قراءة تحليليّة لمراحل سلطة البعث في كتاب تطوّر المجتمع السوري
أغسطس 13, 2018 4511

قراءة تحليليّة لمراحل سلطة البعث في كتاب تطوّر المجتمع السوري

حجم الخط
قراءة تحليليّة لمراحل "سلطة البعث" في كتاب "تطوّر المجتمع السوري" 
عاتكة عمر
تمهيدٌ:
تعدّدت الدراسات التي تتناولُ الوضع السوري بعد ثورة 11 آذار 2011 بتعدُّد التجارب والمنظورات الشخصيّة بعد الثورة أو قبلها؛ وتعدّ دراسة نشوان الأتاسي التي تناول فيها تطوّر المجتمع السوري منذ عام 1831 حتى بداية الثورة السورية من الدراسات التحليليّة التي وضّحت جوانب مُهِمّة في المشهد السوري من النواحي السياسيّة والعسكريّة والاقتصاديّة والاجتماعيّة.
بنية الكتاب:
جعل الأتاسيّ كتابه في أربعة فصولٍ وتوطئةٍ و"ملحق خاص بالثورة السوريّة" أفرده لسرد أحداثها وتحليلها، معتمِدًا عرض الأحداث بتسلسلها الزمني، فكان الفصل الأوّل تحليلًا  للحقبة الواقعة بين (1860 – 1946) أي من الفتنة الطائفيّة إلى الثورة العربيّة، وخصّص الفصل الثاني لعرض أحداث حقبة ما بين (1916- 1946) أي من الثورة العربيّة إلى الجلاء، وأفرد الثالث "للـعهد الاستقلالي بين الانتدابين" أي لما بين (1946- 1963)، أمّا الفصل الرابع -الذي سنتناوله بالعرض والتحليل- فكان عن السلطة البعثيّة بمرحلتيها بين (1963- 2011)؛ والتي بدأت بانقلاب 8 آذار الذي قسّم سوريا إلى فترتين زمنيتين على طرفي نقيض سياسيًّا وعسكريًّا واقتصاديًّا واجتماعيًّا وجغرافيًّا، أي "ما قبل انقلاب البعث وبعده".
أوّلًا: البعث بين "مرحلتين"
يقدّم الأتاسي نظريةً تخالف المشهور مفادُها أن البعث القديم أُحيِيَ ببعث جديد، مفترِضًا أنّ حزب البعث القائم قبل الوحدة بين سورية ومصر ليس هو من قام بانقلاب 8 آذار، ويدعم افتراضه بأن اللجنة العسكريّة المكوّنة من المقدّم "محمد عمران"، والرائد "صلاح جديد"، والنقيب "عبد الكريم الجندي"، والرائد "أحمد المير"، والنقيب "حافظ الأسد" أقامت حزبًا جديدًا سمّته بـ "حزب البعث العربي الاشتراكي" الذي كان موجودًا قبل الوحدة، معتمدين بذلك على ضمِّ بعض رموزه وقياداته إليه كـ"ميشيل عفلق" في محاولةٍ لإضفاء الشرعيّة على حركتهم الانقلابيّة، فكان البعث قاطرتهم لدخول الحكم، حيث تحصّل لهم بذلك بطانة اجتماعية مكوّنة من الولاءات الطائفيّة والعشائرية للأعضاء الخمسة، مشكّلة ما يسمى بفرع الحزب المدني.
تتجلّى في هذه المرحلة السمات الآتية: 
أ‌. الصراع على السلطة بين الانقلابيّين:
1. اللجنة العسكرية والناصريون:
تلاقت مصالح انقلابيي البعث العراقي 8 شباط مع مصالح انقلابيي البعث السوري 8 آذار، ليذهب الطرفان في 14 آذار إلى مصر بغية إقامة محادثات ثلاثية تهدف إلى إعلان وحدة بين البلدان الثلاثة، إلا أن الغاية الخفية للجنة العسكرية -التي عملت خلف واجهة الناصريين والمستقلين- كانت كسب مزيد من الوقت لتثبيت أقدامها وإزاحة الناصريين والمستقلين؛ ففي الوقت الذي كانت تدار فيه محادثات الوحدة سُرّح آلاف الضباط من مختلَف الرتب العسكرية  بذرائع متعددة كـ"الدعوة للانفصال" أو دعم البرجوازية"، وتوالت المراسيم التي تمهد لتفرّد اللجنة العسكرية في السلطة بالصدور، فأُقصيَ رفاق الأمس من الناصريين والمستقلّين عن المشهد السياسي؛ حيث كانت الضربة الأعنف التي وجهتها هذه اللجنة للناصريين بقمعها غير المسبوق لمظاهرات دمشق التي خرجت بعد إعلان ميثاق الاتحاد الثلاثي بين مصر والعراق وسوريا في 17 نيسان 1963 مخلّفةً قتلى وجرحى وسُرّح على إثرها ضباط سنة بتهمة الانتماء للناصريين، إضافةً إلى تطويق دمشق بالدبابات مما اضطر الحكومة للاستقالة وتكليف صلاح بيطار بتشكيل حكومة خَلَت من الناصريين، وحُسم هذا الصراع بشكل نهائي بين اللجنة والناصريين عقب قيام الأخيرة بانقلاب فاشل مُخترق من قبل "اللجنة" راح ضحيّة قمعه 800 شخص.
