موقف الأمم المتحدة من مبادرات التطبيع مع النظام السوري
منذ وقوع الزلزال المدمّر نشطت العديد من مبادرات التطبيع مع النظام السوري، وجميعها تدعو للحل السياسي، لكنّ أبرزها مبادرة التطبيع التركي التي تنسّق جهودها روسيا، ومبادرات التطبيع العربي التي تحاول السعودية تنسيق وقيادة جهودها، إضافة إلى مساعي بعض الدول الأوروبية مثل اليونان لبلورة مسار للتطبيع خاص بها.
في ظل ذلك، يدعو المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سورية غير بيدرسون، لتوحيد الجهود الدبلوماسية وتحويل تلك المبادرات إلى منسّقة بدل أن تبقى فردية، وبما يتوافق مع نهج الخطوة مقابل خطوة. لكنّ هذه المساعي لا تزال تواجه عراقيل عديدة أبرزها الصراع بين روسيا والغرب، والخلاف العربي العربي، والصراع الأمريكي الإيراني.
وقد اعتبر بيدرسون خلال إحاطته أمام مجلس الأمن في 27 نيسان/ أبريل 2023، الجهود الدبلوماسية وبدايات التواصل بين النظام والدول العربية وتحديداً السعودية والأردن ومصر، نقطة تحوّل ومفترق طرق في إطار المساعي لدفع العملية السياسية للأمام.
ويُشكّل هذا الموقف تراجعاً نسبياً عن الموقف السابق الذي أبداه في إحاطته السابقة التي قدّمها بتاريخ 23 آذار/ مارس، وانتقد فيها جهود التطبيع بوصفها مبادرات فردية لا يمكنها دفع العملية السياسية قدماً. يُشير هذا الاختلاف في الموقف إلى توجّه الأمم المتحدة نحو قبول مبادرات التطبيع والانخراط فيها بهدف تمرير نهج الخطوة مقابل خطوة عبرها، وهو ما تحدّث به بيدرسون بشكل أو بآخر خلال إحاطته.
يسعى المبعوث الخاص إلى معالجة المشاكل أو الشواغل الخاصة بأطراف كل مبادرة بعد دمجها في نهج الخطوة مقابل خطوة، وهذه المشاكل هي: تغيير حالة الجمود العسكري بشكل جوهري، واستعادة سيادة سورية أو استقلالها أو وحدة أراضيها، ومعالجة القضايا الهيكلية وإصلاح الاقتصاد وإعادة بناء سورية، ومكافحة الإرهاب وتحقيق الاستقرار في سورية ووقف مصادر عدم الاستقرار الإقليمي، والمسؤولية الجماعية في حماية المدنيين السوريين ومعالجة قضية المعتقلين والمختطفين والمفقودين والمغيبين، وضمان ظروف العودة الآمنة والطوعية والكريمة للاجئين السوريين.
يراهن غير بيدرسون –فيما يبدو– على فشل مبادرات التطبيع ما لم تلتزم بتحقيق الحل السياسي وفق القرار 2254 (2015)، ويرى أنّها في مرحلة اختبار، والتي في حال تجاوزها أو تقدّمها يُمكن الانخراط فيها ودمجها في نهج الخطوة مقابل خطوة. وإلى حين تحقيق ذلك فهو مستمر في مساعيه لاستئناف أعمال اللجنة الدستورية، وفي مسؤوليته عن تنفيذ القرار 2254.
على أي حال، لا يبدو أنّ لدى الأمم المتحدة والمبعوث الخاص بدائل أخرى، بمعنى أنّها بحاجة للانخراط مع جميع الأطراف وفي كل الجهود الدبلوماسية، فهي غير قادرة بمفردها على تسهيل الوصول لحل، بما في ذلك العملية السياسية المعطّلة أصلاً منذ منتصف حزيران/ يونيو 2022.
عموماً، يُشير ما سبق إلى أنّ الظروف الراهنة هي واحدة من أسوأ المراحل التي تمرّ بها العملية السياسية الأممية في سورية. كما أنّها من أسوأ المراحل التي تمر بها المعارضة السورية التي تكاد تفقد فيها كل مكاسبها التي حصلت عليها وفق قرارات جامعة الدول العربية والأمم المتحدة.
وأخيراً، يتعيّن على المعارضة رفض جميع مبادرات التطبيع، ورفض الانخراط في أي منها حتى لو تم تحقيق بعض المكاسب منها مثل القضايا الإنسانية.