الأمم المتحدة تحسم مكان عقد اللجنة الدستورية السورية
حسمت الأمم المتحدة الجدل الذي دار مؤخراً حول مكان استئناف أعمال اللجنة الدستورية السورية، بعد الاقتراحات التي طُرحت لعقدها في مسقط أو القاهرة أو الكويت أو غيرها من عواصم ومقرّات للأمم المتحدة غير جنيف.
في الإحاطة التي قدمتها نجاة رشدي نائبة المبعوث الخاص أمام مجلس الأمن في 29 حزيران/ يونيو 2023، أكدت أنّ غير بيدرسون يواصل جهوده لاستئناف عمل اللجنة الدستورية في جنيف، وأنّه يتواصل مع جميع الأطراف لهذا الغرض، وأنه لا بد من تجاوز القضايا التي تحول دون انعقاد اجتماعاتها.
ومن شأن استمرار انعقاد اللجنة الدستورية في جنيف أن يقطع الطريق أمام مساعي دمج مسار الإصلاح الدستوري بمسارَي التطبيع العربي أو التركي مع النظام السوري، وأن يبقيها تحت رعاية وإشراف الأمم المتحدة، وبالتالي استمرارها بموجب القرار 2254 (2015). مع ذلك، أظهرت الأمم المتحدة نظرة إيجابية لمسارَي التطبيع العربي والتركي مع النظام؛ حيث اعتبرت أنّهما يمثّلان دبلوماسية متجددة تسهم في بناء بعض الثقة بين أطراف النزاع والمضي قدماً نحو حل سياسي وفق القرار 2254.
لكن، رغم قرار الأمم المتحدة، من غير المتوقع أن تعود روسيا عن موقفها في تعطيل عقد اللجنة الدستورية، ومنع وفد النظام من الحضور إلى جنيف، إلا بعد تلبية شروطها في رفع العقوبات المفروضة على تنقل دبلوماسييها على خلفية غزو أوكرانيا.
في ظل هذا الاستعصاء، يبقى أحد الحلول المطروحة هو ترك نظام الجولات الدستورية والانتقال إلى نظام فرق العمل برعاية المبعوث والتي تركز على القضايا السياسية مثل الدستور والانتخابات والقضايا الإنسانية وتدابير بناء الثقة مثل ملف المحتجزين، إضافة إلى تفعيل فرق العمل المعنية بوقف إطلاق النار، وايصال المساعدات الإنسانية. وقد ورد هذا المقترح في ورقة مجموعة الدول الخمس المصغرة المنشورة في 26 كانون الثاني/ يناير 2018، أي قبل 3 أيام من عقد مؤتمر سوتشي الذي اختُتم بالاتفاق على تشكيل اللجنة الدستورية. كانت إحدى غايات ورقة الدول الخمس منع روسيا من إنشاء مسار سياسي خارج رعاية الأمم المتحدة في جنيف إثر تعطيل مباحثاته بعد الجولة الثامنة، أي على غرار المسار العسكري الذي أنشأته روسيا في أستانا نهاية عام 2016.
في الواقع إنّ نظام فرق العمل يحلّ عقدة جنيف كمكان؛ حيث يمكن عقد ورشاتها في أماكن عديدة. لكن بسبب ضعف احتمال موافقة النظام على نظام فرق العمل مع المعارضة في ظل مكاسب التطبيع التي يحصدها، قد يعمل المبعوث الخاص على دمج نظام فرق العمل ضمن نهج خطوة مقابل خطوة، إضافة للحصول على دعم غربي روسي لها كحل مؤقت لعدم التعطيل الكامل للدور الأممي، بما يمنح المقترح فرصة أكبر للنقاش في المرحلة القادمة.
بالنتيجة حسمت الأمم المتحدة موقفها من مكان انعقاد أعمال اللجنة الدستورية بحيث تبقى قائمة في جنيف، لكنّها لم تحل بعد أسباب تعطيلها، وهو ما يُفترض أن تعمل عليه خلال الفترة القادمة سواءٌ بالاستجابة إلى شروط روسيا أم عبر نقاش مقترحات جديدة كنظام فرق العمل.