2. اللجنة العسكريّة والمستقلّون:
بعد إخماد محاولات تمرّد الناصريين تابعت اللجنة العسكرية أعمال التطهير والعزل والإقصاء لشركاء الأمس، فتفرّغت للطبقة البرجوازية ولكلّ حزبٍ سياسيٍ غير "البعث"، فعملت على عزل غير المنتمين له من الجامعات والوزارات وبقيّة دوائر الدولة وتعيين بعثيين مكانهم، وحين أدرك لؤي الأتاسي -الواجهة السنية للانقلاب- أنّ التصفية ستطالُه تخلّى عن منصبه ليحلّ أمين الحافظ محلّه واجهةً جديدة لأعمال "اللجنة".
3. الجناح المدني لحزب البعث:
بقي الجناح المدني للحزب واجهةً لأعمال "اللجنة العسكرية" كما خُطّط له، واستطاعت "اللجنة" تحييد السلطة المدنية للحزب وفقًا لتوصيات المؤتمر القومي للحزب اعتمادًا على "المزايدة على عبد الناصر بالاشتراكية والثورية، واعتماد الصراع الطبقي مبدأ في الارتقاء الاجتماعي، إضافةً للدمج العضوي للطليعة الثورية والعسكرية، واعتبار البرجوازية حليفة للإمبريالية"، ليستكمل بذلك سيطرته العسكرية وسحب ما تبقى من سلطة المدنيين.
ب‌. الصراع بين أعضاء اللجنة العسكرية:
يقسّم محمد حيدر في كتابه "البعث والبينونة الكبرى" الفترة التي أعقبت انقلاب 8 آذار إلى مراحل ثلاث:
• مرحلة محمد عمران، بدأت بحركة 8 آذار 1963 حتى حركة 23 شباط 1966.
• مرحلة صلاح جديد، بدأت بحركة 23 شباط 1966 حتى حركة 16 تشرين الثاني 1970
• مرحلة حافظ الأسد، بدأت بحركة 16 تشرين الثاني 1970 وما زالت مستمرة.
تمثّل كلّ شخصية من هذه الشخصيات الحاكم الفعليّ لسوريا في زمنها، وما تبقّى من شخصيات سياسية فإنها لم تكن إلا واجهة لحكم اللجنة العسكريّة، وقد كانت أولى الصدامات الطائفية مع "أتباع اللجنة" تلك التي اندلعت في بانياس "السنيّة"، حيث نزل مؤيّدو "البعث" من الجبال محتفلين بمرور سنة على حركة 8 آذار مردِّدين عبارة "البعثيّة علويّة"، لتتحوّل المسيرة إلى صدام دامٍ طارَت شرارته إلى عدة مدنٍ أخرى أخمدتها قوات "اللجنة" بعنفٍ مفرطٍ قُصِفَت فيه مدينةٌ -لأوّل مرّة- بالدبابات والمدفعية.
تلا ذلك الصراع بين عمران وجديد، الذي سُمّي"الخلاف بين القيادة القطرية ممثلة بصلاح جديد والقيادة القومية ممثلة بمحمد عمران" حيث وقف فيها "حافظ الأسد" إلى جانب "جديد" الذي رقّاه لرتبة "آمر سلاح الجو السوري" ثم وزيرًا للدفاع لاحقًا، وعُدَّ إفشاء "عمران" لحقيقة حكمِ "اللجنة العسكرية"  لسوريّة لميشيل عفلق وقيادته خيانةً جُرّد على أساسها من مناصبه الحزبية والحكومية وأُبْعِدَ سفيرًا إلى مدريد، ليستلم رفعت الأسد رئاسة "القوة العسكرية" التي استحدثها عمران لـ"قمع الشغب" والتي ستعرف لاحقًا بـ"سرايا الدفاع".
انفجر الوضع في المدن السورية -خاصة في دمشق وحلب- بعد سيطرة جديد وجماعته على الجيش والحزب؛ وذلك بعد مراسيم تأميم المعامل والمصانع ونزول الدبابات للشوارع ومنع السفر لبعض الشخصيات وحراسة الحدود لمنع تهريب الأموال، فقمع العسكر الإضراب الدمشقي كما أعقبه مصادرة لأملاك تجار في سوق الحميدية وتحطيم أقفال المحال المغلقة التي سُلبت ونُهبت، وزادت "اللجنة العسكرية" الأوضاع اشتعالاً بإصدار "قانون الإصلاح الزراعي" بغية الاستيلاء على المزيد من الأراضي؛ فقد كانت قرارات المصادرة والتأميم تنمّ عن نوازع انتقاميّة، فحكم الثامن من آذار بطبيعته العسكرية الطائفية حكمٌ معادٍ للطبقة البرجوازية الممتدّة في سورية، وبمحاربة الانقلابيين لهذه الطبقة تهاوى الاقتصاد السوري في سابقة هي الأولى في تاريخ سورية.
