النظام السوري يُحاول إغراق لجنة الاتصال العربية في التفاصيل
أغسطس 17, 2023 2900

النظام السوري يُحاول إغراق لجنة الاتصال العربية في التفاصيل

حجم الخط


استضافت القاهرة في 15 آب/ أغسطس 2023 الاجتماع الأول للجنة الاتصال الوزارية العربية الذي ضمّ وزير خارجية النظام السوري فيصل المقداد، وذلك قُبيل عَقْد اجتماع  مجلس الجامعة العادي على المستوى الوزاري في دورته رقم 160 في أيلول/ سبتمبر القادم، وصدر عن الاجتماع بيان ختامي معظمه تكرار للمفردات الواردة في بيان عمّان، وفي  قرار مجلس الجامعة العربية على مستوى القمّة رقم 822 بتاريخ 19 أيار/ مايو 2023، في حين خلا البيان من أي إشارة لوجود إنجاز فعلي للنظام وَفْق نهج الخُطوة مقابل خُطوة. 

ولجنة الاتصال الوزارية العربية تشكّلت بموجب بيان عمّان الذي صدر في 1 أيار/ مايو 2023، لمتابعة تنفيذ مخرجاته، وتضمّ كلّاً من الأردن والسعودية والعراق ولبنان ومصر والأمين العامّ للجامعة، وعليه دعا قرار مجلس الجامعة العربية لجنة الاتصال إلى الاستمرار في الحوار المباشر مع النظام بغرض التوصّل لحلّ شامل للأزمة السورية، يُعالج جميع تَبِعاتها وَفْق نهج الخُطوة مقابل خُطوة، وبما ينسجم مع قرار مجلس الأمن رقم 2254 (2015) وإحاطة مجلس الجامعة بنتائج أعمالها. 

خلال اجتماع القاهرة طرح النظام على لجنة الاتصال العربية نقل اجتماعات اللجنة الدستورية إلى سلطنة عُمان، وأبلغ الوزراء العرب موافقته على عَقْد الجولة القادمة فيها، لكنّه طلب منهم تحصيل موافقة الأمم المتحدة والمعارضة السورية على ذلك؛ كون كِلا الطرفين لهما موقف مُعلَن في ضرورة استمرار عَقْد اجتماعات اللجنة في جنيف، كذلك ما يزال الموقف الغربي يدعم الاستمرار في جنيف باعتبار أن نقلها يعتبر مكسباً لروسيا التي عطّلت أعمال اللجنة بعد العقوبات الغربية المفروضة عليها إثر حربها على أوكرانيا. 

قدّمت لجنة الاتصال العربية مقترحات جديدة للنظام من أجل تنفيذ بيان عمّان، لكن دون وضعها في إطار زمني محدّد، أو وضع عواقب صارمة لعدم الالتزام بها، بينما لم يُقدّم النظام خلال اجتماع القاهرة شيئاً يتعلّق بالتعهّدات والالتزامات التي طُلبت منه في اجتماع عمّان مطلع أيار/ مايو، بل عمل على إشغال لجنة الاتصال العربية عن أهدافها بنقل المتابعات من القضايا الأمنية إلى السياسية، في استمرار لنهجه التقليدي الذي عبّر عنه وزير خارجيته السابق وليد المعلّم "الإغراق بالتفاصيل". 

بمعنى أنّ إظهار النظام استعداده للقبول بدور عربي في العملية السياسية في إطار اللجنة الدستورية ليس إلّا شكليّاً وإجرائياً، فسلوكه في كل مسارات الحل التي فُرضت عليه واضطر للانخراط فيها كان قائماً بشكل أساسي على المماطلة وعدم الالتزام بأي إطار زمني، مما جعل مسار أستانا يصل إلى 20 جولة، ومسار جنيف إلى 9 جولات، ومسار اللجنة الدستورية إلى 8 جولات؛ بالتالي لا يُعرف عدد الجولات التي ستعقدها اللجنة الوزارية العربية التي بدأت للتوّ عملها. 

انتهى اجتماع القاهرة بظهور حالة من عدم الارتياح من قِبل الدول العربية -السعودية والأردن على الأقل- تجاه سلوك النظام في تنفيذ مُخرَجات بيان عمّان وقرار الجامعة العربية، وبدَا ذلك بوضوح في تعليق وسائل الإعلام العربية، ومن الممكن أن يتطوّر ذلك إلى مواقف رسميّة تُعبّر عن الاستياء قُبيل أو خلال عَقْد مجلس الجامعة على المستوى الوزاري مطلع الشهر المقبل. 

أخيراً تفرض مُخرَجات اجتماع القاهرة على المعارضة السورية إصدار بيان وتأكيد لموقفها في رفض نقل اجتماعات اللجنة الدستورية خارج جنيف، سواءً في سلطنة عُمان أو غيرها، والطلب من الأمم المتحدة بيان موقفها، بما يقطع الطريق على النظام في توظيف الدور العربي المستجدّ في سورية عَبْر نهجه في المماطلة والتعطيل.