قمّة غزّة تكرّس عزلة النظام السوري الدولية
انعقدت في الرياض السبت 11 تشرين الثاني/ نوفمبر 2023 قمّة عربية إسلامية مشتركة غير عادية بشأن حرب غزّة، شارك فيها رئيس النظام السوري بشار الأسد، والذي كان من المقرّر أن يحضر قمّة عربية غير عادية دون الإسلامية الاستثنائية قبل أن تُعلن المملكة العربية السعودية بشكل مفاجئ دمج القمتين؛ لأسباب تعود -غالباً- إلى فشل وزراء الخارجية العرب خلال الاجتماعات التحضيرية في الاتفاق على بيان ختامي يُمكن أن يتبنّاه القادة في القمّة العربية، وهو ما يُمكن تلافيه في قمة مشتركة لن تحتوي غالباً على عبارات وبنود تلقى تحفُّظاتٍ أو رفضاً من قِبل المشاركين.
وحضور بشار الأسد القمّة المشتركة يأتي رغم تعليق عضوية النظام في منظمة التعاون الإسلامية منذ عام 2012، ولا يبدو أن هناك قراراً بإعادة النظام للمنظمة في الوقت الحالي، لذلك لم يُشارك وزير خارجية النظام فيصل المقداد في الاجتماعات التحضيرية للمنظمة رغم عقدها برئاسة وزير الخارجية السعودي فيصل الفرحان بينما شارك في الاجتماعات التحضيرية للجامعة العربية.
إنّ دعوة بشار الأسد للمشاركة في القمة تعني أنّ مسار التطبيع العربي مستمرّ بغضّ النظر عن مدى جِديّة أو التزام النظام بالاستجابة إلى الشواغل الأمنية والإنسانية التي أشارت إليها لجنة الاتصال العربية، أي أنّ التعثُّر موجود فقط في إجراءات التطبيع وليس في المسار، وقد استغل فيصل المقداد وجوده في السعودية للاطلاع على مساعي استكمال فتح السفارة في الرياض بعد أن تسلّمت بعثة دبلوماسية تابعة للنظام المقرّ مطلع تشرين الأوّل/ أكتوبر 2023.
تجنّب جميع قادة الدول الإسلامية تقريباً -على هامش القمّة- لقاء بشار الأسد، وذلك من بين قُرابة 55 دولة شاركت فيها، باستثناء لقاء وحيد جمعه مع الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، كذلك عربيّاً تجنّب معظم القادة العرب لقاءه عدا رؤساء مصر والعراق وموريتانيا، وقد كانت القمة فرصة على الأقل لعقد لقاء ثنائي مع الملك الأردني عبد الله الثاني -نظراً للدور الأردني المهمّ في مسار التطبيع العربي مع النظام- إلا أن ذلك لم يحدث.
من جانب آخر جمعت القمّة المشتركة في قاعة واحدة لأول مرة منذ القطيعة بين كلٍّ من بشار الأسد والرئيس التركي رجب طيّب أردوغان، وكان من المحتمل حدوث مصافحة أو لقاء عابر بينهما، كما حدث في افتتاح كأس العالم في قطر 2022 بين الرئيسين التركي والمصري، بما كان قد يُمهِّد الطريق أمام استئناف مسار التطبيع الرباعي المتعثِّر بين تركيا والنظام الذي ترعاه روسيا والتحقت به إيران، واحتمال منح دور عربي للمشاركة في هذا المسار ليصبح خماسياً، لكن ذلك لم يحدث، بل إن الرئيس التركي غادر مكانه قُبيل كلمة بشار الأسد، ولم يستمع إليها.
بالمحصلة كرّست قمّة غزّة من العزلة الدولية المفروضة على النظام السوري، فإعادة العلاقات الدبلوماسية معه تسير دون تغيير رغم دعوة بشار الأسد لحضور قمّة عربية للمرّة الثانية -قبل أن تصبح قمّة مشتركة- حيث تم التعامل معه وكأنّه غير موجود وغير مرحَّب به من معظم الزعماء والوفود، كما أنّ وضع العقوبات المفروضة على النظام ما زال دون تغيير، وهو لم يُحصّل أيّ مكاسب اقتصادية من الدول العربية، بمعنى أنّ كسر العزلة الدولية بشكل واسع عن النظام يبقى مرتبطاً بانخراطه الجادّ في المبادرة العربية ونهج الخُطوة مقابل خُطوة الذي يعمل عليه المبعوث الأممي الخاص، بما يتّفق مع الموقف الأمريكي والغربي عموماً، بالتالي إنّ حضور بشار الأسد في القمة أقرب لأن يكون حافزاً جديداً للنظام من أجل دفعه نحو تلبية المطالب الدولية والإقليمية منه.