كما استطاع جديد بمعونة "حافظ الأسد" قمع حركة "الضباط الدروز" الذين كانوا يخططون لانقلاب عسكريّ كُشِف من قبل "جديد" واعتقل على إثره مئتي ضابط، فغلا الجبل إثر ذلك؛ ليتوجّه وفدٌ بقيادة الرئيس "نور الدين الأتاسي" و"صلاح جديد" إلى السويداء لتهدئة الأوضاع، إلّا أن الضابط الدرزي "سليم حاطوم" -الناقم على سياسة جديد- نصب كمينًا للوفد وحاصره؛ ليسرع "حافظ" بإرسال سربٍ من الطائرات مهددًا بحرق المدينة، مما اضطّر "حاطوم" للهرب إلى الأردن، إلا أنه أُعدِم لاحقًا عند عودته للمشاركة بحرب 1967، تلت هذه الحادثة سلسلة  تسريحاتٍ كبيرة داخل الجيش؛ لتدخل سوريا حرب 1967 بعدد قليل من الضباط قليلي الكفاءة العسكرية أمام حربٍ مع إسرائيل، وقد شكّل "جديد" -في محاولة للمزايدة على عبد الناصر- منظمة "الصاعقة" من الفلسطينيين البعثيّين وأطلق يد الفدائيين للعمل داخل إسرائيل وراحت المنظمة تذيع الشعارات التي تنادي بأولوية "تحرير فلسطين" على كل المشاريع الإصلاحية والتنمية الاقتصادية، لتقوم إسرائيل أخيرا في 5 حزيران بقصف طائرات سلاح الجو السوري وهي جاثمة على الأرض، ورد الجيش السوري بقصف سهل الحولة دون أن يدخل الأرض، كما شنّت اسرائيل هجومًا على التحصينات السورية في مرتفعات الجولان فأصدرت وزارة الدفاع أمرًا بالانسحاب الكيفي أتبعته القيادة السورية بالإعلان عن سقوط القنيطرة في 9 حزيران، بينما لم يدخلها العدو حتى 11 حزيران!
كان المتوقع من القيادة "البعثية" أن تحاسب المتسببين بهزيمة 1967، إلا أنها بعد قرار الكنيست ضمّ "الجولان" إلى الدولة العبرية عام 1981 كرّمتهم ورقّت رُتبهم معتبرةً عدم قدرة إسرائيل على إسقاط الحكومة التقدّميّة نصرًا مؤزرًا. 
برز على الساحة صراع بين مدنيي حزب البعث وبين عسكرييه بعد أحداث الجولان، تجلى بعدّة مظاهر أبرزها:
-ترسيخ عسكرة المجتمع السوري عبر دروس التربية العسكرية في المدارس، ومنظمة طلائع البعث، وشبيبة الثورة، والاتحاد العام للطلبة، وإنشاء اتّحادات العمال والفلاحين والحرفيين. 
- إزاحةِ حافظ الأسد لـ "أحمد سويداني" بحجة أنه دون المسؤولية في حرب آذار ووضع رجله المخلص مصطفى طلاس مكانه إضافة إلى إبعاده "أحمد المير" وتعيينه في سفارة مدريد.
-إغلاق الجيش في وجه الحزب من قبل حافظ الأسد عام 1968، وتأسيس تشكيلات عسكرية ستغدو عام1970 وحدات عسكرية مستقلّة مستندة لأسس طائفيّة وقبليّة وعائليّة.
-تعيين صلاح جديد لعبد الكريم الجندي مسؤولًا عن مكتب الأمن القومي حيث أصبح ركيزة مهمة وأساسية للقيادة السياسية في سوريا، إلا أن الاستقلال والنفوذ الذي مارسه حافظ الأسد جعلت منه ندّا لجديد، فبدأ الاثنان صراعًا محمومًا على السلطة عام 1968م.
توجه حافظ بتاريخ 25 شباط 1969 -بتحريض من أخيه رفعت- تحت ستار استنفار عسكري ردًا على الغارات الاسرائيلية ليعزل رجال جديد ويحكم سيطرته على مباني الإذاعة والتلفزيون والصحف، إضافةً لضربه أجهزة مخابرات "الجندي"، الذي أقدم على الانتحار إثر تفاقم الوضع العسكري، كما بقيت القيادة الحزبية والرسمية ممثلة برئيس الدولة الأتاسي والأمين القطري لحزب البعث صلاح جديد بلا أيّة وسيلة إعلاميّة للبلاد. 
