ماذا وراء استهداف تنظيم "داعش" المتصاعد لصهاريج النفط في سورية؟
يوليو 24, 2024 2094

ماذا وراء استهداف تنظيم "داعش" المتصاعد لصهاريج النفط في سورية؟

حجم الخط

منذ مطلع عام 2024 نفذ تنظيم "داعش" 33 هجوماً استهدف فيها صهاريج نقل النفط التابعة لكل من قوات سوريا الديمقراطية وقوات القاطرجي العاملة ضِمن قوات الدفاع الوطني التابعة للنظام السوري، والمتخصصة في نقل النفط من مناطق قسد إلى مناطق سيطرة النظام، بواقع 24 عملية ضد قسد، و9 عمليات ضد ميليشيا القاطرجي. 

عادة ما يكون استهداف التنظيم عمليات نقل الوقود للخصوم بوتيرة منخفضة ومتوسّطة، إلّا أنّه كثّف من ضرب صهاريج نقل الوقود بشكل غير معتاد في الفترة بين حزيران/ يونيو وتموز/ يوليو 2024 بواقع 22 هجمة خلال هذه المدة، فيما نفذ 11 هجمة منذ بداية عام 2024 وحتى نهاية أيار/ مايو. 

عمل التنظيم على تنويع مواقع الاستهداف فركز على ضرب صهاريج قسد في المناطق الشرقية والشمالية من دير الزور في حين ركز على استهداف صهاريج ميليشيا القاطرجي في مناطق غربي دير الزور، خاصة منطقة أبو خشب وبادية التبني. وقد اعتمدت عمليات استهداف الصهاريج بشكل أساسي على الأسلحة الرشاشة دون اللجوء للعبوات الناسفة، مما يؤكد أنّ التنظيم يختار مناطق وعرة قريبة من الطرق الاعتيادية لمرور الصهاريج، بشكل يُصعّب على القوات الأمنية حماية تلك الصهاريج. 

يحرص التنظيم عَبْر اتباع هذا الأسلوب من الكمائن على إبقاء الموارد النفطية لكل من قسد والنظام تحت التهديد المستمر، كما أن التنظيم يقطع طريق هذه القوافل دون أن يستهدفها، وإنما للتحقيق مع عناصر الحماية المرافِقة لها، بهدف تقدير المبالغ المالية الواجب تسليمها للتنظيم مقابل عدم استهدافها لمدة معينة. 

في الآونة الأخيرة، بدأ التنظيم تبنِّي عمليات استهداف صهاريج النفط وحرق الآبار بشكل رسمي، بعد أن كان يتجنب التطرق لهذه المواضيع لنفي تهمة فرض الأموال على أصحاب هذه المصالح، وقد تبنى التنظيم في تموز/ يوليو الجاري بعض العمليات البارزة في هذا الإطار؛ كاستهداف صهاريج محملة بالنفط في قرى أبريهة شرق دير الزور والضمان شمال المحافظة، والسلحبية جنوب الرقة، على مدار عدة أيام متتالية، وسبق ذلك خلال الأسابيع الماضية تنفيذ ما يشبه الحملة المستمرة على أرتال النفط التي تنقلها قسد وقوات النظام دون الإعلان عن ذلك. 

من المرجَّح أن "داعش" يعلِن عن هذه العمليات ليؤكد تبنّيه لنهج الضغط الاقتصادي ضد قوات النظام وقسد، مما يدفع هذه الأطراف إلى تجهيز حملات تمشيط ضد خلاياه، وبالتالي خلق فرصة له من أجل تنفيذ عمليات استنزاف مكثفة ضد خصومه، أو لدفعهم نحو تبني خيار آخر عَبْر تسديد مبالغ مالية للتنظيم مما يسمح له بالحفاظ على موارد مالية مستمرة. لذلك، يُتوقَّع أن تتصاعد عمليات الاستهداف في المستقبل بهدف الضغط على التجار المستثمرين في تجارة النفط ونقله في مناطق قسد لدفعهم نحو إجراء تسوية مالية معيّنة مع خلايا التنظيم لعدم استهداف قوافلهم وصهاريجهم النفطية. 

بالمحصِّلة يعمل التنظيم على فرض مزيد من الضغوط العسكرية على الموارد الاقتصادية للميليشيات الإيرانية وقوات سوريا الديمقراطية، من أجل دفع كل منهما للتعامل معه مالياً عَبْر دفع رسوم مضاعفة مقابل عدم استهداف هذه القوافل، ومن الواضح أنّ التنظيم يستغلّ هذه الفترة التي يتعرض فيها الطرفان لضغوط عسكرية من تصعيد تركيا ضد حزب العمال الكردستاني وتصعيد إسرائيل ضد الميليشيات الإيرانية؛ حيث اغتالت مؤخراً براء قاطرجي الذي تعمل عائلته كوسيط لتجارة النفط ونقله بين مناطق قسد والنظام.