اعتراف غير مسبوق للنظام السوري باعتراض مسار دورية أمريكية في الحسكة
بتاريخ 13 أيلول/ سبتمبر 2022، اعترض حاجز لقوات النظام السوري مسار دورية عسكرية اعتيادية للقوات الأمريكيّة كانت متوجهة إلى منطقة "منصيف" جنوبي مدينة القامشلي شمال شرق سورية، مما دفعها للعودة وتغيير وجهتها دون حصول اشتباك بين الطرفين.
ورغم أنّها ليست حادثة الاعتراض الأولى إلّا أنّ تنفيذها بشكل منفرد من قِبل عناصر النظام دون مشاركة مدنيين موالين له والإعلان رسمياً عنها كان غير اعتيادي. في الحوادث السابقة والمشابهة كان إعلام النظام يحيل مسؤولية العمليات إلى الأهالي مع الإشارة أحياناً إلى مشاركة قواته فيها.
ولأول مرّة أيضاً يتم الإعلان عن أن الاعتراض جاء في "إطار المهامّ المنوطة بقوات النظام"، أي أنه لم يكن حدثاً طارئاً أو غير متعمّد بل إجراء يبدو أنه سيصبح روتينياً وضِمن أنشطة قوات النظام المنتشرة شمال شرق سورية في المرحلة القادمة.
وحادثة الاعتراض تُعتبر بالأصل عملاً استفزازياً للقوات الأمريكية، وتكرارها مستقبلاً يزيد من احتمال حصول اشتباك بين الطرفين، كما حصل في حادثة اعتراض مشابهة قام بها حاجز لقوات النظام في ريف القامشلي منتصف آب/ أغسطس 2020، ونتج عنها مقتل عدد من عناصره بعد استهدافه من قِبل المروحيات العسكرية الأمريكية.
ولا يُمكن أن تكون هذه الحادثة دون إيعاز أو موافقة على الأقل من قِبل روسيا كونها الضامن الدولي لالتزام النظام بخفض التصعيد ووقف الأعمال العدائية، في محاولة لإبداء القدرة على الاستجابة لمطالب تركيا بخروج القوات الأمريكية من سورية والذي تعتبره سبباً في تسهيل عمليات مكافحة الإرهاب.
ويُعتبر إخراج القوات الأمريكية من سورية نقطة مشتركة بين ضامني أستانا، وتتم الإشارة إلى ذلك على نحو مكرّر في الخطابات الرسمية للاجتماعات سواءً على مستوى الرؤساء أو الوفود.
ويبدو أنّ روسيا تحاول إقناع تركيا بأنّ قدرة النظام على مكافحة الإرهاب مرتبطة بخروج القوات الأمريكية أولاً، ويُمكن أن يُساهم انخراطه المستمر في الأعمال الاستفزازية ضد القوات الأمريكية في تجديد الدعوة لانسحابها من سورية وإيلاء مهام مكافحة الإرهاب له باعتباره الطرف الوحيد الذي يمتلك السيادة قانونياً.
من جانب آخر، قد تُؤدي زيادة الأعمال الاستفزازية ضد القوات الأمريكية شرق الفرات إلى تحميل الولايات المتحدة الأمريكية لقسد مسؤولية توسيع نشاط النظام وحلفائه في المنطقة، كونه قد يُعيق مهامّ قواتها في مكافحة الإرهاب، وباعتبارها المسؤولة عن تسهيل دخوله للمنطقة.
لكن حتى في حال استمرار الأعمال الاستفزازيّة ضد القوات الأمريكيّة فمن المُستبعَد أن يتورط النظام في أعمال عدائيّة مباشرة ضدها، مقارنة مع فارق القوة والتسليح بين الجانبين، لكنه لن يتوانى عن هذا السلوك كاستجابة لمطالب روسيا وإيران في رفع تكلفة البقاء في سورية على الولايات المتحدة، لا سيما في حال قيامه أيضاً بالمساهمة في العمليات الأمنية التي يتم تنفيذها ضدّ التحالف الدولي شرق الفرات والتي يُعتقد أن الميليشيات الإيرانية تقوم بتسهيلها.