يشير الكاتب إلى وجود صلة بين تنامي نفوذ "الأسد" وانعقاد قمة"يالطا2" التي تُعَدُّ مقايضة تنازل فيها السوفييت للولايات المتحدة الأمريكية عن الشرق الأوسط مقابل تنازل الأخيرة عن فيتنام والهند الصينية للأولى، لتحصل إثر هذا الاتفاق سلسلة تغيرات جوهرية أعادت رسم خريطة المنطقة. 
ج. حسم الصراع على السلطة وبدء المرحلة الثالثة "حافظ الأسد":
يثير الكاتب سؤالًا مفتوحًا حول إعلان الأسد اعتلاء السلطة؛ إذ تشير المعطيات أن الصراع حُسم لصالح الأسد عام 1969، إلا أن توقيت الإعلان عنه رئيسًا للبلاد تزامنَ مع موت جمال عبد الناصر وصعود السادات في مصر والقذافي في ليبيا والنميري في السودان، فهل كان الأسد ينتظر هذه الأحداث ليبرز على السطح أم أنّ أمورًا خفية أعقد من ذلك تقف وراء توقيت الإعلان؟
استقال نور الدين الأتاسي في 18 تشرين الاول من جميع مناصبه في الحزب والدولة بعد أن زُج بالقوات السورية إلى الأردن لحماية المقاومة الفلسطينية في حربها مع الملك حسين، والتي انتهت بمذبحة بحق القوات السورية، فانعقد على إثرها المؤتمر الاستثنائي العاشر لحزب البعث في دمشق الذي صدر عنه قرار إعفاء وزير الدفاع الأسد ورئيس أركانه طلاس من منصبهما وتكليفهما بمهام حزبية في البعث، لكن الواقع العسكري كان على نقيض ذلك، حيث توقّع "الأسد" انحياز أعضاء المؤتمر لـ "جديد" وأتباعه فقام في صباح 13 تشرين الثاني بإحكام قبضته العسكرية حين أمر باحتلال مكاتب القسم المدني للحزب واعتقال "جديد" و"الأتاسي"، حيث فرّ أعضاء المؤتمر إثر ذلك إلى لبنان معلنين معارضتهم النظام من هناك.
أعلن الأسد نفسه حاكمًا فعليًا للبلاد من غير أن يُشكّل أيّ حزبٍ أو قوةٍ تهدّد النظام القائم، فسلسلة التصفيات وقوائم التسريح بحق الضبّاط السنة والدروز والاسماعيليين والتي طالت أيضًا الطائفة العلوية المعارضة لحكمه؛ ضمنت بقاءه وحده في السلطة؛ إضافة لذلك فقد امتنع الأسد عن وضع ثقته في غير أفرادٍ مقربين منه؛ ولأنّ تحدياتٍ له برزت من ضمن الطائفة العلوية نفسها كانت حاشيته مكوّنة من العائلة والقبيلة والقرية، حيث شغل إخوته الخمسة مراكز في الحزب والجيش والمؤسسات الحكومية، أمّا الضباط السنّة كـ"مصطفى طلاس، وناجي جميل، يوسف شكور" فقد استطاعوا فرض سيطرتهم ما داموا خاضعين لسلطة الرئيس، وربما كان تعيينهم بغرض التهدئة، وتخفيف النقمة على العلوية الذين تملّكوا المناصب في الجيش والمؤسسات.
ثانيًا: الملامح الرئيسية لسلطة النظام الجديد:
ككل النظم الانقلابية كانت أولى خطوات الأسد هي إعادة هيكلة الحزب من الصفر، وتصفية المنتمين لمن قبله، كما أصدر الأسد حُكمًا غيابيًا بالإعدام بحق ميشيل عفلق وأمين الحافظ اللاجئين في العراق، ليقطع بذلك كل صلة للحزب المؤسس حديثًا بالحزب القديم.
وكان من أكثر الأمور حساسيّة والتي ضمنت له -إضافة لعوامل أخرى سيأتي ذكرها- ثباتًا ودوامًا؛ توسيعه قاعدة الحزب عبر إدخال مجموعات مضمونة الولاء له، ليبلغ عدد أعضاء الحزب 374.000 عام 1981، ومليون عضو عام 1992، ومليون وأربعمائة ألف عام 2000. 
وكان تشكيله الجبهة الوطنية التقدمية التي ضمّت مجموعة تنظيمات وأحزاب هشّة حركة ليس لها دور سوى التمويه والتزيين لحكم الحزب الواحد، واعتمد منظومة استفتاءات صورية لشرعنة حكمه، أتبع ذلك بإقرار دستور عام 1973 الذي منحه الصلاحيات التنفيذية والتشريعية والقضائية كافّة.
