تنظيم حرّاس الدين إلى الواجهة مُجدّداً ما الرسائل التي وجّهها؟
أصدر تنظيم حراس الدين (فرع القاعدة في سورية) في 23 آب/ أغسطس 2023، بياناً مقتضَباً تحت عنوان "نحن أولياء دم" وجّه فيه رسائل عديدة وباتجاهات مختلفة شملت الحاضنة الشعبية، وهيئة تحرير الشام، والفصائل العاملة في إدلب، ودعا بشكل واضح لمحاسبة مَن وصفهم بالعُملاء داخل الهيئة.
وجّه التنظيم رسالة للحاضنة الشعبية بأنه ما زال موجوداً في مناطق الهيئة -وإنْ كان قد اضطر بسببها للاختفاء الكامل- وبالتالي فإنّ هذا الخطاب موجّه لعموم المتضررين من سلوك مَن وصفهم التنظيم بـ "الخونة" في صفوف الهيئة.
لقد ظهر في بيان التنظيم حرصه على مواجهة الهيئة -على مستوى الخطاب والإعلام في الوقت الحالي على أقل تقدير- وإثبات شرعيّته مقابل عدم شرعيّة الهيئة، خاصة أنّها سعت لبناء شرعيتها الجهادية مرة بعد مرة بموجب انفصالاتها المتكررة وتحوُّلاتها من التبعية للقاعدة إلى المناطقية المحلّيّة، في حين أن حراس الدين يُظهر دون موارَبة انتماءه الجهادي، وإنْ كان هناك حرص من قِبله على الانفتاح والتعاون مع جميع الفصائل وعدم إقصائها.
ولعلّ أبرز رسائل البيان وصف حُرّاس الدين للتنظيم بأنّه من "أصحاب دم"، في محاولة لتعزيز شرعيته مع توجيه اتهام مبطّن لقيادات الهيئة المنخرطين في التعامل مع الجهات الأجنبية، أو مَن باتوا يُعرَفون بعملاء التحالف في مسؤوليتهم عن إيصال إحداثياتهم للتحالف الدولي، وبالتالي تسهيل استهداف العديد من القيادات الجهادية السورية والمهاجرة كأبي فراس السوري وأبي خديجة الأردني (بلال خريسات) وأبي الخير المصري، وغيرهم.
وإن طلب التنظيم بضرورة محاسبة مَن وصفهم بـ "الخونة" يأتي أيضاً في سياق تعزيز شرعيته ومحاولات بناء حضوره الشرعي مرة أخرى في المنطقة. من الواضح أنّ التنظيم يريد التأكيد على وجود خيارات أخرى للتعامل مع قادة الهيئة وَفْق "مبدأ القصاص" -سواء عَبْر عمليات الاغتيال أو المحاكمة-، بالتالي يُوجّه التنظيم دعوة -ضِمنيّة- لحاضنته في الشمال والفصائل، للتعاون معه في مواجهة ما يعتبره فساد قيادات الهيئة وخيانتهم.
في غضون ذلك قد تبرز محاولات من قِبل التنظيم لاستقطاب الفصائل الناقمة على الهيئة أو لعناصرها الذين يبحثون عن نشاط عسكري ضدّ النظام خارج التفاهُمات الراهنة، لكنّ أيّ دعوة أو مساعٍ في هذا الصَّدَد قد لا تلقى استجابة؛ فالتجارب السابقة أظهرت عدم استعداد معظم فصائل المعارضة -المعتدلة- لتحمُّل تكلفة التنسيق مع القاعدة المصنَّفة على قوائم الإرهاب.
عموماً إن إصدار البيان يهدف إلى إظهار أصالة شرعية تنظيم حُرّاس الدين، ومحاولة إعادة بناء حضوره الفعلي في المنطقة بعدما ضيّقت عليه الهيئة، حيث يحاول الاستفادة من الظروف الراهنة التي تتصاعد فيها الاحتجاجات الشعبية ضد قيادات الهيئة، وتتنامى فيها صراعات الأجنحة داخل صفوف الهيئة، بالتوازي مع إثبات تعامُل عدد من قادتها مع التحالف الدولي وغيره من الأطراف الدولية بما أدّى إلى استهداف قادة من التنظيمات الجهادية المحليين والمهاجرين.