أزمة الباب شرق حلب تؤكد الحاجة إلى إصلاح عميق للقضاء والأمن
حجم الخط
أزمة الباب شرق حلب تؤكد الحاجة إلى إصلاح عميق للقضاء والأمن
أصدرت وزارة الدفاع في الحكومة السوريّة المؤقتة قراراً في 22 أيار/ مايو 2022، يتضمّن إقالة رئيس فرع الشرطة العسكرية في المنطقة العقيد عبد اللطيف خالد الأحمد، وتكليف الرائد عبيدة المصري بديلاً عنه. كما أصدرت "هيئة ثائرون للتحرير" أمراً بإحالة القيادي في صفوفها محمد يحيى خضير إلى القضاء العسكري لاستكمال التحقيق معه في قضية إطلاق سراح جندي سابق في قوات النظام السوري.
هذه القرارات جاءت بعد ضغط شعبي واعتصام مفتوح في مدينة الباب شرق حلب، بدأ في 18 أيار/ مايو 2022، على خلفيّة قيام فرع الشرطة العسكرية بالتعاون مع قياديّ في "هيئة ثائرون للتحرير" بإطلاق مجنّد سابق في قوات النظام يُدعى محمد المصطفى، اعترف خلال التحقيقات بمشاركته بتنفيذ جرائم حرب خلال اقتحام محافظتَيْ درعا وحمص في الفترة الممتدة من 2014 حتى 2016.
وعلى الرغم من إظهار كل من وزارة الدفاع و"هيئة ثائرون للتحرير" استجابة للمطالب الشعبية، إلّا أنّ هذه الحادثة أكدت على الحاجة الملحّة للإصلاح العميق في قطاعَي القضاء والأمن من أجل تجنُّب الخلل في عملهما لاحقاً، أو وقوع أزمات مماثلة.
ويُمكن القول: إنّ إنجاز عملية الإصلاح الحقيقية تتطلب خُطوات أساسية مثل:
1. إقرار المرجعية التشريعية والقانونية التي تحكم عمل المؤسسات القضائية والأمنية، على أن تكون متناسبة مع الواقع الذي نشأ في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام؛ لأنّ إقرار المرجعية التشريعية سينعكس إيجابياً على صعيد تطبيق الأحكام.
2. إصلاح آلية التعيينات في القضاء ومؤسسات الشرطة، بما يضمن قيامها بمهامّها بعيداً عن الحسابات الفصائلية والمناطقية والمحلية.
3. تفعيل دور النيابة العامة بوصفها جهة مسؤولة عن مباشرة الدعاوى باسم المجتمع، ومخوّلة بمراقبة تنفيذ الأحكام الجزائية.
4. تفعيل دور وزارة الدفاع وهيئة الأركان التابعة لها، وتمكينها من ممارسة صلاحيتها في إحالة مرتكبي الانتهاكات من منتسبي الفصائل إلى القضاء العسكري، بدلاً من قيام قائد كل فصيل بهذا الدور.
5. تعزيز دور القضاء المدني بوصفه قضاءً عامّاً، وتحديد نطاق صلاحيات القضاء العسكري؛ منعاً لتعارُض الاختصاص، ولتجنُّب تحويل القضاء العسكري إلى جهة تُوفّر الحماية لمرتكبي الجرائم من منتسبي المؤسسة العسكرية.
ويُلاحظ بشكل واضح دور الرقابة التي يمارسها المجتمع المدني في الباب وبعض مناطق شمال حلب على عمل المؤسسات الرسمية التابعة للمعارضة، غير أنّ الدفع باتجاه عملية إصلاح حقيقية تتطلّب استمرار دور المجتمع المدني في ممارسة الرقابة وعدم حصره بمُجرَّد الاستجابة لمَطالب راهنة. بالتالي، تنظيم نشاطه وتحويل المَطالب إلى برامجَ ومشاريعَ محدّدةٍ.