اتّبع الأسد سياسة جديدة مكّنته من الإمساك بعدّة أوراق ضمنت له تثبيتًا ومتانةً لحكمه عبر انفتاحه على البرجوازية السنية في دمشق انفتاحًا تجاريًا لم يَرقَ إلى انفتاحٍ سياسيٍ يجيز إقامة تنظيماتٍ وأحزابٍ تنطق باسم هذه البيئة، وانفتاحٍ خارجيٍ جمع بين صداقة موسكو الشيوعية والرياض الإسلامية.
أ‌. الزعيم التاريخي المقاوم:
لم يبقَ للأسد بعد إبعاد خصومه وإمساكه البلاد بقبضة حديدية، إلا افتعال حدث يحوّله لزعيم تاريخي تعيد له هيبته، فكانت حرب استعادة الجولان التي كان ضحيتها السوري أولًا وآخرًا، اقتربت إسرائيل في هذه الحرب من دمشق وانتهت بتوقيع اتفاق برعاية وزير الخارجية الأمريكي يفصل بين القوات في الجولان، وأعاد إلى سورية بعضًا من أراضيها المحتلة في القنيطرة، ليتمّ إثر ذلك تكريس فكرة "الزعيم التاريخي" وتكريس البلاد بوصفها "وظيفة استراتيجية" أكثر منها وطنًا وتجمّعًا، وغدا السؤال عن الاقتصاد والسياسة والتعليم والصحة يرقى إلى اعتداء على التفاني القومي للزعيم التاريخي المقاوم.
ب‌. هَرَم السلطة:
عمل النظام على تثبيت أركانه عن طريق بناء هرم للسلطة هو الرأس فيه، والمحاسب والقائد، مُملكًا بذلك نفسه سلطة تطال كل مؤسسات الدولة المدنية منها والعسكرية، تكوّن الهرم من مستويات أربع يحاسِب الأول الثاني ولا يحاسَب وهكذا على هذا الترتيب: 
• المستوى الأول يسيطر عليه الأسد بالكامل: يتعلق بأمن النظام، أجهزة الاستخبارات، والجيش، والسياسة الخارجية.
• المستوى الثاني: يضم رؤساء الأجهزة الأمنية وفروع الاستخبارات الذين يعملون بشكل مستقل الواحد عن الآخر، ويعتبر هؤلاء عيني الأسد وأذنيه، والمعلومات المتداولة فيها من أسرار الدولة العليا، إضافة إلى قواد الوحدات العسكرية دروع النظام العسكرية والوحدات الخاصة، والهدف من جمع وحدات النخبة مع أنظمة الأمن والاستخبارات؛ جعلها متنافسة فيما بينها، فتُشغل بذلك عن التطلع للسلطة.
• قيادة حزب البعث: حيث لا تقارن قوّة أي قيادة من قياداتها بقوة رؤساء أجهزة الأمن أو قوّاد فرق النخبة.
• المستوى الرابع: الوزراء والمديرون العامون ومختلف أجهزة بيروقراطية الدولة ومجالس الإدارة المختلفة، ويُسمح بهذا المستوى بقدر من النقاش والتداول، أو النقد خفيف اللهجة بشكل لا يتعارض مع سياسة الأسد ومصالحه.
ت‌. الدور السوري خلال الحرب الأهلية اللبنانية:
بعد أن أخذت القيادة السورية الضوء الأخضر من إسرائيل عن طريق اتفاقية كسينجر، دخل الجيش بشكل رسمي إلى لبنان عام 1976، ارتكب خلالها فظائع لا تقلّ وحشية عن تلك التي ذاقتها المدن السورية المعارضة له، حيث كان الهدف من الحملة ضرب الحركتين "الوطنية اللبنانية"، و"المقاومة الفلسطينية"، إضافة إلى مكاسب مادية كبيرة تشكّلت عن طريق خطوط التهريب على الحدود السورية اللبنانية ضمن عمليات منظّمة ومؤسسات تابعة لكبار الضباط والمسؤولين في النظام السوري، ساهمت عمليات التهريب المنظمة بازدياد الشرخ بين طبقات المجتمع فأعدمت الطبقة الوسطى على حساب ظهور طبقة فاحشة الثراء.
شكّل التدخل السوري في لبنان لقمع المقاومة الفلسطينية صدمة لدى السوريين، لتنطلق احتجاجات قادتها فصائل المعارضة السورية المتبقية، قابلتها القوات السورية بعنف مفرط ترافق مع قمعهم لحركة الإخوان المسلمين انتهت بمجزرة حماة 1982.
