معركة "تنظيم الدولة" في البادية استراتيجية لامركزية لتأمين البقاء
فبراير 26, 2021 2120

معركة "تنظيم الدولة" في البادية استراتيجية لامركزية لتأمين البقاء

حجم الخط

تحت المجهر | معركة "تنظيم الدولة" في البادية استراتيجية لامركزية لتأمين البقاء


رغم الهزيمة التي مُني بها "تنظيم الدولة" في بلدة الباغوز آخر معاقله في منطقة البوكمال في شباط/فبرير 2019، إلا أنه تمكن على ما يبدو من إعادة تجميع صفوفه مرة أخرى، حيث عاد للنشاط في عام 2020، وكثّف منذ ذلك الحين من هجماته في منطقة البادية السورية. 

وقد شهدت الأيام الأخيرة تصاعداً لعمليات التنظيم، حيث أدّت هجمات التنظيم يوم 20 شباط/فبراير 2021 إلى مقتل 8 عناصر من المليشيات الإيرانية في بادية دير الزور وحلب.
كما شن التنظيم هجمات في محيط حقل آراك النفطي ضمن بادية حمص الشرقية، وعلى نقطة حراسة لمليشيا "حرس القرى" التابعة لـ الحرس الثوري” الإيراني، على شاطئ نهر الفرات ما أدى لمقتل 4 عناصر وجرح آخرين.

يبدو من زخم النشاط الملحوظ للتنظيم أنه تمكّن من بناء قاعدة دعم لوجستي مستقرة وتأمين كافة مستلزماته من السلاح والطعام التي يحتاجها للتحرك في البادية، ويُعتقد أنه يستند إلى شبكة من العلاقات مع المهربين والبدو والمتعاملين المحليين، إضافة لفرض الإتاوات على الشركات التي تَعبرُ من طرق البادية، مثل شركة القاطرجي، وما يَكسبُه التنظيم من غاراته على المجموعات العسكرية والمدنية، إضافة لقدرته على التجنيد واجتذاب عناصر جديدة لصفوفه، مستغلاً حالة السخط من المجتمعات المحلية على التواجد الإيراني وقسد في المنطقة. 

ويبدو أن استراتيجية التنظيم في هذه المرحلة لا تهدف إلى السيطرة على المدن المأهولة والتجمعات السكانية، بسبب حالة الضعف التي يعاني منها، أي أن التنظيم تجاوز فكرة "الخلافة" التي تقتضي منه السيطرة المركزية على الأرض ونصب المحاكم وتأمين "الثغور"، إلى فكرة "جهاد النكاية" القائمة على الإغارة السريعة والكمائن والاغتنام والانسحاب من خلال مجموعات يمكنها التحرك بشكل لا مركزي، حيث تقوم بتقدير الموقف دون انتظار أوامر القيادة المركزية. 

كما لا يبدو أن تنظيم الدولة ينطلق في هذه المرحلة من أولويات محددة في تحركاته العسكرية والأهداف التي يختارها إلا أولوية القدرة على الوصول للهدف وتحقيق نوع من التمويل الذاتي من خلال عملياته، فهو يضرب بكل الاتجاهات، ويستهدف أرتال النظام وعناصر قسد والميليشيات الإيرانية، خصوصاً أن البادية السورية باتساعها تؤمن له القدرة على الوصول لأطراف واسعة من الحواضر في دير الزور والرقة وحلب وحمص وحماة، وتؤمّن له قواعد انسحاب آمنة في الجبال والكهوف المتواجدة في المنطقة. 

من المرجح أن يستمر التنظيم في التصعيد من هجماته في المرحلة المقبلة، ويساعده في ذلك الطبيعة الجغرافية الصعبة للمنطقة، والتي حدّت من نجاح العملية العسكرية التي يشنها النظام وروسيا وإيران في البادية منذ نهاية آب/أغسطس الماضي. 


 وحدة الحركات الدينية - مركز جسور للدراسات