطر عليه الإدارة من الجانب السوري، ومقابل الجزء الذي تسيطر عليه حكومة إقليم كردستان العراق حيث معبر فش خابور من الجانب العراقي، ويبدو هذا الإجراء بمثابة خُطوة أولى تمهيداً لتطبيق اتفاق 10 آذار/ مارس 2025 الموقّع بين الرئيس السوري أحمد الشرع وقائد قوات سوريا الديمقراطية (قسد) مظلوم عبدي، والذي نصّ على دمج المعابر الحدودية ضِمن إدارة الدولة السورية. 

لا يبدو أن الإدارة اتخذت قرار رفع العلَم باعتباره جزءاً من تطبيق الاتفاق، ولا حتى خُطوة تمهيدية لتطبيقه؛ حيث صرح المتحدث باسم وفد الإدارة للتفاوض مع دمشق أن خُطوة رفع العلَم في معبر سيمالكا هي إجراء اعتيادي شمال سوريا وشرقها، ويعكس مضمون المادة الثامنة من العقد الاجتماعي للإدارة الذاتية، التي تنص على رفع علَم الجمهورية السورية إلى جانب شعار الإدارة الذاتية. 

هذا التصريح يضع الاتفاق أمام معضلة جديدة، ويضيف شروطاً جديدة ليست واردة في الاتفاق، وأن ما سيتم تطبيقه هو ما ينسجم مع العقد الاجتماعي الذي هو بمثابة الدستور في منطقة شمال شرق سوريا، ويوازي الإعلان الدستوري الحالي عند الحكومة السورية، مما يضع إطاراً عاماً لتقدُّم المفاوضات بين دمشق والإدارة، في فرض واقع وضرورة الاعتراف بوجود دستورين في البلاد يتعين تكييف تطبيق الاتفاق معهما سوياً، وأن ما لا ينسجم من الاتفاق مع العقد الاجتماعي فسيكون لاغياً، ولن يتم الالتزام به من طرف الإدارة. 

تمرير الإطار في مفاوضات تطبيق الاتفاق يعني فرض تفاصيل كثيرة فيها مثل اسم الدولة، وشكل نظام الحكم، وحدود إقليم شمال سوريا وشرقها، واللغات الرسمية في الدولة، والديانات المعترَف بها، وإدارة الثروات والموارد الطبيعية، والقيود على التملك والتمليك في مناطق الإدارة الذاتية، ونظام القضاء والعدالة، وستظهر العقبات الأبرز في التعامل مع المؤسسات العسكرية، وطريقة دمجها في الدولة السورية، كما ينص عليه الاتفاق، خصوصاً قوات سوريا الديمقراطية (قسد) التي نصّ العقد الاجتماعي على أنها تنظم نفسها بشكل شِبه مستقل ضِمن نظام الكونفيدرالية في الإقليم. 

على هذا الأساس فإن خُطوة رفع العَلم من الناحية السياسية يمكن تفسيرها أنها خطوة استفزازية من الإدارة للحكومة السورية، ومحاولة لوضع المزيد من العراقيل أمام تطبيق اتفاق 10 آذار/ مارس، وأن توقيتها جاء استجابة لمطالب خارجية إسرائيلية وأمريكية للضغط على دمشق، ودفعها نحو تقديم تنازُلات في الاتفاق الأمني الذي فشل وفق ما هو معلَن بسبب "الممر الإنساني" الذي تريد إسرائيل فرضه في الجنوب للوصول إلى السويداء، لذا تم الحديث فجأة عن السعي نحو فتح معبر القامشلي- نصيبين مع تركيا، وتبع ذلك رفع العَلم على معبر سيمالكا للإيحاء بأنه تحوَّل من معبر غير شرعي، وغير معترَف به من الدولة السورية، إلى معبر شرعي معترَف به بمجرد رفع العلَم فوقه. 

إن هذا الإجراء يوجب على الحكومة السورية تقديم شكوى للدولة العراقية المركزية، ولحكومة إقليم كردستان العراق، والطلب منهما إغلاق معبر فش خابور المقابل لمعبر سيمالكا، باعتبار أن المعبر المقابل له على الجانب السوري غير قانوني، وتحميلهم مسؤولية التهديدات الناجمة عن ذلك على الأمن القومي السوري والعراقي والإقليمي؛ بسبب تسلُّل عناصر حزب العمال الكردستاني (PKK)، وتهريبهم السلاح عبره، كما يوجب على الحكومة إبلاغ الإدارة الذاتية أن رفع علَم الدولة السورية على أي مؤسسة مدنية أو عسكرية في منطقة شمال شرق سوريا لن يُعَدّ تطبيقاً لاتفاق 10 آذار/ مارس ما لم تكن هذه المؤسسات تحت إدارة الدولة السورية فعلياً، وأن على الإدارة الانخراط في المفاوضات استناداً إلى بنوده، وبما يخضع للإعلان الدستوري، وللقوانين المعمول بها في البلاد، وليس للعقد الاجتماعي والقوانين المعمول بها في مناطق الإدارة.