ث‌. الثورة الخمينية:
كانت الحرب العراقية الإيرانيًة 1980إخطارًا لإسرائيل بخطورة العراق عليها، فعمدت إسرائيل في سبيل إضعاف الدور العراقي إلى تسليح إيران بمباركة الإدارة الأمريكية، فتمّت في عهد "ريغان" أكبر صفقة بيع للسلاح بين إسرائيل وإيران، في الوقت الذي تُظهر إسرائيل وأمريكا امتعاضًا ظاهريًا من حكومة طهران انتهت بوضع الأخيرة عام 1984 على قائمة الدول الداعمة للإرهاب، استمر ذلك حتى عام 1986 ليكشف برنامج التسليح هذا في فضيحة مدويّة هزّت الشارع الأمريكي وصارت حديث الإعلام عُرفت بـ"فضيحة ايران- غيت"، انسحبت إدارة ريغان على إثرها مضطرة من لبنان وأوقفت تسليح طهران.
أمّا عن الموقف السوري مما جرى فقد أخذت سورية دور الملمّع للسمعة الإيرانية على اعتبار أن الأخيرة تعادي أمريكا وإسرائيل، كان الفارق الوحيد بين سوريا وإسرائيل في دعمهما لإيران؛ علنية التأييد التي اتبعها النظام السوري، في حين عملت إسرائيل على تسليحها بالخفاء.
ج‌. الصراع بين الأشقاء على السلطة:
تضع الدول عادة خططًا للقضاء على الفساد أساسها محاسبة الفاسدين، إذ أن الفساد عادة يكون هامشيًا بحيث يسهل على الدولة إصلاحه أو تقويضه، لكن الفساد الذي استشرى في سوريا في ظل حكم البعث، كان خارج هذا التصنيف فهو أساس وجود نظام الحكم ومرتبط به ضرورةً، وأيّ محاولة للقضاء عليه أو تأطيره يهدد هيكل النظام ووجوده، فمن العسير مثلًا محاسبة النخبة العسكرية الفاسدة المحسوبة على حاشية الرئيس، وبلغ الفساد مبلغه حين كوّن الضباط العلويون الأثرياء نوعًا من الائتلاف مع البرجوازية الثرية في دمشق من السنة والمسيحيين كاشفًا بذلك عن فساد علني ولّد شعورًا لدى المنتفعين من نظام البعث من غير طائفته بأن مصالحهم مرتبطة ارتباطًا وثيقًا ببقاء نظام البعث، وكلّما ازدادت درجة القرابة بالحاكم ازدادت نسب الفساد واستحال الحساب، فكان رفعت الأسد أبرز وجوه الفساد حيث أسّس شركات واستثمارات ضخمة وتزعّم عمليات السرقة التي تتم بين سوريا ولبنان، وتقلّد مناصب عدّة ليصل فساده إلى كل مؤسسات الدولة لعلّ  أكثرها كارثيّة؛ منصب رئيس مكتب التعليم العالي، حيث فرض على الجامعات قبول أعداد كبيرة من الطلاب للأفرع العلمية دون النظر إلى معدّل درجاتهم، وقُبل الطلاب في الجامعات بناء على انتماءاتهم الطائفيّة والحزبيّة واستبدل أكاديميي الجامعات بآخرين بعثيين مضموني الولاء، ليصل بلاء البعث والعسكرة إلى المؤسسة التعليمية، أمّا الأخ الثاني "جميل الأسد" فقد كان فساده من نوع آخر، حيث شكّل جمعية أسماها "جمعية علي المرتضى"، عملها دعوة الناس للعودة للمذهب العلوي، فهم علوية بالأصل لولا إجبار الدولة العثمانية لهم على ترك مذهبهم، حُلّت هذه الجمعية بأمرٍ من حافظ الأسد عام 1983م، ضمن الحملة التي شنّها على المنافسين لحكمه من عائلته.
ح‌. وراثة العرش الواهمة:
بلغ الصراع ذروته بين حافظ ورفعت عقب مرض الأول وتشكيله للجنة سداسية مؤقتة تدير شؤون البلاد؛ حيث ضمّت أربعة مدنيين ليس من بينهم علويّ؛ فأثارت سخط العسكريين من قادة النخبة فقامت بضم رفعت الأسد إليها، مما يعني إبطال دور اللجنة السداسيّة وجعل رفعت جزءًا من القيادة الحاكمة، وهو إغراء بالسلطة لم يكن رفعت ليقاومه خاصّةً أنّه الرجل الأمني الثاني في النظام نتيجة تشكيله لسرايا الدفاع التي كانت تنتشر حول دمشق، ولم يكن حافظ ليتماثل للشفاء حتى أمر علي دوبا بمراقبة ضباط رفعت، ووجّه الدبابات والجنود لوسط العاصمة في محاولة لخلق حالة من التوازن مع سرايا رفعت، ولم يكن رفعت ليتوقف عن تصرفاته الفردية التي زادت في الشرخ، فدفعت "حافظ" لتقويض سلطته عن طريق تجريد مسؤول الأمن في سرايا الدفاع من مسؤولياته.
