النظام السوري يسعى للعودة إلى منظمة التعاون الإسلامي
قال النظام السوري في 16 تشرين الأوّل/ أكتوبر 2023 إنّ رئيس مجلس الشعب حمودة الصباغ شارك عَبْر الفيديو في "الاجتماع الطارئ لمنظمة التعاون الإسلامي" ، بدعوة من رئيس المجلس الشعبي الوطني الجزائري إبراهيم بوغالي رئيس اتحاد مجالس الدول الأعضاء في المنظمة الإسلامية، لبحث تطورات الأوضاع في الأراضي الفلسطينية والعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة .
لكنّ إعلان النظام كان مضلّلاً؛ فمشاركة حمودة الصبّاغ كانت في اتحاد مجلس الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي، وليس في اجتماعات المنظمة ذاتها، وهو يريد إيصال رسالة بأنّه استعاد عضويته المعلّقة فيها منذ عام 2012، على غرار ما حصل في استعادة عضويته في جامعة الدول العربية في أيار/ مايو من العام الجاري، والتي انعقدت في مدينة جدة.
واتحاد مجالس الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي "لا علاقة له بالمنظمة، ولا يُعتبر واحداً من أجهزتها المتخصصة، أو المتفرعة عنها، أو المنتمية لها، إنما هو اتحاد منفصل عنها، يجمع في عضويته 54 مجلساً من مجالس الشعب، أو البرلمانات للدول الأعضاء في المنظمة، حتى أن منظمة التعاون هي مَن انضمت كعضو مراقب عام 2001 إلى هذا الاتحاد الذي تم تأسيسه في 17 حزيران/ يونيو 1999 في العاصمة الإيرانية طهران، التي تم اختيارها مقراً دائماً له.
استمرت عضوية النظام في الاتحاد، ولم يتم تعليقها فيه تبعاً لقرار تعليق عضويته في منظمة التعاون، لكن حضوره المؤتمرات كان يتبع علاقته الثنائية مع الدول المستضيفة؛ حيث تم منعه من حضور المؤتمرات التي عُقدت في السودان عام 2013 وتركيا عامَيْ 2015 و2021، فيما حضر مؤتمرات إيران عام 2014 و2018 والعراق 2016، وعلى هذا الأساس تمت دعوته للمشاركة في المؤتمر الطارئ عام 2023 كونها ترأست الجزائر الدورة الجارية للاتحاد.
في الواقع ما تزال مساعي النظام وحلفائه قائمة لاستعادة عضويته في منظمة التعاون الإسلامي، فبعد استعادة مقعده في الجامعة العربية دعا رمضان عبد اللطيبوف ممثل روسيا الدولة المراقب في المنظمة إلى إعادة النظام إليها، وقال: إن روسيا ستدعم مثل هذا القرار، وستقدم المساعدة اللازمة لذلك إنْ لزم الأمر. لكن رغم مرور أكثر من 5 شهور على قرار إعادة النظام للجامعة العربية، فإن موضوع عضويته في منظمة التعاون الإسلامي لم يتم مناقشته بعد.
لا توجد عوائق كبيرة بشأن عودة النظام لعضوية المنظمة، بعد مسارَيْ التطبيع العربي والتركي معه، إلا أن سلوك النظام، وعدم استجابته للمطالب الأمنية والإنسانية والسياسية في المسارين ينبغي أن يشكّل عائقاً ما أمام مثل هذه العودة وإنْ كانت تُعتبر رمزية، أكثر من كونها ذات أبعاد وتَبِعات سياسية، فموقف المنظمة من المعارضة السورية لم يتجاوز الترحيب بتشكيل الائتلاف الوطني، مقابل الاعتراف به كممثل شرعي ووحيد للشعب السوري ومنحه مقعد سورية في الجامعة العربية.
العائق الذي ينبغي أن يكون أمام عودة النظام هو موقفه الأخير من قضية المسلمين "الإيغور" في الصين، والبيان المشترك الذي صدر عن رئيس النظام والرئيس الصيني في اجتماعهما الأخير في مدينة خانجو بتاريخ 22 أيلول/ سبتمبر الماضي، الذي تضمن دعم النظام الثابت لسياسات الصين من المسائل المتعلقة بإقليم شينجيانغ الذي يضم المسلمين الإيغور، وتأكيده أن المسائل المتعلقة بحقوقهم ليست مرتبطة بحقوق الإنسان على الإطلاق، بينما أعرب عن دعمه للانتهاكات التي تُرتكب بحقهم تحت غطاء "مكافحة الإرهاب ونزع التطرف"، ورفض أيّ تدخُّل في الشؤون الداخلية الصينية تحت ذريعة المسائل المتعلقة بشينجيانغ.
أخيراً ينبغي على المعارضة السورية عموماً، والمجلس الإسلامي السوري خصوصاً مخاطبة منظمة التعاون الإسلامي، وإبلاغها بموقف النظام من قضية المسلمين الإيغور، واستمراره على الصعيد الداخلي في انتهاك حقوق الشعب السوري عموماً، والمسلمين منهم خصوصاً، ومطالبة المنظمة بإبقاء النظام خارج عضويتها.