المساعدات الإنسانية إلى سورية
ديسمبر 30, 2022 2452

المساعدات الإنسانية إلى سورية

حجم الخط

عقد مركز جسور للدراسات الخميس 29 كانون الأول/ ديسمبر 2022، ورشة عمل شارك فيها نخبة من الخبراء العاملين في الشأن الإنساني، وباحثون وإعلاميون متابعون لموضوع آلية دخول المساعدات الأممية إلى سورية، وكانت الورشة عَبْر برنامج الاجتماعات الافتراضية زووم (zoom).
تأتي هذه الورشة بعد قرار مجلس الأمن 2664 (2022)، الذي يُعفي مقدمي المساعدات الإنسانية من أي جزاءات أو إجراءات تجميد أصول كانت تخلق عائقاً أمام أعمالهم المنقذة لحياة المحتاجين في الميدان. وقد لاقى هذا القرار ترحيباً دولياً، لا سيما من الولايات المتحدة التي أعلنت أنها أول مَن التزم بتنفيذه بعد إصدار التراخيص العامة أو تعديلها لضمان وصول المساعدات الإنسانية بسرعة وثِقَة أكبر.
كما جاءت هذه الورشة قُبيل انتهاء فترة تمديد آلية دخول المساعدات الأممية عَبْر الحدود إلى سورية؛ حيث كانت هذه الآلية تُمدّد سابقاً مدّة 6 أشهر فقط، مع ضغوط روسية على المشاريع الغربية لتمديد القرار.
بدأت ورشة العمل بترحيب محمد سرميني المدير العامّ لمركز جسور للدراسات بالمشاركين ووضعهم بين يدَي الموضوع وأبعاده الإنسانية والسياسية؛ حيث يتأثر الجانب الإنساني المستنزَف في جميع مناطق سورية بالتفاهمات السياسية والعلاقات بين الفاعلين الدوليين، سواء في سورية أو في المنطقة والعالم.
وقد ناقشت ورشة العمل خلال 3 ساعات المحاور الرئيسية التي كانت مُجدوَلة في الدعوات التي وُجِّهت للمشاركين، وهي:
1. آثار القرار 2664 (2022) على الوضع الإنساني في سورية.
2. آلية دخول المساعدات الأممية عَبْر الحدود، والبدائل المتوفرة أو الممكنة.
3. التوجُّه الدولي لتوسيع الدعم الإنساني مع عدم وجود حلول سياسية.
وخلال الحوارات ومداخلات المشاركين تم الحديث عن أهمية القرار الأممي الجديد 2664 (2022) والإعفاءات والتسهيلات التي يتضمنها، لكن يُلاحَظ -كما العادة في القرارات الأممية- أنّ القرار "فضفاض" بحَسَبِ وصف المشاركين، ويحتاج إلى إرادة دولية وإجراءات عملية ليكون له تأثيره المباشر في تخفيف المأساة الإنسانية، وخاصة في أماكن النزوح والمخيمات شمال غرب سورية.
من جانب آخر، كان الحديث عن قرار الأمم المتحدة 2664 متصلاً بالحديث عن القرار 2642 الصادر في تموز/ يوليو 2022 والذي يُمدد آلية دخول المساعدات الأممية من معبر باب الهوى شمال إدلب 6 أشهر تنتهي في النصف الأول من كانون الثاني/ يناير 2023). 
وتوقَّع المشاركون أن قرار الإعفاءات يُسهِّل وجود البدائل عن الآلية الحالية للدعم الإنساني الموجَّه للمناطق الخارجة عن سيطرة النظام، وبالتالي فإن أغلب الظن أن روسيا والصين ذاهبتان لتمديد آلية دخول المساعدات عَبْر الحدود مجدداً، والسبب الرئيسي في ذلك أن موضوع دخول المساعدات عَبْر الحدود هو ورقة تفاوُض وضغط مهمة، لن تذهب روسيا إلى فَقْدها والاستغناء عنها.
وتناولت الورشة الجانب القانوني في آلية دخول المساعدات الأممية عَبْر الحدود؛ حيث أفاد الحقوقيون المشاركون والذين يعملون على الملف بأن الأمم المتحدة ليست بحاجة لقرار من مجلس الأمن لإدخال المساعدات عَبْر الحدود في مناطق النزاعات التي تشهد تهديدات إنسانية، ولا سيطرة للحكومات المركزية فيها أو أن هذه الحكومات تعرقل وصول المساعدات إليها، وهناك دول أدخلت الأمم المتحدة المساعدات إليها عَبْر الحدود دون الحاجة لقرار من مجلس الأمن.
لكن بالطبع فإن القرار الأممي أفاد سابقاً ويفيد حالياً في حماية قوافل المساعدات والعاملين في المجال الإنساني من التعرض للاعتداء أو القصف الجوي، كما كان يحصل قبل استصدار القرار أول مرة في عام 2014 (القرار الأممي رقم 2165).
وقد أكد المشاركون على ضرورة العمل "السوري السوري" لخلق البدائل وتفعيلها، خاصة مع الحديث عن عدم وجود مؤشرات لتوسيع الدعم الإنساني المقدم إلى سورية، رغم ازدياد الاحتياجات بشكل كبير جداً ورغم المآسي المستمرة؛ لعدم وجود حلول سياسية أو أي تقدُّم مُتوقَّع في المسار السياسي الذي يفترض أنه لتخفيف المأساة عن المدنيين.
وانتهت ورشة العمل بالتأكيد على أن المساعدات الإنسانية المُقدَّمة عَبْر الأمم المتحدة مهمة رغم عدم كفايتها، وأن سورية هي واحدة من 38 دولة في العالم تُقدَّم لها المساعدات الأممية، والسوريون بجميع منظماتهم الإنسانية والناشطين في المجال الإنساني مَعنيُّون باستمرار هذه النقاشات فيما بينهم ومع الفاعلين من المانحين ومن المنظمات الدولية، وفي مقدمتهم الأمم المتحدة؛ لخلق فرص وآليات تخفيف المعاناة عن المدنيين، وتحقيق التنمية والإنعاش في المجتمعات السورية وليس فقط الاستجابة الطارئة، وهذا يحتاج إلى عمل وجهد كبير ومستمر لسنوات عديدة.