وكان من ضمن قرار حافظ -مدعومًا من موسكو- تعيين "خدّام"- عدوّ رفعت- نائبًا أول لرئاسة الجمهورية، إضافة إلى رفعت نائبًا ثانيًا وسحب قيادة سرايا الدفاع منه لصالح محمد غانم، إلا أن هذه القرارات كانت فوق احتماله فضلًا عن تنفيذها، فأمر سرايا الدفاع صباح 13 آذار 1984 بالتحرّك لقلب دمشق والانقلاب على أخيه مما دفع حافظ الأسد للذهاب إلى رفعت ومفاوضته إلى أن توصلوا إلى حلٍ يحفظ مصالح رفعت وأملاكه ويبقيه في منصبه نائبًا للرئيس. 
لقد أدرك الأسد أن سرايا الدفاع تجاوزت قوّتها الحد المسوح به فعمد إلى تقويضها وأعاد هيكلتها هيكلة كاملة، وأصبح الثقل الحقيقي لحماية النظام متمثلًا بالحرس الجمهوري والقوات الخاصة، لينتهي بذلك عهد رفعت الذي سافر مع حاشيته وعائلته الى سويسرا ومن ثم فرنسا التي استقر بها، وبقي بمنصب نائب الرئيس إلى أن جرده منه الأسد عام 1998 لإبعاده عن طريق توريث الحكم لأولاده.
ثالثًا: تطور الاحداث بين عامي 1984-2000
أ‌. الصعيد الخارجي: 
شهدت هذه الفترة تغيرات جذرية كان منها نتاج زرع الأسد "المثمر"، تمثلت بتدعيم الوجود السوري في لبنان، وضرب القوى الفلسطينية الموالية لعرفات، وميل كفّة الحرب بين العراق وإيران لصالح الأخيرة، أمّا التحدّي الحقيقي الذي واجهه؛ كان التهديد التركي باجتياح الأراضي السورية عام 1998 إن لم تسلّم السلطات السورية عبد الله أوجلان أو تبعده عن المنطقة، فامتثلت السلطة السورية للتهديدات فأبعدت "أوجلان" مع تنازل الطرف السوري للتركي عن لواء إسكندرون.
ب‌. الصعيد الداخلي:
 تمكّن الأسد من إقصاء رفعت وكل ما من شأنه تهديد وجوده، في محاولة منه لجعل الحكم وراثيّا، إلا أن وفاة باسل الأسد الوريث المرتقب لحافظ، غيرت الوريث من باسل إلى بشار الذي استُدعي من بريطانيا وتمّت تهيئته للمرحلة القادمة.
أمّا الاقتصاد فكان أكبر المتضررين من سياسة البعث، فبعد قرارات التأميم واعتماده الكلّي على الدعم الخارجي ونتيجة للفساد الضارب في جذور الدولة، كانت النتائج الكارثية تظهر إلى السطح على شكل تراجع في النمو الاقتصادي، وارتفاع النمو السكاني، إضافة إلى هبوط مستوى دخل الفرد، وارتفاع الأسعار، وارتفاع نسبة التضخم، وانحدار الطبقة الوسطى التي تعتبر عماد المجتمع السوري، حيث قُسم المجتمع إثر ذلك إلى طبقة فاحشة الثراء تمسك ما يقدّر بـ 80% من مقدرات البلاد، وأخرى هبطت تحت خط الفقر.
رابعًا: الاقتصاد السوري بين 1963-2000
يعقد الكاتب مقارنة بين التوقعات التي رصدها الخبراء لسوريا قبل البعث وبعده:
• بعد الاستقلال، قبل البعث:
شكّلت سورية -بمساحتها الصغيرة وعدد سكانها القليل مقارنة بثرواتها الطبيعية، ومكانها الجغرافي الاستراتيجي- النموذج الحلم للدولة الصغيرة الغنية المتقدمة، وقد بدأت بتطبيق تلك المشاريع بعد الاستقلال بصورة ناجحة.
• بعد حكم البعث: تتجلّى فداحة الجريمة التي ارتكبها البعث بحق الاقتصاد السوري عبر النقاط الآتية:
-التأميم.
-استملاك الأراضي ومصادرتها
- تعيين الموظفين في الدولة على أساس الطائفية لا الأفضلية.
-حالة الفوضى نتيجة الصراع على السلطة.
-تحطيم الطبقة البرجوازية، والطبقة الوسطى.
-الاعتماد على المعونات الاقتصادية التي تدفقت عقب حرب تشرين اعتمادًا شبه كلّي دون الاستثمار في مشاريع منتجة أو داعمة للاقتصاد.
-تآكل حزام الغوطة الأخضر.
-هجرة أهل الريف إلى المدينة طلبًا لوظائف الجيش والدولة.
-قلة التخطيط ودراسة الجدوى الاقتصادية أو انعدامها.
لتتحول بذلك سوريا من دولة كانت تسير على طريق الدول الحضارية المتقدمة لدولة ترضخ تحت تخلف مركب.
