النظام السوري يُصدر مرسوم عفو ثالث عن الجرائم عام 2022.. لماذا؟
ديسمبر 28, 2022 3661

النظام السوري يُصدر مرسوم عفو ثالث عن الجرائم عام 2022.. لماذا؟

حجم الخط


في 21 كانون الأوّل/ ديسمبر 2022، أصدر النظام السوري عفواً عن جريمتَي الفرار الداخلي والخارجي، وشمل أيضاً جميع الجنح والمخالفات، مع استثناءات وشروط. 

ويُعتبر هذا العفو هو الخامس خلال عامين، والثالث عام 2022؛ حيث سبقه مرسوم العفو رقم (3)، الذي يشمل أيضاً جرائم الفرار الداخلي والخارجي، والمرسوم رقم (7)، الذي تضمّن العفو عن الجرائم الإرهابية المرتكبة قبل صدوره. وفي عام 2021، صدر المرسوم رقم (13) الذي شمل عدداً كبيراً من الجرائم، وسبقه المرسوم رقم (1). 

لم يأتِ هذا المرسوم رقم (24) بجديد من حيث الجنح المستثناة منه، والتي هي جرائم درجت مراسيم العفو على استثنائها وتقع في عدة مجموعات كالجرائم التي تقع على الأموال الخاصة، وتلك التي تمسّ العِرْض والأخلاق العامة، أو التي تُشكّل عقوبتها مورداً لخزينة الدولة،إضافة لجرائم التعامل مع العدو، والتي تقع على السلاح العسكري. 

ويبدو أنّ استثناء الجرائم المنصوص عليها في القانون رقم (20) لعام 2022 الخاصة بالجرائم المعلوماتية كان نتيجة اعتبار أنّ هذا القانون قد صدر حديثاً، ولم تصدر أي أحكام استناداً لمواده. كذلك فإنّ استثناء الجنايات جاء لكون مرسوم العفو رقم (13) لعام 2021 قد شملها بدرجة كبيرة. 

ولدى مقارنة المرسوم الجديد مع ما سبقه يُلاحَظ أنّ النظام يقوم بتوسيع أو تضييق الجرائم المشمولة بالعفو حسب إحصائيات وزارة العدل. وبالعادة يشمل العفو عدداً كبيراً من الدعاوى والأحكام، بحيث يكون ذَا أثر ظاهر في المحاكم من ناحية أعداد المتهمين الذين تتم محاكمتهم، أو الموقوفين الذين يتم إطلاق سراحهم فَوْر صدور العفو. 

عملياً يتقاطع المرسوم الجديد مع مرسوم العفو رقم (3) لعام 2022 لجهة جرائم الفرار الداخلي والخارجي، ويتقاطع مع مرسوم العفو رقم (7) لعام 2022 لجهة الجنح التي تُعتبر جرائم إرهابية، كما يتقاطع مع مرسوم العفو رقم (13) لعام 2021 الذي شمل معظم الجرائم. 

هذا يعني أن العفو لن يكون ذا أثر ملحوظ على الدعاوى والموقوفين، ولا يمثل أي تنازل قانوني من قبل النظام، لعدم تجمع عدد كبير من الدعاوى، مما يؤشر أن المطلوب هو إحداث أثر سياسي دون أي تغير يُذكر تجاه السوريين. 

يُحاول النظام إحداث هذا الأثر السياسي من خلال  توقيت الإعلان عن العفو؛ حيث صدر بنفس  اليوم الذي التقى فيه وزير داخلية النظام برئيس بعثة المفوضية السامية لشؤون اللاجئين في سورية لبحث الآليات المتبعة في تسهيل عودة المهجرين، وكذلك في ظل أزمة اقتصادية خانقة، وقبل أعياد الميلاد ورأس السنة التي يتم الاحتفاء بها عادة. 

بمعنى أنّ النظام أراد من إصدار مرسوم العفو الجديد توجيه عدّة رسائل داخلية وخارجية، تتعلّق باستعداده لتوفير البيئة القانونية اللازمة لإعادة اللاجئين، وإشغال السكّان في مناطق سيطرته وتخفيف الاحتقان الناتج عن الأزمة الاقتصادية وتردي الأوضاع المعيشية التي يُصرّ على إخلاء مسؤوليته عنها.