لماذا أصدر بشار الأسد مرسوماً جديداً للأطفال مجهولي النسب؟
يناير 18, 2023 4291

لماذا أصدر بشار الأسد مرسوماً جديداً للأطفال مجهولي النسب؟

حجم الخط



في 14 كانون الثاني/ يناير 2023 أصدر رئيس النظام السوري المرسوم رقم 2 لعام 2023 بشأن تنظيم شؤون الأطفال مجهولي النسب ورعايتهم.

يتألَّف المرسوم من 54 مادة موزعة على 9 فصول تتضمن تعريفاً بالمصطلحات الموجودة فيه، وبأهدافه ونطاق تطبيقه، إضافة إلى تنظيم إجراءات العثور على الطفل مجهول النسب وتسجيله. وتشمل موادّ المرسوم إحداث هيئة لتنظيم شؤون الأطفال مجهولي النسب تُسمى "بيوت لحن الحياة"، وعلاقة الطفل مجهول النسب بالأخيرة. كما يحوي موادّ لإلحاق الطفل مجهول النسب بأسرة بديلة.

عملياً لم يأتِ المرسوم بأي جديد من حيث المضمون، باستثناء جعل الجهة المختصة بمتابعة شؤون الأطفال مجهولي النسب هيئة مستقلة مالياً وإدارياً. وبموجب هذه الصفة يستطيع النظام تحقيق هدفين من المرسوم:

• تحقيق مكاسب من أموال مشاريع التعافي المبكر عَبْر إدخال مؤسسات اجتماعية جديدة لتحصيل أموال ومبالغ من قِبل مؤسسات محلية ودولية وإقليمية؛ حيث تُسهم في إدخال القطع الأجنبي من العملات، باعتبار أنّ كل التبرعات التي تأتي لهذه الجمعيات من الخارج من أفراد أو مؤسسات تُدفع بالدولار الأمريكي والعملات الأخرى، والتي بدورها تُؤمّن للنظام القطع الأجنبي اللازم لدعم مستورداته من الموادّ الغذائية أو الأسلحة أو الوقود.

• إلقاء المسؤولية والعِبْء الاجتماعي عن النظام وتحميله لمؤسسات المجتمع الدولي، لا سيما مع وجود توجُّه لديه لتوسيع الأنشطة الاجتماعية بمناطق سيطرته، مع استمرار أولويته في تقديم الخدمة والتوظيف للمتضررين من العمليات العسكرية التي خاضها.

وفي الأصل، نظّم القانون السوري سابقاً قضية الأطفال مجهولي النسب بعدّة قوانين أبرزها قانون رعاية اللقطاء الصادر بالمرسوم التشريعي رقم 107 لعام 1970. وقانون الأحوال المدنية الصادر عام 2007 المادة 26 الذي نظم الإجراءات التي تَلِي العثورَ على الطفل مجهول النسب. والمرسوم التشريعي رقم 69 لعام 2012 الذي أجاز منح الطفل مجهول النسب لأسرة بديلة كي تقوم بتربيته. والمرسوم التشريعي رقم 70 لعام 2012 الذي عدَّل كلمة لقيط لتصبح مجهول النسب. وقرار وزارة الشؤون الاجتماعية رقم 788 لعام 2013 الذي ينصّ على شروط إلحاق الأطفال مجهولي النسب بالأُسَر. وأخيراً قانون الأحوال المدنية الصادر عام 2021 المادة 29 الذي ألغى قانون الأحوال المدنية السابق، ويأتي المرسوم الحالي تجميعاً لهذه النصوص.

ويُلاحظ أنّ المرسوم الجديد صدر عن بشار الأسد قبل يوم واحد من انعقاد جلسات مجلس الشعب الذي يقع ضِمن اختصاصه الأساسي سَنّ القوانين، بينما تُعتبر صلاحية الرئيس للتشريع احتياطية يُمارسها خارج أوقات انعقاد مجلس الشعب للضرورة التي تمسّ أمن البلاد. ويُمكن تفسير ذلك بما درجت العادة عليه في سورية؛ حيث تصدر القرارات الإيجابية عن رئاسة الجمهورية بمراسيم، مثل زيادة الرواتب والعفو، بينما تُترَك زيادة الضرائب والقوانين التي تُثِير الجدل لمجلس الشعب، بما يُعطي رسالة للداخل والخارج أن الرئيس يُشكِّل حالة إيجابية في سورية مختلفة عن بقية مؤسسات الدولة.

بالمحصّلة، ما تزال المراسيم التي يُصدرها النظام تهدف إلى تحسين صورته الإعلامية أمام المجتمع الدولي وللتحايل على العقوبات الغربية، دون أن يكون هناك أيُّ اهتمامٍ حقيقي بخدمة ورعاية المجتمع.