 
خامسًا: مات الرئيس "الأب"، عاش الرئيس "الابن"
أ‌. الأسد الابن ومطابقة الأب: 
لم يكن لمسرحية صعود الأسد الابن وتوريثه الحكم؛ أن تشكل فارقًا يذكر عند الشعب السوري الذي فُجع بأعمال الأسد الأب ولم يعد يعلّق الآمال على البعثيين، إلا أنّ خطاب القسم عام 2000 الذي ذكر باقة من الإصلاحات جعلت الشعب يتمسك به كتمسك الغريق بـ"القشة"، فأُسست منتديات ثقافية وسياسية دعت لحرية الرأي وحرية الصحافة والإصلاح السياسي وتأسيس الأحزاب، لكن الأسد الابن لم يكن ليخيب ظنّهم بالبعث وخبرتهم الطويلة به، فأغلِقت تلك المنتديات بعد عدة سنوات على تأسيسها وتمت ملاحقة أفرادها، كما شهد عهده مجزرة صيدنايا وقمع لتظاهرات الأكراد .
اتضح إثر ذلك أن بشار الأسد صورة مطابقة لسلفه، حيث اتبع سياسته واقتفى أثره خطوة بخطوة؛ فأورث ماهر عن رفعت قيادة سرايا الدفاع التي عُرفت فيما بعد بالفرقة الرابعة، وعيّن زوج أخته آصف شوكت مراقبًا ومنسقًا بين الأجهزة الأمنية، مُسلمًا بذلك مناصب اليوم لأبناء أصحاب مناصب الأمس.
ب‌. الاقتصاد السوري خلال العقد الأول من القرن الحالي 
يعمد الكاتب في محاولة منه لشرح فجاجة الواقع الاقتصادي السوري إلى مقارنة معدل دخل السوري بغيره في المنطقة نفسها، فيذكر على سبيل المثال أن معدل دخل الإسرائيلي بلغ نحو 24.000$، والأردني 4.700، أما المصري 3.900، إلا أن السوري كان 3.000$، كما بلغت معدلات البطالة 20%، أي مليون ومئة ألف فرد أغلبهم جامعيون، وهذه النسبة لا تشمل معدلات البطالة المقنعة، إلا أن إيران أدّت دورًا هامًا في استقرار الوضع الاقتصادي -على سوئه- عن طريق بيعها النفط لسوريا بسعر أرخص من السوق، والاستثمارات الاقتصادية والسياحة الدينية، إضافة إلى أن هجرة أعداد كبيرة إلى الخارج ساهمت بخفض نسب البطالة التي كانت ستتضاعف بشكل مرعب لولاها، كما شكّلت حوالات المهاجرين لذويهم في الداخل عصًا أخرى للنظام يتوكّأ عليها حتى حين.
يسهب هذا الكتاب برسم الصورة التاريخية للأحداث المفصلية التي شكّلت سورية اليوم، مقدمًا بذلك وثيقة تاريخية ميسّرة تعين الباحثين والدارسين لتاريخ سورية الحديث في فهم تلك الحقبة، عبر تحليل الأسس والمرتكزات التي اعتمدتها سلطة البعث العسكريّة التي جعلت منه سرطانًا طال مؤسسات الدولة كلّها فعسكرها وجيّرها لمصلحته، فلم تسلم من هذه العسكرة المؤسسات الخدمية والتعليمية والدينية، مخلّفة بذلك نتائج كارثيّة تجرّعها السوريّ طوال عقود، عبر اقتصادٍ مدمّرٍ كرّس لانقسامات طبقيّة مهولة جعلت القسم الأكبر من الشعب السوري يرضخ تحت خط الفقر، مقابل تصاعد لطبقة فاحشة الثراء محسوبة على النظام، وفي غياب شبه تام للطبقة الوسطى التي قوضتها قرارات البعث، كذلك عرض الكتاب لصعود الأسد للسلطة بعد تصفية كل معارضيه بإبعادهم واعتقالهم وإخماد أي حركة تهدد وجوده بعنف مفرّط، مكرّسًا بذلك الجيش وأجهزة الاستخبارات لهذه الغاية، وعن ارتهان الأسد لأوامر الدول النافذة التي وجّهته إلى ضرب لبنان والمقاومة الفلسطينية، كان أبرز تلك الوظائف التي أوكلت إليه، حراسة الحدود الإسرائيلية.  
والكتاب إذ يعرض الأحداث مرتبة بترتيب زمني فإنه يدفع القارئ لعقد مقارنات بين سوريا قبل البعث وبعده، وبناء تصورات للحالة الحضاريّة التي كان من الممكن أن تبلُغها سورية لولا تحكّم البعث بالدولة ومقدّراتها، كما يقدّم أجوبة عن ماهيّة الأسباب التراكميّة التي أفرزها الحكم البعثي بمراحله في اندلاع الثورة السورية عام 2011.