قسد تستهدف مناهضيها بعمليّة أمنيّة واسعة في الرقة
فبراير 01, 2023 3598

قسد تستهدف مناهضيها بعمليّة أمنيّة واسعة في الرقة

حجم الخط


تشنّ قوات سوريا الديمقراطية بدعم وغطاء جوي من قوات التحالف الدولي منذ  25 كانون الثاني/ يناير  2023 ، عملية أمنية واسعة تشمل كامل محافظة الرقة ومنطقة صرّين ومحيطها شرقي حلب.        

رسمياً، تهدف العملية إلى ملاحقة واعتقال خلايا تتبع تنظيم "داعش" في تلك المناطق، بتدمير المخابئ المحتملة لهم وتفكيك شبكات التجنيد والاستقطاب. لكن عمليّاً تم أيضاً توظيف الحملة لمصادرة الأسلحة المنتشرة بين المدنيين واعتقال  مَن يحوزها، إضافة إلى اعتقال أشخاص مناهضين لسياسات قسد والإدارة الذاتية.       

من الواضح، أنّ قسد وظّفت لإطلاق العملية الاستهداف الذي تعرّض له المركز الأمني لقسد في مدينة الرقة بتاريخ  26 كانون الأول/ ديسمبر  2022 ، والذي أسفر عن مقتل  6 عناصر تابعين لها ولقوى الأمن الداخلي (الأسايش) التابعة للإدارة الذاتية.       

وبموجب العملية فرضت قسد حظرَ تجوال جزئياً وكلياً، ونفّذت حملات دهم استهدفت المنازل وأدت إلى اعتقال أكثر من 300 شخص بتهمة الانتماء لتنظيم داعش. علماً أنّه وقع العديد من حالات السرقة والنهب لممتلكات المدنيين خلال عمليات التفتيش في عدة مناطق.       

بنا ءً عليه يُمكن القول: إنّ العملية تحمل عدداً من الأهداف؛ بالنظر لحجمها ونطاقها الجغرافي وتوقيت الإعلان عنها.       

من حيث التوقيت، جاء إعلان العملية بعد  48 ساعة على الاحتجاجات التي اندلعت في مدينة الرقة للمطالبة بمحاسبة عناصر من قسد متورطين بعملية قتل معلّمة وابنتها البالغة من العمر 8 أعوام، وكانت هذه الموجة الاحتجاجية هي الأكبر التي تشهدها المدينة منذ سيطرة قسد عليها عام  2017 ، وشارك فيها المئات من أبناء المحافظة وتفاعل معها عدد من الوجهاء، لا سيما هويدي شلاش الهويدي شيخ قبيلة العفادلة أكبر قبائل المحافظة مما كان يشير لاحتمالية كبيرة  لتوسُّع نطاق وحجم الاحتجاجات.       

بمعنى آخر، تم استخدام العملية كغطاء للإجراءات الأمنية التي بدأتها قسد للسيطرة على الاحتجاجات وإنهائها من خلال اعتقال المنظمين والمشاركين فيها ومنع تكرارها عَبْر إعلان حظر التجوال المتقطّع في كافة مناطق المحافظة.       

من حيث المكان، تواجه محافظة الرقّة منذ أكثر من سنة مشاكل أمنية متفاقمة. مثل، انتشار المخدرات وعمليات السرقة والخطف بغرض الفدية والقتل ونشاط خلايا داعش؛ نتيجة تراجُع الحضور الأمني لقسد الذي تُبرّره بالضغط العسكري التركي. لكن يبدو أنّه مرتبط أكثر بتغاضي قسد عن تورُّط قياديين أمنيين وعسكريين تابعين لها في تلك المشاكل، التي يُسهم الجهاز القضائي التابع للإدارة الذاتية في مفاقمتها؛ نتيجة ضعف الأداء وانتشار الفساد والمحسوبيات داخله.       

بالتالي، تم استخدام العملية الأمنية لاستعراض القوة والحضور الأمني لقسد في محافظة الرقة، وللتأكيد على استمرار السيطرة المطلقة لها ولتشكيلاتها العسكرية والأمنية. لذا، يبدو أنّها استغلّت العملية للتغطية على حملات اعتقال استهدفت قياديين وعناصر سابقين في فصائل المعارضة السورية المسلحة، في ظل مخاوف لديها من أي احتمال للتعامل معهم كجزء من التحرك الأمريكي القائم لإعطاء دور أكبر للمكون العربي في إدارة الشؤون العسكرية والمدنية في مختلف مناطق سيطرة قسد وفي محافظة الرقة على وجه التحديد.       

من حيث الحجم، تُعتبر العملية الأمنية في الرقة هي الأوسع مقارنة مع كل العمليات التي شنتها قسد في مناطق سيطرتها خلال الأعوام السابقة، حيث كانت تقتصر على مناطق أو نوا حٍ محدّدة في المحافظات. بينما شملت هذه العملية كافة المناطق والنواحي التي تُسيطر عليها في محافظة الرقة وأجزاء من ريف حلب الشرقي.       

ويبدو أنّ قسد تريد من ذلك استعراض قدرتها والتأكيد على أهمية دورها في عمليات مكافحة الإرهاب بقيادة قوات التحالف الدولي في سورية، لتوظيف ذلك في مواجهة التصعيد التركي ودعم موقفها في المفاوضات الجارية بين حزب الاتحاد الديمقراطي والنظام السوري، الذي يُطالب بتفكيك قسد ومشروع الإدارة الذاتية.       

بكل الأحوال إن هذه العمليات الأمنية التي تطلقها قسد بشكل مستمر وغير منتظم تعكس الأسلوب الأمني الذي تُفضِّله في إدارة وضمان استمرار سيطرتها على مناطق شمال شرق سورية. كما  تُظهر حجم توظيف واستغلال شراكتها مع قوات التحالف الدولي لتحقيق مصالحها الخاصة ومواجهة خصومها الدوليين والمحليين.